بعد قرار ترامب.. هل تأكدت خفايا زيارة روحاني للعراق؟

12

طباعة

مشاركة

يعيد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بوقف الاعفاءات الممنوحة للدول المستوردة للنفط الإيراني، تسليط الضوء على زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى العراق في مارس/ آذار الماضي، وما حملته من رسائل للداخل والخارج.

ففي وقت تناولت فيه وسائل إعلام محلية ودولية زيارة روحاني التي استمرت لثلاثة أيام، إلا أن جانبا سريا من أجندة الرئيس الإيراني لم تكشفه تلك التغطيات، يثير تساؤلات حول خيارات واشنطن المحتملة في التصعيد مع طهران.

أجندة سرية

لم يكن إعلان ترامب، الاثنين الماضي، وقف إعفاءات شراء النفط الإيراني الخطوة الوحيدة ضد إيران، فثمة تدابير عسكرية أمريكية على الأرض كانت ضمن أجندة محادثات سرية أجراها روحاني في بغداد.

بعدما قرر الرئيس الأمريكي، سحب قواته من سوريا؛ بدأت تأتي تصريحات من المسؤولين الإيرانيين والعراقيين عن "استخدام الأراضي العراقية في عمليات ضد إيران".

وقال مسؤولون عسكريون وسياسيون إيرانيون، إن "أمريكا تريد استخدام الأراضي العراقية في عملياتها ضد إيران"، بينما يؤكد المسؤولون العراقيون أنهم لن يسمحوا باستخدام الأراضي العراقية في عمليات ضد إيران.

في الفترة الأخيرة، تظهر تصريحات المسؤولين في كلا البلدين، أن الولايات المتحدة تهدف إلى استخدام الأراضي العراقية في بعض العمليات التي من شأنها تقويض أمن إيران.

ولوحظ حركة جادة في قاعدة "كي 1" العسكرية في كركوك، بعدما أعلنت الولايات المتحدة أنها ستنسحب من سوريا. واتضح أن قسما واحدا من جنود الولايات المتحدة في سوريا وقاعدة عين الأسد العراقية، قد نقلوا إلى القاعدة في كركوك.

وقال النائب العراقي محمد البلداوي في بيان له، إنه ليس هناك جنود أمريكيون فقط في قاعدة كركوك العسكرية، وإنما بدأت واشنطن بنقل أعضاء من منظمة مجاهدي (المعارضة الإيرانية) إلى العراق، وأن أعضاء المنظمة وُضعوا في قواعد شمال العراق وأنهم بدأوا في تعليمهم.

بعد وقت قصير من الأخبار التي تفيد بأن أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، قد انتقلوا إلى كركوك، أعدت الجماعات السياسية العراقية القريبة من إيران في العراق مشروع قانون لطرد الجنود الأمريكيين من البلاد وتقديمه إلى البرلمان العراقي.

على الرغم من السعي لإقرار قانون في البرلمان، إلا أن جماعات عراقية قريبة من إيران في الحشد الشعبي، قالت إنها يمكن أن تهاجم في حال تمت مقاومة مشروع القانون.

ويبدو أن الحرب الإيرانية الأمريكية التي تتضمن السياسة والقوات العسكرية والدبلوماسية حاملة لتطورات جديدة في الأيام المقبلة.

وقد تفاوض روحاني ووقع اتفاقات مع محاوريه في العراق في العديد من المجالات المختلفة، وخاصة الطاقة. ولكن هذا كان فقط الوجه الظاهر للمحادثات؛ حيث أن أحد العناصر المهمة في الأجندة السرية لروحاني كان نقل الأمريكيان عناصر مجاهدي خلق إلى العراق، وفقا لوسائل إعلام إيرانية.

وكان السناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، الذي شارك في اجتماع عُقد عام 2017 في تيرانا في ألبانيا، قد كشف عما تعتزم الولايات المتحدة فعله مع منظمة مجاهدي خلق.

ففي خطابه أمام أعضاء الجناح السياسي للمنظمة، استخدم ماكين الكلمات التالية، "نحن نعيش في عالم بالغ الخطورة، حيث تريد إيران نشر نفوذها على الشرق الأوسط بأكمله. لا شك أن من في هذه الغرفة عانى الكثير من الطغيان الإيراني. أقدم تعازي لكل من دفع ثمناً في مواجهة إرهاب الدولة الإيرانية".

وأضاف: "في انتخابات عام 2009، كان الشعب الإيراني قد نهض من أجل حكم أفضل وحياة أفضل. ولا أنسى تلك الأيام. ستكون إيران حرة يوما ما وسنعقد هذه الاجتماعات في الساحات الإيرانية، التي لا يمكننا الدخول إليها اليوم".

رسائل زيارة روحاني

حملت لقاءات الرئيس الإيراني حسن روحاني في زيارته الأولى إلى العراق والتي وصفت بـ"التاريخية"، بعدد من الشخصيات السياسية والدينية، رسائل عدة وجهت إلى الداخل والخارج.

ومع أن زيارة روحاني إلى العراق تهدف لتحسين العلاقات بين البلدين، إلا أن الفيديو المنشور على الموقع الرسمي للحكومة الإيرانية خلال زيارته إلى المرجع الشيعي علي السيستاني في مدينة النجف، يظهر أن هذه الزيارة تهدف أيضا إلى توجيه رسالة إلى خصوم روحاني في إيران.

فخلال مقابلته للسيستاني، نشرت الحكومة الإيرانية على موقعها الرسمي، مقطع فيديو مدته دقيقة واحدة ذكر فيها، أن زيارة روحاني للعراق أرسل ثلاث رسائل إلى ثلاث جهات.

ودون ذكر أي اسم فقد أشار إلى أن الرسالة الأولى في الفيديو وجهت إلى قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم السليماني، ففي ترجمة المقطع، أظهر أن "روحاني يمثل قوة عظيمة في إيران وأنه لا يتعين على العراق القيام بأعمالها بالاستعانة بالأشخاص والمؤسسات العسكرية حتى ولو كانت استعانة تكتيكية، وأن جميع الأعمال والمشاريع يمكن أن يتم إدارتها وتنفيذها من قبل الرئيس الإيراني".

وعمل سليماني بشكل خاص، بناشط فعال في الحرب ضد تنظيم الدولة، وفي إنشاء قوات الحشد الشعبي العراقية، وكذلك دوره في مراحل استفتاء الاستقلال لإقليم كردستان العراق.

أما الرسالة الثانية للفيديو، فقد كانت موجهة إلى المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي وجبهة المحافظين، فقد أكد الفيديو أن الرئيس روحاني التقى في العراق بأكبر مرجع تقليدي ديني آية الله علي السيستاني.

فمن خلال مقابلته مع السيستاني؛ أراد روحاني إعطاء رسالة لخامنئي والمحافظين مفادها أنه يملك في صفه حوض النجف العلمي، الذي يملك تاريخا أقدم من الحوض الرملي؛ حيث أن تاريخه يمتد لألف عام، وفقا لمراقبين.

وكانت الرسالة الثالثة في الفيديو، قد وجهت إلى الولايات المتحدة وحلفائها من الدول العربية، إذ ذكر في المقطع أن العراق مفتوح لجميع الدول بما فيها إيران من حيث تأمين المصالح المشتركة، وأن العراق لا يسمح باستخدام أراضيها في العمليات التي ستنفذ لدول ثالثة، وأنه لن يسمح أيضا بعمليات تنفذ ضد إيران.

ولم تمض سوى مدة وجيزة من نشر المقطع، حتى تمت إزالته من على الموقع الرسمي للحكومة الإيرانية، وقال البيان إن "مكتب رئيس الجمهورية نشر الفيديو عن غير قصد وقدم الاعتذار بشأن ذلك".

ولم تقتنع جبهة المحافظين ببيان مكتب رئاسة الجمهورية الإيرانية، فقد وجهت أسئلة عبر صحيفتها "كيهان" بالقول: "لأي غرض تم تحضير الفيديو؟".

وتمثل جريدة "كيهان"، أهم وسائل الإعلام للجناح المحافظ المتطرف في إيران ،نشرت الخبر بعناوين من مثل "غضب أمريكا" ،"ضيف من غير دعوة" و"زيارة الرئيس المؤثرة، للعراق".

وطالبت الصحيفة المملوكة لخامنئي، المخابرات الإيرانية إيجاد المسؤوليين عن نشر مقطع الفيديو، وتطبيق الاجراءات القانونية اللازمة بحقهم.

تدمير إيران

وعلى نحو مختلف عن الدول الثمانية المستوردة للنفط الإيراني التي تخشى أزمة نفطية، فإن العراق يتخوف من تعرض استقراره الأمني للخطر، عقب قرارات ترامب الأخيرة.

ونقلت شبكة "سي أن أن" الأمريكية ، الثلاثاء الماضي، عن مسؤول عراقي (لم تذكر اسمه)، قوله إن "يريد العراق علاقات جيدة مع إيران، لدى أمريكا سياسة وحيدة وهي تدمير إيران وهي ترى الوضع من هذا المنظور".

وأضاف، أن "الوضع غير مستقر، يحتاج الأمريكيون لسياسة أكثر مرونة، فهذه الخطوات من البيت الأبيض تعرض استقرار العراق للخطر، إذا ما أرادوا سياسة موجهة ضد إيران، عليهم تقوية العراق".

ونقلت صحيفة "عكاظ" السعودية، عن مصدر في رئاسة الحكومة العراقية قوله، إن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أبلغ تحالفات سياسية برلمانية استحالة قيام حكومته باستدعاء القائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد جوي هود وتسليمه مذكرة احتجاج بشأن التهديدات التي أطلقها بفرض عقوبات على العراق حال خرقه للعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.

وقال عبد المهدي، بحسب المصدر، لقيادات الكتل البرلمانية، إن سبب عدم إمكانية استدعاء القائم بأعمال السفارة الأمريكية في العراق والاحتجاج على تهديداته مرده أن بغداد حصلت من واشنطن على بعض الاستثناءات في العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران خاصة في موضوعي الغاز والكهرباء، حيث منحت بغداد فترة إضافية لحين تدبير أمورها في موضوع الكهرباء.

وأوضح المصدر، أن الكتل السياسية تعتبر ما يقوم به الدبلوماسي الأمريكي، أسلوبا جديدا للابتزاز والضغط على السلطتين التشريعية والتنفيذية للحيلولة دون أي تشريع برلماني من شأنه تقنين الوجود العسكري الأمريكي في العراق.

وكان المبعوث الأمريكي الخاص بإيران براين هوك، قد حذر، في وقت سابق العراق من التعاون الاقتصادي مع إيران: "التي تستخدم العراق كمخلب في لعبة سياسية كبيرة"، فيما هدد بأن عقوبات بلاده المفروضة على طهران ستشمل المتعاونين معها ماليا.