إسرائيل تغير موقفها من اليمين الأوروبي المتطرف.. ما السر؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

انتقدت صحيفة عبرية تقارب الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو مع اليمين المتطرف في أوروبا رغم الاتهامات الموجهة إليه بـ"معاداة السامية". 

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" في مقال لـ"نداف تامير"، المستشار السابق للرئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز، إن العلاقات بين إسرائيل واليمين المتطرف في أوروبا "مثيرة للقلق".

وجاءت هذه الانتقادات بالتزامن مع انعقاد انتخابات البرلمان الأوروبي يومي 6 و9 يونيو/ حزيران 2024، في 27 دولة عضو في الاتحاد، واحتلت فيها أحزاب اليمين المتطرف المركز الأول في دول مثل فرنسا والنمسا وإيطاليا.

مقاطعة دبلوماسية

وقال الدبلوماسي السابق: في يناير/كانون الثاني 2000، عندما كان "حزب الحرية" اليميني المتطرف في النمسا، بقيادة يورج هايدر آنذاك، على وشك الانضمام إلى ائتلاف من الأحزاب لتشكيل حكومة جديدة في فيينا، كان رد فعل إسرائيل واضحا لا لبس فيه.

فقد قال "بيريز"، وزير التنمية الإقليمية آنذاك: "إن حكومةً يشارك فيها هايدر ستتعرض لمقاطعة دبلوماسية من أسرة الدول المتحضرة"، وفق وصفه.

في ذلك الوقت، تزعم عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) الشاب من حزب الليكود، داني نافيه، عريضة وقعها 14 من زعماء الحزب، تطالب باستدعاء سفير إسرائيل إذا انضم حزب الحرية إلى الائتلاف.

وفي نهاية المطاف، كان وزير الخارجية الإسرائيلي وقتها، ديفيد ليفي، هو الذي قال: "في هذا الشأن، تقف إسرائيل كلها متحدة... وإذا انضم هذا الحزب إلى التحالف النمساوي، فلن يكون هناك مكان لسفير إسرائيلي في النمسا".

وأكد الوزير الإسرائيلي حينها أن "هذا ليس تشدقا بالكلمات، وليس خداعا ولا تهديدا، بل هو الموقف الذي تتبناه الحكومة الإسرائيلية".

وبالفعل، بعد انضمام "حزب الحرية" إلى الائتلاف الحكومي في فيينا، استدعت "إسرائيل" سفيرها من العاصمة النمساوية.

وعقّب الدبلوماسي السابق تامير قائلا "هذه كانت المعايير قبل 24 عاما، واليوم، تحولت الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، والتي ولدت من رحم الفاشية الأوروبية ومن قلب معاداة السامية، إلى شركاء أوروبيين طبيعيين للحكومة الإسرائيلية".

وأشار إلى أن "الشخص الذي يقود عملية تحسين العلاقات مع اليمين المتطرف في أوروبا هو وزير شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية، عميحاي شيكلي".

وأضاف: في دليل صارخ على غياب الوعي الشخصي والسياسي، شارك شيكلي في حسابه على منصة "إكس" صور مفتي القدس الحاج أمين الحسيني مع (الزعيم النازي) أدولف هتلر.

وإلى جانب ذلك، نشر شيكلي صوره الخاصة مع "مجموعة من زعماء اليمين المتطرف الأوروبي، الذين لدى معظمهم جذور سياسية تضرب بجذورها في الفاشية الأوروبية والنازية"، وفق وصف تامير.

أصدقاء شيكلي

وقال المسؤول الإسرائيلي السابق: "جيمي أكيسون من السويد، ومارين لوبان من فرنسا، وسانتياغو أباسكال من إسبانيا، وبالطبع فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر وزعيم اليمين المتطرف في أوروبا، جميعهم أصدقاء للوزير شيكلي".

والوزير شيكلي يعمل ضمن تحالف نتنياهو اليميني الذي يعد الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، حيث يضم وزراء متشددين على غرار وزير المالية بتسلئيل سموتيريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

وأضاف أنهم "اليوم، يعبرون بفخر عن وجهات نظر عنصرية تجاه المسلمين، وغالبا ما سيكون ذلك مجرد بديل مؤقت لمعاداتهم للسامية، والتي كانت موجودة قبل ذلك وستعود".

وأردف أن من بينهم أيضا زعيم حزب "الإصلاح" البريطاني، نايجل فاراج، الذي لا يشتهر بمعاداة السامية، لكنه مال إليها في الماضي، حين أشار إلى أن "اللوبي اليهودي" يحرك خيوط السياسة الأميركية.

وأوضح أن "هؤلاء هم الحلفاء الجدد للوزير شيكلي، هؤلاء هم أصدقاء الحكومة الإسرائيلية الجدد المنفصلين عن العالم الليبرالي".

وقال: "بدلا من العمل على استعادة المكانة الدولية، اختارت إسرائيل الطريق الأسهل والأكثر خطورة".

هذا الطريق يتمثل في مصادقة العنصريين الأوروبيين الذين يختارون حاليا التأكيد على عنصريتهم تجاه السكان المسلمين داخل بلدانهم، ويخفون مؤقتا معاداتهم للسامية، لكنها جزء لا يتجزأ من عنصريتهم تجاه الجميع، وفق وصفه.

كراهية العرب

وأشار إلى أنهم "في هذه العملية، يستغلون الحمقى النافعين -مثل شيكلي- الذين يشعرون بالارتياح وهم برفقة كارهي العرب".

وأوضح أن "كل هذا يعكس التحالف القديم بين اليمين الإسرائيلي والإنجيليين الأميركيين، الذين يهدفون إلى تحقيق نبوءة نهاية العالم، التي سنتحول فيها جميعا إلى المسيحية أو نهلك".

ويرى "تامير" أن "التحالف مع اليمين المتطرف يقف على أرضية هشة، ففي هذه الحالة، هناك كراهية مشتركة تجاه العرب، تهدف إلى تقويض الآليات القانونية التي تحمي الأقليات في البلدان الديمقراطية".

ويشكل هذا أيضا -بحسب الدبلوماسي السابق- أساس دعم أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لإسرائيل، وهم يرفعون شعار: "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى".

إذ يلقي هؤلاء باللوم على اليهود لأنهم يساعدون على الهجرة إلى الولايات المتحدة، من أجل إضعاف "نقاء" التفوق المسيحي الأبيض، حسبما يعتقد أتباع ترامب.

ويعتقد الدبلوماسي الإسرائيلي السابق أن "الاعتماد على أولئك الذين تنبع قوتهم السياسية من الكراهية والتعصب، وكثير منهم من مؤيدي وشركاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو في الواقع طلب الدعم من الطرف الخاطئ".

وهو عمل من شأنه أن يبعد إسرائيل في نهاية المطاف عن أسرة الدول الديمقراطية، بحسب تعبيره.

وقال: "يجب ألا تكون إسرائيل جزءا من حلف الكراهية، بل عليها أن تكون جزءا من حلف التقدم والديمقراطية".

وأردف: "يجب ألا نخشى النقد البناء لسلوكنا، بل يجب أن نستمع إليه، ونتناقش عند الضرورة".

والأكثر أهمية من ذلك استعادة مكانة إسرائيل بين دعاة الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، من اليسار والوسط واليمين، بدلا من البحث عن الراحة في أحضان أعدائها، وفق قوله.

وقال: "بالنسبة لحكومة نتنياهو، فإن هناك الكثير لتتعلمه من وزير الخارجية الراحل، ديفيد ليفي، ومعارضته للعلاقات مع اليمين المتطرف".

وختم بأن "هذا ليس هو الموقف الصحيح من الناحية الأخلاقية فحسب، بل أيضا لأن أولئك الذين يرافقون العقرب سيلدغهم في النهاية".