صلاح سلطان.. داعية إسلامي يعذب في سجون النظام المصري بتهم باطلة

داود علي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

يقبع الداعية الإسلامي الأكاديمي المصري صلاح سلطان في سجون النظام منذ 10 سنوات كاملة، على خلفية مناهضته الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح السيسي عام 2013. 

ويعاني سلطان شأنه شأن كثير من العلماء والدعاة الذين يتعرضون للانتهاكات داخل السجون، بسبب موقفهم الحاسم المناهض للسيسي، الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد، ويسجن أكثر من 60 ألف شخص على خلفية سياسية، بحسب منظمات حقوقية. 

وطالبت 51 منظمة حقوقية السلطات المصرية بضرورة إطلاق سراح صلاح سلطان، معربة عن قلقها من تعرضه لـ"خطر الموت المفاجئ".

وشددت المنظمات الحقوقية في بيان لها صدر في 3 مايو/أيار 2023، على ضرورة ضمان الوصول الفوري والعاجل إلى الرعاية الطبية التي من شأنها إنقاذ حياته، والتحقيق الفعال والشفاف في المزاعم التي تفيد بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة.

ومن بين المنظمات الموقعة على البيان، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، منظمة العفو الدولية، الجمعية البريطانية للدراسات الشرق أوسطية، وأيضا منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فضلا عن هيومن رايتس ووتش، والشبكة السورية لحقوق الإنسان.

حياته مهددة 

لم يقف الأمر على الـ 51 منظمة حقوقية التي تضغط على النظام المصري بشأن سلطان، ففي 11 مايو 2023، طلبت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السلطات المصرية بالإفراج الفوري عنه.

كما وصفته بالأب المحتجز تعسفيا لأحد المدافعين الأميركيين البارزين عن حقوق الإنسان (محمد صلاح سلطان)، وذلك عقب تلقيها معلومات تفيد بتدهور حالته الصحية في محبسه. 

وقالت اللجنة التي يرأسها السيناتور بوب مينينديز، عبر تويتر: "نشعر بقلق بالغ إزاء التدهور المتواصل في صحة صلاح سلطان نتيجة الإهمال داخل السجن، ويجب على السلطات الإفراج عنه والسماح له بالوصول الفوري إلى الرعاية الطبية التي ستنقذ حياته".

وكان عضو الكونغرس، دون باير، قد كتب في 8 مايو 2023 على تويتر للمطالبة بإطلاق سراحه، قائلا: "لم يكن من المفترض أن يسجن الدكتور صلاح سلطان في المقام الأول، لكن الظروف التي يواجهها، ومنها الحرمان من الرعاية الصحية الأساسية، أصبحت تهدد حياته الآن، وأدعو النظام المصري للإفراج الفوري عنه".

والداعية الإسلامي صلاح سلطان، حاصل على إقامة دائمة في الولايات المتحدة بشكل قانوني (جرين كارد).

وفي منتصف يناير/كانون الثاني 2023، قالت عائلة صلاح سلطان، إنه خلال زيارتهم له في  السجن دخل إلى الغرفة متكئا على اثنين من حراس الأمن، لأنه لم يكن قادرا على حمل جسمه.

وأضافوا أن رفقاء زنزانة الداعية الإسلامي أكدوا لهم تعرضه للانهيار داخل زنزانته، كما ظل عاجزا عن الحركة لفترة طويلة.

وسلطان معتقل منذ 2013، لكن جرى إخفاؤه قسرا في يونيو/حزيران 2020، بعد أيام من رفع ابنه محمد (حاصل على الجنسية الأميركية، وكان معتقلا أيضا)، قضية ضد السلطات المصرية بتهمة التعذيب وغيرها من الجرائم المرتكبة ضده قبل سنوات.

سجن بدر 

ويقضي صلاح سلطان حاليا عقوبة السجن المؤبد في سجن بدر 1 سيئ السمعة شرق القاهرة، بعد محاكمة جماعية شهدت انتهاكات شديدة لإجراءات القانون الواجبة والمحاكمة العادلة، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية عام 2019.

وكانت المحكمة قد أيدت حكما بالسجن المؤبد (25 عاما) في 10 يونيو/حزيران 2019، ضد الداعية صلاح سلطان، وكان برفقته في نفس القضية، عضو مكتب إرشاد جماعة "الإخوان المسلمين" عبد الرحمن البر، الملقب إعلاميا بـ"مفتي الإخوان"، إضافة إلى 20 آخرين في القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث جامع الفتح".

وتعود القضية إلى أغسطس/آب 2013، عقب أيام قليلة من الفض الدموي لاعتصام رابعة العدوية، الذي راح ضحيته مئات الأفراد من أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، على يد قوات الأمن. 

ووجود صلاح سلطان في سجن بدر، كفيل بمعرفة ما يتعرض له من انتهاكات. ويقع السجن بالصحراء الشرقية قرب العاصمة الإدارية الجديدة، وعلى بعد أقل من 60 كلم غرب القاهرة، وأسس على مساحة 85 فدانا، وضم 3 مراكز إصلاح وتأهيل.

وكان الدافع الرئيس للنظام لبناء السجن الجديد، استغلال موقع منطقة سجون "طرة" المطل على النيل في القاهرة في مشاريع استثمارية، لذلك نقل السجناء السياسيين إلى المجمعات الجديدة ومنها "بدر".

وذلك بعد أن جرى الإعلان عن إخلاء عدد من السجون الرئيسة كـ "العقرب" و"طرة" سيئة الصيت بالتزامن مع بدء تشغيل منشآت بدر المماثلة، التي كان يرجى لها أن تكون أفضل حقوقيا وإنسانيا تجاه المعتقلين.

ومعظم سجناء "بدر" من قادة جماعة الإخوان المسلمين والمعارضة المصرية، ومنهم كبار السن، وكثير منهم كانوا من نزلاء سجن العقرب.  

وبحسب تقرير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، في يناير 2023، فهؤلاء السجناء "يعدون الآن في عداد الموتى".

ووفق التقرير "يتعرض المعتقلون في سجن بدر لإضاءة قوية 24 ساعة فلا يستطيعون النوم أو الراحة، ما يعرضهم في كثير من الأحيان لنوبات انهيار عصبي".

وأورد أنه خلال عام واحد فقط 2022/ 2023 مات أكثر من 17 معتقلا داخل هذا السجن، نتيجة التعذيب والإهمال الطبي، وهو ما يفسر الحالة التي وصل إليها سلطان. 

من صلاح سلطان؟ 

اسمه بالكامل صلاح الدين عبد الحليم سلطان، ولد في 20 أغسطس/ آب 1959، بمحافظة المنوفية.

نشأ سلطان في أسرة فقيرة، ولم تكن ظروفه المادية تساعده على إتمام تعليمه، لذلك انخرط في العمل بالزراعة منذ صغره حتى يستطيع الإنفاق على نفسه.

ورغم ظروفه، تفوق على زملائه، وتخصص في اللغة العربية والعلوم الإسلامية.

وفي عام 1981 حصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى من كلية دار العلوم جامعة القاهرة.

وفي عام 1987 حصل على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية بدرجة امتياز.

ثم حصل على شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية عام 1992 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.

لم يقف نهمه العلمي عند تلك المرحلة، فاتجه إلى دراسة الحقوق وحصل على شهادة الليسانس في القانون بدرجة جيد من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1994.

كانت تجرى دعوة صلاح سلطان لعقد اللقاءات الدعوية للجالية الإسلامية بالولايات المتحدة الأميركية.

وفي عام 1998 شغل منصب مدير المركز الإسلامي الكبير بولاية بوسطن الأميركية، وكذلك رئيس الجامعة الإسلامية الأميركية بـ "ميشيغن" 

وفي 2004 أصبح عضو المجلس الفقهي لأميركا الشمالية، وكذلك عضو مجلس شورى الجمعية الإسلامية الأميركية.

وعندما اندلعت الثورة المصرية في 25 يناير 2011، كان مناصرا لها ومشاركا فيها، وفي 2012 شغل منصب مستشار وزير الأوقاف طلعت عفيفي، خلال حكم الرئيس المصري المنتخب الراحل محمد مرسي.

وناهض بقوة الانقلاب العسكري الذي نفذه وزير الدفاع آنذاك ورئيس النظام الحالي عبد الفتاح السيسي.

وشارك سلطان في اعتصام رابعة العدوية، واعتقل هو ونجله محمد بعد فضه بأيام، وتحديدا في أحداث مسجد الفتح يوم 18 أغسطس 2013.

وأعلن صلاح سلطان أن قوات الجيش أحرقت المعتصمين السلميين المدافعين عن الشرعية، وشبه عبد الفتاح السيسي بفرعون مصر، ونعته بـ "المجرم".

وقال: "إن العدو أثناء الحرب يمنح عدوه الوقت حتى يرفع قتلاه ويداوي جرحاه، بينما الجيش المصري أطلق الرصاص على المعتصمين وقتلنا أثناء الصلاة وحرق جثث شهدائنا غدرا". 

وخلال عام 2019 بعث برسالة قال فيها: "أنا في المحكمة منذ 1000 يوم، قضيت فيها 30 ألف ساعة خلف الأسوار في جريمة وهمية، بناء على اتهامات وهمية".

وأردف: "أنا أصدرت نحو 80 كتابا ليس من بينها أي دعوات لإحداث التغيير بالعنف، ودائما كنت أدعو بالتغيير بالحسنى والموعظة الحسنة".