بعد عام على اتفاق بريتوريا للسلام.. لماذا عاد القتال إلى إقليم أمهرة الإثيوبي؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

وافق الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مرور عام على توقيع اتفاق سلام بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي، وهو الأمر الذي أنهى صراعا مسلحا دام أكثر من عامين.

لكن البلاد لم تهدأ في الحقيقة، حيث نشبت حرب جديدة في منطقة أمهرة، مع مليشيات الأورومو، وهو ما سلط عليه الضوء تقرير نشره موقع "تي في 5 موند" الفرنسي.

اتفاق بريتوريا

ووقعت الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وسلطات تيغراي اتفاق بريتوريا لإنهاء حرب استمرت عامين وأودت بحياة مئات الآلاف من المواطنين الإثيوبيين.

ووفقا لموقع "تي في 5 موند" الفرنسي، فإن اتفاق السلام هذا فتح باب الصراع في منطقة أمهرة المجاورة.

والواقع يقول إن اتفاق السلام لم ينه الأزمة في إثيوبيا فعليا، حيث حذر لمهدي لبازي، أستاذ العلوم السياسية والباحث في المركز الوطني للبحوث العلمية، من أن "البلاد لا تزال فعليا في حالة حرب".

ففي أغسطس/آب 2023، اندلع قتال بين الجيش الإثيوبي ومليشيا الأورومو المحلية في أمهرة، وسرعان ما تطور الأمر ليصبح أخطر أزمة أمنية تشهدها إثيوبيا منذ نهاية حرب تيغراي.

ووقع رئيس وزراء الإثيوبي آبي أحمد، في 2 نوفمبر 2022، على اتفاق بريتوريا، في جنوب إفريقيا، مع سلطات تيغراي، وهو ما وضع حدا لـ "واحد من أكثر الصراعات دموية على هذا الكوكب"، وفقا لوصف الموقع.

وأشار إلى أن الخسائر البشرية التي وقعت في هذه الحرب غير محصورة بشكل دقيق، لكن وفقا لبعض التقديرات، يقدر عدد القتلى بنحو 600 ألف خلال عامي الحرب.

ورعى الاتحاد الإفريقي هذا الاتفاق، وهنأ رئيسُه موسى فكي الإثيوبيين على "اختيارهم السلام والحوار الوطني والمصالحة".

وفي ذكرى الاتفاق، في 2 نوفمبر 2023، أعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن "مخاوفه بشأن استمرار الصراع والتوتر وحالة الطوارئ في إثيوبيا".

وبالرغم من إشادته بما وصفه بـ "الالتزام الشجاع بالسلام الذي أبداه الموقعون"، فقد تحدث كذلك عن "بلاغات مستمرة عن أنواع مختلفة من انتهاكات حقوق الإنسان".

ووفقا لـ "تي في 5 موند"، واصلت الحكومة الفيدرالية الإثيوبية معاركها ضد مليشيات الأورومو منذ عام 2018، في جنوب غرب إثيوبيا.

كما شاركت في اشتباكات مع إريتريا، التي تحاول التوغل من أراضي تيغراي، وقبل كل شيء تشن حربا ضد المليشيات القومية الموجودة في المهرة، ثاني أكبر مناطق إثيوبيا.

حرب جديدة 

وأفاد الموقع بأن القتال اشتد بعد اتفاق السلام. وعزت الأسباب بشكل خاص إلى خلافهم حول المعاهدة وبنودها.

وكما يشير أستاذ العلوم السياسية مهدي لابازي، قاتلت مليشيات الأمهرة إلى جانب السلطة لأن آبي أحمد "عرف كيف يلعب على الخطابات والنزعات القومية".

ولفت الموقع إلى أن الطريقة التي أُنهيت بها الحرب غير مقبولة بالنسبة لرجال المليشيات، الذين يسيطرون على غرب تيغراي.

ووفقا للابازاي، فإن ما يريدونه بالفعل هو "تنفيذ مشروع إبادة جماعية ضد سكان تيغراي".

وفي أبريل/نيسان 2023، اشتدت الصراعات بين الجانبين، وأعلنت حالة الطوارئ في أغسطس/آب 2023. 

ويشير لابازي إلى أن "رجال المليشيات يلجأون إلى الريف، وللوصول إليهم، تضرب الحكومة المدنيين".

وقد أُبلغ بالفعل عن مئات الضحايا، إضافة إلى بلاغات حول الاعتقالات الجماعية وتدمير البنية التحتية.

ويوضح الباحث المتخصص في شؤون القرن الإفريقي "رينيه ليفورت"، أن “حرب العصابات التي تدور في أمهرة نشبت بسبب تشكيل مليشيات للقتال ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي”. 

وبحسب قوله، فإن رئيس الوزراء آبي أحمد "يريد الآن القضاء على كل هذه المليشيات من البلاد لأنه خائف".  

أزمة إنسانية

وأفاد الموقع الفرنسي بأنه "رغم توقف القتال في جزء من تيغراي، فإن الوضع الإنساني لا يزال كارثيا". 

فلا يزال أكثر من مليون شخص يقيمون في مخيمات النزوح بعد فرارهم من منازلهم. ويمثل هذا العدد نحو واحد من كل ستة أشخاص في المنطقة.  

إضافة إلى ذلك، يعاني السكان من أزمة غذائية خطيرة، وقد قرر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تعليق هذه المساعدات "لأسباب غير مفهومة". 

ويستنكر الباحث مهدي لابزاي هذا السلوك، معتبرا أنه "عقاب جماعي ظالم". وهذا إلى جانب البنية التحتية المدمرة في بلد تعد أحد أفقر البلدان في القارة الإفريقية.

وأشار آلان جاسكون، الأستاذ الفخري في المعهد الفرنسي للجغرافيا السياسية بجامعة باريس، إلى أن إعادة بناء شبكة الطرق وأنظمة الاتصالات والإسكان وحتى المستشفيات "سيستغرق بعض الوقت".

لكنه لفت إلى أن "الوضع يتحسن"، حيث قال: "على سبيل المثال، هناك الآن إمكانية الوصول إلى المحافظة وإحضار الطعام إليها، وتحسنت الاتصالات، وكذلك شكلت إدارة مؤقتة"، وفق ما نقل الموقع الفرنسي. 

وأدى اتفاق السلام الموقع في نوفمبر 2022 إلى عودة الاتصالات والخدمات المصرفية وغيرها من الخدمات الأساسية التي جرى قطعها عن منطقة تيغراي البالغ عدد سكانها أكثر من 5 ملايين نسمة.

وبدأ صراع تيغراي أواخر 2020، واتهمت الحكومة الجبهة ببدء الصراع بهجومها على قاعدة عسكرية في الإقليم، فيما اتهمت الجبهة الحكومة الفيدرالية بالاستعداد لشن ضربة أولا.