صحيفة تركية: ترامب يحاول وأد الحقيقة بتسويق مظلومية الأكراد
وصفت صحيفة "يني شفق" التركية، العقوبات الأمريكية المفروضة على أنقرة بأنها مجرد صرخة صادرة عن يائس، ليس بيده حيلة ولا قوة، مؤكدة على أن تركيا مستمرة في عملية "نبع السلام" وفق ما يصرح الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال الكاتب "يشار سونجو" في مقال له بالصحيفة إن: "هذه العقوبات تأتي لذر شيء من الرماد في عيون منتقدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس أكثر".
وتابع أن: "فرض العقوبات الأخيرة هي مجرد صرخة يأس أطلقها ترامب صوب تركيا، وذلك لأن واشنطن بزعامة ترامب وقفت عاجزة أمام أنقرة وهي تخوض غمار معركة نبع السلام". ومن المعروف أن حزب العمال الكردستاني "بي كا كا"، اضطر إلى أن يبتاع السلاح لصالح أنصاره وفرعه داخل سوريا.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية قبل أيام عن فرض عقوبات على وزارتي الدفاع والطاقة التركيتين، بالإضافة إلى عقوبات على وزراء الدفاع والطاقة والداخلية. كما أعلن ترامب أنه سيعيد فرض الرسوم الجمركية على بعض السلع التركية.
وجاءت العقوبات في محاولة لردع تركيا عن الاستمرار في تنفيذ عملية "نبع السلام" العسكرية في شمال سوريا، والتي بدأت قبل أيام، بهدف إنشاء منطقة آمنة على الحدود التركية السورية بعد انسحاب القوات الأمريكية منها في بداية الشهر الجاري.
ومع بدء العملية، انهالت بعض الدول بالتحذير والتهديد ومقابلة العملية برد فعل قاس تجاه أنقرة.
جدوى التهديدات
واعتبر الكاتب أن الجميع يعرف أن تهديدات ترامب لا تجدي نفعا وقد فعل ذلك سابقا مع كوريا الشمالية وفنزويلا ومؤخرا الصين؛ وهذا الأمر سينطبق على تركيا برغم كل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها، سواء في معدلات النمو أو البطالة، أو التوازن التجاري، وغيرها.
أضاف: "تركيا قوية أمام كل أنواع التهديدات القادمة من الخارج" سيما وأنها تزيد من وحدة الموقف التركي وقوته.
ويخضع أكثر من 250 مليار دولار من الواردات الصينيّة لرسوم جمركية عقابية. وكان ترامب دعا شركات بلاده التي لديها مصالح في الصين، إلى البحث عن بدائل ردا على رسوم بكين الجمركية الأخيرة.
كما أصدر ترامب، أمرا تنفيذيا يقضي بتجميد جميع أصول الحكومة الفنزويلية في الولايات المتحدة، في خطوة من شأنها تعميق التوترات بين واشنطن وكاراكاس. وحظر قرار ترامب جميع التعاملات مع المسؤولين الفنزويليين.
وبحسب الكاتب: "كما هو معروف فإن صاحب الضجة الكبيرة والجعجعة في مشكلة ما، عادة ما يكون على باطل، لكنه يفعل ذلك من أجل التغطية على ظلمه في قضية ما، وعادة ما يفضل الصراخ بصوت عال بدلا من الحديث بشكل معقول للتستر على ظلمه".
وتابع: "هذا ينطبق على ترامب والإرهابيين الذين يدعمهم، هذه نفسيتهم في التعامل مع مختلف القضايا؛ يواصلون الصراخ، ويعمدون لوأد الحقيقة بالفوضى، وتسويق المظلومية".
الشريك المهدد
والسؤال الآن: إذا كانت تركيا شريكا إستراتيجيا للولايات المتحدة في كافة المجالات، فلماذا يواصل ترامب إلقاء تهديداته وفرض عقوباته جزافا؟
يتابع الكاتب: "الأصل أن تتوقف سياسة الباب الدوار التي يتبعها ترامب، فمن جهة هو يعطي السلاح للإرهابيين من منظمة PKK، ومن جهة أخرى يتعامل مع تركيا كأنها دولة غير صديقة، لا أحد يقبل بهذه الوضعية".
ومن المعروف -بحسب الكاتب- أن مجلس الشيوخ هو أول من صاغ العقوبات الأخيرة على تركيا بواسطة الجمهوري "ليندسي غراهام" وزميل آخر له من الحزب الديمقراطي.
وكان غراهام قد صرح في وقت سابق بأن هناك تعاونا غير مسبوق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، وأن العمل جار على إعداد “عقوبات تشبه تلك المفروضة على إيران” ضد تركيا.
ويعتقد العديد من أعضاء الكونجرس أنه من الخطأ التخلي عن الأكراد (وهو ما يعني منظمات PKK-PYD التي تصنفها تركيا إرهابية)، أحد أقوى حلفاء واشنطن ضد تنظيم الدولة، كما قال جراهام في بيان بشأن مشروع القانون.
وشدد الكاتب، أن: "أولئك الذين لا يعرفون أن تنظيم الدولة هو نفسه قادم من الولايات المتحدة سيعتقدون كم هو بريء هذا البيان".
البعض لا يعرف أن: "حزب العمال الكردستاني هي ذاتها منظمة إرهابية معترف بها كذلك في الولايات المتحدة، ومع ذلك تتخذها واشنطن ذريعة للوقف في وجه تركيا، وهكذا إعلان سيظن البعض من خلاله أن أمريكا حريصة على الأكراد".
الهدف من العقوبات
ولم تجد بعد كل هذه المحاولات لثني تركيا عن تنفيذ العملية، رغم فرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية عليها، ظنا أن الاقتصاد هو خاصرة أنقرة الضعيفة.
وقرر ترامب وقف المفاوضات الرامية لإبرام اتفاق تجاري مع تركيا، وأعاد فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الولايات المتحدة من الصلب التركي.
هذه العقوبات قد تكون نسخة مقلدة للعقوبات التي فرضت العام الماضي ومنها ما فرض على ما هو مستورد من الألمونيوم والصلب التركي، حيث فرض عليهم جمرك بضعفي ما كان عليه قبل ذلك، قبل أن تعود الأمر لطبيعتها "مايو/آذار" من العام 2019.
وقال الكاتب: "على الجانب التجاري، تؤثر العقوبات التي فرضها ترامب على صادرات الصلب، كما حدث في وقت سجن القس أندرو برونسون في إزمير".
ورأى أن: "مستوى علاقاتنا الاقتصادية مع الولايات المتحدة لا يكفي لوضعنا في مأزق اقتصادي؛ وهذا ما يعرفه ترامب وواشنطن لكن ليس بيده حيلة غير ذلك".
ويبدو أن ترامب خرج بهذه السلسلة من العقوبات كآلية ما للدفاع عن نفسه تجاه سيل الانتقادات الموجهة ضده وضد موقفه الأخيرة من عملية "نبع السلام التركية".
بمعنى آخر، كانت هذه العقوبات آلية للدفاع عن نفسه؛ بل إن بعض الدبلوماسيين سوقوا لهذه العقوبات في الصحف الأمريكية ومنها صحيفة "نيويورك تايمز". ومع ذلك، اعتبر البعض أن التهديدات بفرض عقوبات أمريكية على تركيا مجرد كلام.
يختم الكاتب بالقول: "تستطيع الولايات المتحدة أن تتدبر نفسها سواء أمام شعبها أو أمام حلفائها جراء الانتقادات الصادرة عنها بشيء من الكذب تارة، وبشيء من الحيلة تارة أخرى، ولكن عاجلا أم آجلا، ستتكشف هذه الأكاذيب وكما يقول المثل (شمعة الكذب تبقى مشتعلة حتى المساء).