تقيم معسكرات تدريب على أراضيها.. ما طبيعة دور إريتريا في حرب السودان؟

9 months ago

12

طباعة

مشاركة

منذ اندلاع الاشتباكات في السودان في أبريل/نيسان 2023 بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع، حذر العديد من المراقبين والمحللين  من احتمال توسع الأزمة.

ونبهوا كذلك من وقوع تداعيات محتملة لها إقليميا خاصة على دول الجوار، مصر وجنوب السودان وليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وإثيوبيا وكذلك إريتريا التي تحد الخرطوم شرقا.

وعن موقف الأخيرة وإمكانية أن تلعب دورا في الصراع الدائر، وفي تعليقها عن أنباء متداولة بشأن إنشاء جماعات مسلحة من شرق السودان وإقليم دارفور معسكرات تدريب على الأراضي الإريترية، عدت صحيفة إيطالية موقف أسمرة واضحا وهو الوقوف إلى جانب القوات المسلحة.

معسكرات تدريب
 

وقالت صحيفة "نيغريسيا" إن إريتريا كثيرا ما ظهرت كعنصر "محفز ومضخم للتوترات" في منطقة غير مستقرة إلى حد كبير مثل القرن الإفريقي.

وتابعت بأن هذا يحدث أيضا في هذه الفترة وهي واحدة من أكثر الفترات تعقيداً وإثارة للقلق في السنوات الأخيرة في ظل  استمرار الحرب الأهلية التي تهدد وحدة السودان.

وبدورها تعاني إثيوبيا من الصراعات الداخلية وباتت تربطها علاقات دبلوماسية صعبة مع الدول المجاورة، فيما لا يزال الصومال هشا ويحاول بصعوبة بالغة الخروج من أزمة دامت عقودا من الزمن.

ناهيك عن التأثيرات والتدخلات والأهداف الخارجية التي تتنافس على الموارد والمواقع الإستراتيجية التي يمكن من خلالها السيطرة على الاقتصاد واستقرار الكوكب كما هو جلي  في البحر الأحمر في الأسابيع الأخيرة، تضيف الصحيفة.

وفي ظل هذا الوضع الدقيق، أشارت إلى أن الأنباء عن فتح جماعات سودانية مسلحة لمعسكرات تدريب في إريتريا مثيرة القلق.

نشر الموقع الإلكتروني لراديو دبنقا وهو مؤسسة إعلامية سودانية مستقلة ومطلعة جيداً، تقريرا في نهاية يناير/كانون الثاني، تحدث عن إنشاء حركات مسلحة سودانية معارضة من شرق البلاد ودارفور لمعسكرات تدريب في إريتريا.

وكشفت مصادر عسكرية للراديو السوداني عن إنشاء ستة معسكرات تدريب في إقليم القاش بركة الإريتري المجاور للسودان يضم خمس مجموعات مسلحة من شرق السودان وسادسة من دارفور.

وتظهر صورة جرى نشرها على صفحة فيسبوك لقوات تحرير شرق السودان، وهي حركة ولدت بعد احتلال قوات الدعم السريع لود مدني، مئات المسلحين في منطقة صحراوية يحملون أسلحة أو عصيا تشبه البنادق في ما تبدو تدريبات عسكرية.

وبحسب نفس المصادر، تضم هذه الجماعات التي تتدرب في إريتريا، اثنتين من مجموعات البجا، مؤتمر البجا القومي ومؤتمر البجا الجناح المسلح. 

والبجا هي جماعة عرقية تنحدر من شرق السودان وتعارض بشكل عام الحكومات المركزية وتشعر بأنها لا تمثلها.

لهذا السبب، تذكر الصحيفة أن هذه الجماعة العرقية كانت في طليعة الحراك الشعبي الذي أدى إلى الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير ودخلت على إثر ذلك في مسار تصادمي مع حكومة عبد الله حمدوك الانتقالية.

توترات جديدة

ويذكر هنا إغلاقها ميناء بورتسودان والطريق المؤدي إلى الخرطوم، أهم طريق في البلاد، لأسابيع وكان لها دور بارز في الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

وحدثت أيضًا توترات عندما جرى نقل مقر الحكومة إلى بورتسودان بعد اندلاع الصراع في أبريل 2023.

البجا، باختصار، جماعة تشعر بأنها مهمشة مقارنة بالسلطة المركزية ولذلك غالباً ما تكون منقسمة ويتم "تجنيدها" بسهولة من قبل أطراف تملك مصلحة في زعزعة استقرار البلاد، على حد قول الصحيفة الإيطالية.

وبدورها أنشأت حركات من إقليم دارفور معسكرات تدريب في إريتريا، من بينها جماعة حركة تحرير السودان بقيادة ميني ميناوي، حاكم دارفور حاليا والذي اختار أخيرا الانحياز لقوات الجيش ضد قوات الدعم السريع.

وفيما يتعلق بدارفور، أشارت الصحيفة إلى أن تاريخ اهتمام أسمرة بالتحرك كمسهل للتحالفات والوساطات والإمدادات العسكرية يعود إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.


 

تنقل الصحيفة ما بينه ناشطون وصحفيون ومحللون سياسيون من السودان ومن خارجه بأن المعسكرات في إريتريا تشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار شرق السودان، أقل المناطق تأثرا حتى الآن بالنزاع.

وحذر هؤلاء من أن فتح الجماعات المعارضة لمعسكرات تدريب من شأنه أن ينذر باندلاع اشتباكات عرقية أكثر توترا وخطورة من تلك التي اندلعت في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

هذا ما أكده الناشط السياسي السوداني خالد محمد نور لراديو دبنقا، مبديا مخاوفه من النفوذ الذي اكتسبته أسمرة بهذه الطريقة والذي يمكن أن تستخدمه كورقة لصالح تموضعها الإقليمي بدلا من تسوية الصراع كما حدث في الماضي.

ويعتقد الصحفي حسام الدين حيدر أن إنشاء المعسكرات بمثابة فتح بؤرة جديدة للصراعات في ظل الاحتقان المجتمعي.

وحذر من إمكانية تأثير ذلك على دول الجوار خاصة إثيوبيا وإريتريا في ظل الأزمات التي تشهدها منطقة القرن الإفريقي. 

انحياز ودور خفي

وتؤكد وتيرة الزيارات التي أداها فاعلون سودانيون لأسمرة المصلحة الإريترية في التدخل في الشأن السوداني، وفق الصحيفة.

وكان آخرهم مالك عقار، نائب رئيس المجلس السيادي، الذي أدى زيارة للعاصمة الإريترية في 17 يناير/كانون الثاني. 

وبحسب وسائل إعلام سودانية، تمحورت لقاءات عقار حول المخاطر على الاستقرار الإقليمي وعلى إريتريا حال توسعت سيطرة قوات الدعم السريع إلى شرق السودان.

وقد التقى عقار بالرئيس الإريتري أسياس أفورقي  في يوليو/تموز 2023، ونقل عنه قوله "إن المبادرات الجارية هي عبارة عن بازارات سياسية لا يمكن لإريتريا أن تشارك فيها".

كما نقل عنه قوله أن "الذي يحدث في السودان شأن داخلي وأن التدخلات الخارجية ستزيد الأمور تعقيداً".

كما التقى رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالرئيس الإريتري في أسمرة في سبتمبر/أيلول 2023.

في المقابل، لم تعقد السلطات الإريترية أي لقاء مع قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان حميدتي منذ اندلاع الصراع.

وكان آخرها في منتصف مارس/آذار 2023، عندما كان حميدتي لا يزال يشغل منصب نائب للبرهان في المجلس السيادي.

وبحسب "نيغريسيا" تؤكد هذه اللقاءات موقف إريتريا المنحاز بوضوح إلى "الجيش الوطني وحكومة البلاد الشرعية إلى حد ما". 

وتضيف بأن "نية لعب دور في الصراع السوداني خارج المسارات الدبلوماسية المعتادة على المستوى الإقليمي والدولي تبدو واضحة هي الأخرى".

وشبهت ذلك بكونه "وسيلة للعب أوراقها  بكل حرية في العلاقات الإقليمية بفضل النفوذ المكتسب أيضًا من خلال دعم الحركات التي يمكن المناورة بها بسهولة إذا لزم الأمر".

ووفقا لهذه الفرضية، أكدت الصحيفة أن الحكومة الإريترية ستستمر في "لعب دور محرك الدمى الذي يحرك خيوط الاستقرار الإقليمي".