خلافا لأوكرانيا وغزة.. 5 أزمات جيوسياسية قد تشعل حروبا جديدة في 2024
بخلاف الحروب القائمة حاليا، تتكهن صحيفة "إي ريفرانسيا" البرتغالية بعدة صراعات محتملة في العديد من المناطق المتفرقة حول العالم.
وينشغل العالم اليوم بالعدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على قطاع غزة.
ولكن، فصلت الصحيفة 5 تهديدات جيوسياسية قد تقيم حروبا في العالم خلال 2024، مبينة أن جميع التوقعات سلبية.
فمن ناحية، يتعين على الصين أن تقسم نفسها بين اثنين من بؤر التوتر الساخنة، تايوان والفلبين.
والآن، تواجه روسيا مشكلة أخرى إلى جانب أوكرانيا يتعين عليها أن تتعامل معها، وحتى أميركا الجنوبية أصبحت على وشك الغليان.
وتسلط الصحيفة الضوء على 5 أزمات جيوسياسية أخرى يمكن أن تؤدي إلى حروب جديدة في العام 2024، وكلها بمشاركة مباشرة أو غير مباشرة من القوى العالمية الكبرى.
النزاع الصيني التايواني
وهنا تشير الصحيفة البرتغالية إلى تايوان التي تعد نفسها دولة مستقلة وتكافح من أجل الاعتراف بهذا الوضع عالميا، في حين تنظر الصين إليها على أنها جزء من أراضيها.
وتبقي النوايا التايوانية احتمال حدوث غزو من الجو، أو -في أفضل الأحوال- فرض حصار تجاري بحري يمكن أن يدمر الاقتصاد العالمي.
وتلفت الصحيفة إلى أنه رغم اعترافها رسميا بمبدأ "صين واحدة"، والذي بموجبه تعد تايوان أرضا صينية، فإن الولايات المتحدة تُعد شريكا بالغ الأهمية للجزيرة.
وبعد الزيارة التي أجرتها رئيسة مجلس النواب آنذاك، نانسي بيلوسي، إلى الأراضي التايوانية في أغسطس/آب 2022، اتخذت الأزمة ملامح أكثر دراماتيكية.
وتذكر أن "بيلوسي كانت أول شخص في هذا المنصب يسافر إلى تايوان منذ 25 عاما، وهو الموقف الذي هز بكين".
وردا على ذلك، أجرى الجيش الصيني واحدة من أكبر مناوراته العسكرية في جميع أنحاء الجزيرة، مع إطلاق نار حي واختبارات صاروخية في ست مناطق مختلفة.
ومنذ ذلك الحين، زادت التوقعات العالمية للعدوان بشكل كبير، كما توضح الصحيفة.
ففي أكتوبر 2022، صرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن "بكين عازمة على متابعة إعادة التوحيد وفق جدول زمني أسرع بكثير مما كان متصورا سابقا".
وهنا تنوه صحيفة "إي ريفرانسيا" البرتغالية أن بلينكن لم يقدم أي معلومات استخباراتية تدعم تصريحاته.
لكن في نفس الوقت، لفتت إلى "توافق تصريحاته مع ما قاله الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني".
وأوضح بينغ في أكتوبر 2022: "سنواصل النضال من أجل إعادة التوحيد السلمي، لكننا لن نعد أبدا بالتخلي عن استخدام القوة، كما أننا نحتفظ بخيار اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة".
وفي 26 ديسمبر/ كانون الأول 2023، أثناء الاحتفال بالذكرى الـ130 لميلاد مؤسس جمهورية الصين الشعبية ماو تسي تونغ، أثار شي بينغ الموضوع مرة أخرى.
إذ أكد على أن "إعادة التوحيد الكامل لوطننا هو اتجاه عام وقضية عادلة وتطلع مشترك للشعب".
وصرح الرئيس في كلمته، قائلا: "نحن نعارض بشدة أي شخص يستخدم أي وسيلة لفصل تايوان عن الصين".
ومن ناحية أخرى، تذكر الصحيفة أن "خطر الصراع قد دفع رئيس لجنة الصين بمجلس النواب الأميركي مايك جالاجر، إلى إرسال رسالة إلى كاثلين هيكس نائبة وزير الدفاع".
وفي الوثيقة التي كشفت عنها شبكة فوكس نيوز، حث الجمهوري واشنطن على تزويد تايوان بـ "ترسانة ردع" قادرة على تثبيط العدوان الصيني.
ووفقا له، أمر شي بينغ الجيش الصيني بـ "الاستعداد لغزو تايوان بحلول عام 2027".
الصين ضد الفلبين
وكواحدة من أكثر المناطق المتنازع عليها في العالم، تشير الصحيفة إلى مطالبة الفلبين والصين بمساحات كبيرة من بحر الصين الجنوبي.
وتلفت إلى أن فيتنام وماليزيا وبروناي وتايوان تشارك أيضا في الكفاح من أجل الموارد الطبيعية الغنية للممر المائي.
كما أن الصين متهمة بالتقدم على الولاية الإقليمية لدول أخرى وبناء جزر صناعية ومنصات مراقبة، بالإضافة إلى تشجيع مغادرة سفن الصيد خارج أراضيها البحرية.
والهدف من هذه السياسة -كما توضح الصحيفة- هو "زيادة السيادة الصينية تدريجيا في بحر الصين الجنوبي".
"وعلى الرغم من أن القضية تشمل عدة دول، فإن العلاقة بين مانيلا وبكين هي الأكثر حساسية"، كما ذكرت الصحيفة البرتغالية.
وأوضحت أن البحرية الصينية بدأت في مضايقة السفن الفلبينية التي تعمل على تزويد قاعدة في جزر سبراتلي، وهي مجموعة من الجزر المتقاربة متنازع عليها.
ونتيجة لهذا النزاع، تذكر الصحيفة أن "السفن الصينية والفلبينية اصطدمت في أكثر من مناسبة بسبب العداء من جانب بكين".
جدير بالذكر أنه في عام 2016، أبطل تحكيم دولي في لاهاي مزاعم بكين بشأن الممر المائي، الذي تمر عبره تجارة بحرية تبلغ قيمتها حوالي 3 تريليونات دولار سنويا.
ومع ذلك، فإن الحكومة الصينية لا تعترف بالقرار، كما أنها تمتلك اليوم على الأقل ثلاث جزر صناعية مسلحة بالكامل في المنطقة.
وكما هو الحال مع تايوان، تنوه "إي ريفرانسيا" أن "الولايات المتحدة تقحم نفسها في القضية الجيوسياسية بصفتها حليفة للفلبين".
وأشارت إلى أن "الطرفين أبرما اتفاقية دفاعية من شأنها أن تؤدي إلى رد فعل عسكري في حالة العدوان الصيني".
ومن ناحية أخرى، تلفت الصحيفة إلى أن اليابان بدأت في التحرك، مع اقتراب تنفيذ اتفاقية الدفاع بين طوكيو ومانيلا .
وبعد تصاعد حدة الخطاب على الجانبين، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلنت بكين أن "قواتها في حالة تأهب قصوى لحماية السيادة الوطنية والأمن والمصالح البحرية".
وبالنظر إلى التحالفات العسكرية المعنية، تؤكد الصحيفة أنه "من المستحيل التنبؤ بعواقب الرقابة المحتملة على أي من الجانبين، خاصة تلك التي قد تؤدي إلى وقوع ضحايا".
وبالنسبة للفلبين، فإن دعم حلفائها الأكبر يولد الحد الأدنى من الراحة.
فكما قال الرئيس الأميركي جو بايدن في ديسمبر 2023، إن "التزام الولايات المتحدة الدفاعي تجاه الفلبين لا يتزعزع".
وأكد أن "بلاده تقف كتفا بكتف مع الفلبين في الدفاع عن حقوقها السيادية وولايتها القضائية في منطقتها الاقتصادية الخالصة".
روسيا ومولدوفا
بخلاف الحرب الروسية مع أوكرانيا، تلفت الصحيفة البرتغالية إلى وجود نزاع آخر بين روسيا ومولدوفا.
وأوضحت أن الخلاف بينهما يرتبط بالنزعة الانفصالية لمنطقة ترانسنيستريا التي أعلنت استقلالها بعد نزاع قصير عام 1992، على الرغم من عدم اعتراف المجتمع الدولي بها على هذا النحو.
ثم حدد اتفاق وقف إطلاق النار وجود قوات حفظ السلام الروسية، بوحدة عسكرية قوامها 1500 جندي.
وخلال فترة الصراع، مع وجود حليف الكرملين إيغور دودون في السلطة في مولدوفا، دعمت روسيا الدولة السوفيتية السابقة ضد الانفصاليين.
لكن بعد هزيمته في الانتخابات التي جلبت الرئيسة مايا ساندو في ديسمبر 2020، تدهورت العلاقات بين موسكو وتشيسيناو، مما أثار مخاوف من غزو روسي للجمهورية السوفيتية السابقة.
وتدعو الرئيسة الموالية للغرب موسكو إلى الانسحاب من المنطقة الانفصالية في شرق البلاد، مدعية أنه لم يُسمح للقوات الروسية على الإطلاق بدخول ترانسنيستريا.
وبحسب ما تنقله الصحيفة، قالت ساندو عند تنصيبها: "نحن دولة مستقلة لا تريد بقاء القوات الأجنبية على أراضيها".
وبالنسبة لها، لابد من استبدال القوات الروسية بمراقبين مدنيين تديرهم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وأضافت: "هذا ليس مجرد بيان، بل ضرورة. سنعمل مع روسيا طالما كان ذلك ضروريا لحل مسألة سحب الأسلحة والقوات". لكن الصحيفة البرتغالية تحذر من أن "الحل الدبلوماسي لا يلوح في الأفق".
فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأت مولدوفا في زيادة إنفاقها العسكري، خوفا من أن تعاني من نفس مصير كييف.
إذ وافق البرلمان على إجراء يقضي رسميا بزيادة ميزانية الدفاع بنسبة 70 بالمئة تقريبا، كما ستُستثمر الأموال بشكل أساسي في الأنظمة المضادة للطائرات.
وفي ديسمبر 2023، أجرت القوات المسلحة مناورة عسكرية بالقرب من المنطقة الانفصالية، وفق الصحيفة.
وبحسب ساندو، التي تحدثت على وسائل التواصل الاجتماعي عن المناورات العسكرية، فإن مولدوفا تواجه تهديدين رئيسين للأمن القومي.
الأول هو الفساد، أما الآخر فهو "السياسة العدوانية التي ينتهجها الاتحاد الروسي ضد البلاد وضد السلام بشكل عام".
فنزويلا ضد غويانا
في أوائل ديسمبر 2023، صوت الفنزويليون في استفتاء لدعم مطالبة كاراكاس بمنطقة إيسيكويبو الغنية بالنفط، والتي تضم معظم أراضي غويانا؛ 160 ألف كيلومتر مربع حول النهر الذي يحمل نفس الاسم.
ويواجه سكان العالم صراعا جيوسياسيا آخر، حيث يتجه رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو لضم جزء كبير من دولة غويانا المجاورة.
والخلاف بين الدولتين يتعلق بمنطقة إيسيكويبو التابعة لغويانا والتي تبلغ مساحتها 160 ألف كيلومتر مربع، وهي أكبر من مساحة إنجلترا.
هذه المنطقة ذات كثافة سكانية منخفضة وتتميز بمساحات خضراء لا نهاية لها، وتتكون 85 بالمئة من مساحة غويانا من الغابات المطيرة.
كما يمكن العثور هناك على بعض من أكبر وأعلى الشلالات في العالم بأكمله.
وتلفت الصحيفة هنا إلى أن غويانا ترى أن "الإجراء الحالي يشكل تهديدا لوجودها"، وهو ما حظي بدعم دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ونتيجة لذلك، تشير إلى أن محكمة العدل الدولية قضت بالفعل بأنه "يجب على فنزويلا الامتناع عن الإجراءات التي تغير الوضع الحالي في المنطقة المتنازع عليها".
كما أنه من المقرر إجراء محاكمة في عام 2024 بهذا الشأن. ومع ذلك، تنوه "إي ريفراسنيا" أن كاراكاس لا تعترف باختصاص المحكمة في هذه المسألة.
وفي المقابل، تخشى غويانا أن يكون الاستفتاء، الذي وافق فيه السكان على الضم، ذريعة للاستيلاء على أراضيها.
وبشأن هذا النزاع، تقول الصحيفة إن "ما يثير المخاوف العالمية هو حقيقة مفادها أن الأزمة الجيوسياسية تنطوي على تحالفات قوية واهتمام كبير بنفط إيسيكويبو".
وفي ديسمبر 2023، وكدليل على دعمها لغويانا، أعلنت المملكة المتحدة "إرسال سفينة حربية إلى سواحل البلاد"، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية.
وتقف الصين وروسيا إلى جانب فنزويلا، رغم أن كلا منهما تفضل -على الأقل في الوقت الحالي- خطابا مؤيدا للدبلوماسية والحل السلمي للمشكلة.
إفريقيا "برميل بارود"
بالذهاب إلى القارة السوداء، تركز الصحيفة على أن السبب الرئيس للتوتر في إفريقيا يتعلق بالانقلاب الذي وقع في النيجر في 16 يوليو/تموز 2023.
وأوضحت أن الاستيلاء على السلطة دفع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) إلى التهديد بالتدخل المسلح.
وفي هذا الصدد، أعربت مالي وبوركينا فاسو، اللتان شهدتا أيضا انقلابات ويحكمهما المجلس العسكري أخيرا، عن دعمهما لقادة الانقلاب.
وبشأن توسع الخلافات، تقول الصحيفة إن "التوتر وصل إلى مستويات عالمية لأن الصدام بين إكواس والحكومات العسكرية الإفريقية من شأنه أن يجر روسيا على الفور إلى المواجهة".
إذ أنشأت موسكو من خلال مجموعة فاغنر للمرتزقة شراكات مع مالي وبوركينا فاسو في قطاع الأمن.
ورغم ذلك، توضح الصحيفة أن الكتلة الإفريقية تمكنت من التغلب على الأزمة بالدبلوماسية، حيث جرى التوصل إلى حل سلمي في ديسمبر 2023.
وفي غضون ذلك، تستمر الصحيفة بوصف القارة الإفريقية بأنها "عبارة عن برميل بارود".
إذ تدور الأزمة الجيوسياسية الأكثر سخونة في القارة في الوقت الحالي في السودان، الذي يعد مسرحا لصراع أهلي بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع.
ففي ديسمبر، تحدث الجيش السوداني عن تدخل دولة الإمارات العربية المتحدة في الصراع المستمر منذ أبريل/نيسان 2023.
واتهم الإمارات بأنها "الدولة التي أرسلت أسلحة إلى قوات الدعم السريع، عبر طرق في تشاد وأوغندا وجمهورية إفريقيا الوسطى، بمساعدة من مجموعة فاغنر الروسية".
ومن جانبها، أبدت الولايات المتحدة رد فعل مقابل هذه الاتهامات، حيث طالب برلمانيون ديمقراطيون "الإمارات بوقف دعمها"، بحسب الصحيفة البرتغالية.
وخلفت الحرب في السودان أكثر من 12 ألف قتيل وما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
واتسعت رقعة الصراع مع إعلان "الدعم السريع" في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2023، سيطرتها على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، بعد معارك مع الجيش استمرت نحو 4 أيام، في الولاية المتاخمة للخرطوم من الجنوب، وتعد ذات كثافة سكانية عالية، وكانت قِبلة للنازحين من القتال في الخرطوم.
وبانتقال المعارك إلى الجزيرة، اتسعت رقعة القتال إذ انضمت الأخيرة إلى 9 ولايات تشهد اشتباكات مستمرة منذ منتصف أبريل 2023، وهي العاصمة الخرطوم وولايات إقليمي دارفور وكردفان، من أصل 18 ولاية.