صالح العاروري.. رجل حماس الثاني ومهندس عملياتها بالضفة يرتقي شهيدا فداءً لغزة

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء 2 يناير/ كانون الثاني 2023، اغتيال نائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري، في هجوم بطائرة مسيرة استهدف الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت.

ويعد العاروري أبرز قيادي في حماس يغتاله الكيان الصهيوني منذ بدء عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، التي دمرت الاحتلال وأدخلته في أزمة وجودية.

ولشدة أهميته للمقاومة، أطلقت وسائل إعلام عبرية على مدار شهور على العاروري أوصافا من بينها "رأس الأفعى" و"مُهندس العمليات" و"مُحرك إطلاق الصواريخ".

ومنذ سنوات، لم يغب اسم العاروري عن الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، لكن الحديث عنه عاد بقوة أخيرا وسط تهديدات متصاعدة باغتياله.

وعن تفاصيل الاغتيال، أفادت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية بأن "مسيرّة إسرائيلية معادية استهدفت مكتبا لحماس في (منطقة) المشرفية، ما أدى إلى سقوط 6 شهداء".

كما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، نقلا عن مصادر لم تسمها، أن "إسرائيل اغتالت صالح العاروري".

وندد القيادي في "حماس" عزت الرشق بـ"عمليات الاغتيال الجبانة التي ينفذها الاحتلال الصهيوني ضدّ قيادات ورموز شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها"، بحسب الموقع الإلكتروني للحركة.

الرشق شدد على أن هذا الاغتيالات "لن تفلح في كسر إرادة وصمود شعبنا أو النيل من استمرار مقاومته الباسلة، وهي تثبت مجدّدا فشل هذا العدو الذريع في تحقيق أيّ من أهدافه العدوانية في قطاع غزة".

توعد بالرد

وعقب ساعات من إعلان الاغتيال، حمّل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تداعيات اغتيال نائبه العاروري و6 من كوادر الحركة، بينهم اثنان من كتائب القسام.

وقال هنية، في كلمة بثتها قناة "الأقصى" الفضائية التابعة لـ"حماس": "ننعي قائد الحركة في الضفة صالح العاروري والقادة في القسام سمير فندي وعزام الأقرع، وعدد آخر من كوادر الحركة هم محمود شاهين، ومحمد بشاشة، ومحمد الريس، وأحمد حمود".

وشدد على أن "اغتيال العاروري على الأراضي اللبنانية عمل إرهابي مكتمل الأركان، وانتهاك لسيادة لبنان، وتوسيع لدائرة العدوان على الشعب والأرض".

ومتوعدا برد على عملية الاغتيال، أردف هنية: "الاحتلال الصهيوني يتحمل المسؤولية عن تداعيات اغتياله للعاروري وإخوانه من قادة الحركة وكوادرها، ولن يُفلح في كسر إرادة الصمود والمقاومة لدى شعبنا".

كذلك رد "حزب الله اللبناني" في بيان قائلا إن "العدو المجرم الذي عجز بعد تسعين يومًا من الإجرام والقتل والدمار من إخضاع ‏غزة وخان يونس ‏ومخيم جباليا وسائر المدن والمخيمات والقرى الأبية، يعمد إلى ‏سياسة الاغتيال والتصفيات الجسدية لكل ‏من عمل أو خطّط أو نفّذ أو ساند عملية ‏طوفان الأقصى البطولية".

وأضاف أن "جريمة اليوم لن تزيد المقاومين في ‏فلسطين ولبنان واليمن ‏وسوريا وإيران والعراق إلا إيمانًا بقضيتهم العادلة والتزامًا ‏وتصميمًا أكيدًا وثابتًا على مواصلة طريق ‏المقاومة والجهاد حتى النصر والتحرير".

وتابع: "إنّنا نعتبر جريمة اغتيال العاروري ورفاقه في قلب الضاحية ‏الجنوبية لبيروت ‏اعتداءً خطيرًا على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته وما فيه ‏من رسائل سياسية وأمنية ‏بالغة الرمزية والدلالات وتطورًا خطيرًا في مسار الحرب ‏بين العدو ومحور المقاومة".

ومضى يقول: "إنّنا  في حزب الله ‏نُؤكّد أنّ هذه الجريمة لن تمرّ أبدًا من ‏دون رد وعقاب، وإنّ مقاومتنا على ‏عهدها ثابتةٌ أبيّةٌ وفيّةٌ لمبادئها والتزاماتها التي ‏قطعتها على نفسها، يدها على الزناد، ومقاوموها في أعلى  ‏درجات الجهوزية ‏والاستعداد".

فيما امتنع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري عن التعليق على اغتيال العاروري، وخلال مؤتمر صحفي، قال إن "الجيش في حالة جهوزية عالية جدا في كافة الجبهات، دفاعا وهجوما. نحن على استعداد تام لأي سيناريو".

وتابع: "الشيء الأكثر أهمية الذي يجب أن نقوله الليلة هو أننا نركز ونواصل التركيز على محاربة حماس".

مسيرة العاروري

اسمه الحقيقي صالح محمد سليمان خصيب، وقد عُرف بـ "العاروري" نسبةً إلى بلدته عارورة، الواقعة إلى الشمال الغربيّ من مدينة رام الله.

وولد العاروري في تلك البلدة في 19 أغسطس 1966، وهو متزوج ولديه 3 أبناء.

تعلم ودرس في الضفة الغربية، وحصل على درجة البكالوريوس في "الشريعة الإسلامية" من جامعة الخليل (جنوب).

كما قاد العمل الطلابي الإسلامي في سن مبكرة بجامعة الخليل منذ عام 1985 وحتى 1992، وهو ما صقل شخصيته ودفعه للالتحاق بجماعة الإخوان المسلمين مبكرا.

والتحق العاروري بحركة حماس منذ تأسيسها نهاية عام 1987 من قبل قادة جماعة الإخوان المسلمين، وكان يشارك في مختلف أشكال مقاومة الاحتلال.

حتى إنه اعتقل إداريا (دون محاكمة) لفترات محدودة ومقطعة خلال السنوات 1990 و1991 و1992 على خلفية نشاطه في "حماس".

ويعد العاروري من مؤسسي كتائب "عز الدين القسام"، إذ بدأ في الفترة الممتدة بين عامي (1991 ـ 1992) بتأسيس النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية.

وفي عام 1992، أعاد الجيش الإسرائيلي اعتقال العاروري، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة تشكيل الخلايا الأولى لكتائب القسام بالضفة الغربية ليفرج عنه في 2007.

ثم أعاد الاحتلال اعتقاله بعد ثلاثة أشهر من الإفراج عنه حتى عام 2010 حين قررت المحكمة العليا الإسرائيلية الإفراج عنه وإبعاده إلى خارج فلسطين.

وعمل الاحتلال وقتها على ترحيله إلى سوريا واستقر فيها ثلاث سنوات، قبل أن يغادرها بعد انطلاق الثورة السورية ويتجه إلى تركيا في فبراير/شباط 2012، لينتقل بعدها إلى عدة دول ويستقر أخيرا في لبنان.

وعقب الإفراج عنه عام 2010، جرى اختيار العاروري عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس.

وكان العاروري أحد أعضاء الفريق المفاوض من حركة "حماس" لإتمام صفقة تبادل الأسرى في أكتوبر/تشرين الأول 2011 مع إسرائيل بوساطة مصرية.

وهذه الصفقة أطلقت عليها حماس اسم "وفاء الأحرار"، وجرى بموجبها الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، مقابل 1027 أسيرا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.

وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول 2017، أعلنت "حماس" انتخاب "العاروري" نائبا لرئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية.

كما أعاد مجلس شورى "حماس" انتخابه بذات المنصب مطلع أغسطس 2021. وانتُخب أيضا في 4 يوليو/تموز 2021، رئيسا للحركة في إقليم الضفة الغربية، للدورة الحالية (2021-2025).

النشاط العسكري

بعد إبعاده بسنوات قليلة، بدأت قيادات الاحتلال تحذر من "خطورة" العاروري ومسؤوليته عن تصاعد العمل العسكري في الضفة الغربية.

وضمن ردودها على تحريكه الخلايات العسكرية هناك، هدمت قوات الاحتلال في 20 يونيو/حزيران 2014، منزله في منطقة عارورة برام الله.

وجاء ذلك ضمن سلسة عمليات هدم استهدفت خلالها منازل قيادات في حركة حماس بالضفة الغربية وذلك ردا على اختفاء 3 مستوطنين ومقتلهم في 12 يونيو من نفس العام.

وفي ذلك الوقت، قال مصدر عسكري إسرائيلي إن التقديرات الاستخبارية تشير إلى وقوف العاروري خلف عملية أسر ومقتل المستوطنين الثلاثة.

وبحسب المصدر الذي تحدث لموقع "واللا" العبري فإن العاروري دفع وبدون كلل أو ملل ناشطي حماس في الضفة لإقامة خلايا عسكرية و"تنفيذ عمليات خطف"، بحسب وصفه.

وفي العام التالي، وتحديدا في 10 سبتمبر/أيلول 2015، صنَّفت وزارة الخزانة الأميركية العاروري بشكل خاص كـ"إرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي 13224 بصيغته المعدلة" وحظر جميع ممتلكاته وأي تعامل من الأميركيين معه.

وقالت الوزارة في هذا الإعلان إن "العاروري يتولى إدارة العمليات العسكرية لحماس وتمويلها في الضفة الغربية، وتبين ارتباطه بعدة هجمات إرهابية، وعمليات خطف واختطاف"، وفق وصفها.

وأردفت: "في عام 2014 أعلن العاروري مسؤولية حماس عن الهجوم الذي وقع يوم 12 يونيو وجرى فيه خطف ثلاثة مراهقين إسرائيليين وقتلهم بالضفة الغربية، ومن بينهم نفتالي فرينكل الذي كان حمل الجنسية الأميركية والإسرائيلية معا".

ولم تكتف الولايات المتحدة بذلك، بل أدرجت العاروري في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 ضمن قوائمها للإرهاب، وأعلنت رصد مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يقدم معلومات عنه.

وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي للأمن الدبلوماسي مايكل إيفانوف وقتها، إن العاروري "يعيش بحرية في لبنان، ويعمل أيضا مع فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ويجمع الأموال لتنفيذ عمليات لمصلحة حماس وقيادة عمليات أدت إلى مقتل إسرائيليين يحملون جنسية أميركية".