نشاط روسي صيني ملحوظ.. لماذا تخشى أميركا على ثروتها الفضائية؟
صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2022، على قرار يدعو إلى حظر اختبارات الصعود المباشر "Asat" للصواريخ المضادة للأقمار الصناعية.
ويدعو القرار الدول إلى وقف الاختبارات الحركية للصعود المباشر للأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، أي تلك التي تنطلق من سطح الأرض.
وصوت إجمالي 155 دولة لصالح القرار، بينما عارضته تسع، هي روسيا، والصين، وبيلاروسيا، وبوليفيا، وإفريقيا الوسطى، وكوبا، وإيران، ونيكاراغوا، وسوريا.
بينما فضلت تسع دول أخرى الامتناع عن التصويت، وهي الهند، ولاوس، ومدغشقر، وباكستان، وصربيا، وسريلانكا، والسودان، وتوغو، وزيمبابوي.
أهداف فضائية
ورأى موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي أن القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة ودول أخرى، يعد خطوة رمزية تهدف إلى الحد من التسلح ومنع نشر أسلحة في الفضاء الخارجي.
وقال إن القرار غير ملزم، ويدعو الدول ببساطة إلى إنهاء اختبارات الصعود المباشر المضادة للأقمار الصناعية وتطوير المزيد من الإجراءات العملية والمساهمة في الأدوات الملزمة قانونا لمنع سباق التسلح في الفضاء.
وذكر أنه جاء إثر القرار أحادي الجانب للولايات المتحدة، والذي يعود تاريخه إلى أبريل/ نيسان 2022، بالالتزام بإنهاء تجارب الصواريخ المضادة للأقمار الصناعية والدعوة لاتفاق عالمي بهذا الشأن.
وهي خطوة لا تشمل حظر أنواع أخرى من الاختبارات، مثل أسلحة الطاقة الموجهة، أو أنظمة "Asat" الحركية المتمركزة في الفضاء، والتي تقوم روسيا حاليا بتطويرها.
على سبيل المثال، أشار الموقع الإيطالي إلى أن قيادة الفضاء الأميركية كانت قد ذكرت أن قمرا صناعيا روسيا يطلق عليه "كوزموس 2543" عمل في 15 يوليو/ تموز 2020 على مقربة غير طبيعية من قمر صناعي تابع للحكومة الأميركية في مدار أرضي منخفض.
وذلك قبل أن يتحرك بعيدا إلى قمر صناعي روسي آخر في اختبار لا يتماشى مع الغرض المقصود من إطلاقه.
ومع ذلك، يضيف الموقع أن روسيا تعد الأكثر نشاطا مع الصين والهند في اختبار أنظمة الصواريخ الأرضية القادرة على ضرب أهداف في الفضاء.
يذكر أن القمر الاصطناعي "كوزموس 1408 "، دُمر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بواسطة صاروخ روسي مضاد للأقمار الاصطناعية، ما أنتج حطاما فضائيا رأت وكالة الفضاء الأميركية أنه يهدد سلامة المحطة الفضائية الدولية.
وأردف الموقع أنه منذ قرار الولايات المتحدة في أبريل، تعهدت تسع دول أخرى بعدم إجراء مثل هذه الاختبارات المضادة.
وكانت فرنسا آخر من أعلنت قرارها في هذا الصدد لتلتحق بأستراليا وكندا وألمانيا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وسويسرا والمملكة المتحدة.
بدورهما، أجرت الهند والصين أيضا مثل هذه الاختبارات في الماضي القريب، بينما نفذت الولايات المتحدة آخر اختبار لها في عام 1985، عندما أطلقت مقاتلة من طراز "أف 15" صاروخ "آي آس آم-135 أسات" لإصابة هدف في الفضاء.
وفي عام 2008، استخدمت البحرية الأميركية صاروخ " ستاندارد ميسايل 3" المحمول على متن السفن والمصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية والتهديدات المحمولة جوا، وذلك لتدمير قمر استطلاع صناعي قديم.
فضاء عشوائي
ويقرأ "إنسايد أوفر" قرار الأمم المتحدة بأنه المحاولة الأولى لتعديل وتحديث قانون الفضاء الدولي، والذي لا يزال قائما بشكل أساسي على معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967.
وتعرف رسميا باسم معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، والتي تحدّد بعض الحدود بطريقة "عشوائية" للغاية، مثل حظر نشر أسلحة الدمار الشامل فى مدار، وفق توصيفه.
ويرى الموقع أن هذه المعاهدة عفا عليها الزمن على وجه التحديد لأن الأنظمة الحركية المضادة للأقمار الصناعية أو أسلحة الطاقة الموجهة لا تندرج ضمنها، مما يترك مساحة كبيرة لأدوات حرب الفضاء.
ويتفق بالقول إنه "من المستحسن وضع حد لهذا النوع من التجارب خاصة إذا كان الحطام الفضائي الناتج عن اختبار لسلاح مضاد للأقمار الصناعية من النوع الحركي يمثل خطرا حقيقيا على الأجسام الأخرى في المدار".
كما لفت إلى أن قرار الأمم المتحدة الذي ساندته بشدة الولايات المتحدة يضرب قطاعا نشطا بشكل خاص من أسلحة روسيا والصين.
وأوضح أنه في حالة الصراع المفتوح يعد تدمير الأقمار الصناعية المعادية خطوة أساسية لاكتساب التفوق في ساحة المعركة جنبا إلى جنب مع الطرق الأخرى لتعطيل قدرات القيادة والتحكم والتي تؤثر أيضا على الكابلات البحرية.
ويضيف: "من خلال الأقمار الصناعية، بدلا من الاتصالات التي لا تزال حتى يومنا هذا تمر في الغالب عبر وسائل أرضية مثل الكابلات، من الممكن تحديد موقع جغرافي بدقة".
كما تقوم الأقمار الصناعية بجزء كبير من نشاط الاستطلاع/ التجسس على الرغم من أنه لا يزال هناك اعتماد على أنظمة أكثر مرونة والتي يكون مسارها أقل قابلية للتنبؤ مثل استخبارات الإشارات ELINT/SIGINT/IMINT.
في هذا الصدد، يذكر الموقع أن موسكو هددت أخيرا باستهداف الأقمار الصناعية الغربية، بما في ذلك الأقمار الخاصة واصفة إياها بأنها "شبه مدنية"، جراء إستخدامها في الصراع في أوكرانيا.
وأفاد بأن كييف نجحت بفضل بيانات الأقمار الصناعية التي جمعتها أنظمة حلف شمال الأطلسي "ناتو" في اكتساب تفوق معلوماتي سمح لها بتحقيق نجاحات ملحوظة، مثل إحباط محاولة الهجوم الروسي على مطار غوستوميل في بداية الأعمال العدائية في فبراير/ شباط 2022.
وكذلك في الهجمات المضادة على خاركييف وخيرسون، بالتحول ببساطة أكثر من قصف أهداف بالمدفعية التقليدية إلى استهدافها بصواريخ هيمارس وراجمات الصواريخ أم 270.
وبحسب الموقع، الولايات المتحدة بترويجها لهذا القرار غير الملزم، تحصل أيضا على ميزة اتصالية، خصوصا أن نتيجة التصويت كانت متوقعة بمعارضة كل من بكين وموسكو، ولا سيما مع تركيزهما الكبير على توظيف هذه التقنية.
كما أشار إلى أن لهذا "القرار أيضا وزنا على مستوى التأثير على الرأي العام العالمي؛ إذ سيكون من الممكن توظيفه في المستقبل للحصول على دعم قوي في الاتصالات الدعائية، وهي سلاح فعال على غرار صاروخ مضاد للأقمار الصناعية".