"انهيار غير مسبوق".. هكذا أتت سياسة ابن سلمان بنتائج عكسية

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أنه إذا استمرت أسعار النفط في الارتفاع بسبب الهجمات التي تعرضت لها شركة النفط "أرامكو"، السبت الماضي، سيكون أعداء المملكة العربية السعودية قد ربحوا رهانهم من خلال جعل التوتر في الخليج يؤثر على جميع أنحاء العالم.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها: "إن من يقف وراء الهجوم على مركز صناعة النفط في السعودية، استطاع توجيه ضربة قوية، لم يتمكن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ولا تنظيم القاعدة من فعلها".

انهيار غير مسبوق

وأشارت إلى أن هذه الهجمات التي شُنت من خلال إطلاق الصواريخ أو غارة بطائرات بدون طيار، حيث الطريقة لم تُؤكَّد بعد، خفضت الإنتاج العالمي من النفط بنسبة 5 بالمئة، وهو انهيار لم يسبِق له مثيل في تاريخ استخراج وتجارة الذهب الأسود.

وأوضحت الصحيفة، أنه خلال حرب الخليج الأولى عام 1991، أضرمت قوات صدام حسين العراقية النار في أكثر من 600 بئر كويتي لإخفاء انسحابها من أمام دبابات التحالف الدولي الذي كانت تقوده الولايات المتحدة حينئذ، وبهدف الانتقام من الإمارة النفطية، ورغم تسبُّب الحرائق في أضرار بيئية كبيرة، لم يكن لها تأثير يُذكر على سوق النفط.

وأكدت، أنه حتى في منتصف العقد الأول من القرن العشرين، في أوجّ موجة الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة في المملكة العربية السعودية، لم تحدث مثل هذا الانهيار.

وتابعت الصحيفة: "نشر تنظيم القاعدة الرعب في عدة مدن رمزية لصناعة النفط السعودية، وهو القطاع الذي يوفر للدولة 80 بالمئة من الدخل، أبرزها ميناء ينبع على البحر الأحمر وميناء الظهران على الساحل الشرقي الذي يضم مقر أرامكو وشركة النفط الوطنية".

وبيّنت الصحيفة، أن "القبضة الحديدة، التي استخدمتها السلطات، سمح لها بوقف هذا التمرد تقريباً، وفي فبراير/تشرين الثاني 2006، تمكنت قوات الأمن السعودية من إحباط هجوم على ميناء بقيق، لؤلؤة إمبراطورية أرامكو، حيث يقع المصنع الضخم لمعالجة الخام، والذي تعرض للهجوم السبت".

بلاد مكشوفة

ورأت أن الهجوم يشهد على عنف الصدمة التي تعرضت لها المملكة السعودية في 14 سبتمبر/أيلول، فمركز الأعصاب في البلاد، وجدت نفسها مكشوفة بلا حماية، حيث أنه في السنوات الأخيرة، استطاعت المملكة وقاية نفسها من خطر ارتكاب هجوم بسيارات انتحارية، مليئة بالمتفجرات، وهو التهديد الرئيسي الذي كان يحوم فوق بنيتها التحتية النفطية في العقد الأول من القرن العشرين.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التحصينات لا يُمكنها فعل شيء ضد طائرة بدون طيار انتحارية سقطت من السماء، حتى على افتراض أن الهجوم شُن بواسطة صاروخ، يكون نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي "باتريوت" الذي تمتلكه البلاد، قد فشل بشكل كبير.

وقالت "لوموند": "إن أعداء السعودية وحليفتها الأمريكية يبدو أنهم عثروا على الخلل، وإذا استمرت أسعار النفط الخام في الارتفاع، فسيكون المهاجمون قد نجحوا فيما راهنوا عليه، بجعل التوتر في الخليج واضحاً وبشكل مفاجئ، لمئات الملايين من سائقي السيارات في جميع أنحاء الكوكب". 

وشددت على أن هذه الحلقة الجديدة من الأزمة، الخطيرة وغير المسبوقة، يجب أن تُشجع الأطراف على فتح الحوار، لأن اللعب على هذه النقاط المشتعلة، قد ينتهي بحريق أبدي في المنطقة.

نتائج عكسية

من جهتها، قالت صحيفة "لوريان لو جور" إن السياسة التي انتهجها محمد بن سلمان، الذي يقف وراء الحرب في اليمن ومن وعد بإصلاح صورة المملكة، وأن تكون منافسته إيران تحت عينيه وكان قادراً على مواجهة خططها التوسعية، أتت بنتائج عكسية.

وأضافت: "استخدم ولي العهد الشاب اليمن في مارس/آذار 2015 كمنصة انطلاق على الساحة السياسية، إذ صاحب صعوده اللامع التأكيد على سياسة الدفاع السعودية الجديدة، فبعد تدخلها في البحرين عام 2011، لم تعد الرياض تتردد في استخدام عضلاتها للدفاع عن مواقفها وتحريك بيادقها للأمام".

ولفتت إلى أنه في مقابلة مع قناة "أم بي سي" في مارس/آذار 2017 صرّح ولي العهد قائلاً: "لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لتكون المعركة عندهم في إيران"، مضيفاً: "نستطيع أن نجتثّ صالح والحوثي بالقوات البرية السعودية لوحدها خلال أيام قليلة، ولكننا لا نريد وقوع ضحايا مدنيين".

وأكدت أنه بعد مرور أكثر من عامين على هذه التصريحات، النتائج مريرة، حيث ضُربت السعودية في القلب، في حين أن الإيرانيين، على الرغم من التصعيد مع الولايات المتحدة، لم يعانوا من أي هجمات في السنوات الأخيرة (باستثناء الإرهاب).

وتابعت: "الأسوأ من ذلك، أن الأسلحة الإيرانية، باعتراف الرياض، هي التي استخدمت في ضرب مواقع شركة أرامكو النفطية العملاقة السبت. والهجوم الذي تبناه الحوثيون، ولكنه شُن من العراق، أو حتى من إيران وفقًا للعديد من الخبراء، يُسلط الضوء على ضعف المملكة وتعزيز القدرات الهجومية لطهران".

ورطة "ابن سلمان"

وبيّنت الصحيفة، أن "محمد بن سلمان في ورطة، ففيما كان من المفترض أن تكون قوته الرئيسية، هي قدرته على جعل بلاده، الدولة التي تملك ثالث أكبر ميزانية دفاعية في العالم، قوة عسكرية إقليمية قادرة على الفوز ضد منافسها الإيراني، لم تُحقق الرياض أي فوز على طهران منذ وصوله إلى السلطة، وأصبح في وضع هش بشكل متزايد في هذه الحرب الباردة، التي ترتفع درجة حرارتها".

واستطردت: "لدى الإيرانيين القدرة، من خلال حلفائهم، على ضرب الأراضي السعودية من كل من العراق واليمن، ناهيك عن قوتهم لزعزعة استقرار تدفقات سوق النفط في مضيق هرمز"، مشيرة إلى أن "عالم الذهب الأسود محاط، إلى حد ما، بالإيرانيين وحلفائهم".

وزادت الصحيفة، في المقابل يواجه السعوديون، فشلاً مزدوجاً، في حربهم باليمن وحربهم مع دونالد ترامب، ففي الأولى، لم يتمكنوا من هزيمة الحوثيين، الذين زادوا من هجماتهم على المملكة في الأشهر الأخيرة وعززوا بوضوح علاقاتهم مع إيران منذ بداية الصراع، كما أبدت حليفتهم، الإمارات العربية المتحدة، نيتها للانسحاب من الصراع نتيجة الخلافات حول الوضع في جنوب اليمن، ما أدى إلى تعقيد الوضع فقط بالنسبة للرياض التي تسعى بعناد إلى خوض حرب يبدو أنها غير قادرة على الفوز فيها.

أما في الحالة الثانية، بحسب الصحيفة، فالسعودية اعتمدت بشكل كبير على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قام بأول زيارة خارجية له للمملكة متهماً إيران بأنها "المصدر الرئيسي لزعزعة الاستقرار الإقليمي"، وكانت تريد من الرئيس الأمركي يوماً ما القيام بهذه "المهمة مكانهم"، أي إخضاع طهران.

واختتمت الصحيفة حديثها بالقول: إذا كانت واشنطن تتبع سياسة الضغط الأقصى التي تضعف الاقتصاد الإيراني بشكل خطير، من الواضح أن مستأجر البيت الأبيض لا يريد الدخول في نزاع جديد في الشرق الأوسط. لكن مع ذلك، تحركه المرتبط بأمن الرياض ونتائج الصراع الإيراني السعودي سيعتمد عليه.