خبراء غربيون يتنبؤون بانهيار روسيا عام 2033.. هل يحدث ذلك؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في الآونة الأخيرة، أجرى موقع "أتلانتيك كاونسل" مسحا استقصائيا مع أكثر من 167 خبيرا سياسيا واقتصاديا، عن شكل العالم بعد 10 سنوات، في إطار التأثير طويل المدى للعقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا.

وقد خلص الموقع إلى أن روسيا قد تصبح دولة فاشلة، وقد تتفكك، بحلول عام 2033، وفق تقديره.

و"أتلانتيك كاونسل" مؤسسة بحثية غير حزبية، مؤثرة في مجال الشؤون الدولية، تأسست عام 1961 في واشنطن، وتدير عشرة مراكز إقليمية وبرامج وظيفية تتعلق بالأمن الدولي والازدهار الاقتصادي العالمي.

وتوقع 46 بالمئة ممن شملهم المسح أن تتفكك الدولة الروسية بعد 10 سنوات، كما يعتقد 21 بالمئة منهم أن روسيا دولة محكوم عليها بالفشل.

فرضيتان غربيتان

صحيفة "سوهو" الصينية تحدثت عما جاء في هذا المسح ونشرت تقريرا تفند فيه ادعاءات الخبراء الغربيين، وترى أن تنبؤاتهم لن تكون صحيحة.

وبحسب الصحيفة، تستند تنبؤات العلماء الغربيين على فرضيتين، كالتالي، أولهما أنه يمكن استمرار العقوبات الشاملة التي تنظمها الولايات المتحدة ضد روسيا حتى عام 2033.

والثانية أنه ليس لدى روسيا طريقة للعثور على شركاء اقتصاديين وتجاريين وتكنولوجيين يمكن مقارنتهم بأوروبا.

تستشهد الصحيفة بما قاله الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، في كتابه "القادة": "دائما يتطور العالم بشكل ديناميكي، والقادة الذين يمكنهم التحكم والقيادة في الأوضاع المتغيرة هم الذين يتمكنون من الفوز والانتصار في النهاية".

وتعقب على الفرضية الأولى بالقول: "بادئ ذي بدء، قد لا تستمر العقوبات الأميركية ضد روسيا حتى عام 2033، إذ أدى الحظر المفروض على النفط والغاز الروسي والمواد الأخرى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمصالح الأوروبية، بما في ذلك إيطاليا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا، الدول الأوروبية المصنعة الرئيسة".

وقد أعرب كل من المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، عن عدم رضاهم عما آلت إليه الأمور. كذلك لم تنفذ المجر أبدا سياسات حظر الغاز الطبيعي.

وتفترض الصحيفة أنه "حال حدثت تغيرات كبيرة في المشهد السياسي في أوروبا، مما يؤدي إلى سعي أوروبي لمزيد من الاستقلالية السياسية عن الولايات المتحدة، فسيجرى بالتأكيد التحفظ على العقوبات التي تفرضها واشنطن".

أما بالنسبة للفرضية الثانية، فقد ذكرت "سوهو" أنه ليس بالضرورة أن تتورط روسيا في الصراع الأوكراني، مؤكدة أن صمود كييف ليس له سبب سوى المساعدات الضخمة التي قدمتها الولايات المتحدة والغرب لها. 

وبالنظر إلى أن الموارد البشرية لم تنفد، تقول الصحيفة: "إذا استمرت الحرب، فسيكون جيل الشباب ومتوسطي العمر في أوكرانيا منهكا".

معارضة الصراع

وبالنسبة لمواقف الدول من الصراع، أضافت: "خارج المعسكر الغربي، تعارض جميع دول العالم الثالث تقريبا هذا الصراع".

لكن ما يعارضونه ليس روسيا، بل "هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي وبلطجتهم المتكررة"، حسب وصف الصحيفة.

وأتبعت: "إذا وجدت روسيا شريكا خارج أوروبا وأعادت التوازن إلى هيكل تصدير الطاقة لديها، فحينها تتمكن من احتواء معدل الركود، ولن يدخل الاقتصاد في ركود كبير كما توقع الخبراء الغربيون".

وفي هذا السياق، تنشط الحكومة الروسية في التعاون والتنسيق الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي والطاقي، وحتى العسكري، مع الصين والهند، وبالتالي من المستحيل أن تحتوي الولايات المتحدة روسيا وتقوضها بشكل كامل، وفقا لرأي الصحيفة.

وأكملت: "السؤال الحقيقي الكبير هو ما إن كانت الولايات المتحدة ستحتفظ بهيمنتها حتى عام 2033".

فخلال هذه السنوات العشر، تمتلك الصين وقتا كافيا لاختراق قدرات الإنتاج الضخمة لبعض التقنيات المتطورة، بما في ذلك المحركات الهوائية والدوائر المتكاملة عالية الأداء وبعض المواد الخام الكيميائية المهمة.

وترى الصحيفة أن ذلك "سيكسر تماما الهيمنة التكنولوجية للولايات المتحدة". وهو ما يجعلها غير قادرة على التمتع بامتياز الحصول على أرباح إضافية، وآنذاك ستصير الأزمة المالية في واشنطن أكثر خطورة.

وأتبعت: "في ذلك الوقت، من المشكوك فيه ما إن كانت الولايات المتحدة ستظل قادرة على الحفاظ على هيمنة الدولار الأميركي، وما إن كانت ستستمر في إنفاق الكثير من الموارد لاستهلاك روسيا".

بطبيعة الحال، فإن القضية الأكثر أهمية، وفقا للصحيفة، هي "أن روسيا نفسها لا يمكن أن تنهار، وأن الصراع الأهلي داخلها لا يمكن أن يحدث بسبب الصعوبات الاقتصادية والحروب".

وتفسر ذلك بأن "روسيا اليوم لم تعد هي الاتحاد السوفيتي السابق، إذ وصلت نسبة الروس من سكان البلاد إلى نحو 80 بالمئة، وبالتالي فإنهم هم المجموعة العرقية المهيمنة ذات الموقف الحاسم".

وهو ما يعني -تبعا لما ذكرته الصحيفة- أن الحكومة الروسية لديها أساس قوي تستند عليه بالنسبة للرأي العام داخلها، فالتطلع المشترك لمواطني روسيا كافة هو التوحد ومواجهة العدو المشترك والتغلب على الصعوبات والعراقيل معا.

ولذا، ترى الصحيفة أن الأوجب والأولى بالنسبة للولايات المتحدة، خلال السنوات العشر المقبلة، هو أن تعطي مزيدا من الجهود لحل مشاكل الانقسام المجتمعي والصراعات العرقية في الداخل الأميركي، علاوة على النظر والبحث في كيفية التخفيف من أزماتها الاقتصادية وأعباء الديون.

واختتمت التقرير: "سيكون ذلك بالنسبة للولايات المتحدة أفضل وأكثر فائدة وواقعية من إفساد العالم ومحاولة احتواء الصين وروسيا".