"نيوزويك" تطرح سيناريوهات المرحلة المقبلة بين واشنطن وطهران

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية مقالا للكاتب توم أوكونر الباحث في شؤون صراعات الشرق الأوسط، تحدث فيه عن مصير التوتر بين إيران والولايات المتحدة، في مرحلة توقف الحديث عن الضربات العسكرية، التي كانت واشنطن تعتزم تنفيذها ردا على إسقاط طائرتها.

وتساءل الباحث في مقاله الذي كتبه تحت عنوان: "ماذا بعد في الصراع الأمريكي الإيراني؟" أن الحديث عن الضربات العسكرية قد تهاوى، فهل يمكن أن يتصدر المشهد مرة أخرى؟

هل انتهى التوتر؟

وذكر توم أوكونر، أن الرئيس ترامب ربما يكون قد ألغى قراره بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران في اللحظات الأخيرة، ولكن التوتر المتزايد بين واشنطن وطهران لم يهدأ بعد، التي من المؤكد أن يكونا أكثر الأطراف خسارة في حال نشوب نزاع مسلح بينهما.

وأضاف الكاتب، أن مجلة "نيوزويك" كانت قد ذكرت في وقت مبكر من صباح الجمعة، أن ترامب كان قد قرر توجيه ضربات عسكرية على مواقع إيرانية منها مواقع لصواريخ أرض – جو s125 ردا على إسقاط إيران لطائرة بدون طيار أمريكية "RQ-4A"، إلا أنه قد سحب الأمر بتوجيه الضربة، في حين أنه قال بعد ذلك أنه قد ألغى الأمر قبل 10 دقاق من تنفيذها.

وأشار إلى أن الرئيس ترامب أوضح في وقت لاحق، في تصريحات خاصة أنه شعر أن تقدير أحد الجنرالات بإحتمالية مقتل 150 شخص جراء الهجمات المزمعة ربما لا يتناسب أبدا مع إسقاط إيران لطائرة مسيرة لا تحمل أي ركاب على متنها.

وأوضح الكاتب، أنه على الجانب الآخر في طهران، تحلى الحرس الثوري الإيراني بسياسة ضبط النفس، وفنّد قائد القوات الجوية أمير علي حجي زاده الاتهامات الأمريكية لإيران بإسقاط الطائرة المسيرة قائلاً أن الطائرة كانت قد دخلت المجال الجوي الإيراني.

وأفصح قائد القوات الجوية عن معلومات مخابراتية مفادها بأن طائرة تجسس أمريكية أخري من طراز "P-8" كانت قد اخترقت المجال الجوي الإيراني، ولكن الدفاعات الإيرانية قررت ألا تُسقطها بسبب حملها ل 35 شخص على متنها.

وأكد الكاتب، أن "مجلة نيوزويك كانت قد ذكرت أن العتاد العسكري الأمريكي الموجود في المنطقة، ومنها طراد الصواريخ الموجهة (كروزر يو أس أس)  كان على أهبة الاستعداد على مدار 72 ساعة، بينما كانت واشنطن كانت قد استعدت لليلة جديدة من التوتر، وعلى الجانب الآخر في إيران، قضى السكان المقيمين في المناطق الأمامية من المواجهات والتوتر ليلة أخري من المشاعر المتضاربة.

ونقل الباحث عن فريشته صادقي، المحللة السياسية المستقلة في طهران لصحيفة "نيوزويك" قولها: إن "الإيرانيين لديهم أفكار متناقضة، فبعضهم خائفون ويشعرون بالقلق، بينما على الجانب الآخر يوجد فريق منهم غير مكترثين، أو يعتقدون أن الحرب لا يمكن أن تنشب، مضيفا أنها "من أرباب الفريق الثاني".

ورأى، أن لكل من الولايات المتحدة وإيران تاريخ طويل، يمتد لأربعين عاما من الخطاب العدائي المتبادل، منذ أن تم الإطاحة بحكم الشاه المدعوم غربيا، واستبداله بحكم شيعي متشدد يتسم بالنوايا السيئة وعدم الثقة في الغرب".

وأردف الكاتب: "ففي حين تبادل الفريقان إطلاق النار في مناسبات عديدة، كان أشدها عندما أسقطت الولايات المتحدة طائرة ركاب إيرانية تابعة للخطوط الجوية الإيرانية في الرحلة رقم655 في عام 1988 مما أسفر عن مصرع 290 شخصا كانوا علي متنها، ولكن حتى في أشد الأوقات توترا، تجنب البلدان الحرب، لأنه من المرجح أنهما يعلمان جيدا التأثيرات السلبية، بل المدمرة للحرب على السلم والأمن والاستقرار ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن على مستوى العالم".

السيناريو الإيراني

ودليل على النتائج الكارثية حال نشوب حرب بين الدولتين، ذكر الكاتب أنه في حال هاجمت الولايات المتحدة إيران، فإن الأخيرة بالقطع ستقوم بالرد وضرب القواعد العسكرية، تماما كما تفعل إسرائيل والفلسطينيين في غزة، وتُطلق الولايات المتحدة عليها ضربات وقائية، إلا أنها ستقوم بضرب مواقع عسكرية ومواقع نووية، وسيكون بعض الناس القريبين من المواقع العسكرية والنووية ضحايا لهذه الضربات، عن طريق الخطأ بالطبع.

وقالت صادقي للمجلة، أن الحياة بالنسبة للإيرانيين ستكون غاية في الصعوبة، وستكون هناك كارثة كبيرة جدا حال حدوث هذا الهجوم. ونقل الكاتب عن المحللة السياسية صادقى، قولها أيضا، إنها لا تعتقد أن التوترات المتصاعدة بين البلدين لا يمكن أن تنزلق إلى الحرب، فمن المحتمل أن تصل الدولتان إلى النقطة الحرجة ولكنهما لا يتجاوزانها إلى منطقة الحرب أبدا.

وأكد الكاتب، أن أي هجوم عسكري أمريكي لن يؤدي فقط إلى معاناة الإيرانيين، الذين يئنون تحت وطأة العقوبات الأمريكية، بل إن الهجوم سيصب في صالح الجناح المتشدد في إيران، إذ أوضحت صادقي، أن الجناح  المتشدد في النظام الإيراني سيكون في حاجة إلى الحشد الشعبي، وأن حشد الناس على خلفية الشعور الوطني، لن يجد أفضل من هجوم أمريكي يلبي لهم هذا الاحتياج.

وعلى الجانب الآخر، في الولايات المتحدة، فإنه بحسب الكاتب، لن يُرضي أي هجوم عسكري على إيران سوى أصوات الصقور الملتفين حول ترامب في فريق إدارته، فعلى سبيل المثال كان السيد جون بولتون، مستشار الأمن القومي لترامب منذ سنوات للقيام بهجمات استباقية على إيران، حيث مازال الرجل يُنظر إليه حتى الآن على أنه مهندس الغزو الأمريكي للعراق علم 2003، الذي يعتبر عبرة لهجوم عسكري على دولة، بناءً على معلومات استخباراتية مضللة.

ونقل الكاتب عن علي اليامي مدير مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية ومقره واشنطن، قوله: "من المرجح أن الرئيس ترامب يوقن أن أي حرب في الشرق الأوسط لن تحقق الاستقرار في المنطقة، أو تحقق السلام والعدل والديمقراطية، أو تقضي على التطرف أو الإرهاب".

وأضاف اليامي، أنه "على العكس من ذلك، فإن أي حرب في المنطقة ( تقول جميع الأطراف أنها لا تريدها)  لن تؤدي إلا إلى تقوية الجماعات التي أدت سياساتها إلى جعل المنطقة من أخطر الأماكن على حياة الأطفال والأقل تقدما، والأعلى خطورة".

وبيّن الكاتب، أنه على الرغم من أن ترامب وإدارته، ربما لا يلقي الإيرانيين بالا لهم، إلا أنه يتعين على الإدارة الأمريكية الرد على الكونجرس، فقبل يوم واحد من إسقاط إيران الطائرة المسيرة، دافع الممثل الخاص الأمريكي لإيران براين هوك عن إستراتيجية "الضغط الأقصى"، والتي انسحب من خلالها ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض عقوبات صارمة على طهران، لكنه واجه أسئلة صعبة حول قدرة الرئيس على شن الحرب.

ولفت إلى أنه حين سُئل هوك عن ما إذا كان ترامب سيحصل موافقة الكونجرس على شن الحرب ضد إيران، قال: سنبذل قصارى جهدنا فيما يجب علينا عمله، في الوقت الذي نحترم فيه سلطة الكونجرس لشن الحرب وسنلتزم بالقانون.

وتابع الكاتب: أنه من المفارقات أن الكونجرس الأمريكي كان قد صوّت للمرة الأولى عبر تاريخه لصالح تطبيق قانون الحرب الصادر عام 1973، في وقت مبكر من هذا العام لمنع الحرب التي تشنها السعودية والإمارات على جماعة الحوثيين في اليمن، المدعومة من إيران، بينما اعترض ترامب على هذا القانون في أبريل/نيسان الماضي.

ذريعة ترامب

وزاد، أن الرئيس الأمريكي ترامب كان قد وقّع قرار شن هجمات عسكرية على مواقع إيرانية، وقال ارام علي، مدير مجموعة العمل السياسي المتقدم، وهنا يتجلى السؤال الذي يجب على وسائل الإعلام طرحه وهو: "لماذا لم يعلم عدد القتلى المحتملين جراء هذه الضربات عندما قرر القيام بها؟".

وواصل الكاتب، أن السؤال الثاني الذي يجب أن تطرحه وسائل الإعلام هو ما إذا كان ترامب يهتم حقاً لحياة الناس، في حين أنه تجاوز الكونجرس وقرر إتمام صفقات أسلحة لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات، وهو يعلم علم اليقين أنهما تستخدمان هذه الأسلحة للقيام بهجمات مروعة على اليمنيين، وتتسبب في أكبر كارثة إنسانية للشعب اليمني".

وأردف: "استخدم ترامب حق النقض الفيتو لإلغاء مشروع القانون بوقف تصدير الأسلحة لكل من السعودية والإمارات ، التي كان من الممكن أن توقف الحرب علي اليمن".  وأضاف أن "السؤال الثالث يجب أن يكون ما هي النصيحة التي يستمع إليها، وما هو دور مهندسي الحرب على العراق المحيطين به في التخطيط للإستراتيجية الأمريكية في إيران".

واختتم الكاتب مقاله، قائلا: إن "ذهاب ترامب ضد رغبة كل من، مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، ووزير خارجيته، مايك بومبيو، ومسؤولين آخرين نافذين في إدارته في إلغاء قرار توجيه ضربة عسكرية موجهة ضد إيران، يكشف ذلك توجهات ترامب إبان حملته الانتخابية الرامية إلى عدم التورط في مواجهات عنيفة مثل أسلافه، وكان قد قال للصحفيين مؤخرا أنكم ستكتشفون ذلك قريبا".