ممر تشابهار الإيراني وقناة السويس.. عوائق التنفيذ وأبعاد المنافسة
المحتويات
مقدمة
1 – قناة السويس والممرات البديلة
2 – ممر النقل الدولي "شمال- جنوب"
3 – مشروع تشابهار وأهميته
4 – عوائق المشروع
5 – ممر تشابهار وقناة السويس
6 – حادثة "إيفر غيفن" وتسليط الضوء على ممر تشابهار
7 – تعليق هيئة قناة السويس والخبراء
8 – حقيقة المنافسة بين ممر تشابهار وقناة السويس
خاتمة
مقدمة
ترتبط أهمية المعابر والممرات التجارية بقدر الحاجة إليها وعدم وجود بديل كلي أو جزئي لها، ومنها قناة السويس التي تسهم في حركة النقل البحري، حيث ينتقل من خلالها 12 بالمئة من إجمالي التجارة العالمية.
وتكمن خطورة الاعتماد على هذا الممر الحيوي في إمكانية تعرّض مجراه لأي حادث يعيق مرور السفن من خلاله، سواء كان هذا الحادث متعمدًا، كوقوع حروب تؤدي إلى إغلاق القناة، أو غير متعمد، كالأسباب التقنية والمناخية.
وبحثا عن طرق بديلة تحقق المعادلة الصعبة، وهي قصر الوقت وقلة التكلفة وتوفر الأمن، ظهرت مشاريع منافسة عديدة، مثل قناة البحر الميت، وطريقي بحر الشمال، والحرير، وخطوط السكك الحديدية الإقليمية والدولية، وخطوط الأنابيب التي تنقل البترول بعيدا عن القناة.
وكان أحدث هذه المشاريع ممر "تشابهار" الإيراني، الذي يُعد حلقة الوصل في ممر "شمال– جنوب"، ويروج له الإيرانيون بوصفه جسرا لانتقال التجارة العالمية بين روسيا وأوروبا الشرقية والوسطى وآسيا الوسطى والقوقاز من ناحية، وجنوب شرق آسيا والشرق الأقصى ودول الخليج العربي من ناحية أخرى، وهو ما يُعد خصما من حصة قناة السويس في نقل التجارة العالمية.
ولكن الإيرانيين ذهبوا في دعايتهم لممر تشابهار إلى ما هو أبعد من ذلك، حينما قالوا إن هذا الممر هو مستقبل التجارة العالمية، وسيحل محل قناة السويس المصرية.
1 - قناة السويس والممرات البديلة
ممرات التجارة الدولية هي الطرق التي يجرى من خلالها نقل الطاقة والبضائع المختلفة بين دول العالم، وهي شبكات من الطرق البرية والبحرية والسكك الحديدية.
تنبع أهمية هذه الممرات من قدرتها على تأمين عملية النقل وتقديمها بتكلفة أقل وفي مدة قصيرة، بما يحقق أكبر هامش ربح لأصحاب التجارة الدولية.
وتعد قناة السويس من أهم الممرات التي تعبرها التجارة العالمية، حيث يمر بها نحو 30 بالمئة من حاويات الشحن في العالم يوميا، ونحو 12 بالمئة من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع، وذلك لقدرتها على توفير العناصر الثلاثة المذكورة.
ولكن القناة أغلقت في وجه الملاحة عدة مرات، كان أولها إبّان الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882، لمدة تقل عن أسبوع.
وأغلقت للمرة الثانية ليوم واحد في عام 1915، خلال الحرب العالمية الأولى. وللمرة الثالثة لمدة 76 يومًا، خلال الحرب العالمية الثانية. وأغلقت للمرة الرابعة لمدة خمسة أشهر عقب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. وكان الإغلاق الخامس بعد حرب 1967، واستمرت مغلقة لمدة 8 سنوات.
وكان الإغلاق الأخير في 2021، حينما جنحت السفينة "إيفر غيفن"، وتسببت في إغلاق الممر الملاحي الإستراتيجي، ما لفت الأنظار مجددا إلى أهميتها بالنسبة لقطاع كبير من الاقتصاد العالمي وخطورة الاعتماد الكلي عليه في نفس الوقت، وذلك لهشاشته أمام حادث يمكن تكراره. كما كشف جنوح السفينة عن محدودية مشروع توسيع القناة الذي روج له النظام المصري.
وبعد تعويم السفينة الجانحة، وفتح قناة السويس مرة أخرى للملاحة، كثرت التساؤلات عن مستقبل القناة في مواجهة الطرق والممرات البديلة ومشاريع النقل التجارية العالمية، سواء كانت مشاريع عاملة بالفعل أو تحت الإنشاء، أو في طور البحث والدراسة، ولكنها تضع القناة في تحد حقيقي، وتهدد بتراجع دخلها من حركة النقل الدولي.
من أهم الطرق والممرات، الممر الشمالي الشرقي، المار عبر المحيط المتجمد الشمالي، والذي فتح بفضل الاحتباس الحراري الذي ذوّب الجليد في القطب الشمالي؛ والذي يهدف إلى تقليل الزمن وتفادي تكاليف المرور عبر قناة السويس.
وطريق الحرير الجديد، الذي يعد أطول خط سكك حديد عابر للقارات بالعالم. ويمتد من مدن الساحل الشرقي للصين حتى العاصمة الإسبانية، وقد يكون لهذا الطريق إن فُعِّل بشكل كامل تأثيرات سلبية حقيقية على قناة السويس متعلقة بتمرير صادرات بكين إلى أوروبا مباشرة بعيدا عن القناة[1].
ومن المشاريع، قناة البحرين الإسرائيلية، أو قناة البحر الميت، الذي تتبناه تل أبيب، ويقوم على شق قناة تربط البحر الأحمر بالمتوسط.
ومشروع خط السكك الحديدية الإسرائيلي الذي يربط بين تل أبيب على البحر المتوسط وإيلات على البحر الأحمر، ويُستخدم لنقل البضائع بدلا من قناة السويس.
هذا بالإضافة إلى خطوط النفط التي جعلت عدد الناقلات التي تعبر قناة السويس يتراجع إلى الثلث، بسبب الاعتماد على هذه الخطوط.
وكان آخر هذه المشاريع هو مشروع نقل النفط عبر خط أنابيب يربط الخليج بميناء إيلات، والذي اتفقت عليه دولة الإمارات مع الكيان.
وتخشى مصر من تحويل هذا المشروع لبعض شحنات النفط القادمة من آسيا ودول الخليج إلى خط الأنابيب الإسرائيلي.
هذا بالإضافة إلى الحديث عن خط للسكك الحديدية يربط الإمارات بدولة الاحتلال في فلسطين عبر السعودية والأردن، وهو ما سيؤثر على عائدات القناة[2].
وكانت الإمارات قد اتفقت مع طهران وأنقرة على نقل البضائع من موانئ دبي وأبوظبي إلى جنوب إيران ثم شحنها من هناك برا إلى تركيا، ومن ثم إلى أوروبا، بعيدا عن قناة السويس، ما يمكِّن من تقصير وقت النقل من 20 يوما إلى أسبوع واحد[3].
2 - ممر النقل الدولي "شمال- جنوب"
تمر بإيران عدة ممرات دولية، تجتذب جزءا من التجارة العالمية، ويمكن أن يزيد نصيبها من نقل هذه التجارة حال تطوير البنية التحتية في المناطق التي تمر بها هذه الممرات.
وهي ممر "تراسيكا" الذي أنشئ عام 1993، باتفاق 8 دول اجتمعت في بروكسل، هي أوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان وكازاخستان وجورجيا وأذربيجان وأرمينيا، وانضمت إليها إيران، بهدف نقل البضائع من دول وسط آسيا إلى موانئ أوروبا والأسواق العالمية المهمة بأقل تكلفة وفي أقل وقت ممكن.
وممر "شرق - غرب"، أو طريق الحرير القديم، الذي تنتقل من خلاله تجارة الشرق إلى الغرب عبر إيران، حيث تصل البضائع من الصين وشرق آسيا إلى الدول الواقعة على البحر المتوسط والقوقاز.
وممر "جنوب آسيا"، ويبدأ هذا الممر من شرق آسيا، ويصل إلى الحدود الجنوبية الشرقية لإيران بعد عبور شبه القارة الهندية، ويخرج من الجمهورية الإسلامية ليصل إلى أوروبا.
وممر "آلتيد"، والذي أسسته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادي عام 1992، لتسهيل عمليات النقل البري، ويتكون من ثلاثة ممرات، هي الشمالية والمركزية والجنوبية، ويشمل الحدود الشمالية بين إيران وتركمانستان ومناطق بحر قزوين والموانئ التركمانية[4].
غير أن "شمال – جنوب" هو أهم هذه الممرات، فهو مشروع نقل دولي عملاق، طُرح خلال قمة الاتحاد الأوروبي في هلسنكي سنة 1992 كالممر التاسع من ضمن عشرة ممرات، ثم وقعت الدول الثلاث، إيران والهند وروسيا، عام 2000 على الوثيقة الأولى لإنشائه في سانت بطرسبرغ الروسية.
وعام 2016، التحقت دول أخرى بالمشروع، هي: سلطنة عمان، وتركيا، كازاخستان، أرمينيا، قرغيزستان، طاجيكستان، بيلاروسيا، أوكرانيا، سوريا، وبلغاريا، إلى جانب الدول المؤسسة الثلاث.
ويتكون ممر "شمال – جنوب" من شبكة خطوط بحرية وبرية وسكك حديدية يبلغ طولها 7200 كيلومتر، ويبدأ من بومباي بالهند ليربط المحيط الهندي ومنطقة بحر عمان مع بحر قزوين مرورا بإيران، ثم يتوجه إلى سان بطرسبرغ الروسية، ومنها إلى شمال أوروبا وصولا إلى العاصمة الفنلندية هلسنكي.
وتقع إيران في قلب هذا الممر، ويمكّنها هذا المشروع في حال استكماله من التحكم في حلقة وصل حيوية بين آسيا وأوروبا، وعليه توليه طهران أهمية كبيرة[5].
ويتفرع الممر بعد وصوله إلى داخل إيران إلى الفرعين الغربي والشرقي، ويصلان جنوب إيران ببحر عمان بشرقها وشمالها على بحر قزوين، فضلا عن أن شبكة كبيرة من الخطوط الحديدية والبرية الداخلية من المقرر أن تربط تقريبا جميع الحدود الإيرانية والمحافظات الإيرانية بشبكة مواصلات على طريق ممر "شمال- جنوب" داخل إيران.
وهو أمر يعني أن هذه الشبكة الداخلية الإيرانية تشكل حلقة وصل بين الدول الـ15 الجارة لإيران على حدودها الأربعة، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.
ويُفترض أن يُنقل عبر ممر "شمال - جنوب" في مراحله الأولى سنويا 6 ملايين طن من السلع، إلى أن يرتفع إلى 15 مليون طن حتى 20 مليونا بعد اكتمال المشروع بالكامل.
ووفقا للأرقام الإيرانية، يُعتبر هذا المشروع أحد أرخص الطرق الرابطة بين قارتي آسيا وأوروبا، وبذلك ينافس قناة السويس، حيث تتقلص تكاليف النقل عبره بمقدار 2500 دولار مقابل كل 15 طنا.
هذا فضلا عن أن ذلك يستغرق 14 يوما فقط، في مقابل 40 يوما عبر طريق قناة السويس، حسب البيانات الإيرانية[6].
3 - مشروع تشابهار وأهميته
يقع ميناء تشابهار (بالفارسية: چابهار/Chabahar)، في جنوب شرق إيران، ويحظى بموقع إستراتيجي مهم، لأنه بوابة البلاد على المياه الدولية.
تبلغ مساحة المنطقة الحرة التي يقع فيها الميناء 140 كيلومتر مربعًا، وترتبط بالطريق البري بمدينة إيرانشهر، وبعد اجتياز محافظة خراسان الجنوبية ترتبط بريًّا ببلدان آسيا الوسطي وأفغانستان، ومن الشرق بباکستان، ومن الجنوب ببحر عمان والمحيط الهندي والمياه الدولية المطلة على القارة الإفريقية وبلدان شرق آسيا وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط.
تمتلك تشابهار مرفأين كبيرين، هما "كلانتري" الذي يستقبل بواخر تبلغ حمولتها 45 ألف طن، ومرفأ "الشهيد بهشتي" الذي يتسع لاستقبال بواخر بحمولة 100 ألف طن.
ويستقبل ميناء تشابهار حوالي 200 سفينة نقل عملاقة كل عدة أشهر. وله 5 مناطق لنقل واستيعاب الصادرات والواردات إلى جانب 32 مرفأ لشحن وتفريغ السفن.
ووفقا لتقديرات الخبراء الإيرانيين فإن ميناء تشابهار أحد أهم النقاط الترانزيتية لطريق "شمال– جنوب"، لأن مرافئ هذا الميناء المحيطي تحظى بقابلية استقبال البواخر العملاقة العابرة للقارات.
كما أنه يتمتع بقابلية تحويله إلى ميناء إقليمي ودولي عملاق، لأنه يقع على ثلاثة ممرات رئيسية بين الشمال والجنوب، وهي مزيّة ترانزيتية مهمة، ويتميز بها عن قناة السويس[7].
وللميناء عدد من المزايا التنافسية التي تجعله جذابا من وجهة النظر المحلية والدولية، وتتيح له إمكانية التطوّر ليصبح أحد أهم مراكز التجارة في الإقليم، وذلك لوجوده على حافة المحيط الهندي، وقربه الجغرافي من بلدان مثل أفغانستان وباكستان والهند، وكذلك وضعه كمركز عبور ترانزيت رئيس على ممرّ النقل الدولي المزدهر بين الشمال والجنوب[8].
ويمكن أن يساعد ممر "شمال- جنوب"، إذا حقق الاستدامة الاقتصادية، في تقريب المصالح الإستراتيجية على مساحة واسعة من الهند إلى أوروبا من خلال إنشاء ممر قاري يمر بميناء تشابهار.
وعن طريق ربط المزيد من الدول الأوروبية بشبكات السكك الحديدية، فقد يؤدي ذلك إلى تغييرات بعيدة المدى في الجغرافيا السياسية الأوروبية الآسيوية.
تهدف إيران- التي تقع في القلب من الدول الموقعة على اتفاقية ممر "شمال– جنوب"– إلى إبراز دورها كلاعب رئيس إلى جانب الهند وروسيا، وباقي الدول المنضمة لاتفاقية تأسيس الممر (INSTC)، بوصفها نقطة العبور الرئيسة، وذلك من خلال الاستفادة من الموقع الجغرافي لمنطقة تشابهار الحرة في زيادة حصتها من تجارة الترانزيت الدولية.
وهو ما سيشكل متنفسا اقتصاديا ضخما لها، ويعزز قرار تصفير الاعتماد على النفط، ويرفع العائدات والناتج المحلي الإيراني بشكل كبير، نظرًا لعمل المنطقة على مدار السنة.
وإذا أخذنا بالاعتبار أن حجم التبادل التجاري للدول الواقعة على طريق ممر "شمال - جنوب" بلغ عام 2017 نحو 77 مليون طن، فمردود عبور هذه الكمية الكبيرة من السلع عبر إيران سيكون نحو 23 مليار دولار سنويا، ما يمكن أن يعوضها عن جزء من عوائد النفط المحظور أمريكيا.[9]
أما الهند فإن ممر تشابهار يحتل موقعا مهما في قائمة طموحاتها الاقتصادية، لأنه يتيح لها الوصول إلى أفغانستان وآسيا الوسطى وأوروبا، ولهذا انخرطت في بناء هذا الميناء منذ التسعينيات من القرن العشرين بغية الوصول إلى هذه المناطق، كما ساهمت في بناء الطرق في إيران وأفغانستان من أجل ربط تشابهار بدول آسيا الوسطى.
وإذا انتقلنا إلى روسيا، فسنجد أن هذا الممر يسمح لها بالاتصال بالمياه الدافئة للخليج الفارسي والمحيط الهندي، ويساعدها في لعب دور في تقوية العلاقات التجارية الأوروبية الآسيوية، والتخلص من عنق الزجاجة الجيوسياسي بسبب عدم الوصول إلى المياه المفتوحة[10].
4 - عوائق المشروع
لا شك أن ممر "شمال- جنوب" الذي يمر عبر ميناء تشابهار الإيراني من الممرات الدولية المهمة، والتي يُنتظر أن تستقطب جزءا من حركة التجارة الدولية بين آسيا وأوروبا.
ولكن هذا الأمر مرهون باستكمال البنية التحتية للمشروع، خاصة على الأراضي الإيرانية، التي تمثل حلقة الوصل بين الشمال والجنوب.
كانت أول شحنة توجهت من بومباي بالهند إلى سان بطرسبرغ في روسيا عبر ممر "شمال– جنوب"، في يناير/كانون الثاني 2018، أي بعد ما يقرب من عقدين على توقيع اتفاقية تأسيسه، وذلك بسبب تحديات وعقبات كثيرة ما زالت تؤخر عمله بكامل طاقته.
وتتنوع هذه التحديات والعقبات، بين السياسية والاقتصادية والتقنية والإدارية، وأهمها ما يلي:
الأزمة المستمرة بين إيران والغرب، خاصة مع الولايات المتحدة التي تفرض عقوبات خانقة على طهران بسبب أزمة الملف النووي، ما أضعف قدرة طهران المالية على إكمال المشاريع الداخلية المرتبطة بممر النقل بين الشمال والجنوب.
كما لا يخفى أن الضغوط السياسية التي تمارسها الإدارة الأميركية على بعض الدول الواقعة على طريق ممر النقل بين الشمال والجنوب، والتي تربط بينها علاقات تحالف، أدت إلى عدم إبداء هذه الدول الجدية الكافية في ربط شبكة نقلها بالممر، كما في حالة الهند التي تأخرت كثيرا في إكمال مشاريع تطوير وتنمية ميناء تشابهار[11].
تدهور البنى التحتية واضطراب الأوضاع الأمنية والفقر في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية التي يتمركز في منتصف ساحلها على خليج عُمان ميناء "تشابهار" الذي يُعد حجر الزاوية في مشروع "شمال-جنوب" بإيران.
التدهور الشديد في قطاع السكك الحديدية والطرق في عموم إيران، حيث يشير الخبراء الإيرانيون أنفسهم إلى أن ضعف البنى التحتية في عموم مناطق إيران، فيما يتعلق بعمليات النقل والشحن عن طريق السكك الحديدية، وهو ما يدفع إلى اتخاذ الطرق البرية العادية مسلكًا، بما تحمله من تكلفة مرتفعة للغاية ومخاطر أخرى، فضلا عن عدم تمهيد شبكة من الطرق لمثل هذا الأمر.
ضرورة نقل وتفريغ حمولة البضائع والسلع مرات كثيرة من البحر إلى البر والعكس، ما يعني عدم تجانس عملية شحنها، وارتفاع تكاليف نقلها وتعرضها لمخاطر متنوعة.
الافتقار إلى التنسيق بين الأجهزة الحكومية المختلفة في إيران، مثل المعنيّين بالنقل والتجارة والصناعة والشؤون الخارجية والجمارك والزراعة والشرطة، إضافة إلى الجهات الأمنية الأخرى، وهو ما يجعل كل جهة تتملص من مسؤولية إعاقة العمل على استكمال الممر[12].
هذا بالإضافة إلى التحديات التي تواجه دول المنطقة في الربط النهائي لممر "شمال- جنوب"، ومنها افتقار المشروع للآليات اللازمة للتعامل مع القضايا التشغيلية على أرض الواقع، والمشاكل المتعلقة بوثائق العبور والجمارك، وعدم وجود قواعد مشتركة لعبور الحدود، وانعدام الشفافية في الأمور المتعلقة بالتأمين وتبادل البيانات[13].
5 - ممر تشابهار وقناة السويس
كانت بداية الربط بين ميناء تشابهار، كنقطة وصل مهمة في ممر "شمال– جنوب"، في يوليو/تموز 2020، عندما صرح المدير العام لمنطقة تشابهار الحرة، عبدالرحيم كردي، أن الربط التجاري بين بومباي وهامبورغ وسان بطرسبرغ سيجري عبر أستراخان وأنزلي وتشابهار ونافا شيفا بالهند، بدلًا من قناة السويس المصرية.
وبين أن الممر التجاري الذي يمر بإيران سيقلص الوقت الذي يستغرقه نقل البضائع من روسيا بشكل ملحوظ، من 38 إلى 14 - 16 يومًا فقط.
وأشار كردي إلى أن إيران تعتبر محطة في وسط العالم بفضل موقعها الجغرافي الإستراتيجي المتميز، حيث يمكن لميناء تشابهار أن يلعب دور ربط شرق العالم بغربه، وشماله بجنوبه، كما أن شواطئ مكران وتشابهار أخذت اليوم تتحول إلى طريق اقتصادي رئيس بالعالم[14].
وكان كردي قد صرح قبل ذلك بأن ميناء تشابهار بموقعه الإستراتيجي وطاقاته الاقتصادية والتجارية والترانزيتية يُعتبر الطريق الأكثر أمنًا وقربًا وجدوى اقتصادية إلى أسواق المنطقة، وأن الاتفاقيات الموقعة بين إيران والدول المؤسسة لممر "شمال – جنوب" تعني وصول التجارة الدولية إلى الدول ذات المصالح المشتركة كروسيا، إضافة إلى الدول الأوروبية[15]، في إشارة إلى نقل التجارة عبر الممر الدولي المذكور، وليس عن طريق قناة السويس.
وتعتمد الدعاية الإيرانية لـ"تشابهار" على المقارنة بين الممر الإيراني، الذي يُعد نقطة الوصل بين دول ممر "شمال– جنوب"، والطرق التقليدية، وعلى رأسها قناة السويس، من ناحية عناصر الأمن والوقت والتكلفة المادية.
فمن ناحية الأمن، يرى الإيرانيون أن وجود ميناء تشابهار على السواحل الجنوبية لإيران يُعد ميزة له، لأنه بعيد عن مضيق هرمز ومياه الخليج التي تشهد توترا مستمرا بين القوات الإيرانية والأميركية، ويسهل الوصول إليه بشكل مباشر من جانب الدول الآسيوية.
كما أن الميناء يتميز عن قناة السويس التي تعتبر ممرا بحريا صناعيا، لأن هذا الممر يمكن إغلاقه لأسباب عديدة، لعل أبسطها وأقربها إلى الحدوث هو تعطل سفينة واحدة كبيرة، لأسباب تقنية أو مناخية، وهو ما يعني انسداد هذا الممر الحيوي.
فضلًا عن أي اضطراب قد ينتج عن عدم الاستقرار وانعدام الأمن في الطرق البحرية بسبب الحروب التي نشبت في عدة أماكن، مثل اليمن وسوريا وليبيا.
أما عن التكلفة والوقت، فيقول الإيرانيون إنه يمكن لشبكة النقل هذه أن تسمح للبلدان الواقعة على طول الطريق باستخدامها كطريق بديل لقناة السويس، لأن الممر من الناحية النظرية يقلل المسار البحري الحالي عبر القناة من 16000 إلى 7200 كم، ويقلل وقت السفر بين جنوب آسيا وشمال أوروبا من 60 إلى 30 يومًا، مما يخفض بشكل كبير من تكاليف الشحن.
وعلى سبيل المثال، فإن نقل حمولة من بومباي بالهند إلى هلسنكي في فنلندا عبر ممر "شمال – جنوب" سيوفر 40 بالمئة من المسافة، و30 بالمئة من التكلفة، بالمقارنة مع نقلها عبر الطرق التقليدية[16].
6 - حادثة "إيفر غيفن" وتسليط الضوء على ممر تشابهار
تسبّبت السفينة "إيفر غيفن" في إعاقة الملاحة في قناة السويس لما يقرب من أسبوع، بعد أن جنحت في 23 مارس/آذار 2021، وأغلقت الممر المائي، وأعاقت عبور السفن، وهو ما أصاب التجارة العالمية بالشلل، وأدى إلى الإضرار بالاقتصاد العالمي الذي خسر ما يقرب من 9.6 مليارات دولار في اليوم الواحد.
كان الحادث فرصة جيدة بالنسبة للمسؤولين الإيرانيين الذين استغلوه في إعادة تسليط الضوء على مشروع ممر تشابهار، فقد أكد نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد شركات النقل الدولية، محمود أمتي، على أن إغلاق قناة السويس التي طالما كانت طريقًا للنقل بين آسيا وأوروبا قد ضاعف من أهمية الطرق البديلة للقناة.
ولفت أمتي إلى أن إيران تربط بين آسيا وأوروبا، وتقع على مفترق الطرق التي تربط الشرق بالغرب والجنوب بالشمال، وأن إطلاق ممر "شمال– جنوب" هو أحد الأسباب المهمة لاختيار ممر تشابهار كبديل لقناة السويس.
وقال أمتي إن ربط الموانئ الإيرانية في الخليج العربي وبحري عمان وقزوين بالموانئ الروسية في سان بطرسبرغ وشمال أوروبا من خلال البنية التحتية للنقل في إيران سيكون عامل جذب كبيرا للمصدرين والمستوردين في العالم.
وربط أمتي زيادة الرغبة الدولية في استخدام هذا الطريق بتقديم إيران خدمات نقل متميزة وفائقة الجودة، وهو ما سيدفع الدول إلى نقل تجارتها من قناة السويس إلى الممر الإيراني[17].
ودعا سفير إيران السابق لدى موسكو، كاظم جلالي، إلى تفعيل خط ملاحي بديل عن قناة السويس التي تعطلت بسبب جنوح السفينة "إيفر غيفن".
وقال إن "الإسراع في إكمال البنى التحتية وتفعيل ممر "شمال-جنوب" كبديل عن ممر قناة السويس صار يحظى بالأهمية أكثر مما مضى".
وبين أن الممر الإيراني هو الخيار الأفضل كبديل لقناة السويس، لأنه يختصر الزمن حتى 20 يوما، والتكاليف حتى 30 بالمئة، ويُعد خيارا أفضل كبديل أقل خطورة من القناة في مجال الترانزيت[18].
أما خبير الشؤون الدولية، مهدي دل روشن، فقد رأى أن إغلاق القناة قد فتح عيون التجار الدوليين على خطورة الاعتماد الكلي على قناة السويس، التي يمكن أن تغلق بسبب أي حادث عارض، وربما لا تستطيع التعامل مع جميع أنواع السفن.
ودعا دل روشن إلى النظر في البدائل المتاحة لقناة السويس، معتبرا ممر تشابهار البديل الذهبي، ومستقبل التجارة العالمية، لأنه الخيار الاقتصادي الأفضل والأكثر أمانا.
وفي مقارنة عقدها بين الممر الإيراني وقناة السويس، قال دل روشن إن تشابهار مدينة لوجيستية متكاملة، ومنطقة حرة تتمتع بقوانين شبيهة بقوانين منظمة التجارة العالمية، ومسار آمن للنقل البحري والبري المشترك.
ولفت إلى أن ممر تشابهار ليس قناة بحرية، وإنما هو طريق سريع وجذاب، لما يملكه من إمكانيات، فهو يجمع كل ما يمكن توقعه، من طرق بحرية وبرية وجوية وسكك حديدية.
وعن المنافسة المستقبلية بين الممرين، يعتقد دل روشن أن قناة السويس لن تتمكن من منافسة ممر تشابهار، ويرى المقارنة بينهما خاطئة، لأن ممر تشابهار يتفوق على منافسيه بسبب وقوعه في ملتقى طرق التجارة العالمية.
وباكتمال خطوط السكك الحديدة، يمكن نقل البضائع من شرق آسيا عبر أرصفة ميناء تشابهار في المنطقة الإيرانية الواقعة على المحيط الهندي، إلى الدول الإسكندنافية، مثل فنلندا والنرويج.
وطالب دل روشن بالنظر إلى ممر تشابهار بشكل مختلف، لأن مستقبل التجارة العالمية سيمر عبره، وذلك حينما تصل البضائع الهندية والصينية واليابانية إلى أرصفة الموانئ في المنطقة الحرة فيه، ثم تتحرك عن طريق القطارات إلى طهران وأنزلي وآستاراخان وسوتشي، لتصل بعد ذلك إلى هلسنكي، في طريق يوفر للتجار ثلث المال الذي يدفعونه لقناة السويس، بالإضافة إلى ثلث الوقت أيضا[19].
7 - تعليق هيئة قناة السويس والخبراء
ردا على التصريحات الإيرانية التي تهوّل من إمكانيات ممر تشابهار، والحديث عن حلوله محل قناة السويس المصرية، جاء تعليق هيئة القناة ليهوّن من شأن الممر، وينفي عنه تلك الأهمية الكبيرة التي يدعيها الإيرانيون، ويستبعد أي تنافسية بينهما.
فقد أكد المتحدث باسم الهيئة، جورج صفوت، أن إدارة التخطيط والبحوث التابعة للهيئة تتابع ممر "شمال- جنوب" منذ عام 2000، أي منذ توقيع الهند وروسيا وإيران الاتفاق المشترك للبدء في إنشائه.
وبين أن ممر تشابهار الذي أعلنت عنه إيران لا يُعتبر بديلًا أو منافسًا لقناة السويس التي تتجاوز طاقتها مليار طن سنويا، على عكس سعة الممر الإيراني المحدودة، لأن هدفه هو خدمة تجارة آسيا غير الساحلية، بين الدول والبلدان المطلة على بحر قزوين، وهو ما يحد من البضائع.
وأضاف صفوت أن النقل عبر الممر الإيراني يمر بأربع مراحل، وبالتالي فإن تكلفة النقل أربعة أضعاف تكلفة النقل عبر قناة السويس.
وفيما يتعلق بالسرعة، يستغرق الأمر 19 يوما لشحن حاوية مباشرة من الهند إلى هامبورغ في ألمانيا عبر قناة السويس، مقارنة بأكثر من 20 يوما عبر الممر الإيراني. وبعبارة أخرى، فإن القناة أسرع وأرخص بحسب صفوت[20].
أما عميد كلية النقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم بمصر، محيي السايح، فقد أكد على أن تكرار تحميل وتفريغ الشحنات عبر ممر "شمال-جنوب" سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الفترة الزمنية التي تنقل خلالها، إضافة إلى ارتفاع كبير في التكاليف[21].
فالممر الإيراني يتكون من 4 مسارات، ولو أخذنا مثالًا نقل شحنة هندية، فسنجد أن المسار الأول يبدأ من ميناء بومباي الهندي بحرًا إلى تشابهار، في مدة تستغرق يومين ومسافة 787 ميلًا بحريًّا، بمتوسط 14 عقدة.
ويبدأ المسار الثاني بنقل البضائع عبر السكك الحديدية من تشابهار إلى ميناء "أنزلي" شمالي إيران، في مسافة يبلغ طولها 1700 كيلومتر، ومدة زمنية تبلغ حوالي 3.7 يوم بمتوسط 20 كيلومتر في الساعة.
ويبدأ المسار الثالث للممر من أنزلي لينتهي في ميناء "أستراخان" بروسيا الاتحادية، عبر بحر قزوين، وبطول 800 ميل بحري، بمدة تبلغ 3.3 يوم، ثم يبدأ المسار الرابع بريًّا باتجاه ميناء هامبورج الألماني[22].
ويؤيد الخبير الدولي في النقل البحري أحمد سلطان، ذلك، مشيرًا إلى أن موقع قناة السويس فريد، وليس له منافس أو بديل في جميع أنحاء العالم.
ويرى أن الإعلان عن الممر الإيراني كبديل لقناة السويس يأتي فقط في إطار تشويه إعلامي لأنه لا يعكس الواقع على الأرض[23].
ويرى خبير الشؤون الإيرانية محمد السعيد إدريس، أن إيران تتطلع لخدمة مصالحها في المنطقة في ضوء التحديات التي تواجهها بسبب الخلافات الحادة مع دول الخليج العربي والولايات المتحدة، وأن طهران لها الحق في استغلال هذا الممر التجاري الذي يخدم مصالحها.
واستبعد أن يكون الإعلان الإيراني عن الممر التجاري يهدف إلى إثارة العداء مع مصر وتوجيه ضربة لقناة السويس، لأن هدفها الاقتصادي هو فقط الحفاظ على المصالح الإيرانية، وخاصّة في ظل العقوبات الأميركية[24].
8 - حقيقة المنافسة بين ممر تشابهار وقناة السويس
ثمة حقيقة لا بد من الإشارة إليها، وهي أن الإيرانيين يبالغون في الحديث عن مشروع ممر تشابهار حينما يتحدثون عن أنه منافس لقناة السويس، وأنه سيحل محلها، وهي دعاية مغلوطة، لأن المشروع سيختصم من حصة القناة في نقل التجارة الخاصة بالمنطقة التي يغطيها ممر "شمال– جنوب"، وذلك بعد اكتماله واعتماده كبديل دائم لقناة السويس.
فبحسب ما ذكره المتحدث باسم هيئة قناة السويس، فإن ممر تشابهار نقل 8.2 مليون طن من البضائع خلال 2019، ومعظمها تجارة بينية، بين دول آسيا، ونقلت القناة المصرية 1.2 مليار طن بضائع في 2019، وتؤكد هذه الأرقام أن المنافسة محدودة للغاية[25].
وهناك من الإيرانيين من يتحدث بلغة عقلانية في هذا الشأن، مثل الأمين السابق للمجلس الأعلى للمناطق الحرة، أكبر تركان، الذي علق على كثرة الحديث عن استبدال ممر تشابهار بقناة السويس.
وقال تركان: "الاثنان ليسا متنافسين بشكل عام، فمسار قناة السويس مهم بحد ذاته، وهو طريق دولي، وله حجم كبير من النقل، وتشابهار في الواقع الممر الشرقي، وليس له علاقة بذلك الطريق"[26].
وبغض النظر عن العوائق والتحديات التي تواجه المشروع الإيراني، والتي يمكن تجاوزها في المستقبل، بمساعدة الدول المشاركة في المشروع، وعلى رأسها الهند، فإن قناة السويس تمتلك مميزات عديدة بالمقارنة مع ممر تشابهار، أهمها عدم وجود مراحل الشحن والتفريغ التي ستجرى على الأراضي الإيرانية، وهو ما يقلل من نسبة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها البضائع المنقولة، ويوفر الوقت أيضا.
فباستعراض المسارات التي يجب أن تسير فيها البضائع عبر ممر تشابهار، يتضح– بحسب الناطق باسم قناة السويس- أن الوقت التي يذكره الإيرانيون لنقل الحاويات من الهند وحتى ألمانيا أو روسيا، وهو 16 يومًا، لم تحتسب فيه مدد التفريغ والشحن بين المسارات المختلفة بالممر.
في حين أن الحاويات من الهند وحتى أوروبا عبر قناة السويس تستغرق 19 يوما وليس 38 كما تردد.
وبهذا ترتفع تكلفة الممر الإيراني في نقل الحاويات إلى ما يقرب من 450 بالمئة عن تكاليف عبور قناة السويس، لأن النقل البحري عبر مسار واحد أرخص من النقل عبر مسار تتعدد فيه مراحل شحن البضائع وتفريغها ونقلها بالبر والبحر ومن خلال السكك الحديدية.
كما أن الموانئ المطلة على بحر قزوين، فى المسار الثالث لممر تشابهار، ذات غواطس ضحلة جدا، حيث تستوعب السفن ذات الأحجام الصغيرة، بمتوسط حمولة ما بين 250 إلى 2000 حاوية، مقارنة بقناة السويس التى تسمح بعبور سفن حاويات عملاقة بحمولات تصل إلى 23 ألف حاوية.
حتى إن الممر الإيراني يحتاج إلى 320 قطار بضائع لنقل سفينة واحدة تعبر من قناة السويس[27].
خاتمة
تطرح إيران مشروع تشابهار، الذي يُعد حلقة الوصل في ممر "شمال – جنوب"، كممر آمن ويوفر الوقت والمال في عملية نقل البضائع بين آسيا وأوروبا، ويُطلِق المسؤولون الإيرانيّون بين الحين والآخر تصريحات يغلب عليها التهويل، يؤكدون فيها أن الممر هو مستقبل التجارة العالمية، وأنه بديل لقناة السويس المصرية.
وفي المقابل، يهون المسؤولون المصريون من المشروع الإيراني وقدرته على منافسة القناة، فضلًا عن الحلول محلها. وما بين التهويل الإيراني والتهوين المصري، ثمّة حقائق لابد من الالتفات إليها.
فممر "شمال- جنوب" من المشاريع المهمة، ولكنه يواجه الكثير من التحديات السياسية والاقتصادية والإدارية التي تجعله يراوح مكانه حتى الآن، كما أن الحديث عن حلوله محل قناة السويس مبالغة ودعاية إعلامية، لأن الإيرانيين يدركون أن المشروع سيكون بديلا جزئيا حال اكتماله، وأقصى ما يمكن أن يحققه هو تحويل جزء من التجارة الآسيوية التي تعبر القناة المصرية إلى تشابهار.
وعلى الجانب الآخر، لا بد أن يدرك المصريون أن الممر المذكور وأمثاله من الممرات البديلة، سيختصم من حصّة قناة السويس، وأن القناة لم تكن الممر التجاري الوحيد ولن تكون، خاصّة وأن الدول تبحث عن بدائل آمنة توفر لها الوقت والمال، وهي كثيرة، حتى وإن لم تكن بدائل كاملة، خاصة بعد حادث السفينة "إيفر غيفن"، التي كلفت الاقتصاد العالمي خسائر بالمليارات.