يرفض سياسات واشنطن.. لماذا يفضل رئيس وزراء ماليزيا الاصطفاف مع الصين؟
رفض أنور إبراهيم الانحياز إلى أحد الجانبين يشكل اختيارا عقلانيا
انتقد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، أخيرا الولايات المتحدة والدول الغربية لإجبارها البلدان الأخرى على الانحياز إلى جانبها.
وشدد إبراهيم على أنه "لا ينبغي للولايات المتحدة والغرب أن يعيقا تنمية العلاقات الودية بين ماليزيا والصين".
وفي هذا الإطار، يعقب موقع "الصين. نت" بأن "قول (لا) للولايات المتحدة والغرب لا يبرهن على رؤية أنور السياسية فحسب، بل يشير أيضا إلى اتجاه عالمي أوسع".
إذ "بدأت المزيد من البلدان في إدراك أن واشنطن والغرب يعتمدان على الترويج للتوتر الأمني بين الشعوب".
تعاون مشترك
من أجل الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين وماليزيا، أُقيمت "ليلة الصداقة الماليزية الصينية" وحفل افتتاح مهرجان الفنون الشبابية المشترك مساء 28 يناير/ كانون الثاني 2024، في قاعة الجمعية الماليزية الصينية.
وعندما حضر أنور إبراهيم القمة الخاصة بين أستراليا وآسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا) لعام 2024 في ملبورن 4 مارس/ آذار، أشار إلى أن "رهاب الصين" موجود في الدول الغربية.
وشدد رئيس الوزراء الماليزي على أنه "لا توجد مشكلة بين ماليزيا وجارتها المهمة الصين"، لافتا إلى أن "الدول الغربية لا ينبغي عليها أن تعيق التنمية والعلاقات الودية بينهما".
وفي هذا السياق، يشير الموقع إلى أن إبراهيم انتقد الولايات المتحدة والغرب في مناسبات عديدة لتحريضهما على "المشاعر المناهضة للصين".
ويعتقد إبراهيم -وفق الموقع- أن "المنافسة بين القوى الكبرى أدت إلى تقليص المساحة المتاحة لماليزيا للبقاء والتنمية".
وفي مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في فبراير/ شباط 2024، قال رئيس الوزراء: "لماذا يجب أن أكون مرتبطا بمصالح مجموعة ضد أخرى؟ أنا لا أتفق مع هذا التحيز القوي ضد بكين، ويعد هذا نوعا من (رهاب الصين)".
ويعقب "الصين. نت" قائلا إن "رفض أنور إبراهيم الانحياز إلى أحد الجانبين يشكل اختيارا عقلانيا وعمليا يستند إلى التنمية التي تشهدها ماليزيا".
وبالنظر إلى مجالات التعاون بين الجانبين، يؤكد الموقع أن "التعاون العملي بين الصين وماليزيا حقق على مر السنين منافع ملموسة للشعبين".
ومن جانبها، كانت ماليزيا من أوائل الدول التي استجابت لمبادرة "الحزام والطريق"، وأيضا واحدة من البلدان التي جنت أثمر المحاصيل المبكرة من هذه المبادرة، وفقا للموقع الصيني.
وفي عام 2017، أدرجت ماليزيا مبادرة "الحزام والطريق" في تقريرها الاقتصادي السنوي للمرة الأولى، مشيرة إلى أنها "توفر فرصا هائلة لتنميتها الاقتصادية".
ومن ناحية أخرى، يقول الموقع إن "الصين حافظت منذ عام 2009 على مكانتها كأكبر شريك تجاري لماليزيا لمدة 15 عاما".
وبين أن ماليزيا تعد بدورها ثاني أكبر شريك تجاري للصين في إطار رابطة الآسيان.
وكأمثلة على المشاريع التي أفادت شعبي البلدين وعززت بشكل مستمر أساس التعاون بينهما، أشار الموقع إلى "منطقة كوانتان الصناعية الماليزية الصينية وفرع جامعة شيامن في ماليزيا وخط السكة الحديد الماليزي-كينغسيا-سنغافورة".
وفي السنوات الأخيرة، روجت حكومة كوالالمبور لمفهوم "ماليزيا المزدهرة" واقترحت عددا من إجراءات التنشيط الاقتصادي، مثل المخطط الصناعي الجديد لعام 2030 وخريطة طريق تحويل الطاقة الوطنية لاستكشاف الطريق إلى التنمية المستقبلية.
الجانب الاقتصادي
وفي هذا السياق، يسلط "الصين. نت" الضوء على أن "بكين رائدة عالميا في المجالات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي والطاقة الجديدة".
وفي رأيه، لا شك أن تعميق التعاون مع الصين سيوفر دعما فنيا وفرصا تنموية أكثر وأفضل للتنمية والتحول في ماليزيا.
وبغض النظر عما حدث في الماضي أو يحدث في الحاضر أو المستقبل، يشدد الموقع على أن "التعاون المربح للجانبين كان دائما الخط الرئيس لتنمية العلاقات الثنائية".
وبالنظر إلى مستوى أعمق، يخلص الموقع إلى أن موقف أنور إبراهيم يمثل أيضا "الاعتراف الحقيقي بالعدد الهائل من الدول النامية التي تؤمن بمساهمة الصين مسارها التنموي".
وفي هذا الصدد، يذكر أن "مفهوم مجتمع المصير المشترك للبشرية الذي تدعو إليه الصين أصبح يحظى بشعبية متزايدة بين الشعوب، والتي ترى أن بكين تمثل فرصة وليست تهديدا".
ويدعي الموقع أن هذا "الاعتراف قد صُدِّق عليه على نطاق واسع في المجتمع الدولي".
ويظهر التحليل الذي أجراه صندوق النقد الدولي أنه "في مقابل كل زيادة بمقدار نقطة مئوية واحدة في النمو الاقتصادي في الصين، فإن الناتج في مناطق أخرى من آسيا سيزيد بنحو 0.3 بالمئة".
ويعقب: "فمنذ أن دخلت الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة حيز التنفيذ، قدمت الصين، باعتبارها مشاركا مهما ومروجا نشطا، الكثير من المساهمات في الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة".
وتابع: "كما أنها ضخت الثقة في التجارة الحرة والتعددية والتكامل الاقتصادي الإقليمي، وكذلك ضخت الثقة في الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة المليئة بالصراعات والمشاكل والتحديات".
وفي الوقت نفسه، يضيف الموقع الصيني أن "المبادرات العالمية الكبرى الثلاث التي اقترحتها الصين تركز على السلام والتنمية والرخاء في العالم".
وتؤكد هذه المبادرات على أن "جميع البلدان تشترك في مصير مشترك، وهو ما حظي بالثقة على نطاق واسع في أنحاء العالم".
وأردف الموقع: "ومن ناحية أخرى، يدعو التحديث على النمط الصيني إلى تنمية علاقات التعاون الودي بين الدول على أساس مفهوم المنفعة المتبادلة والفوز المشترك، كما يوسع الخيارات أمام الدول النامية للتحديث".
رفض الهيمنة
ومن منظور السياسة الدولية، ومن أجل الحفاظ على مكانتها المهيمنة، يلفت "الصين. نت" إلى أن "الولايات المتحدة تتمسك بعقلية الحرب الباردة وتخلق باستمرار أعداء وهميين وتثير مواجهات جماعية"، وهو ما يتعارض مع الاتجاه السائد في عصر تعزيز السلام والتنمية في العالم" بحسب الموقع.
وفي الوقت الحالي، يزعم الموقع أن المزيد من الدول بدأت تدرك أن "المنافسة بين القوى الكبرى ليست موضوع العصر وأن اللعبة ذات المحصلة الصفرية ليست الخيار الصحيح".
وتلك الدول -حسب الموقع- ترى حاليا أن "الأولوية في السياسية مرتكزة على تنمية كل دولة".
ومع تعزيز قوتها وصوتها، يدعي أن "المزيد من الدول النامية أصبحت أكثر شجاعة للتحدث علنا على الساحة الدولية، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية أو القضية الفلسطينية الإسرائيلية أو الانضمام بنشاط إلى آلية التعاون في مجموعة البريكس (تكتل اقتصادي سياسي دولي)".
ومن المنظور التنموي، يوضح أن "رفض هذه الدول الاختطاف لصالح المصالح الغربية أو الانحياز إلى أحد الجانبين والوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ وإلى جانب التقدم الإنساني أصبحت خيارات أكثر شيوعا".
ويعتقد لوه سيي، المدير السابق لمكتب السياسات الاقتصادية والتجارية في لندن، أن "الولايات المتحدة تفقد القدرة على السيطرة على العالم وإجبار الدول الأخرى على التضحية بمصالحها الوطنية، باستثناء عدد قليل من الحلفاء مثل المملكة المتحدة".
وأشار إلى أنهم "لا يدعمون الصين أو الولايات المتحدة، لكن هدفهم هو تعزيز أنفسهم فقط".
"ولهذا السبب، فإنهم غير مستعدين للتضحية بمصالحهم الوطنية من أجل الولايات المتحدة"، بحسب ما ورد عن الخبير السياسي.
وفي مواجهة الوضع الدولي المعقد، يؤكد "الصين. نت" أن "الاتجاه العام هو رفض التحول إلى بيدق في اللعبة بين القوى الكبرى. وقول (لا) للقيادة الأميركية الغربية في اختيار أحد الجانبين".
ومن وجهة نظر هذه الدول، فإن "السعي لتحقيق السلام والتنمية والالتزام بالاستقلال الإستراتيجي والحفاظ على التنمية المستقرة هو الطموح المشترك والاتجاه السائد في العصر للمجتمع الدولي".