تسعى لبناء عالم متعدد الأقطاب.. لماذا تتفوق بريكس على مجموعة السبع؟
في الأول من يناير/كانون الثاني 2024، انتقلت رئاسة مجموعة بريكس إلى روسيا، بالإضافة إلى انضمام خمس دول أخرى إلى التكتل؛ مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات والسعودية.
وكما تذكر صحيفة "إزفيستيا" الروسية، كان من المفترض أيضا أن تكون الأرجنتين ضمن هذه القائمة، لكن رئيسها الجديد، خافيير مايلي، غير فجأة مسار سياسته الخارجية.
وبعد المؤسسات التي أنشأتها الكتلة، والتي تخطط لإنشائها، تتساءل الصحيفة الروسية: "ما مدى نجاح هذا التكتل السياسي الاقتصادي ولماذا يتقدم على مجموعة السبع؟"
المجموعة تتوسع
قبل أسابيع قليلة من انعقاد قمة البريكس في جوهانسبرغ، أعلن ممثل جنوب إفريقيا لدى المجموعة، أنيل سوكلال، أن أكثر من 20 دولة من آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية قدمت طلبات رسمية للانضمام إلى الرابطة.
وتوضح الصحيفة أن من بين هذه الدول الجزائر والبحرين ومصر والإمارات والسعودية والسودان وتونس وإندونيسيا.
بالإضافة إلى عدد من الدول الإفريقية مثل الغابون وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا والسنغال واتحاد جزر القمر وإثيوبيا.
وتلفت إلى أن كازاخستان ترغب أيضا في الانضمام، كما يجرى النظر في الطلبات المقدمة من الأرجنتين وإيران منذ عام 2022.
وتضيف أن تركيا أبدت كذلك استعدادها للانضمام إلى المجموعة. علاوة على أن بعض الدول أعربت بشكل غير رسمي عن رغبتهم في أن يصبحوا أعضاء في الرابطة.
وبحسب الصحيفة، كانت آخر الدول التي تقدمت بطلب انضمام هما فنزويلا وبوليفيا.
ووفقا للزعيم الفنزويلي نيكولاس مادورو، فإن "مجموعة البريكس تلعب دورا رائدا في بناء عالم جديد وتفتح طريقا ديناميكيا إلى عالم متعدد الأقطاب".
وأشار أنيل سوكلال إلى أن "هذا يظهر الثقة في العمل الذي نفذته مجموعة البريكس على مدار 15 عاما من وجودها".
وبشكل عام، تذكر الصحيفة الروسية أن حصة المنظمة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي تبلغ حوالي 30 بالمئة، و18 بالمئة في التجارة العالمية.
ولفتت إلى أن عدد مواطني دول البريكس يصل إلى 42 بالمئة من إجمالي سكان العالم.
ونتيجة لذلك، تقرر في القمة، التي عُقدت في جنوب إفريقيا، دعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات ليصبحوا أعضاء كاملي العضوية في مجموعة البريكس.
وبعد هذه الدعوة، أعلن رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوسا، أن "عضوية تلك الدول ستبدأ في الأول من يناير/ كانون الثاني 2024".
كما قبلت جميع الدول هذه الدعوة، ما عدا الأرجنتين التي غيرت رأيها فيما بعد، بحسب الصحيفة.
وبهذا الشأن، تشير إلى أن خافيير مايلي، الرئيس الجديد للأرجنتين، أعلن خلال الحملة الانتخابية أن "بلاده لن تكون في صفوف المجموعة".
لبنات البناء
وتشير الصحيفة إلى أحد المقالات التحليلية الذي كتب في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث وحد الممول البريطاني، جولدمان ساكس جيم أونيل، اقتصادات العالم الواعدة -وهي البرازيل وروسيا والهند والصين- في كتلة أطلق عليها اسم "BRIC".
وكما توضح "إزفيستيا" الروسية، أشار جولدمان إلى أن هذه الدول هي التي كان من المفترض أن تصبح "لبنات البناء" لنمو الاقتصاد العالمي.
وحينها، لم يكن الممول يتصور حتى أن الدول التي ذكرها ستتوحد وتخلق تحالفا لتنسيق الخطوات السياسية والاقتصادية.
وبذلك أصبحت المجموعة مدينة باسمها لهذا الممول البريطاني، كما تقول الصحيفة.
وبعد ذلك، في عام 2011، انضمت جنوب إفريقيا إلى الجمعية، وأصبحت الرابطة معروفة باسم "البريكس".
وبعد ثلاث سنوات، أنشأت البلدان بنك التنمية الجديد برأس مال قدره 100 مليار دولار، هادفة بذلك إلى تمويل مشاريع البنية التحتية وغيرها من البرامج التي تهدف إلى الحفاظ على النمو المستدام في الاقتصادات النامية.
وهنا تلفت الصحيفة الروسية إلى أن "بنك التنمية ذلك أصبح بمثابة بديل للبنك وصندوق النقد الدوليين، اللذين تلعب الدول الغربية في سياساتهما الدور الرئيس".
وتشير إلى أنه في عام 2021، استضاف بنك التنمية الجديد أوروغواي والإمارات وبنغلاديش ومصر.
وفي صيف عام 2022، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن مجموعة البريكس "تعمل على إنشاء عملة موحدة تنهي هيمنة الدولار في الاقتصاد العالمي".
كما أعلن أنها تعمل أيضا على إنشاء نظام دفع متعدد الأطراف مشابه لـ "سويفت" من أجل "تأمين التسويات التجارية ومنع ضغوط العقوبات الأميركية".
اكتشاف القرن
وفي مقال سابق بعنوان "كتلة مناهضة للغرب آخذة في الظهور، أقوى من أي وقت مضى"، كتبت مجلة "دير شبيغل" الألمانية؛ أن "البريكس أقوى بكثير من مجموعة السبع".
وكما تنقل الصحيفة الروسية، فهو يرى أن مجموعة السبع هي "ظاهرة القرن الماضي"، في حين أن البريكس هي "اكتشاف القرن الحادي والعشرين".
وتتفق ناتاليا إريمينا، أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية سانت بطرسبرغ، مع هذا التعريف.
وتقول: إن "البريكس رابطة دولية مفتوحة تتطور كقطب جديد للعالم، حيث تتوصل البلدان إلى اتفاق، وهناك دائما مجال للحوار".
وتعتقد إريمينا أن "البريكس تشكل تحديا لمراكز صنع القرار القديمة من القوى العالمية الجديدة".
وفي مقابلة مع "إزفيستيا"، نوهت الخبيرة السياسية إلى أن "الغرب قلل من شأن البريكس، لكن وجهة نظرهم تغيرت بعد ذلك".
ومن ناحية أخرى، ذكرت مستشارة الاستثمار ومؤسسة جامعة الاستثمارات، يوليا كوزنتسوفا، أن "صندوق النقد الدولي أجرى حسابات مفادها أن تكتل البريكس لحق في عام 2020 بمجموعة السبع من حيث النمو الاقتصادي".
وتتوقع أنه في عام 2028، سيكون لدول المنظمة حصة من النمو الاقتصادي تزيد على 33.6 بالمئة، بينما ستحقق مجموعة السبع نموا بنسبة 27.8 بالمئة.
وفي محادثة مع "إزفيستيا"، حددت الخبيرة أن قادة النمو الاقتصادي هما "الهند والصين".
وأوضح رئيس القسم التحليلي في "Amarkets"، أرتيم دييف، أن "مجالات التعاون الواعدة بين دول البريكس ستكون المواد الخام والأغذية والأدوية وتكنولوجيا المعلومات".
ومن وجهة نظره، بفضل التجارة النشطة داخل مجموعة البريكس، تلقت اقتصادات الدول المشاركة "محرك نمو ملحوظ".
وخلص المختص في النهاية إلى أن "إجمالي صادرات الدول المشاركة يبلغ نحو 260 مليار دولار".
وأوضح أن "ضم دول أخرى لن يؤدي إلى نمو متعدد للاقتصادات، لكنه في الوقت نفسه سيفتح إمكانات جديدة للتجارة الداخلية".