خطف وسرقة وقتل.. هكذا يمهد حفتر لتوريث نجليه في ليبيا

12

طباعة

مشاركة

استيقظت مدينة بنغازي صباح الأربعاء 17 يونيو/حزيران 2019 على خبر اختطاف النائبة الليبية سهام سرقيوة، بعد أن قام مسلحون بالهجوم على منزلها والاعتداء على زوجها، وسط المدينة التي يسيطر عليها اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ سنوات.

شبكة "سي إن إن" الأمريكية كشفت وقتها أن مسلحين من اللواء 106 التابع لصدام حفتر نجل اللواء المتقاعد هم من اختطفوا سرقيوة بعد أن هاجموا بيتها وأطلقوا النار على زوجها واعتدوا على ابنها.

وسائل إعلام محلية قالت إن منزل "سرقيوة" تعرض لهجوم في الساعات الأولى من الصباح من قبل مسلحين تابعين لقوات حفتر، حيث تم اقتيادها إلى مكان مجهول، عقب عودتها من اجتماعات في القاهرة.

ابنة سرقيوة نشرت على حساب النائبة الرسمي بفيسبوك صورا تظهر أضرارا لحقت بمنزلها وتحطيم سيارتها، وكتب على أحد الجدران "كتيبة أولياء الدم".

اختطاف سرقيوة جاء بعد ساعات فقط من مشاركتها في برنامج على قناة الحدث التابعة لقوات حفتر حيث دعت إلى إيقاف العدوان على طرابلس، مؤكدة رفضها لإقصاء جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها أحد الأطراف السياسية الحالية، أو تصنيفها بالإرهابية قائلة إنهم ليبيون ولايجب تصنيفهم خارج الدوائر الرسمية للدولة.

صدام حفتر

كان الظهور الأول لـ "حفتر الابن" في حفل عسكري في الأردن عام 2016، حاملا رتبة نقيب على كتفيه أثناء حفل تخرّج عدد من عناصر قوات حفتر، ما أثار حينها جدلا واسعا بين الليبيين، حيث اعتبر عدد من الناشطين أنها بداية لتكريس حفتر لنهج توريث ابنه في السلطة، على نهج زميله في انقلاب الفاتح من سبتمبر/أيلول 1969، العقيد الراحل معمّر القذافي.

تحدثت تقارير إعلامية ليبية عن اعتداء صدام حفتر على بعض الضباط الموالين لوالده في أكثر من مناسبة، قبل أن يطفو اسمه مجددا على السطح إثر اعتراض أبدته الحكومة الموالية للبرلمان الليبي في طبرق على تكليف حفتر لولده صدام مسؤولا ماليا بوزارة الصحة بالحكومة، والإشراف على نقل الجرحى والمرضى إلى الخارج.

كانت شخصيات مقربة من قيادة حفتر قالت إن الأخير لم يعد يثق بمن حوله، وإنه كلف ابنيه خالد وصدام بمهام التواصل مع الأنظمة العربية الموالية له والتي تمده بالسلاح.

تأكّد ذلك في يناير/كانون الثاني 2016، كشف المتحدث باسم عملية الكرامة، محمد حجازي، أثناء إعلان بيان انشقاقه، أن حفتر أصبح لا يثق بمن حوله ويحول الأموال إلى حسابات خاصة من بينها حسابات أبنائه في الخارج.

لص البنوك

كشف تقرير فريق الخبراء المعني بليبيا التابع للأمم المتحدة، عن سيطرة كتيبة 106، بإمرة صدام حفتر نهاية عام 2017، على فرع مصرف ليبيا المركزي بمدينة بنغازي، ونقل كميات كبيرة من النقود والفضة إلى جهة مجهولة.

أكد التقرير المقدم إلى مجلس الأمن الدولي، والصادر في 5 أيلول/سبتمبر 2018، أن محتويات الخزينة التي صادراتها كتيبة 106 بقيادة صدام خليفة حفتر، تقدر بنحو 639 مليون و975 ألف دينار الليبي، و159 مليون و700 ألف يورو، ومليون و900 ألف دولار، إضافة إلى 5869 عملة فضية.

وأوضح التقرير، أن أفرادا منتسبين إلى قوات حفتر أكدوا أن القوات ساعدت على تأمين نقل النقود والعملات الفضية من فرع المصرف ببنغازي دون تحديد وجهتها النهائية، مشيرا إلى أن فرع المصرف كان لفترة وجيزة تحت سيطرة وكيل وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فرج اقعيم قبل احتجازه من قبل قوات حفتر في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وأشار التقرير، إلى أن المصرف المركزي في شرق ليبيا أكد وجود هذه المبالغ المذكورة، لكنه أوضح أن الخزائن غمرتها مياه الصرف الصحي، وأن المصرف أنقذ 150 مليون يورو من الأوراق النقدية، وأصاب التلف 45% منها، وأنقذ أيضا 224 مليون و690 ألف دينار ليبي فقط، وأصاب التلف 20% من هذا المبلغ.

ووفقا لتقرير فريق الخبراء المعني بليبيا، أشار عدد من مديري المصرف المركزي إلى أن قادة جيش حفتر ضغطوا عليهم بشدة كي يمكنوهم من الحصول على النقدية وخطابات الائتمان، وقرر بعضهم المغادرة إلى الخارج لأسباب أمنية ويحقق الفريق الأممي في عدة حالات. 

ورثة الجنرال

في سبتمبر/أيلول عام 2018، نشر موقع موندافريك الفرنسي تقريرا بعنوان "ورثة حفتر يتزاحمون على خلافته"، ذكر أنّه في كانون الأول/ ديسمبر 2017، ونظراً للتوترات الداخلية داخل هيئة أركانه، قام المشير بتغييرات في تشكيلة فريقه، من خلال جلب أفراد عائلته.

في هذا السياق، ضم نجليه، صدام وخالد في إدارة الألوية التنفيذية، حيث أوكل مهمة تأمين بنغازي لأحدهما، وفزان لنجله الآخر.

أما بالنسبة إلى نجليه الآخرين عقبة وصديق (أحدهما عاد على عجل من الولايات المتحدة)، فدمجهما في دائرته المقربة، كمستشارين في مجالي الاقتصاد والدبلوماسية.

ويشكّل التحالف القبلي رهاناً رئيسياً في بناء سلطة مستقرة ودائمة في ليبيا. والمعروف أن الإجماع القبلي هو الذي سمح لسلالة السنوسي بالبقاء في السلطة من 1869 إلى 1969، والحالة ذاتها تنطبق على نظام معمّر القذافي.

والآن العملية ذاتها تتكرر مع حفتر، إذ فور تخرجه من الأكاديمية العسكرية في عمان عاصمة الأردن، على يد جنرالات أمريكيين برتبة نقيبٍ، تمت ترقية صدام حفتر، في وقت قياسي إلى رتبة قائد، قبل انضمامه إلى اللواء 106 في إطار ما يسمى "عملية الكرامة".

ويضيف التقرير، أن شقيقه خالد حفتر اتّبع الدورة ذاتها، وتخرج برتبة نقيبٍ في أجهزة الاستخبارات التي تم تأسيسها حديثاً. وفي إطار مهمته الأولى، أصدر تعليمات لممثله في واشنطن للتأثير على الكونغرس الأمريكي.

ومن أجل تحقيق تلك المهمة، تم ضخّ 120 ألف يورو في هذا المشروع وفق ما كشفه محمد بوبصير المستشار السابق لحفتر الأب، وأقرّ مقربون من حفتر بأن المعاملات المصرفية تمت عبر المصارف الإماراتية على حسابات نجلي حفتر، خالد وصدام.

كما أكّد التقرير أن اجتماعا عائليا عقد  في باريس بحضور أبناء المشير وأفراد دائرته المقربة من هيئة الأركان، تلاها اجتماع ثان يوم 27 نيسان/ أبريل  2018 في قاعدة المرج الشرقية، التمس فيه أبناء حفتر دعماً إقليمياً، عن طريق مسانديهم المصريين والإماراتيين،  وأيضاً من بعض القوى الغربية.