بروكنجز: هل يذهب عرب إسرائيل للتصويت في انتخابات الكنيست؟
أشار موقع معهد بروكنجز الأمريكي للدراسات والأبحاث إلى أن إقبال الناخبين العرب الفلسطينيين سيكون مؤشرا أساسيا للانتخابات الإسرائيلية، في التاسع من أبريل/ نيسان المقبل، مضيفا أنه، كما أوضح مؤخرا رئيس القائمة العربية المشتركة للكنيست، أيمن عودة "لا توجد حسابات انتخابية تؤدي إلى فوز تحالف يسار الوسط دون مشاركة الأحزاب العربية".
وذكر شبلي تلحمي، الأستاذ في قسم الحكومة والسياسة في جامعة ماريلاند-كوليدج بارك وباحث في مركز سياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكنجز، في مقاله أن العرب يشكلون حوالي 20% من السكان الإسرائيليين، ولكن تاريخيا كان إقبالهم على التصويت في الانتخابات الوطنية أقل إلى حد كبير من الإقبال اليهودي.
تحجيم الناخبين العرب
وأفاد المقال أن العرب يقبلون على التصويت بنسبة أكبر بكثير من اليهود في الانتخابات المحلية التي لها تأثير مباشر على بلداتهم، موضحا بالأرقام، أنه في الانتخابات البلدية في 2018، بلغت نسبة الإقبال العربي 84.4 % مقابل 54.8 % لليهود. ورأى الباحث أن "فصل الانتخابات المحلية عن الوطنية هو آلية لتحجيم الناخبين العرب".
وعاد تلحمي إلى انتخابات 2015، عندما كان معدل الإقبال على الإدلاء بالأصوات بين العرب 63.5% مقارنة بنسبة 76% بين اليهود، بالرغم من إبداء الناخبين العرب ذلك العام حماسة خاصة للإتحاد غير المسبوق الذي ضم أربعة أحزاب عربية متنوعة.
وأشار الباحث إلى أن القائمة المشتركة قسّمت هذا العام إلى ائتلافين هما: "هداش-تعال" و"رام-بلد"، وقد حظرت لجنة الإنتخابات الإسرائيلية الحزب الأخير.
ورأى كاتب المقال أنه على الرغم من أن المحكمة العليا في إسرائيل قد نقضت هذا القرار، إلا أن شركة "ستيت نت" المتخصصة في استطلاعات الرأي، أبلغت عن ارتباك الناخبين أمام قرار المحكمة.
قد يفسر هذا، بحسب المصدر ذاته، حقيقة أنه في استطلاعات متعددة كان رام-بلد يحوم حول 3.25 % اللازمة للوصول إلى الكنيست، وهو أمر من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على توازن اليمين واليسار الوسط.
نزع شرعية الجنسية
ولا ينفي تلحمي غضب العرب من الأفعال والتصريحات التي يُنظر إليها على أنها نزع للشرعية عن جنسيتهم، ودعا بعضهم أعضاء الكنيست العرب إلى الانسحاب بالكامل ومقاطعة الانتخابات الإسرائيلية". موضحا أن "من أهم هذه الخطوات إقرار القانون الأساسي للدولة القومية، الذي له أهمية مماثلة في غياب الدستور الإسرائيلي. وقد شدد القانون على أن إسرائيل دولة لليهود، دون ذكر للديمقراطية، ومَنَح اليهود امتيازات دون غيرهم.
"يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد جعل من تقويض المواطنة العربية إستراتيجية لتنشيط قاعدته اليمينية، بما في ذلك التوسط في تحالف مع حزب مؤلف من أتباع حركة مئير كاهانا -كاخ- التي تعتبرها الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى -جماعة إرهابية- بعد أن تم حظر زعيمها من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا بسبب أيديولوجيته المعادية للعرب والتحريض على العنصرية"، بحسب المصدر ذاته.
ولفت الباحث في بروكنجز إلى "وجود مخاوف بين السياسيين العرب من أن يؤدي ذلك إلى تراجع الإقبال العربي"، مضيفا، "قبل أيام من موعد الانتخابات، أجرينا استطلاعا لجامعة ماريلاند بين عينة تمثيلية ( 713 من المواطنين العرب في إسرائيل) في الفترة من 10 إلى 12 مارس/ آذار، وبلغ معدل الاستجابة 58%".
عندما سُئلوا مباشرة عما إذا كانوا يعتقدون أنه من الأفضل المشاركة في الانتخابات أم لا، حتى في ضوء القانون الأساسي للدولة ، قالت غالبية كبيرة (77.5 %) أنه من الأفضل المشاركة، بينما قال 17.5 % عكس ذلك، بحسب المصدر ذاته.
يُظهر الاستطلاع، الذي استشهد به الباحث في مقاله، أن الأحزاب العربية المفككة ستحصل على عدد أقل من الأصوات التي حصلت عليها القائمة المشتركة في الانتخابات الأخيرة 63% مقارنة بحوالي 82% في عام 2015. معظم الأصوات ستذهب إلى الأحزاب الإسرائيلية الوسطية واليسارية هناك بعض الأحزاب التي تضم مرشحين عرب في أماكن آمنة نسبيًا؛ 15% إلى الأزرق والأبيض 10% إلى ميرتز 4% لليكود 2% لكولانو و1% للعمال.
وتابع الباحث، "في حين أن عدد أعضاء الكنيست العرب قد ينخفض، إلا أن معظم الأصوات ستذهب في اتجاه تحالف يسار الوسط المحتمل بعد الانتخابات"، متسائلا عن مدى انفتاح المواطنين العرب على هذا الاحتمال؟
يحدثون الفرق
واستطرد تلحمي"من اللافت للانتباه -ومصدر للغضب بين العديد من المواطنين العرب- أنه حتى الوسط الأزرق والأبيض يعلنون أنهم لن يدخلوا في تحالف مع الأحزاب العربية".
ومع ذلك أوضح المقال أن العديد من العرب يعتقدون أن هذا موقف ما قبل الانتخابات، حيث تقول أغلبية طفيفة (54.1 %) أن الفرصة مفتوحة أمام العرب للانضمام إلى حكومة ائتلافية بعد الانتخابات. ربما يكون أكثر ما تتضمنه النتيجة هو أنه في حالة ظهور هذه الفرصة، فإن 73.1 % يقولون إنهم سيدعمون الانضمام إلى هذا الائتلاف بينما يعارضه 21.1 %، بحسب المصدر ذاته.
وذكر المقال أن السبب الأول للتصميم العربي الواضح مثير للسخرية؛ ففي عام 2015، تضافر التحالف العربي للتغلب على رفع عتبة التصويت إلى 3.25 في المائة كحد أدنى، بعد أن كان ينظر إليه على أنه محاولة لاستغلال الانقسامات العربية والحد من آفاقهم الانتخابية.
وتابع الباحث، "بدلا من ذلك، اجتمع العرب وفازوا بأكبر قائمة في تاريخ إسرائيل، واليوم، إذا صوت العرب بأعداد كبيرة فإن استطلاعات الرأي تظهر أن عتبة 3.25 في المائة يمكن أن تُبقي أحد المبادرين برفع الحد الأدنى الانتخابي -وهو حزب أفيغدور ليبرمان اليميني [إسرائيل بيتنا]- خارج الكنيست.
تصريحات نتنياهو
ولم يفوت الباحث الفرصة للتعليق على تصرفات وخطابات نتنياهو، موضحا أنه "أثار غضبا على نطاق واسع بسبب سياسته تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتصوراته عن نزع الشرعية عن المواطنين العرب".
قبل أن يستطرد، "قد يساعد هذا خصمه الرئيسي، بيني جانتز، الذي حصل في الاستطلاع ذاته على 15٪ من الأصوات العربية، ويتجلى ذلك بشكل خاص بين الدروز، الأقلية العربية الأكثر اندماجا في إسرائيل والذين يخدم رجالهم في الجيش الإسرائيلي".
وأفاد المقال بأن 54٪ من الذين أغضبهم قانون الدولة القومية وخطاب نتنياهو يقولون إنهم سيصوتون لصالح حزب جانتز الأزرق والأبيض، بينما قال 10٪ فقط إن أصواتهم ستذهب إلى الليكود.
وبحسب الكاتب، "عندما ينظر المواطنون العرب في إسرائيل إلى وضع العالم العربي والأراضي الفلسطينية وسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية، يدركون أن التغيير لن يأتي من الخارج، ما يدفعهم لاستخدام الأوراق المحدودة التي في أيديهم داخل إسرائيل".
وخلص المقال إلى أنه "يمكن أن تتغير أمور كثيرة من الآن وحتى التاسع من أبريل/ نيسان، خاصة وأن المواطنين العرب ما زالوا في وضع متخبط حول مكانهم في إسرائيل وسياستها".
وختم تلحمي مقاله قائلا، "البعض يقول؛ ما الفائدة؟ جانتز ونتنياهو متشابهان". وأضاف مستندا إلى قول أيمن عودة "أولئك الذين يقولون إنهم جميعا متشابهون، يعتقدون في قرارة أنفسهم أن نتنياهو هو الأسوأ على الإطلاق، وهذا ما يبدو أن الأحزاب العربية تعوّل عليه".