محمد عرفان.. شاب مسلم يرأس دولة "غويانا" ويتحدى مادورو ويصفع "بي بي سي"

داود علي | 7 months ago

12

طباعة

مشاركة

مقطع مقابلة انتشر على نطاق واسع، بطله رئيس غويانا محمد عرفان علي، الذي شن فيه هجوما حادا على العالم الغربي، ولقن محاوره ستيفن ساكور، صحفي هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، درسا قاسيا. 

بدأت المشادة خلال اللقاء الذي تم يوم 29 مارس/ آذار 2024، عندما حاول ساكور إحراج الرئيس عرفان (44 عاما)، بسؤاله عن تداعيات استخراج غويانا النفط والغاز، ما سيؤدي إلى أكثر من ملياري طن متري من انبعاثات الكربون.

ظهر الامتعاض على الرئيس الذي رد قائلا: "هل تعلم أن غويانا لديها غابة بحجم إنجلترا وإسكتلندا مجتمعتين؟ غابة تخزن 19.5 غيغا طن من الكربون، غابة أبقيناها على قيد الحياة".

ليرد الصحفي البريطاني باستفهام استنكاري، قائلا هل يعطي هذا غويانا الحق في استخراج النفط والغاز وإطلاق الانبعاثات؟

ليرد عرفان غاضبا: "هل هذا يعطيك الحق في إلقاء محاضرة علينا بشأن تغير المناخ؟ سألقي أنا محاضرة عليك حول تغير المناخ".

وأتبع: "أنت في جيوب أولئك الذين يدمرون البيئة من خلال الثورة الصناعية وهم الآن يحاضرون علينا".

وأضاف بلهجة حاسمة: "أبقينا الغابات حية كي تحمي مخزون الكربون الذي تستمتع به، والذي يستمتع به العالم، والذي لا تدفعون لنا ثمنه، ولا تقدرونه، ولا ترى له قيمة.. هذا كله بسبب الغابة التي أبقاها شعب غويانا على قيد الحياة".

ثم اختتم: "أولئك الذين دمروا البيئة يشككون الآن في بلادي.. هذا نفاق موجود في العالم". 

بعدها حظيت كلمات وردود فعل الرئيس الغوياني بتفاعل واسع من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن غويانا ليست دولة كبرى، ورئيسها غير مشهور في الأوساط العالمية الكبرى، ما جعل البحث عن تلك الدولة وذلك الرئيس محل فضول للكثيرين.

عرفان في سطور

الرئيس الغوياني محمد علي عرفان، هو سياسي ينتمي إلى حزب الشعب التقدمي الإصلاحي (الحاكم).

ولد يوم 25 أبريل/ نيسان 1980 بإقليم "جزر ايسكو يبو غرب ديميرارا"، لعائلة مسلمة هندية، وعمل والده كمعلم.

وبدأ عرفان تعليمه المبكر في حضانة ومدارس ليونورا الابتدائية وتقدم إلى مدرسة كورنيليا إيدا الابتدائية، بينما أكمل تعليمه الثانوي في كلية سانت ستانيسلاوس في عاصمة البلاد جورج تاون.

حقق تفوقا دراسيا مكنه من الحصول على درجة الدكتوراه في التخطيط الحضري والإقليمي من جامعة جزر الهند الغربية.

وقبلها حصل على درجة الماجستير في الآداب في تخطيط القوى العاملة، ودبلوم الدراسات العليا في الأعمال الدولية.

وحصل كذلك على شهادة الدراسات العليا في المالية من جامعة أنجليا روسكين، كما حصل على درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي من جامعة سالفورد ودرجة البكالوريوس في الآداب في إدارة الأعمال من جامعة سندرلاند.

ومن المسارات المهمة في حياته السياسية أنه شغل منصب عضو الجمعية الوطنية لغويانا عام 2006 وتم تعيينه بعد ذلك في حقائب وزير الإسكان والمياه ووزير الصناعة والتجارة السياحية.

أول رئيس مسلم

ومن المواقف المهمة في مسيرة صعود محمد علي عرفان، أنه أثناء عمله في وزارة الإسكان، نفذ "حملة أوقاف" كانت الأكثر شمولا في تاريخ الدولة.

 حيث قام بتوزيع كميات كبيرة من قطع الأراضي على المواطنين من جميع الطبقات الاجتماعية والمناطق الجغرافية، مما أعطاه شعبية كاسحة وسط الشعب الغوياني. 

وفي عام 2017، أصبح عضوا في المعهد الكندي للإدارة، كما شغل سابقا منصب مدير مشروع وحدة تنفيذ المشاريع التابعة لبنك التنمية الكاريبي في وزارة المالية وكبير المخططين في أمانة تخطيط الدولة.

وفي مجلس الأمة، كان الدكتور محمد عرفان متحدثا قويا وفصيحا في مجال الاقتصاد والمالية.

تلك الخبرة والمسيرة الحافلة جعلت من حزبه الشعب التقدمي، يضعه كمرشح لرئاسة الدولة في مواجهة الرئيس آنذاك "ديفيد إيه جرانجر"، والأخير كان جنرالا عسكريا.

واستطاع عرفان أن يحسم الانتخابات، التي حاول جرانجر التلاعب في نتائجها، لكن إصرار عرفان والاحتجاجات الشعبية التي اندلعت حالت دون ذلك. 

وبالفعل في أغسطس/ آب 2020، أدى عرفان اليمين الدستورية رئيسا للبلاد، بعد إعلان فوزه، ليصبح أول رئيس مسلم في تاريخ غويانا. 

مناصر لفلسطين 

وللرئيس الغوياني مواقف قوية في نصرة فلسطين، ومساندة أهل غزة ضد العدوان الإسرائيلي. 

ففي 7 أبريل/ نيسان 2024، أعلن عرفان علي، عن جمع تبرعات تجاوزت 72 مليون دولار لصالح الشعب الفلسطيني، خلال فعاليات ليلة القدر في بلاده.

وقال في بيان: "تمكنا من جمع أكثر من 72 مليون دولار من أجل شعب فلسطين".

وأكد أنه "تم تحقيق ذلك من خلال التبرعات التي جُمِعت خلال إحياء ليلة القدر التي أقيمت في ساحة منظمة الشباب المسلم".

وأضاف الرئيس الغوياني أن "فعاليات الليلة أقيمت تحت شعار ليلة صلاة من أجل السلام العالمي وغويانا وفلسطين"

ثم أشار إلى أنه "تم تسليم الأموال التي تم جمعها إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، وسيتم استخدامها مباشرة لصالح شعب غزة".

نزاع إيسيكيبو 

وقدر للرئيس عرفان أن يقود التوترات بين بلاده وجارتها فنزويلا في الصراع المحموم بينهما على منطقة إيسيكيبو الغنية بالنفط، والتابعة لجمهورية غويانا، لكن فنزويلا ترغب في ضمها. 

وفي مطلع ديسمبر 2023، طفا اسم غويانا على سطح أخبار أميركا الجنوبية والعالم، مع وجود مؤشرات اجتياح عسكري لاح في الأفق، من قبل جارتها الغربية فنزويلا، التي أشار رئيسها نيكولاس مادورو إلى احتمالية ضم منطقة إيسيكيبو المتنازع عليها بالقوة العسكرية. 

وهو ما جعل الرئيس عرفان يسارع في التنسيق مع واشنطن حليف بلاده الرئيس لتركيز قاعدة عسكرية أميركية في منطقة الإيسيكيبو، ويرفض تهديدات فنزويلا التي عدها "ضجيجا". 

وهو ما دفع حكومة فنزويلا إلى تقديم شكوى لدى الأمم المتحدة رافضة وجود قوات أميركية في هذه المنطقة. 

لكن سياسة عرفان أتت بثمارها فعليا عندما تراجع مادورو عن تهديداته العسكرية وإشارات اجتياح المنطقة المتنازع عليها. 

وفي 15 ديسمبر 2023، أعلنت فنزويلا وغويانا في ختام قمة بحثت سبل نزع فتيل التوتر حول "إيسيكيبو" أنهما اتفقتا على عدم استخدام القوة ضد بعضهما البعض في هذا النزاع الحدودي.

وقالت الدولتان في بيان مشترك "إنهما اتفقتا على أن لا تهددا باستخدام القوة، أو تستخدماها، ضد بعضهما البعض، بشكل مباشر أو غير مباشر، تحت أي ظرف من الظروف، بما في ذلك تلك الناجمة عن أي خلافات قائمة بين الدولتين".

وقد صدر البيان المشترك في ختام القمة التي استضافتها البرازيل وشارك فيها الرئيسان الغوياني عرفان علي والفنزويلي نيكولاس مادورو.

دولة غويانا 

وبالنظر إلى جمهورية غويانا فهي دولة تقع في أميركا الجنوبية، ويحدها من الشمال المحيط الأطلسي ومن الشرق سورينام ومن الجنوب البرازيل ومن الغرب البرازيل وفنزويلا.

وتصل مساحتها الكلية إلى 214.969 كم مربع، ويبلغ تعدادها السكاني قرابة المليون نسمة، ولغتها الرسمية الإنجليزية، والعملة الرسمية الدولار الغوياني، ويعادل الدولار الأميركي نحو 208 من عملة غويانا.

ونالت استقلالها عن المملكة المتحدة في 26 مايو/أيار 1966، وأصبحت جمهورية في 23 فبراير/شباط 1970 وظلت عضوا في دول الكومنولث.

تتميز غويانا بغاباتها ذات التنوع الأحيائي الكبير، حيث تشكل جزءا من حديقة غويانا الأمازونية والمحميات الطبيعية الأخرى بالمنطقة.

وأوصى كل من الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة "إي يو سي إن" والاتحاد الأوروبي ببذل جهود خاصة لحماية هذه المنطقة.

وتغطي الغابات المطيرة في غويانا ما يقرب من 91 بالمئة من مساحة أراضيها.

ومن الموارد الطبيعية في تلك الدولة، البوكسيت والذهب والألماس والخشب والأسماك.

ووفقا لبيانات البنك الدولي عن غويانا للعام 2023، يصل الناتج المحلي الإجمالي فيها إلى 3.02 مليارات دولار، ويقدر الناتج الفردي السنوي بـ 8500 دولار.

أما نسبة النمو فتصل إلى 5.3 بالمئة، وبلغت نسبة البطالة 11.14 بالمئة، فيما وصل التضخم السنوي إلى 3.9 بالمئة. 

وفيما يخص الدين والتنوع العرقي، فإن سكان غويانا هم خليط من هنود حمر وهنود وأفارقة وأوروبيون مهاجرون.

وبالنسبة للديانة فإن أغلبهم مسيحيون، تحديدا بروتستانت بنسبة 64 بالمئة ثم هندوس بنسبة 28.4 بالمئة ومسلمون بنسبة 7.2 بالمئة.