يني شفق: المعارضة التركية قلقة من الأسلحة الروسية أكثر من الناتو

12

طباعة

مشاركة

يُصِرُّ حزب "الشعب الجمهوري" المعارض وقياداته على التقليل من شأن أي خطوة تقدم عليها الحكومة التركية؛ كالتصريح بادعاءات التفريط في حقوق الأتراك في شرق المتوسط.

وتساءل الكاتب محمد اجيت في مقال نشرته صحيفة "يني شفق" التركية؛ هل يمكن أن تقلق المعارضة التركية على أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بحلف شمال الأطلسي الناتو أكثر من الناتو نفسه؟

وأوضح الكاتب أنَّ كمال كليتشدار أوغلو، زعيم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض في تركيا ليس من الأسماء المتداول آراؤها كثيرًا بشأن السياسات الخارجية والمواضيع المتعلقة بالأمن؛ سيَّما وأنَّ تصريحاته تكون مثيرة للدهشة والاستنكار، وآخرها تلك المتعلقة بالبحر الأبيض المتوسط وصراع الغاز في المنطقة.

زعيم المعارضة صرح بأنَّ "جميع دول المنطقة في شرق المتوسط تنقب عن الغاز، حتى التي لا تطل على البحر، مثل قطر بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية التي لها دور في حقول النفط والغاز المكتنزة شرقي البحر المتوسط، باستثناء دولة واحدة وهي تركيا".

التصريح أثار دهشة كبيرة واستنكارًا جعل وزير الخارجية التركي يرد عليه بالقول، إنَّ ثلاث سفن تبحر في شرق المتوسط وليس سفينة واحدة "إن كنت لا تدري سيد كمال". 

وشدَّد الكاتب أنَّ مثل هذه التصريحات تُثير جملة من الأسئلة؛ ومنها على سبيل المثال:

  • ما هو موقف حزب "الشعب الجمهوري" من التهديدات الموجهة له على حدود تركيا الجنوبية شمال شرق سوريا، وتحديدًا من قوات "سوريا الديموقراطية" المسنودة من "منظمة حزب العمال الكردستاني"، وكلاهما تصنفهما أنقرة تنظيمان إرهابيان؟
  • ماذا يقول الحزب تجاه المنطقة الآمنة التي تريد واشنطن إنشاءها لقوات سوريا الديمقراطية بهدف إنشاء دولة ذات عرق كردي على حدود تركيا؟
  • ما هو موقفهم من الضربات الموجهة من قبل الإرهابيين في عمق المدن التركية بين الفينة والأخرى؟ 
  • ما هو موقفهم من مسألة الصواريخ الروسية أس400؟ وكذلك برنامج طائرات أف 35 وتعليق تركيا من المشاركة فيه؟
  • كذلك الأزمة التركية مع الولايات المتحدة برُمتها وموقفهم منها ولأي طرف يقفون؟

وتابع الكاتب، في تعليق أكثر منه إجابة على الأسئلة الآنفة، قائلاً "هذه المواضيع، تكون أكثر اتساقًا مع الرئيس العام للحزب، وعلى الأقل، ومن خلال التصريحات المتوالية، والمقالات المُعبرة عن المعارضة يمكنك أن تأخذ فكرة جيدة حول مواقف المعارضة وخاصة حزب الشعب الجمهوري من هذه المواضيع كلها".

مخاوف الشعب الجمهوري

ومضى الكاتب في مقاله متحدثًا عن مساعد المدير العام أونال تشيفيكوز لحزب الشعب الجمهوري، وهو سفير متقاعد عمل في أكثر من بلد ومنها لندن، وبعد تقاعده عاد لبوابة السياسة عبر حزب "الشعب الجمهوري" الذي يبدو أكثر اتساقًا مع آراءه ومعتقداته، رغم أنَّه عمل لسنوات في حكومة العدالة والتنمية؛ واستفاد من المناصب التي عين بها ليصبح في مكانته الحالية بحزب الشعب الجمهوري. 

ولعل من يريد فهم مواقف حزب "الشعب الجمهوري" عن كثب، ويطلع على آراء الحزب الحقيقة وتوجهاته في شتى المواقف يتابع آراء وكتابات "تشيفيكوز" التي من خلالها يمكن أخذ فكرة عامة عن "الشعب الجمهوري" ورؤيته للمسائل الأخيرة.

ونقل الكاتب آخر تصريحات "تشيفيكوز" التي كانت متعلقة بزيارة أردوغان الأخيرة إلى موسكو ولقاءه بنظيره الروسي، إذ قال لوسائل الإعلام "من الضروري أن لا تنسى تركيا أنَّها عضو حليف في شمال الأطلسي – الناتو، وفي حال واصلت شراء الأسلحة التي لا تنسجم مع أنظمة الناتو، فهذا الأمر قد ينعكس سلبًا على مستويات الأمن في تركيا، ونحن قلقون من أنَّ هذه الخطوات الأخيرة سيكون لها انعكاسات سلبية للغاية".

وتابع الكاتب أنَّ "تشيفيكوز" قبل ذلك أدلى ببيانات واضحة وتصريحات لا تقبل الجدول حول موقف حزبه من صفقة الصواريخ الروسية "أس400". ومنها ما عبَّر عنها في شهر يناير/تشرين الثاني إذ قال: "ينبغي على تركيا إعادة النظر في مسألة الصواريخ الروسية، إنَّ هذه الأنظمة من الدفاع الجوي تهدد أمن الناتو، وتضعف من توافق الأنظمة الدفاعية الخاصة بالحلف". 

وعند اقتراب موعد استلام الصواريخ الروسية؛ كانت له مجددًا تصريحات متوافقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقال فيها: "نقترح تشكيل لجنة تركية أمريكية لبحث المخاوف من الصواريخ الروسية، وتؤجل استلام الصواريخ حتى الانتهاء من أعمال هذه اللجنة وتقديم توصياتها".

"الاستسلام"

ورأى الكاتب أنَّ هذه التصريحات، إذا ما وضعت معًا، يمكن تبريرها على أنَّها تدافع عن علاقات تركيا مع الناتو وتحاول التعبير عن قلق حلف شمال الأطلسي من خطوات أنقرة الأخيرة، ولكن، هناك مخرجات أخرى قد تكون من وراء هذه التصريحات، وهي أنَّ هذا كله لـ"رفع الراية البيضاء" والضغط من أجل استسلام تركيا وسط خضم كل هذه الأمور المختلطة.

وضرب الكاتب على ذلك مثالًا، بقوله، إنَّ وجود أنظمة الدفاع الجوي ليس فقط هدفها الحفاظ على الدولة، ولا على مواطنيها فحسب، بل هي مشكلة عميقة ومستمرة مُنذ سنوات طويلة، حيث سعت السلطات عبر فترات مختلفة من التاريخ التركي الحديث لحلها والعمل على امتلاك تركيا أنظمة دفاع جوي لم تكن موجودة قبلاً.

وحين تم اتخاذ هذا القرار، أي استحواذ تركيا على أنظمة دفاع جوي، رجَّحت السلطات المختصة أنَّ أنظمة صواريخ "أس 400" ملائمة، وأجريت بالفعل التحليلات الفنية للصواريخ قبل اعتمداها بشكل نهائي، هذا عدا عن أنَّ الصواريخ الروسية بالأصل هي ليست مشكلة حلف شمال الأطلسي بقدر ما هي مشكلة أمريكية خالصة. 

وصرح الناتو أنَّ هذه الأنظمة ليست لها أي تأثير سلبي على أنظمته، ويمكن لتركيا شراء أنظمة الدفاع الجوي الخاص بها، كيف ما ترتأي ومن أي جهة تريد. حتى أنَّ تركيا، بدَّدت أي مخاوف يمكن أن تظهر في هذه الأنظمة، وكان ذلك ضمن شروط العقود الموقعة بين روسيا وتركيا، وتحديد من هو الصديق ومن هو العدو ووضع ذلك بشكل جلي في أنظمة الصواريخ الروسية القادمة إلى تركيا. 

وتابع الكاتب، حين التطرق لالتزامات الناتو، فإنَّ تركيا بالأساس لا يمكن لها أن تتحصل على أنظمة دفاع جوي لا تتفق مع أنظمة الناتو التي هي بالنهاية عضو رئيسي فيه، و"ليكن هذا واضحًا للسيد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري".

وبين المقال أنَّ الجميع يعرف أنَّ أنقرة والرئيس أردوغان يرون في الطائرات الروسية سو 57 خياراً جيداً وبديلاً، سيَّما وأنَّ الرئيس في زيارته لروسيا أخذ معلومات مفصلة حول هذه الطائرة ومميزاتها.

متابعًا أيضاً، أنً الجميع يعلم السبب وراء اتخاذ الرئيس أردوغان خيار شراء معلومات حول طائرات سو 57 الروسية الصنع، التي توصف بأنَّها طائرات الجيل الخامس في موسكو؛ وهي الخطوة التي بدأت أنقرة التحرك لها بعد قرار أحادي الجانب بتعليق أنقرة من المشاركة في إنتاج الطائرات الأمريكية أف 35. 

وختم الكاتب مقاله، بقوله، بينما كل هذه المواضيع تعرف تفاعلاً على الساحة السياسية، فإنَّ الخروج ببيان فيه عبارات القلق والتحذير لن يفيد شيئًا غير تحفيز الولايات المتحدة على فرض عقوباتها أحادية الجانب تجاه أنقرة.

ووجه رسالة أخيرة لنائب حزب الشعب الجمهوري داعيًا إياه لإصدار بيانات قلق من الولايات المتحدة، في أي موضوع يريده "من باب المساواة على الأقل".