تصاعد الاستياء الشعبي وتدهور الوضع الاقتصادي في غانا.. هل يمهد لانقلاب عسكري؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

تتصاعد حالة الاستياء في غانا بسبب الوضع الاقتصادي الصعب ما أدى إلى ظهور متواصل لمنظمات مجتمع مدني وحركات احتجاجية جديدة.

وفي هذا الوقت، استبعدت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية فرضية حدوث انقلاب عسكري في هذا البلد الإفريقي.

وذكرت الصحيفة بعض هذه الحركات التي تحتج للتعبير عن عدم رضاها من ارتفاع تكاليف المعيشة وكذلك التضخم المتسارع، إلى جانب تدهور البنية التحتية وانتشار الفساد بشكل كبير.

وقالت إن غانا  تواجه منذ سنوات أزمة اقتصادية واجتماعية تؤثر بشكل متزايد على الحياة اليومية للمواطنين. 

وأضافت أن هناك شعورا كبيرا بالاستياء على الرغم من أن البلد الإفريقي "ضامن للديمقراطية واحترام سيادة القانون والوصول العام إلى الخدمات وحيث يعد الناتج المحلي الإجمالي أعلى وأكثر صلابة من معظم بلدان جنوب الصحراء الكبرى". 

وتشرح أن هذا الاستياء ناجم عن الوضع غير المستقر للاقتصاد وتدهور البنية التحتية، وكذلك الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.

 إلى جانب ارتفاع أسعار الوقود ومعدل التضخم الذي بلغ الآن 50 بالمئة سنوياً في أسعار المنتجات الغذائية وغيرها من السلع الأساسية. 

وهو ما دفع الرئيس نانا أكوفو أدو إلى طلب تمويل من صندوق النقد الدولي، بينما يتواصل انخفاض قيمة العملة المحلية.

حركات جديدة

وفي هذا السياق، بينت الصحيفة أن ظهور العديد من الحركات الاحتجاجية المنظمة ليس من قبيل الصدفة. 

وأشارت في البداية إلى حركة Occupy Ghana، والتي جرى تأسيسها للتأكد من أن قرارات الحكومة تستهدف بشكل مسؤول مصالح المواطنين. 

أما حركة Arise Ghana فهي بصدد صنع تاريخ حركات النشاط المدني في البلاد، على حد تعبير الصحيفة الإيطالية.

وأشارت إلى أن هذه الحركة نظمت خلال العام 2022 سلسلة من الاحتجاجات جابهتها الشرطة بالقوة والاعتقالات.

وقالت الصحيفة إن أسباب الاحتجاجات تظل كالمعتاد وتتعلق بالأساس بغلاء المعيشة وارتفاع التضخم، فضلا عن تفشي الفساد.

وبينت أن المشكلة تكمن في أن الفجوة في البلاد بين الطبقة المتوسطة والعليا المرتبطة غالباً بالحكومة وأجهزة السلطة وتلك التي تضم الطبقة العاملة آخذة في الاتساع. 

وكانت بيانات رسمية قد كشفت قبل تفشي جائحة كوفيد 19 أن 25 بالمئة من المواطنين الغانيين (7 ملايين من أصل 30) يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم. 

واليوم، يعيش ما يقرب من 3 ملايين فرد في فقر مدقع ومعظمهم من الرجال في سن العمل.

أردفت الصحيفة أن هناك حركة أخرى، تتكون بشكل خاص من الشباب الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي كثيرًا للتعليق وتنظيم وتنفيذ التحركات الاحتجاجية.

أموال مهدورة

ونقلت ما يطالب به وسم شهير تحت اسم #FixtheCountry بإصلاح البلاد وحل المسائل التي تجعل حياة المواطنين صعبة على غرار قلة فرص العمل وسوء الخدمات وعدم الاهتمام بالأجيال الشابة.

أحدث هذه الوسوم، تذكر الصحيفة هاشتاغ #OccupyBoG في إشارة إلى بنك Bog الذي تكبد في السنة المالية 2022 خسائر قياسية بلغت 60 مليار سيدي غاني أي أكثر من 5 مليارات دولار أميركي.

وكان البنك قد برر في بيان رسمي صدر في أغسطس/آب 2023، أن الخسائر كانت نتيجة "السياسات الخاطئة" للحكومة ولا دخل للمؤسسة البنكية فيها. 

وجاء في البيان، "يجب التأكيد على أن 53.1 مليار من هذه الخسائر كانت نتيجة مباشرة لعملية إعادة هيكلة الديون الداخلية للحكومة". 

علاوة على ذلك، فإن نقص السيولة، أدى بدوره إلى أزمة ميزان المدفوعات، وهو ما دفع إلى طباعة كميات كبيرة من النقود في السنوات الثلاث الماضية في قرار كان له تأثير أكبر على التضخم.

وأشارت الصحيفة إلى تساؤلات عديدة في البلاد بشأن مصير 77 مليار سيدي غاني المطبوعة حديثاً.

فيما يذهب رئيس الأقلية في البرلمان كاسيل أتو فورسون إلى أبعد من ذلك قائلا: "بدأت مشاكل اقتصادنا عندما تسبب البنك المركزي في انهيار 426 شركة للتمويل الأصغر والادخار والقروض وفي خسارة أكثر من 50 ألف وظيفة عمل". 

كما وجهت انتقادات لإدارة البنك بسبب إنفاق أكثر من 250 مليون دولار لبناء مقر جديد.

ما قبل الانتخابات

وطالب العديد من السكان وعدد من الجمعيات العمالية بقيادة المعارضة البرلمانية باستقالة محافظ بنك غانا المركزي، إرنست أديسون ونائبيه. 

وكان ذلك من خلال النزول إلى الشوارع في أوائل أكتوبر/تشرين الأول وارتداء الملابس الحمراء والسوداء (ألوان الحداد في غانا) وهو ما ميز أيضاً احتجاجات الحركات الأخرى. 

وقدموا من أمام مقر المؤسسة المالية عريضة وطلب استقالة، لكنها لم تصل إلى طاولة المحافظ والمسؤولين الآخرين الذين أغلقوا أبوابهم بحجة أنهم في اجتماع مع مسؤولين من صندوق النقد الدولي. 

ونقلت الصحيفة عن جيفري هاينز، أستاذ السياسة بجامعة لندن متروبوليتان، قوله إن الاحتجاجات السياسية والاقتصادية لها تاريخ طويل في إفريقيا، وغانا ليست استثناءً.

وذكرت أن البلاد ستكون على موعد مع انتخابات ستُجرى في العام 2024، مرجحة فرضية أن تتزايد الاضطرابات الاجتماعية. 

وقالت إن التنافس على السلطة سينحصر بين الحزبين الرئيسين مرة أخرى في إشارة إلى الحزب المحافظ الذي يرأسه الرئيس الحالي، الذي يتعرض لانتقادات متزايدة، وهو الحزب الوطني الجديد وحزب المؤتمر الوطني الديمقراطي المنتمي إلى اليسار. 

من غير المرجح، أن تتخذ الاحتجاجات طابعا متطرفا، خصوصا أنه "قد تم بدءا من أوائل الثمانينيات ترويض الراديكالية السياسية، التي كانت تتركز ذات يوم في الرتب الدنيا من القوات المسلحة والسيطرة عليها من قبل الحكومات المتعاقبة"، على حد قول الخبير في الشأن الغاني جيفري هاينز. 

في الختام استبعدت الصحيفة فرضية أن يحدث انقلاب عسكري في غانا لا سيما أن معظم الغانيين يحبذون "الديمقراطية وقليل منهم يرغب في استبدالها بحكومة عسكرية غير منتخبة".

الكلمات المفتاحية