يني شفق: هل حان وقت التنسيق المباشر بين تركيا ونظام الأسد؟
أكدت صحيفة يني شفق التركية، أن علاقات أنقرة مع النظام السوري، كما هي، ولم تتغير في خضم التطورات المتعلقة بالحدود، لكنها قالت: إن هناك تواصل بين الطرفين من خلال روسيا.
وتناول الكاتب "حسن أوز ترك" في مقال نشرته الصحيفة بعض الإشارات التي تدعو إلى اتصالات مباشرة بين أنقرة ودمشق.
عسكريا يؤكد الكاتب أن الأمور تقريبا قد نضجت، وعيد الجمهورية التركي القادم سيصبح عيدين، فبالإضافة إلى العيد السنوي: "سيكون هناك عيد تحرير الحدود التركية السورية من الإرهابيين بشكل تام".
وشدد الكاتب على أن: الحدود السورية التركية ستتشكل من جديد، بما فيها الرؤية التركية التي تقول: إن المنطقة الآمنة في شمال شرق سوريا ستقوم على وحدة الأراضي السورية سياسيا وجغرافيا، بما فيها اتفاقية أضنة الموقعة مع النظام السوري عام 1998.
واتفاق أضنة "اتفاق أمني سري؛ وقعته تركيا وسوريا عام 1998 وشكّل "نقطة تحول" رئيسية في مسار علاقاتهما فتحولت من ذروة التوتر إلى تقارب تدريجي ثم "تعاون إستراتيجي" أدى لتوقيعهما عشرات الاتفاقيات في مختلف المجالات. وبعد اندلاع الثورة ضد بشار الأسد، طلبت المعارضة السورية من أنقرة إنشاء منطقة آمنة شمالي سوريا.
وأكد الكاتب على أن: العلاقة مع النظام السوري الحالي مستمرة ولكن من خلال النظام الروسي، وهذا ما يتطلبه الظرف الحالي من أجل صيانة الحق والمصلحة السورية، أرضا وشعبا، مبينا أن هذه الرؤية تماما هي رؤية الرئيس رجب طيب أردوغان، والذي تحدث بها غير مرة خلال الأيام الماضية.
وذكر الكاتب التركي أنه: "في القريب العاجل سيكون هناك جيران سوريون من جديد وسنمضي معهم من أجل بناء بيوت ومنطقة آمنة لهم".
الجيران السوريون
منذ الـ 15 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، تغيرت الكثير من المواقف وتبدلت، وتركيا كانت على قدر التحديات، فشنت عمليتها العسكرية "نبع السلام" تبعتها اتفاقيتين لا لبس فيهما ولا غموض، الأولى في أنقرة مع وفد رئاسي أمريكي والثانية في مدينة سوتشي الروسية مع الرئيس فلاديمير بوتين، وكلا الاتفاقيتين تكمل بعضهما البعض، ليدعم النجاح العسكري في الميدان النجاح والمناورة الدبلوماسية على الأرض.
أحد الجوانب المهمة في الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع روسيا، بالطبع، هو أن النظام يدعم الاتفاقية بالكامل، حيث كانت روح الأسد حاضرة في سوتشي، وإن لم يكن جسده، في اجتماع تاريخي دام 6 ساعات و20 دقيقة، كان لديه أعين وأذان هناك بحسب وصف الكاتب.
ونقل الكاتب عن تقرير لصحيفة "حرييت" التركية، دعت فيه لاستئناف العلاقات مع الأسد وفقا للتطورات الأخيرة، وقالت: "نتمنى أن تتخذ وزارة الخارجية أو الدفاع والمخابرات خطوات لتسهيل هذه العلاقات في المستقبل سيما وأن هناك دوريات روسية تركية مشتركة ستكون في المنطقة وستشكل تحولا مهما يلزم في المستقبل القريب".
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو: إن التاريخ سجل اتفاقيتين بين تركيا وكل من روسيا وأمريكا بخصوص سوريا على أنهما نجاح سياسي، مضيفا بنفس السياق أن: "أكبر بلدين في العالم، قبلا بشرعية نبع السلام التي أصبحت نقطة تحول بالنسبة لمستقبل سوريا".
ولفت أوغلو إلى أن: المقاتلين (الأكراد)، سينسحبون 30 كم باتجاه الجنوب، بما في ذلك من مدينة القامشلي شمال شرق سوريا، وأن الهدف هو إنشاء منطقة آمنة على بعد 32 كيلومترا من شرق الفرات إلى الحدود العراقية.
وذكر الكاتب أن: "أنقرة ستعمل على تحييد أي عنصر إرهابي سيقف في طريقنا.. بمنطقة نبع السلام سنفعل ما يلزم بغض النظر عن الجهة التي يتعاون معها تنظيم ي ب ك / بي كا كا الإرهابي"، منوها بأن الجهود التي تبذلها تركيا: "منعت الإرهابيين من إقامة دولة لهم في شمال سوريا".
وأضاف أوغلو أن: "العرب يشكلون غالبية السكان في الشمال السوري وهم سيتولون الإدارة".
تغير المعادلة
وبين الكاتب: أن المعادلة في سوريا تغيرت مع عملية "نبع السلام" وبات ممر الإرهاب من الماضي، فانسحبت الولايات المتحدة من المناطق الحدودية، وتركت الإرهابيين التي كانت تغذيهم في منتصف الطريق، فيما بدأ هؤلاء (الأكراد) بمغازلة النظام السوري وروسيا.
في الحقيقة، يقول الكاتب: "هي مجرد وسيلة تستخدمها روسيا للمناورة مع تركيا ليس أكثر، حتى أنها حذرت إرهابيي بي كا كا من عدم الانسحاب، لتؤكد أن لتركيا حق التصرف إزاء ذلك".
ووجه الكرملين رسالة تحذيرية إلى الأكراد في منطقة الشمال السوري، وأكد أن عدم انسحابهم من المناطق التي نص عليها الاتفاق الروسي التركي، سيضعهم في مواجهة مع ضربات الجيش التركي.
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، إنه في حال امتنعت القوات الكردية عن مغادرة المناطق المحددة في الاتفاق، فإن الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري سينسحبان من المنطقة الحدودية، ما يعني أن الأكراد: "سيواجهون ضربات الجيش التركي". وزاد أن الولايات المتحدة: "تخلت عن الأكراد في شمالي سوريا وخانتهم".
وأضاف الكاتب: "بعد هذه المرحلة، سنرى النظام السوري وقوات روسيا على حدودنا الجنوبية؛ لذلك سنكون جيرانا مرة أخرى؛ ولكن لا ننسى أن الكلمة الطولى هي للأتراك، حيث السيطرة على الطريق الإستراتيجي ام 4".
وتابع: "هذه المرة سيكون عيد الجمهورية عيدا مزدوجا". ويوافق 29 من "أكتوبر/تشرين الأول" الجاري، الاحتفال بعيد الجمهورية التركي.
ولفت الكاتب إلى أن: الاتفاقية التركية الروسية القاضية بانسحاب الإرهابيين بعمق 30 كم، تنتهي تقريبا في ذات الفترة التي توافق عيد الجمهورية، وهذا يعني أن الحدود التركية السورية ستكون نظيفة تماما من الإرهابيين بدءا من عفرين إلى الحدود العراقية، وبالتالي تسيير دوريات عسكرية تركية. ووصف الكاتب هذه النتيجة بأنها: "نصر ونجاح معظمين".
وختم الكاتب مقاله بأنه: "مهما كان رأيك السياسي واتجاهك وميولك وحتى أفكارك، إذا كنت تحب بلدك وأمتك كن فخورا بهذا النصر".