استقالة رئيسة "هارفارد".. كيف فضحت سرقات اليهود العلمية والعدوان على غزة؟
ضمن محاولات الإضرار بالمتضامنين مع غزة، أجبر اللوبي الصهيوني رئيسة جامعة هارفارد الأميركية "كلودين جاي" على الاستقالة، بحجة أنها سمحت بمظاهرات ضد إسرائيل وعدوها دعوة لإبادة اليهود ومعادية للسامية.
ولكن، ظهرت بعد ذلك مفارقة طريفة، حيث اتهم الملياردير اليهودي "بيل أكمان"، وزوجته الإسرائيلية "نيري أوكسمان"، الأستاذة السابقة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، "جاي" بسرقة أدبية تمثلت في عدم إسناد بعض فقرات رسالتها للدكتوراه، لمصادر نقلت عنها، وركزوا على هذه التهمة.
لكن تبين أن زوجة الملياردير اليهودي، الجامعية (أوكسمان)، والتي قادت، مع زوجها، ما أسمته صحيفة "هآرتس" 7 يناير/كانون ثان 2023 "حملة صليبية" لطرد رئيس جامعة هارفارد، سرقت بدورها أجزاء مطولة من رسالتها للدكتوراه.
قصة السرقات
وأصبحت أوكسمان متهمة بسرقة أدبية في أطروحتها الخاصة التي قدمتها لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وباتت بموجبها أستاذة بالمعهد.
وفتح هذا الجدل حول السرقات الأدبية في الجامعات الأميركية وبدأت عدة منظمات وجهات وصحف استقصائية تفتش وراء أطروحات الأكاديميين.
في 5 يناير/كانون ثان 2024 أكد موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي أنه حقق في بعض السرقات العلمية، ووجد أن زوجة أوكسمان الإسرائيلية سرقت أجزاء من أطروحة الدكتوراه لعام 2010 في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
ونشرت صحيفة "هآرتس" المعلومات ذاتها، مؤكدة أن "أكمان" الذي قاد حملة على مواقع التواصل لطرد رئيسة هارفارد، وضخم هو وزوجته، اتهامات السرقة الأدبية الموجهة لها، تعرض للفضيحة ذاتها.
"بيزنس إنسايدر" أكد أن "أوكسمان" سرقت فقرات متعددة من أطروحة الدكتوراه لعام 2010، بينها فقرة كاملة على الأقل منقولة مباشرة من كُتاب آخرين، دون إثبات ملكيتهم للاقتباس، مشيرا إلى خمس حالات سرقات أدبية في رسالتها العلمية.
وأوضح أن الإسرائيلية "أوكسمان" سرقت ونسبت فقرات ليست لها "في أكثر من عشرين حالة في الأوراق الأكاديمية ورسالة الدكتوراه الخاصة بها".
وقد اتهم "جريج غونسالفيس"، الأستاذ المساعد في كلية "ييل" للصحة العامة، الملياردير "بيل أكمان" بالتصرف مثل "الفتوة" وتنفيذ حملة تنمر صليبية شرسة مع زوجته ضد رئيسة جامعة هارفارد، مؤكدا أنه يضر بالتعليم في أميركا.
وأوضح أن أكمان "البغيض" يستغل أمواله في محاولة تشويه الآخرين، ويعتقد أنه يمتلك الحكمة بأمواله وله الحق في التنمر بها على الآخرين، داعيا للوقوف في وجه أمثاله.
.@BillAckman is a pernicious influence on American education. He thinks his money equals wisdom and even if it doesn't, he thinks it gives him the right to bully at will. Time to stand up to people like him. He's odious.
— Gregg Gonsalves (@gregggonsalves) January 2, 2024
وقد اعترف الملياردير "بيل أكمان" عبر تويتر أن زوجته نقلت فقرات بالفعل دون نسبها لمصدرها وعدها "أخطاء" لا سرقة جامعية، واعتذر عنها.
Imagine that you were formerly a professor at a university, and you are an entrepreneur now.
One day, a company that you have no affiliation with (other than its CEO is your husband) gets an email from a reporter from Business Insider which says that they have found five…— Bill Ackman (@BillAckman) January 7, 2024
كما اعترفت زوجته الإسرائيلية أنها نقلت فقرات دون نسبها، وقالت "أنا آسفة وأعتذر عن هذه الأخطاء".
I was forwarded an email this morning from a reporter at Business Insider who noted that there are four paragraphs in my 330-page PhD dissertation: “Material-based Design Computation,” which I completed at @MIT in 2010,https://t.co/6LE1O4FiiL
where I omitted quotation marks…— Neri Oxman (@NeriOxman) January 4, 2024
صراع المال
عقب اندلاع حرب غزة وتنفيذ جيش الاحتلال عمليات إبادة جماعية للسكان، تظاهر طلاب عدة جامعات أميركية ضد العدوان الإسرائيلي، ولنصرة غزة، ما أغضب الداعمين اليهود الكبار لهذه الجامعات، حيث تعتمد كثير منها على تبرعات الأثرياء.
كانت هارفارد إحدى أكثر الجامعات التي أغضبت يهود أميركا وبينهم الملياردير الأميركي بيل أكمان لأنها رفضت إدانة احتجاجات الطلاب على إبادة غزة.
وبعدها حرم أكمان طلاب جامعة هارفارد من الوظائف لمساندتهم فلسطين.
ثم غلف هجومه عليها ومطالبته بإقالتها بكون (رئيسة الجامعة) نفذت سرقة علمية، ليخفي غضبه من البيان الداعم لفلسطين الذي أصدرته لجنة من طلاب هارفارد وحمل توقيعات 33 منظمة طلابية.
I have been asked by a number of CEOs if @harvard would release a list of the members of each of the Harvard organizations that have issued the letter assigning sole responsibility for Hamas’ heinous acts to Israel, so as to insure that none of us inadvertently hire any of their… https://t.co/7kzGOAGwp9
— Bill Ackman (@BillAckman) October 10, 2023
الملياردير الأميركي بيل أكمان، متبرع كبير للجامعات ومراكز الأبحاث، كان قد تهجم على رئيسة جامعة هارفارد بسبب رفضها جعل تأييد الطلاب للفلسطينيين لونا من "معاداة السامية"، أو دعوات لإبادة اليهود، كما حاول الصهاينة تصوير الأمر لترهيب داعمي غزة.
وبدأ "أكمان" استهداف رئيسة جامعة "هارفارد" السابقة عقب اندلاع العدوان على غزة 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، واستمرت "حملته الصليبية" ضدها، كما تصفها صحف أميركية عدة أشهر، حيث كان هو وزوجته من أشد منتقديها.
في البداية كتب رسالة مكونة من 3138 كلمة موجهه إلى "جاي" يتهمها بالتساهل مع "معاداة السامية في الحرم الجامعي"، لأنها سمحت لطلاب بالتظاهر ضد إسرائيل، وطالبها بقرارات تأديب وإيقاف للطلاب المشاركين في أعمال مؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي.
الملياردير، الذي تقدر ثروته الآن بنحو 2.4 مليار دولار، زعم أن جامعة هارفارد أهدرت تبرعه لها عام 2017 بتعيينها امرأة سمحت بمعاداة السامية عبر تظاهر طلاب ضد إسرائيل، وفق "بلومبيرغ" 13 ديسمبر/كانون أول 2023.
لكن الصراع بين الاثنين وصل إلى ذروته بعد جلسة استماع في الكونغرس في 5 ديسمبر/كانون أول 2023 شهدت فيها "جاي" وقادة جامعات النخبة الأخرى أن تعاملهم مع المظاهرات المؤيدة لغزة لم يكن له علاقة بالعداء للسامية.
وحين جرى الضغط عليهم مع رؤساء جامعات آخرين قالوا إن الدعوة إلى "إبادة جماعية لليهود" قد تكون انتهاكا لقواعد سلوك الجامعات ولكنهم نفوا ممارسة أي سلوك عدائي ضد الطلاب اليهود، وقدموا استقالتهم.
ثم كتب ثلاث رسائل مفتوحة إلى إدارة جامعة هارفارد في 4 نوفمبر و3 و10 ديسمبر 2023 يطالب بطردها، بحجة وقوفها بجانب 30 طالبا تظاهروا مؤيدين لغزة، وقرر حجب مليار دولار من تبرعاته للجامعة وتوعد الطلاب بمنعهم من العمل حال تخرجهم.
في كل الرسائل، ألقى "أكمان" باللوم عليها "لفشلها في إدانة الإرهاب الأكثر وحشية الذي شهده العالم على الإطلاق"، في إشارة لهجوم حماس على إسرائيل.
وزعم أنها "تركت الطلاب اليهود وأعضاء هيئة التدريس وغيرهم، خائفين على سلامتهم" لأن الطلاب تظاهروا ضد العدوان الإسرائيلي على غزة.
وفي أعقاب استقالة "جاي"، احتفلت المنظمات اليهودية وطلاب جامعة هارفارد اليهود بتركها رئاسة الجامعة، بحسب صحيفة "نيويورك بوست" 3 يناير 2024.
وقال "تحالف خريجي جامعة هارفارد اليهود"، الذي يمثل الآلاف من الطلاب اليهود السابقين، إن استقالة جاي أنهت "فصلًا مؤسفا" في تاريخ الجامعة المرموقة الذي يبلغ حوالي 400 عام.
ولذلك تساءلت صحيفة "الغارديان" البريطانية 6 يناير/كانون ثان 2024 عن مدى جدية اتهام رئيسة جامعة هارفارد بالسرقة الأدبية؟ وهل هو للانتقام منها بعدما سمحت للطلاب بالتعبير عن رأيهم في حرب غزة؟
اتهام انتقامي
مع أن الملياردير الصهيوني بيل أكمان نفذ حملة ضد رؤساء 3 جامعات عريقة في أميركا ليوقف مظاهرات طلابها ضد إسرائيل، وتسبب باستقالة رئيسة جامعة هارفارد بتهمة سرقة أجزاء من اوراقها البحثية، ارتدت الفضيحة إليه هو.
اتهم الملياردير اليهودي بيل أكمان رئيس جامعة هارفارد السابقة بأنها نفذت سرقة أدبية، وصف ذلك بأنه "فضيحة ووصمة عار لسمعة الجامعة"، وزعم وجود 50 حالة سرقة لها، رغم أن هيئة علمية برأتها.
ثم تبين أن زوجته (الإسرائيلية) تواجه تهمة مماثلة، وأنها غشت وسرقت اقتباسات من أبحاث أخرى في أطروحة الدكتوراه وبطريقة متكررة.
وحين اضطر للاعتراف أن زوجته (نيري أوكسمان) نقلت آراء عدة في أطروحتها الجامعية دون نسبها للمصادر، اتبع موقفا مخففا ملحوظا من هذه السرقة الأدبية، وحاول تبريرها وانتحال زوجته، يرجع لـ "كسل المؤلف"، ورفض وصفه بأنه "جريمة".
Last night, no one at @MIT had a good night’s sleep.
Yesterday evening, shortly after I posted that we were launching a plagiarism review of all current MIT faculty, President Kornbluth, members of MIT’s administration, and its board, I am sure that an audible collective gasp…— Bill Ackman (@BillAckman) January 7, 2024
وعندما اتُهمت رئيسة هارفارد "جاي" في منتصف ديسمبر 2023 بسرقة أجزاء من مقالات أكاديمية متعددة، بما في ذلك أطروحتها في العلوم السياسية، برأتها الجامعة من "سوء السلوك البحثي".
وقد اعترفت "جاي" بارتكاب أخطاء في الاقتباس، وطلبت تصحيحات في كتاباتها، وقدمت استقالتها بسبب اشتداد الحملة اليهودية عليها انتقاما من دعما مظاهرات الطلاب الحرة لدعم فلسطين.
لكن زوجة أكمان، الأستاذة السابقة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، التي اتهمها موقع "بيزنس إنسايدر" بنقل "جمل وفقرات بأكملها" من ويكيبيديا وغيرها، قالت إنها ستصحح عملها "إذا احتاج الأمر ذلك"!
الأكثر غرابة أن الملياردير "أكمان" حول تبرير السرقة الأدبية لزوجته لاحقا بأنها ربما تكون "مدبرة" من زملائها أعضاء هيئة التدريس أو الإداريين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، زاعما أن لديه "معلومات جديدة"، وهاجم المعهد.
وذلك بعدما أكد تحقيق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا انتحال زوجته فقرات علمية، حيث حاول الضغط عليهم بنفس الطريقة التي تسبب فيها باستقالة رئيسة هارفارد السابقة لسماحهم بمظاهرات تأييد فلسطين.
وقد رأى محللون أميركيون ونشطاء أن محاولات "أكمان" الدفاع عن السرقات الأدبية وإعلانه أنه يمكن بالذكاء الاصطناعي كشف العديد منه، دليل على أنه كان يستهدف رئيسة هارفارد بسبب حرب غزة لا بفعل السرقات العلمية.
وكنوع من الترهيب لكل الجامعات التي سمحت بمظاهرات ضد العدوان الإسرائيلي علة غزة، أعلن "أكمان" أنه سيجري مراجعات لأطروحات ومؤلفات كل قادة وأعضاء هيئة التدريس بالذكاء الاصطناعي بحثا عن سرقات أدبية مزعومة لهم.
وزعم أكمان في رسالة إلى عضو في مجلس إدارة الجامعة أنهم خسروا أكثر من مليار دولار من التبرعات منذ بدء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الحرم الجامعي، ودعا إلى عزل رئيسة الجامعة كلودين جاي.
لكن جاءت الحملة الصهيونية لقمع الطلبة المؤيدين للفلسطينيين من خلال نشر أسمائهم، وتحريض الشركات الكبرى على عدم توظيفهم، لأن هذه الطريقة هي الأفضل للجمهم، برأيهم، لتفضح السبب الحقيقي للحملة على رؤساء الجامعات.