بعد إنجاز صفقة تبادل السجناء.. كيف ربحت إيران وقطر وخسرت إدارة بايدن؟
يحتفل الإيرانيون "بانتصار آخر" على الولايات المتحدة، عبر عقد تسوية لتبادل الأسرى والإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة.
هذا ما خلصت إليه صحيفة عبرية رأت أيضا أن "رجل الساعة" هو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل الثاني، الذي بات ركيزة مهمة في الشرق الأوسط، و"هو ما يثير استياء إسرائيل".
وفي المقابل، أوضحت صحيفة "زمان إسرائيل" الانعكاسات السلبية للاتفاق على الرئيس الأميركي جو بايدن، لا سيما وهو يستعد لإطلاق حملته للانتخابات الرئاسية القادمة.
رجل الإنجاز
واحتفلت إيران، في 18 سبتمبر/أيلول 2023، بانتصار آخر على الولايات المتحدة، حسب وجهة نظر الإعلام الرسمي الإيراني.
وأُطلق سراح السجناء الإيرانيين الخمسة مقابل خمسة سجناء مزدوجي الجنسية (أميركيين إيرانيين)- والإفراج عن 6 مليارات دولار نقدا.
وتلفت الصحيفة العبرية إلى أن ثلاثة من السجناء الإيرانيين الخمسة طلبوا عدم العودة إلى طهران.
وبالتالي، لم يبق من الطائرة الإيرانية الخاصة، التي أقلعت من العاصمة القطرية الدوحة، سوى سجينين مفرج عنهما في طهران.
وطلب اثنان آخران البقاء في الولايات المتحدة، والثالث سينضم إلى عائلته التي تعيش خارج إيران.
وتذكر الصحيفة أنه "من المشكوك فيه أن هذه الصفقة كانت ستتم لولا أمير قطر، الذي يعد شخصية مقبولة لدى الطرفين، طهران وواشنطن".
وتؤكد "زمان إسرائيل" أن "أمير قطر بشكل عام أصبح شيئا فشيئا ركيزة مهمة في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بإيران، وهو الأمر الذي يثير استياء إسرائيل".
وفي هذا الصدد، تشير إلى أن "أمير قطر هو الوسيط الذي يمر من خلاله السجناء والأموال الإيرانية المجمدة من كوريا الجنوبية".
وأوضحت أن "قطر تشكل جزءا مهيمنا جدا من اقتصاد قطاع غزة، كما أنها مسؤولة عن الأموال التي تذهب بشكل ربع سنوي إلى السكان هناك".
من ناحية أخرى، تقول الصحيفة إن "الأمير تميم في الواقع يمس تقريبا كل المصالح الأميركية في المنطقة".
ووفقا للصحيفة، "قد يكون هذا الوضع بالنسبة لإسرائيل مزحة، ولكن في نظر البيت الأبيض، يعد أمير قطر شخصا قادرا على الإنجاز".
وتوضح أنه "في ظل هذا المشهد السياسي، فإن الفائزين من هذه الصفقة إيران وأمير قطر وسلطان عمان (هيثم بن طارق)" اللذين أسهما بالتوسط وإنجاز الاتفاق.
خسارة أميركية
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فتقول الصحيفة: "ربما ينبغي دراسة الأمور من وجهة نظر حزبية".
إذ تعتقد "زمان إسرائيل" أنه "ربما يكون جو بايدن والديمقراطيون قد نجحوا في تقليل الأضرار بقدر الإمكان، لكن الجمهوريين حصلوا على الكثير من الذخيرة للانتخابات المقبلة (نوفمبر/تشرين الثاني 2024)".
من ناحية أخرى، تشير إلى أنه "فور وصول السجناء الأميركيين الخمسة إلى الدوحة، أعلن بايدن فرض عقوبات شخصية على الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، بعد دوره في اختفاء عميل وكالة المخابرات المركزية، روبرت ليفنسون".
وفي الوقت نفسه، فرض بايدن أيضا عقوبات مباشرة على وزارة الاستخبارات الإيرانية.
وتذكر الصحيفة أن هذه الخطوة "قُوبلت بسخرية من قبل بعض المغتربين الإيرانيين في الولايات المتحدة"، حيث لم يعد أحمدي نجاد، الذي كان رئيسا لإيران عام 2007، جزءا من النظام الحالي.
علاوة على ذلك، فإن وزارة الاستخبارات تخضع بالفعل لعقوبات من هيئات أخرى في الحكومة الأميركية. ويعني هذا، في رأي الصحيفة، أن "بايدن يحاول إطلاق الرصاصة نفسها مرتين".
وفي نظر كثيرين، "تعد هذه الخطوة علامة أخرى على ضعف إدارة بايدن في الاتفاق الحالي مع إيران، الذي لم يتضمن مطلبا حازما فيما يتعلق بمصير ليفنسون".
وكان ليفنسون قد اختفى في جزيرة كيش الإيرانية بالخليج العربي عام 2007 أثناء قيامه بمهمة، فيما نفت طهران وجوده بحوزتها، رغم ظهوره أسيرا في شريط فيديو عام 2010.
وتذكر الصحيفة أنه بعد مرور عام، تلقت عائلته صورا إضافية يظهر فيها في حالة بدنية سيئة، مرتديا زي السجين البرتقالي.
كما توضح أن "الإيرانيين لم يتحملوا في أي وقت المسؤولية عن هذا الملف، رغم أن المعلومات الواردة من أجهزة الاستخبارات الأميركية أشارت إلى المسؤولين عن اختطافه، بما في ذلك أسماء محددة لضباط مخابرات في النظام الإيراني".
غياب الكفاءة
وترى الصحيفة أنه "من المرجح أن تكون الصفقة الحالية، إضافة إلى استبعاد مسألة ليفنسون، جزءا من حملة الحزب الجمهوري".
وتلفت إلى توجيه الدبلوماسي الأميركي السابق باري روزن، انتقادات غير مسبوقة للإدارة على خلفية تراخيها في التعامل مع "العدوان الإيراني"، وخاصة مع الاتفاق الحالي.
وباري روزن، وهو إحدى الرهائن في حادث اقتحام السفارة الأميركية في طهران عام 1979، يقول إن المبعوث الأميركي لإجراء محادثات مع طهران، روبرت مالي، تحدث معه منذ فترة.
ولفت إلى أن روبرت مالي أُقيل من منصبه قبل بضعة أشهر بسبب شكوك جدية بشأن تجاوزه حدود سلطته والتعامل غير السليم مع المعلومات الحساسة.
كما "أوقف" مالي نهاية يونيو/حزيران 2023 عن جميع مناصبه الحكومية، ويخضع للتحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية وقتها أن مالي منح إجازة وأن "تصريحه الأمني قيد المراجعة"، فيما أشارت وسائل إعلام عدة إلى وجود مشكلة في تعامله مع وثائق حساسة.
وجاء هذا التطور وسط تكهنات حول وجود محادثات غير مباشرة (بشأن الاتفاق النووي) بين إيران والولايات المتحدة عبر سلطنة عمان الوسيط التقليدي بين البلدين اللذين لا تربطهما علاقات دبلوماسية.
ومالي الذي عينه الرئيس جو بايدن في هذا المنصب في 2021، كان أحد مهندسي الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، والذي سحب الرئيس السابق دونالد ترامب بلاده منه أحاديا عام 2018.
وينقل الدبلوماسي السابق باري روزن وصف روبرت مالي للسياسة الأميركية تجاه طهران بأنها "عديمة الكفاءة".
وأوضح بالقول: "أخبرني روبرت مالي أنه من غير المعقول أن تتفاوض الولايات المتحدة مع الإيرانيين للتوصل إلى اتفاق نووي، في حين أن مواطنين أميركيين محتجزون في طهران بلا سبب ولأهداف المساومة فقط".
وفي إشارة منه إلى تفاوضها مع الإيرانيين واتفاقها معهم، يحذر روزن من أن "الولايات المتحدة ومواطنيها سيدفعون ثمنا باهظا في المستقبل".