غيث التميمي.. معمم شيعي عراقي يعادي المقاومة الفلسطينية ويدافع عن إسرائيل
التميمي أقر بأنه سياسي مأجور يتقاضى مبالغ مقابل مديح الآخرين
“معمم شيعي، قيادي مليشياوي، مروّج للتطبيع”.. كل هذه الألقاب تطلق على السياسي العراقي غيث التميمي، الذي يعرف بإثارته للجدل من خلال أطروحاته، لا سيما التي تتعلق بالجانب الديني والسياسي، والتي كانت نتيجتها تعرّضه للاعتقال ومحاولات الاغتيال مرات عدة.
التميمي، يُعد حاليا من أبرز الشخصيات السياسية العراقية، كثيرة الظهور في وسائل الإعلام المحلية، لا سيما بعد خروجه من العراق واستقراره في لندن، ومهاجمته عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واصطفاه مع الاحتلال الإسرائيلي.
"مروّج للتطبيع"
يدفع التميمي باتجاه أن تطبع إيران والسعودية وباقي الدول العربية مع إسرائيل، وذلك لإنهاء الحرب في غزة ولبنان واليمن، بدلا من الهجوم العسكري الإيراني على الأراضي الإسرائيلية، ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
وقال التميمي خلال مقابلة تلفزيونية، في 7 أغسطس، إنه "يمكن لإيران أن ترد على إسرائيل من خلال كسب الموقف الدولي بأن توقف الحرب على غزة ولبنان واليمن، وذلك بالدخول مع السعودية والدول العربية باتفاقية سلام مع إسرائيل تضمن للفلسطينيين حقوقهم العادلة".
ومنذ انطلاق عمليات "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر، وما أعقبها من جرائم للاحتلال الإسرائيل في قطاع غزة، يشن التميمي هجوما غير مسبوق على المقاومة الفلسطينية، لا سيما حركة حماس، ويتهمها بارتكاب فضائع بحق الإسرائيليين.
ولم يخفِ فرحه باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وكتب في 31 يوليو، عبر "إكس"، قائلا: "أبارك للشعب الإسرائيلي والفلسطيني هلاك الإرهابي الكبير إسماعيل هنية في طهران. شكرا إيران العظيمة".
وفي 23 يوليو 2024، كتب التميمي عبر منصة "إكس"، إن "إستراتيجيات جيش الدفاع الإسرائيلي تضع حماس في غزة وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية بالإضافة إلى حزب الله اللبناني على لائحة الأهم والأكثر تهديدا وتعقيدا".
وتابع: "هجمات 7 أكتوبر على غلاف غزة وتعرض عشرات المدنيين إلى اعتداءات وحشية وقتل واغتصاب ضمن سلسلة كوارث مروعة، منحت حكومة (بنيامين) نتنياهو السلطة الكافية والظرف المناسب وهكذا كان، تم تدمير غزة بشكل شبه كامل. والهجمات مستمرة جبهة لبنان وحزب الله".
وفي عام 2019، انشترت للتميمي صورة تجمعه مع مواطنة إسرائيلية اسمها "تسيونيت فتال كوبرفاسر"، زوجة "يوسي كوبرفاسر"، وهو ضابط إسرائيلي متقاعد، وكان يشغل سابقا منصب رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
وبعد إحالة كوبرفاسر إلى التقاعد، عمل باحثا في مركز بحوث إسرائيلي اسمه مركز "جيروسليم" للعلاقات العامة (Jerusalem Center for Public Affairs) الذي يرأسه السياسي الإسرائيلي دور كولد.
وأظهرت العديد من الصور ومقاطع الفيديو لقاءات جمعت التميمي مع شخصيات إسرائيلية في العاصمة البريطانية لندن، يدعي البعض منها أن أصولهم تعود إلى العراق.
"سياسي مأجور"
في مرحلة الاحتجاجات الواسعة التي شهدها العراق، لا سيما في مناطق الوسط والجنوب في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، والتي قمعتها الأجهزة الأمنية والمليشيات الموالية لإيران، كان التميمي يصف نفسه بأنه أحد قادة المظاهرات الشعبية، ويدافع عنهم ويهاجم من قتلهم.
وكذلك، دأب التميمي على مهاجمة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، خصوصا بعد انقلاب الأخير على المتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد، واصطدام أنصاره من الصدريين بالناشطين، واعتدوا عليهم بالضرب والشم.
لكن وبشكل مفاجئ عاد التميمي إلى العاصمة العراقية بغداد بعد عامين بعنوان رئيس “حزب المواطنة”، وبدأ ينشر صوره على منصة "إكس" أثناء تجواله في مناطق مختلفة ولقاءاته مع مجاميع الشباب والشخصيات السياسية.
وتعليقا على ذلك، سأله الإعلامي العراقي علي فاضل، بعدما نشر التميمي صورة له بين مجموعة من الشباب ببغداد في 15 سبتمبر/ أيلول 2021، قائلا: "متابعوك ومؤيدوك يحتاجون إلى جواب منك وهو كيف رجعت وأنت مهدد من المليشيات ومن مقتدى، وأنت ملزم بالجواب".
وخلال مقابلة تلفزيونية في 2 فبراير/ شباط 2022، وجوابا على كيف رجعت إلى بغداد وأنت مهدد؟، قال التميمي: "عدت كما عاد الآلاف غيري.. وإن الجهات التي تقتل كانت تخشى تضيع منهم السلطة، لكن اليوم هي بيدهم، فما عادوا يقتلون، وعندما يزعلون ويعودون للقتل، أنا أغادر البلد".
وتابع: "لم أكن عدوا للمليشيات حتى أصبح صديقهم، فأنا صديق لهم قد يعرفهم الناس، وأغلبهم تربطني بهم علاقات قديمة جدا، لكن الصداقة شيء والخلاف السياسي شيء آخر. وهم الآن بدأوا يتغيرون وينخرطون في الدولة. فكلما فعلوا ذلك، فإنه حتى ذنوبهم سيغفرها الناس".
وبدأ التميمي في أكثر من مقابلة تلفزيونية يمتدح زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، ويصفه بالمقاوم، والشيء نفسه بالنسبة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إضافة إلى امتداحه قوات الحشد الشعبي.
وفي 15 أغسطس 2023، تعرض التميمي إلى محاولة اغتيال في بغداد، وذلك بعد "انفجار عبر عبوة لاصقة وضعت في سيارته الشخصية عندما كانت مركونة في أحد شوارع العاصمة العراقية، وكان هو خارجها، وبالتالي لم يصب أي أحد بأذى".
وعلى إثر هذا الحادث غادر العاصمة بغداد، إلى إقليم كردستان العراق، ثم انتقل بعدها إلى المملكة المتحدة، واستقر في لندن، وأقام هناك ما يسمى ديوان الشيخ غيث التميمي، يستضيف فيه العديد من الشخصيات العراقية من مطربين وغيرهم.
التميمي فسّر بشكل أو بآخر أسباب مديحه السابق لقادة المليشيات، بالقول: "أعترف أنني مأجور، وأن أجوري غالية، وكان قيس الخزعلي (زعيم مليشيا العصائب) يدفع لي ألف دولار، ولا أتردد في قول ذلك، لأن عملي هي الكلمة التي أقولها، والمقابلة التي أجريها".
وأضاف التميمي مقطعا صوتيا نشره على حسابه في "إكس"، أن "مقابلة واحدة في إحدى القنوات الفضائية، كانت مدتها 45 دقيقة تكلمت فيها عن موضوع، قبضت عليها 35 ألف دولار، وعن رأيي الذي تحدثت فيه وأدافع عنه حصلت على هذا المبلغ المالي".
"مليشياوي ومبتز"
غيث عبد الجبار عبد الله الغالي التميمي الكاظمي، من مواليد بغداد عام 1981، درس في الحوزة العلمية الشيعية في مدينة النجف بالعراق، قيادي سابق في التيار الصدري، ومليشيا جيش الهدي التابعة لمقتدى الصدر.
التحق بالتيار الصدري وتبوأ منصب المسؤول الثقافي والإعلامي في التيار الصدري، وكان يظهر على شاشات التلفزيون بشكل مكثف خصوصا أيام احتدام المعارك في النجف مع القوات الأميركية في أبريل 2004، حيث كان في ذلك الوقت يدرس في مدرسة "الإمام البروجردي" الشيعية.
وأصبح فيما بعد يخوض المفاوضات مع القوات الأميركية ممثلا عن التيار الصدري أيام المستشار الأميركي بول بريمر. لكن علاقاته ساءت مع التيار الصدري بعدها وخرج من التيار نهاية عام 2005.
اعتقلته القوات الأميركية مع مجموعة من قيادات التيار الصدري عام 2006، وتم إيداعه في سجن بوكا بمحافظة البصرة جنوب العراق، باتهامات تتعلق بالقتل والخطف للعراقيين، وبقي حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، إذ أطلق سراحه بعدها مع آخرين.
ويتهم إعلاميون عراقيون التميمي بأنه وابنه كانا يسجلان لهم حديثهم خلال جلسات خاصة يجرى فيها الحديث عن سياسيين ومسؤولين عراقيين، ثم يقومان بابتزازهم بها مقابل مبالغ مالية كبيرة عن طريق إرسالها إلى إعلامي آخر يدعى “علي فاضل” مقيم في الولايات المتحدة.
وفي 24 سبتمبر 2024، قال الإعلامي العراقي حسام الحاج على منصة "إكس" إنه "يتعرض منذ أسبوعين إلى محاولة ابتزاز دنيئة من عصابة متخصصة ومشهورة بالابتزاز الإلكتروني، وبالرغم من أن تلك العصابة تعلم علم اليقين أن التسجيل الصوتي الذي ابتزوني به غير حقيقي وهم الذين قاموا بفبركته".
وتابع: "رغم ذلك قاموا بابتزازي ومساومتي بدفع مبالغ مالية مقابل عدم نشر هذا التسجيل. وعملية الابتزاز هذه مثبتة من خلال مقاطع صوتية ورسائل عبر الهاتف".
وأضاف الجاج: "أبلغت الجهات الأمنية والقضائية وقدمت الأدلة كافة التي تثبت عملية الابتزاز المنظمة وقد قامت الجهات الأمنية وفق أوامر من جهات رسمية بتحليل المقطع الصوتي وثبت لديهم بأن التسجيل الصوتي مفبرك ومقلّد وكذلك ثبت لديهم تحقق أركان جريمة الابتزاز".
وأكد الحاج: "استدراج أطراف العصابة في بغداد وإلقاء القبض على أغلبهم وبالجرم المشهود وهم يقومون بتسلم المبالغ المالية باستثناء رئيس العصابة الموجود خارج العراق، والذي سوف يتم إصدار مذكرة قبض دولية عن طريق الإنتربول لإحضاره أمام القضاء".
لكن الإعلامي المقرب من المليشيات، أحمد الذواق، قال على منصة "إكس" في 23 ديسمبر، زعم أنه "في جلسة خاصة تكلم حسام الحاج عن أحد السياسيين بسوء (كلنا مثل حسام نتكلم ومحد معصوم)".
وتابع: "كانت الجلسة بين حسام الحاج وغيث التميمي وابنه الذين قاموا بتسجيل كلام الأول، وبعثوا بالتسجيل إلى علي فاضل (عباس فاضل) الذي قام بالاتصال بحسام الحاج وطلب مبلغا كبيرا (40 ألف دولار) من أجل عدم نشر التسجيل في صفحاته".
وأشار إلى أنه "اتفق حسام مع علي بدفع عشرين ألف دولار مقدما، وبعد الذهاب للتسليم كان حسام متفقا مع القوات الأمنية"، لافتا إلى أن "القضاء العراقي قبض على عدد من شخصيات هذه الشبكة في العراق وصدرت أوامر قبض على عدد آخر منهم في دبي وفي أميركا".