صحيفة عبرية: أذرع إيران تحقق مصالحها الخاصة من خلال مهاجمة إسرائيل
تحدثت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية عن أسباب الهجمات التي يشنها الحوثيون من اليمن وحزب الله من لبنان على دولة الاحتلال الإسرائيلي، بالتزامن مع المعارك الدائرة بين الأخيرة والمقاومة الفلسطينية.
وقالت مديرة مؤسسة الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، لينا الخطيب إن لدى الحوثيين وحزب الله دوافع محلية بالأساس من الهجوم على إسرائيل والأصول الأميركية.
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلنت مليشيا "الحوثي" في اليمن مسؤوليتها عن هجوم صاروخي استهدف إيلات (أم الرشراش)، لكن اعترضته إسرائيل.
وبعد أربعة أيام، أطلقت المليشيات المدعومة من إيران صواريخ على القاعدة الأميركية في حقل غاز كونوكو شمال شرقي سوريا؛ ردا على ضربات واشنطن لأهداف مرتبطة بإيران في مدينتي الميادين والبوكمال السوريتين.
ثم في 19 من الشهر نفسه، أعلن الحوثيون احتجاز "سفينة شحن إسرائيلية" في البحر الأحمر ونقلوها إلى ميناء الصليف بـ"الحديدة" باليمن.
ومع استمرار هذه الهجمات، وتبادل حزب الله في لبنان إطلاق النار مع إسرائيل، تتزايد المخاوف بشأن هجوم إقليمي محتمل يشنه ما يسمى "محور المقاومة" الإيراني ردا على العدوان الإسرائيلي على غزة، وفق الخطيب.
وبالفعل، صرح المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، بأن هجماتهم على إسرائيل ستستمر حتى "ينتصر" الفلسطينيون. واستدركت الباحثة: "لكن ما قد يبدو وكأنه حرب أوسع هو في الواقع مجموع لأجزاء متفرقة".
وأوضحت: "بعيدا عن كونه تصعيدا منسقا ومدبرا من قبل إيران لدعم (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، فإن الهجمات المختلفة على الأصول الأميركية وإسرائيل وراءها في الغالب جماعات متباينة تسعى إلى تحقيق أهدافها المحلية الخاصة". وتابعت أن "دعم فلسطين يقدم لهذه الجماعات في الغالب مبررا مشتركا مناسبا".
ووفق الخطيب، فإنه "بالنسبة للجماعات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، مثل حركة النجباء ولواء أبوالفضل العباس، فإن الهدف هو الضغط على الولايات المتحدة لسحب قواتها من البلدين".
وأضافت: كانت المليشيات تهاجم القواعد الأميركية في مناطق مثل "كونكو" و"التنف" منذ أن استعادت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأراضي السورية والعراقية من (تنظيم الدولة) عام 2017، وكانت الولايات المتحدة ترد على تلك الهجمات الفردية بهجمات مضادة متفرقة.
سبب التصعيد
وأرجعت الزيادة الأخيرة في هذا التصعيد العسكري إلى عاملين مترابطين. أولا: تعلم الجماعات المدعومة من إيران أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لا تريد التورط في حرب إقليمية في الشرق الأوسط، خاصة عندما تفصلها سنة واحدة عن الانتخابات الرئاسية.
وترى "الخطيب" أن "الحرب التي شنتها حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول لن تؤدي إلا إلى زيادة حدة هذا القلق لدى الولايات المتحدة".
ثانيا: يشكل أمن إسرائيل مصدر قلق رئيس للولايات المتحدة، التي تُعد حليفتها الأكثر أهمية.
وأضافت الباحثة أنه مع قتال تل أبيب لحماس، قد تعتقد الجماعات المدعومة من إيران أن الولايات المتحدة ستعطي الأولوية لحماية إسرائيل، بدلا من تعزيز وجودها في سوريا والعراق.
وتتصرف المليشيات في كلا البلدين على أساس نقطة الضعف هذه، حتى إنها تشير إلى ما يحدث في فلسطين لتبرير هجماتها الأخيرة، وفق الخطيب.
وكان الأمين العام لحركة النجباء، أكرم الكعبي، قد أصدر بيانا في 9 نوفمبر 2023، قال فيه إن ما يحدث في غزة هو مثال على "الإجرام الأميركي الصهيوني"، وأنه ولا يمكن الرد عليه إلا بـ "الاجتثاث الكامل".
وفي اليمن، أسقط الحوثيون طائرة أميركية بدون طيار في المياه الدولية في 8 نوفمبر 2023، كما أنهم يطلقون صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه "إسرائيل" منذ 19 أكتوبر.
ووصف رئيس وزراء حكومة الحوثيين، عبد العزيز بن حبتور، الضربات بأنها جزء من حملة عسكرية لـ"محور المقاومة"، قائلا إن هناك "غرفة عمليات وقيادة مشتركة لكل هذه العمليات".
أهداف الحوثيين
لكن تعتقد "الخطيب" أن أهداف الحوثيين محلية وليست إقليمية، وأن المليشيا لا تزال تتعرض لضغوط من الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن.
وقالت الباحثة إن "الهدف الأساسي للحوثيين هو طرد التحالف الذي تقوده السعودية حتى يتمكنوا من توسيع سيطرتهم في المحافظات الجنوبية وحكم اليمن بأكمله".
وترى أن "النظر إليها كجزء من معسكر إقليمي أكبر يجعل جماعة الحوثي تبدو أقوى مما هي عليه، ويساعدها على فرض سلطتها على السكان المحليين، الذين ينتقدون بشكل متزايد حكمها وفشلها في الإدارة".
وتابعت: "ثم إن هناك حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى منظمة إرهابية، يُطلق صواريخ باتجاه إسرائيل من الحدود الجنوبية للبنان".
وأردفت: "إن الهجمات والخطابات الأخيرة لزعيمه، حسن نصر الله، تعطي الانطباع بأن حزب الله منخرط بشكل مباشر في تحرير فلسطين".
"لكن في الواقع، فإن حزب الله حريص على احتواء معاركه مع إسرائيل، وأولويته الرئيسة هي الحفاظ على نفسه".
وأشارت إلى أن "حزب الله هو أهم أصول إيران في الشرق الأوسط ولن يُضحّى به من أجل فلسطين، وأنه مثل الجماعات الأخرى، يتشدق بالدفاع عن القضية الفلسطينية دون الانخراط فعليا في القتال".
إيران تخشى العواقب
وأوضحت الباحثة أن "من الناحية النظرية، يمكن لإيران حشد حماس وحزب الله والحوثيين والجماعات التي تدعمها في العراق وسوريا لشن حرب متعددة الجبهات على إسرائيل".
"لكن إيران لا تريد أن تندلع مثل هذه الحرب، لأن العواقب ستكون كارثية على أصولها الإقليمية وعلى طهران نفسها".
وتابعت أن "مثل هذا السيناريو من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل عسكري من جانب الولايات المتحدة، قد يشمل الهجوم على إيران".
وأشارت الخطيب إلى أن "الولايات المتحدة على نفس المنوال، حيث تنقل باستمرار إلى الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية أن هذه (المناوشات) لا ينبغي أن تتحول إلى حرب شاملة".
وأردفت أنه "على الرغم من اتساع النطاق الجغرافي للمناوشات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، فإن كلا منهما يواصل الالتزام بحدود قواعد الاشتباك الخاصة به، ولا ينفذ أي هجمات تؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين".
وأكدت الخطيب أن "تضحية الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة بمكاسبها وأهدافها المحلية من أجل حركة حماس، احتمال منخفض".
"غير أن المزيد من التصعيد يمكن أن يكون مدفوعا بحساباتهم بأن الحرب المستمرة بين حماس وإسرائيل توفر المزيد من الفرص لتكريس نفوذهم المحلي"، حسب الخطيب.
وختمت بالقول: "كلما طال أمد الحرب، زادت مثل هذه الفرص المتاحة لهم، وتعاظمت أيضا مخاطر سوء التقدير الكارثي الذي قد يؤدي إلى صراع أوسع نطاقا يرغب أغلب الأطراف في تجنبه في نهاية المطاف".