نيكي هيلي.. هل تطيح بترامب في الانتخابات التمهيدية للترشيح الرئاسي؟
كثر الحديث في الأسابيع الأخيرة عن صعود نجم نيكي هيلي، المرأة الوحيدة المرشحة في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
تطرقت صحيفة إيطالية إلى حظوظها وتوجهاتها بالمقارنة مع دونالد ترامب الرئيس الأميركي السابق ومنافسها في انتخابات اختيار مرشح الحزب لخوض غمار الرئاسيات في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ونوهت "إيل بوست" إلى أن حملتها الانتخابية تكتسب زخما لدرجة أن العديد من المراقبين بدأوا يصفونها بأنها البديل الأفضل والأكثر مصداقية لترامب الذي لا يزال مع ذلك الأوفر حظا للفوز.
وأعلنت هيلي ترشحها في فبراير/شباط 2023 وفي ذلك الوقت لم يكن أحد يتوقع أنها "ستشكل خطورة انتخابيا" سواء على ترامب أو على حاكم فلوريدا رون ديسانتيس الذي كان يعد لعدة أشهر المنافس الرئيس للرئيس الجمهوري السابق داخل الحزب.
شغلت هيلي منصب حاكمة لولاية كارولينا الجنوبية لفترتين بين عامي 2011 و2017، ثم تقلدت منصب مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في عهد ترامب بين عامي 2017 و2018.
ترى الصحيفة أن المرشحة الجمهورية المحافظة تمتلك فرصة للبقاء في السباق وتحويل الانتخابات التمهيدية التي بدت محسومة لترامب إلى منافسة حقيقية، حيث تشكل بديلا "مُطمئنا" مقارنة بمنافسها.
ورجحت احتمال أن تحظى بإجماع أصوات الجمهوريين الذين يشعرون بالقلق إزاء فوز ترامب بولاية جديدة خصوصا أن خطابه "اتخذ في هذه الحملة منحى متطرفا وفاشيا على نحو متزايد".
طبيعة الحظوظ
وتنطلق الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في 15 يناير في ولاية أيوا، الواقعة في الغرب الأوسط للولايات المتحدة وتجرى في نيو هامبشاير في الشمال الشرقي في 23 يناير.
وبحسب الصحيفة، قد يساعد الجدول الانتخابي هيلي في "تأكيد نفسها كبديل ذي مصداقية"، مبينة أن هدفها في ولاية أيوا، حيث يبدو فوز ترامب مؤكدا في التجمعات الحزبية، يكمن في الحصول على المركز الثاني والتفوق على ديسانتيس.
بينما تعد "الظروف ملائمة أكثر" لها في ولاية نيو هامبشاير التي حصلت فيه وفقا لاستطلاعات الرأي على ما يقرب من 30 بالمئة من الأصوات مقابل 41 لترامب و6 فقط لديسانتيس.
في هذا الصدد، تشير إيل بوست إلى عوامل مختلفة من شأنها أن ترجح كفة هيلي في نيو هامبشاير، بدءاً من الخصائص الديمغرافية لاسيما أنها واحدة من أغنى الولايات في البلاد وكذلك عامل اعتدال جمهور الناخبين فيها.
هذا إلى جانب ارتفاع نسبة الأشخاص الحاصلين على شهادات علمية (39 بالمئة)، وهم فئة من السكان الأميركيين تقل بينهم نسبة التأييد لترامب.
وتذكر كذلك إعلان حاكم الولاية كريس سونونو في ديسمبر/كانون الأول 2023، دعمه العلني لهيلي مما أعطى دفعة كبيرة لحملتها الانتخابية.
وأخيرا، تعزز ترشحها أيضا بفضل انسحاب حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي من الانتخابات التمهيدية.
ونقل موقع "بي بي سي" البريطاني عن كريستي، الذي كان حليفا لترامب قبل أن يتحول إلى خصم، قوله إنه سيعمل على التأكد من ألا يتمكن الأخير أبدا من أن يصبح رئيسا للبلاد.
ويسمح النظام الانتخابي للولاية للناخبين غير المنتسبين للحزب الجمهوري بالتصويت في الانتخابات التمهيدية. ويفترض العديد من المحللين إمكانية تصويتهم لصالح هيلي ضد ترامب.
ويتلخص السيناريو الأمثل بالنسبة لهيلي في تحقيق مركز ثان بولاية أيوا وعدم تخطي ترامب عتبة 50 بالمئة من الأصوات ثم هزيمته في نيو هامبشاير أو على الأقل منافسته بقوة.
وهو ما من شأنه أن يكسب ترشيحها المزيد من القوة ويقضي في المقابل على آمال المرشح ديسانتيس بشكل نهائي.
وفي 24 فبراير، ستجرى الانتخابات في الولاية الثالثة، كارولينا الجنوبية حيث تحظى هيلي بشعبية كبيرة بفضل ماضيها كحاكمة وهو ما يمكن أن يخدمها في مواجهة تفوق ترامب الحالي بفارق كبير.
سباق طويل
أكدت إيل بوست أن الانتخابات التمهيدية في الولايات الثلاث تعد مجرد بداية لسباق انتخابي طويل سينتهي رسميا بعقد المؤتمر الجمهوري في يوليو/تموز والذي سيجرى خلاله إعلان اسم المرشح الرئاسي رسميا.
ووصفت الولايات الثلاث التي تنطلق منها الانتخابات التمهيدية بأنها "صغيرة إلى حد ما وليست ذات تأثير كبير "على الرغم من التغطية الإعلامية الكبيرة التي تتلقاها.
ولفتت إلى أن الأنظار ستتجه إلى الموعد المهم في الخامس من مارس/آذار أو ما يسمى بالثلاثاء الكبير، تاريخ انعقاد التجمعات الحزبية والانتخابات التمهيدية في 15 ولاية بشكل متزامن.
وقالت إن الطريق أمام هيلي لا يزال طويلا لا سيما أن احتمال تحقيقها نتائج مخيبة للآمال في ولايات أيوا ونيو هامبشاير وكارولينا الجنوبية قد يعني نهاية المنافسة تقريبا ليس بالنسبة لها فحسب بل لجميع منافسي ترامب.
في سياق متصل، أشارت إلى أنها غيرت موقفها بشأن ترامب منذ عام 2016 وحتى اليوم عدة مرات حيث انتقلت من معارضة إلى مؤيدة مخلصة، وصولا إلى موقف حذر تتبناه خلال حملتها الانتخابية الحالية.
وقد وعدت كذلك بالعفو عن الرئيس السابق المتهم بارتكاب جرائم حال فوزها في الانتخابات الرئاسية. ولم تستبعد قبول الترشح لمنصب نائب الرئيس إذا فاز ترامب في الانتخابات التمهيدية.
لكن هذا لم يمنع المرشحة المنحدرة من عائلة مهاجرة من منطقة البنجاب الهندية، من مهاجمته خلال المناظرة التلفزيونية الأخيرة للحزب الجمهوري في الحادي عشر من يناير/كانون الثاني 2024.
أصول وألقاب
ولدت هيلي عام 1972 في بامبرغ كارولينا الجنوبية باسم نيمراتا نيكي راندهاوا، وهو الاسم الذي لا تزال يطلقه عليها إلى اليوم خصومها ومعارضوها.
بحسب الصحيفة الإيطالية، قد تتسبب حقيقة كونها امرأة وابنة مهاجرين وغير بيضاء في إضعافها اليوم في ظل جبهة محافظة تتبنى مواقف عنصرية وكره النساء بشكل علني.
على الطرف المقابل، أطلق فريق حملة الرئيس السابق دونالد ترامب لقبا جديدا في ديسمبر 2023، على هيلي يظهرها كـ"أم الضرائب" و"عدوة" للطبقة العاملة.
وفي رسالة بعنوان "قبلة الموت: نيكي هيلي الضرائب الجديدة"، انتقدها ستيفن تشيونغ المتحدث باسم ترامب، بالقول إن لديها "سجلا مزعجا" في التصويت على الضرائب، وفق شبكة فوكس نيوز.
سياسيا، أشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن أفكارها السياسية تتوافق مع النزعة المحافظة للحزب الجمهوري خاصة فيما يتعلق بقضايا الحقوق المدنية.
فهذه المرشحة ضد الإجهاض وداعمة لما يسمى بالأسرة التقليدية وحرية حمل السلاح في البلاد.
على الصعيد الخارجي، تمتلك مواقف أكثر تقليدية في السياسة الخارجية، فهي من بين المؤيدين الأكثر اقتناعا داخل الحزب بمنح المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وألمحت إلى أنها قد تشكل منافسا حقيقيا لترامب في صورة تمكنها من تقديم نفسها كـ "يمينية بما يكفي" لإرضاء القاعدة المتحفزة أكثر للمشاركة في الانتخابات التمهيدية.
كما بينت أنها "مُطمئنة بما يكفي" لإقناع المعتدلين والممولين الخائفين من تطرف الرئيس الأسبق وعدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته (بالتصويت لها).
ولفتت في الوقت نفسه إلى أن فعل هذا الأمر يتطلب مهارات سياسية وتوازنية لا يمتلكها الجميع.