خاضع لسيطرة الإمارات.. لماذا استهدفت "الحوثي" ميناء الضبة في اليمن؟

12

طباعة

مشاركة

موجة غضب واسعة أثارها إعلان مليشيا الحوثي الشيعية المسلحة المدعومة من إيران، في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022، استهداف ميناء الضبة بمحافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن.

وتعد هذه العملية الأولى من نوعها التي يتبناها الحوثيون منذ انتهاء الهدنة في اليمن في الثاني من الشهر نفسه.

ويطالب الحوثيون المدعومون من إيران الحكومة التي يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية بدفع رواتب موظفي سلطتهم وعسكرييهم المتقاعدين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وهو ما ترفضه السلطة المعترف بها دوليا.

وقالت الحوثي في بيان عقب الهجوم، إنه أتى "منعا لاستمرار عمليات النهب الواسعة للثروة النفطية وعدم تخصيصها لخدمة أبناء الشعب فيما يخص مرتبات موظفيه"، في إشارة إلى مطالبتهم بالحصول على حصة من مبيعات النفط اليمني لصالح موظفيهم.

وأضافت مليشيا الحوثي أنها "ضربة تحذيرية لمنع سفينة من نهب النفط"، فيما وصفت الحكومة اليمنية الاستهداف بالإرهابي والجبان، وتوعدت بالرد على التصعيد العسكري.

وردت الحكومة بأن "كل الخيارات مفتوحة" للتعامل مع الهجوم الذي جرى بطائرات مسيرة وصواريخ على الميناء أثناء رسو سفينة لشحن النفط الخام من الميناء.

وأضافت أن "الهجمات الحوثية تشير بوضوح إلى إصرار المليشيا على تدشين مرحلة أكثر إجراما من الحرب وأشد وقعا على الأزمة الإنسانية في اليمن، وأكثر اضطرابا في أمن الملاحة الدولية، وتكشف حقيقة موقف الحوثيين من جهود المجتمع الدولي لاستعادة السلام".

رفض واسع

ولم يلق البيان الحكومي قبولا لدى خبراء ومحللين وناشطين على تويتر، إذ أشاروا إلى أن المعني بإصدار البيان هي دولة الإمارات العربية المتحدة التي تسيطر على ساحل حضرموت عسكريا وأمنيا، منددين بـ"العدوان الحوثي الإرهابي".

واستنكروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #الحوثي_يستهدف_مينا_الضبة، تصعيد المليشيا في مختلف الجبهات واستغلالها للهدنة لشن حملة قمع وعدوان.

وخلص ناشطون إلى أن الحوثي أنهى بهذا الاستهداف لأحد المنشآت اليمنية النفطية، كل جهود السلام، خاصة أنه يستهدف الملاحة الدولية، ولم يترك للمجلس الرئاسي مجالا إلا باتخاذ قرار الحسم العسكري وتحرير ما تبقى من اليمن.

وطالبوا المجلس الرئاسي برئاسة رشاد العليمي بردة فعل قوية وجادة ومنجزة تجاه الحوثي تعيد له ثقة الشارع التي افتقدها، محذرين من أن استمرار الصمت وضعف الموقف يعد ذلا وخضوعا ويزيد من قوة المليشيا وتجبرها. 

وهاجم ناشطون مجلس الأمن والأمم المتحدة وإصرارهم على التفاوض على تمديد الهدنة في اليمن مع الحوثي، مشيرين إلى أن قصف ميناء الضبة أثبت للعالم أن الحقوق لا تستعاد أو تصان بتلك المنظمات الدولية.

واتهموا الأمم المتحدة بالتغافل عن قتل وحصار الشعب اليمني وأنها مجرد أداة بيد الدول الاستعمارية، مستنكرين غياب إدانتها وصمتها المخزي للاستهداف الحوثي وخرق القانون الدولي الإنساني وكافة الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأمن والسلم.

ويشهد اليمن، منذ أكثر من 7 سنوات، حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية مدعومة بقوات سعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.

دور الإمارات

وتفاعلا مع الأحداث، قال المحلل السياسي كمال البعداني، إنه كان من المفروض أن تصدر أبوظبي البيان وليس الحكومة (اليمنية)، لأنها هي من يسيطر على ميناء الضبة وتديره وتتحكم في الداخل إليه والخارج منه، لكن البيض للإمارات والبقبقة للحكومة.

وأشار وزير النقل اليمني السابق صالح الجبواني إلى أن القوات الإماراتية ولواء بارشيد التابع لها هما من يسيطر على حضرموت الساحل عسكريا وأمنيا، أما وجود المحافظ والقيادة المحلية فهو فقط لتسيير العمل الإداري والخدمي.

وقال إن "المعني بالرد على غارة الحوثي على ميناء الضبطة هو قوات الإمارات ومليشياتها، وإلا فهناك رضى منهم عما تقوم به (المليشيا)".

وعلق المحلل السياسي الكاتب الصحفي ياسين التميمي: "قصف المسيرات لميناء ضبة النفطي يمثل تطبيقا عمليا لتهديدات حوثية صريحة، ولنكن واضحين لن يحاسبهم أحد طالما كانت أهدافهم داخل اليمن والضحايا الشعب ومنشآته الاقتصادية".

وأضاف: "هذا اختبار لأولئك الذين أطلقوا مئات الأسهم باتجاه الشرق، وعليهم أن يطلقوا سهما واحدا هذه المرة باتجاه الشمال".

إرهاب الحوثي

وأكد محللون أن كل أفعال الحوثي منذ سنوات شاهدة على إجرامه ووحشيته وإرهابه وخرقه لكل الاتفاقات والمعاهدات، داعين إلى المسارعة والإقدام على كسر شوكتهم قبل أن يتمادوا في عدوانهم. 

وقال الصحفي اليمني محمد الضبياني: "منذ اليوم الأول ونحن نقول الحوثي إرهاب وعدوان، وأن هذا الكيان الإيراني المحتل لعاصمة اليمنيين قراره وتحركاته بيد ملالي طهران، وأن السلام مع أفاعي السلالة الإبليسية ضرب من الخيال"، مؤكدا أن الحل في قوة غاشمة تعطل عدوان هذه العصابة وتفكك سطوتها وتحرر الأرض والإنسان من إرهابها.

ورأى المذيع اليمني مختار الفقيه أن "ما حدث من منع الحوثي دخول السفن النفيطة إلى ميناء الضبة النفطي يعكس الطبيعة الإرهابية التي تستحوذ على فكر الجماعة وتشير بوضوح إلى اللغة الوحيدة التي تفهمها".

وكتب مدير المركز الإعلامي لألوية العمالقة الجنوبية (التابعة للإمارات) أصيل السقلدي: "الحوثي يتبنى العملية الإرهابية الفاشلة لاستهداف ميناء الضبة الخدمي والسفينة التجارية وبهذا تثبت مليشيا الحوثي أنها إرهابية دموية متجردة من أخلاقيات الحرب هدفها المدنيون والمنشآت الحيوية وليس المواقع العسكرية، وهذا يعفي الحكومة من أي التزامات سلام وقعتها".

وحذر الصحفي مصطفى غليس من أن السلاح طالما بقي  في يد مليشيا الحوثي الإرهابية فإنها لن تتوقف عن إراقة دماء الشعب اليمني واستهداف بنيته التحتية، ولا عن استهداف المدنيين والمنشآت الاقتصادية في دول الجوار، وستستمر بتهديد الملاحة الدولية.

وقال الصحفي أحمد الشميري، إن الحوثي لم تشبع أطماعه إيرادات 12 محافظة و5 موانئ ومنافذ برية دون دفع ريال واحد من مرتبات الموظفين، بل يسعى للحصول على الـ20 بالمئة من إيرادات كل المحافظات اليمنية والموانئ، مضيفا أنه لا يستبعد رضوخ الأيادي المرتعشة وإعطاءه ما يريد ويبقى الموظف جائعا ينتظر مرتبه.

اختبار للرئاسة

ورأى ناشطون أن ما حدث في ميناء الضبة من عدوان سافر وغادر من المليشيا التابعة لإيران بطائرات مسيرة يستدعي تحرك الجبهات بشكل عاجل وفوري، مؤكدين أن المجلس الرئاسي أمام اختبار حقيقي للرد.

وقال مستشار رئيس المجلس الرئاسي ورئيس مكون الحراك الجنوبي ياسين مكاوي، إن الإرهاب والعنصرية ملازمتان للحوثي.

وأضاف أنه لا خيار أمام المجلس الرئاسي والتحالف إلا القضاء على هذه الآفة الإرهابية العنصرية الخطرة على بلادنا ومحيطها العربي ومصالح المجتمع الدولي، واصفا عملية الضبة بالفعل الإرهابي الذي يجب مواجهته بحزم وعزم، وليس بمكافأته.

وحذر الصحفي أحمد شبح من أن تمادي العدو الحوثي الإيراني وتعنته وإرهابه يضع مجلس القيادة الرئاسي ومنظومة الشرعية والتحالف الداعم لها أمام مسؤولية عالية في إثبات الولاء والانتماء لليمن والعروبة، وفق وصفه.

وأكد أن من يقصف ميناء الضبة ورضوم، هو نفسه من قصف أرامكو وبقيق، وأن العدو واحد، والضحية واحدة، والمصير واحد.

وأشار الصحفي كامل الخوداني إلى أن مجلس القياده الرئاسي أمام أول اختبار حقيقي منذ تشكيله، وردة فعله اليوم على استهداف الحوثي لميناء الضبة وقبلها ميناء النشيمة بشبوة وتهديداته بقصف الموانئ والسفن التجارية وتعطيل الملاحة الدولية هي من ستحدد للشعب نوعية هذا المجلس الذي يعول عليه كثيرا.

وأوضح مانع المطري أن استهداف ميناء الضبة تصعيد خطير يعكس التوجه المليشاوي المعاكس لكل الجهود الأممية والدولية وحتى ضد كل المطالب الشعبية المحلية بضرورة الهدنة، مؤكدا أن الرد الصحيح على هذا التصعيد يجب أن يكون وطنيا قبل أن يكون دوليا وإقليميا، والكرة الآن في ملعب مجلس القيادة الرئاسي.

ورأى مدير عام مكتب الإعلام بمحافظة صعدة مبروك المسمري، أن الكرة في ملعب المجلس الرئاسي، إما أن يثبت حقيقة وجوده أو نقيضها، إما الحرب أو ترك الشعب يتخذ قراره بما يحفظ مصالحه.

تواطؤ دولي

واستنكر ناشطون ضعف موقف مجلس الأمن والأمم المتحدة عن الاستهداف الحوثي لميناء الضبة، والمسارعة بالإعراب عن القلق والإدانة إذا ما تعلق الأمر بحدث يؤثر على الحوثي. 

وأكد الصحفي عبدالله المنافي أن تدليل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لمليشيا الحوثي أحد محركات الممارسات الإرهابية، وآخرها الهجوم الإجرامي على ميناء الضبة.

وعد وائل باعيدروس البار، استهداف ميناء الضبة، وأيضا محاولة ضرب سفينه أجنبية، رسالة واضحة من الحوثي لمجلس الأمن والأمم المتحدة مفادها: "لا حوار لا تفاهم، هناك شروط عليكم تنفيذها وبس".

وتمنى الكاتب والباحث ثابت الأحمدي من مجلس القيادة الرئاسي مخاطبة المبعوثين الأممي والأميركي والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن باستحالة تجديد أي هدنة في ظل هذه الاعتداءات الحوثية.

وقال أحد المغردين: "يبدو أن مجلس الأمن والأمم المتحدة عجزوا عن صياغة الإدانة بخصوص العملية البسيطة في ميناء الضبة، لأنهم عارفون أن الشعب اليمني لا يستفيد من ثرواته النفطية والغازية المنهوبة ولو بمثقال ذرة، وحتى إن جاؤوا بأذكى السياسيين في العالم لصياغة إدانة سيفشلون ولن يجدوا أي مبرر لنهب ثروات اليمن".