محمد عباس.. جنرال مصري أخفق في تدريب القوات الجوية فتولى وزارة الطيران

12

طباعة

مشاركة

أدى الفريق محمد عباس حلمي وزير الطيران الجديد، اليمين الدستورية أمام رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، في أعقاب التعديل الوزاري الذي وافق عليه مجلس النواب يوم 13 أغسطس/ آب 2022، بعد جلسة طارئة للمصادقة على تغيير 13 حقيبة وزارية. 

وكعادة من جرى تعيينهم في هذا المنصب الذي يحتكره الجنرالات، كان عباس حلمي في السابق قائدا للقوات الجوية في الجيش المصري.

وكان حلمي واحدا من 5 وزراء بخلفيات عسكرية، ضمن التشكيلة الجديدة للحكومة، والأربعة الآخرون هم "وزير الدفاع الفريق محمد زكي، ووزير الإنتاج الحربي اللواء محمد صلاح الدين، ووزير النقل والمواصلات الفريق كامل الوزير، ووزير التنمية المحلية اللواء هشام آمنة". 

فريق طيار 

ومحمد عباس حلمي من مواليد 20 يناير/ كانون الثاني 1961. وبدأت مسيرته العسكرية عندما تخرج من الكلية الجوية فى 1 أبريل/ نيسان 1982، حاصلا على بكالوريوس الطيران والعلوم العسكرية، ثم ماجستير بالعلوم العسكرية.

وككثير من القادة العسكريين المصريين التحق عباس بكلية القادة والأركان، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية.

ومنها أيضا حصل على دورة متخصصة في إعداد كبار القادة، وكانت مسيرته اعتيادية حتى اندلعت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011. 

رأى حينها قادة المجلس العسكري أنه لا بد من إفراز جيل جديد من العسكريين وتصعيدهم للقيادة بدلا من الجيل القديم، بحيث يكون أقدر على مواجهة التحديات والمتغيرات. 

وكان من هؤلاء محمد عباس حملي، حيث جرى ترقيته إلى رتبة لواء أركان حرب في سلاح الجو المصري في 1 يناير/ كانون الثاني 2012. 

وفي 3 يوليو/ تموز 2013، عندما قاد وزير الدفاع (آنذاك) عبدالفتاح السيسي، انقلابا على الرئيس المدني المنتخب الراحل محمد مرسي، كان حلمي من أشد قادة الجيش تأييدا  للانقلاب العسكري. 

ويبدو أن السيسي كافأه على ذلك عندما منحه ميدالية "30 يونيو"، بالإضافة إلى ميدالية اليوبيل الماسي للقوات الجوية، وميدالية اليوبيل الفضي لتحرير سيناء. 

وجعله يحصل على نوط الخدمة الممتازة، ونوط الواجب العسكري من الطبقة الأولى.

وكذلك ميدالية اليوبيل الذهبي لثورة 23 يوليو/ تموز 1952، وميدالية اليوبيل الفضي لنصر أكتوبر 73، وميدالية العيد الخمسيني للقوات الجوية، وميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة. 

وأراد السيسي أن يؤهله بكل تلك الميداليات والأنواط العسكرية ليكون في مصاف القادة المقربين، الذين سيكلفون بمهام حاسمة خلال المراحل اللاحقة. 

وقام بتصعيده في الوظائف القيادية حتى وصل إلى منصب قائد القوات الجوية، في 22 يوليو/ تموز 2018، خلفا للفريق طيار يونس المصري.

سقوط الطائرات 

وبعد أكثر من عامين قضاهما قائدا للقوات الجوية، تم تعيينه وزيرا للطيران المدني، في حكومة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. 

وأثار تعيينه وزيرا للطيران المدني جدلا واسعا لكثرة سقوط المقاتلات الحربية في عهده، وهي إشكالية مستمرة منذ سنوات، لكنها تفاقمت في الفترة الأخيرة، تحديدا في عهد حلمي. 

فخلال عامه الأول في القيادة عام 2018 سقطت طائرة واحدة، في 3 نوفمبر/ تشرين الأول، وهي مقاتلة (ميغ 29) روسية، ونجا الطيار.

وعاد العدد ليرتفع عام 2019 بسقوط 3 طائرات، أولها مقاتلة رافال جديدة، في 28 يناير/ كانون الثاني، بقاعدة الباسور غرب القاهرة، ووفاة قائدها.

والثانية ميراج 200 فرنسية في 12 أبريل/ نيسان دون تفاصيل، والثالثة ميغ 29 روسية في 5 ديسمبر/ كانون الأول ونجاة قائدها.

وفي عام 2020 سقطت طائرتان، الأولى إف-16 في 14 يناير، وتوفي قائدها، والثانية من ذات النوع في 13 يونيو 2020.

وأعلنت وحدة التحقيق بقناة الجزيرة مباشر سقوط المقاتلة بالمنطقة الجنوبية ومقتل قائدها، الرائد طيار أحمد أبوزيد نقلا عن "مصادر"، دون أن يعلن هذا المتحدث العسكري.

وكانت آخر هذه الحوادث عام 2022، بسقوط إف -16 أيضا في 19 يونيو "نتيجة عطل فني" ونجاة قائدها، كما قال المتحدث العسكري، دون ذكر نوع الطائرة ولا مكان الحادث، ليصبح العدد 21 طائرة.

غير كفء 

كثرة سقوط المقاتلات الحربية خلال فترة زمنية ليست كبيرة في عهد محمد عباس حلمي، دفع مراكز دراسات عالمية لرصد تلك الظاهرة والبحث فيها، والتساؤل عن مدى نجاعة التدريبات، ودقتها داخل القوات المسلحة المصرية.

وفي 28 فبراير/ شباط 2019، أصدر مركز "كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط"، تقريرا بعنوان "الجيش المصري.. العملاق المستيقظ من ثباته"، للباحث "روبرت سبرنغبورغ"، ذكر فيه أن "معدل الاستخدام للمعدات والأسلحة المصرية يشير إلى مستوى منخفض من النشاط التدريبي".

وأضاف: "ما يجعل المشكلة أكبر هو أن التدريب المصري غالبا ما يفتقر إلى مبدأ (اللعب الحر) لصالح سيناريوهات قاسية وغير مرنة وتم التخطيط لها مسبقا".

وقال إن "ثمة القليل من الأدلة على وجود تدريب مشترك واقعي، ولا توجد جهود حقيقية لغرس درجة المرونة والتكيف اللازمة والمحورية عند القادة وصانعي القرار حتى يكون لديهم القدرة على النجاح في أي صراع".

وأورد أنه "رغم كثافة برامج التدريب والتمارين التي أجريت في مصر والولايات المتحدة على مدى السنين الماضية، ظلت العقيدة المصرية وسبل تنظيمها حتى وقت قريب تركز بشكل كبير على العمليات التقليدية واسعة النطاق".

ولعل الخسائر المادية وحدها لا تكفي عند ذكر تلك الحوادث، فالأفدح هو الخسائر البشرية المتعلقة بالطيارين المقاتلين، الذين شهد لبعضهم بالكفاءة وحسن الأداء.

ومع ذلك لم يتم محاسبة أو سؤال قائد القوات الجوية (آنذاك) الفريق عباس حلمي، الذي أصبح حاليا وزيرا للطيران المدني، عن سقوط تلك الطائرات، وحجم الخسائر الكبيرة دون الدخول في حرب حقيقية. 

محاولات تغيير 

ومع ذلك فإن جدلية أن يأتي قائد عسكري كوزير للطيران المدني، تظل قائمة، خاصة وأن تلك المسألة تم تغييرها عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

عندما تولى المهندس سمير إمبابي وزارة الطيران المدني، في 30 يونيو/ حزيران 2012، وهو من كوادر مصر للطيران المدنيين، ضمن حكومة الدكتور هشام قنديل، المكلفة من الرئيس المنتخب محمد مرسي. 

وقتها سعت الإدارة إلى إحداث تغييرات في قيادات الوزارة ورؤساء الشركات، بشكل تدريجي حتى لا تؤثر على سير العمل.

تردد حينها أن النية تمثلت في التخلص من العسكريين داخل شركات الطيران المدني، وتصعيد الكفاءات فقط كمقياس في التقييم وليس الخلفية الخاصة بالفرد سواء كانت مدنية أو عسكرية. 

آنذاك حدث تململ كبير من المجلس العسكري، الذي رفض سياسة التخلص من العسكريين داخل أروقة الوزارة. 

ما دفع الحكومة المنتخبة إلى حلحلة الأمور وتجاوز الضغط عن طريق إقالة إمبابي، وتعيين اللواء المهندس وائل المعداوي في 5 يناير 2013. 

وقتها قال المعداوي إنه "وزير ذو خلفية عسكرية وليس عسكريا، مؤكدا أن تولي المواقع القيادية بالوزارة سيعتمد على الكفاءة والجدارة وليس الانتماء". 

لكن كل محاولات الإصلاح والتغيير أطيح بها مع الانقلاب العسكري، الذي أعاد العسكريين بشراسة، وتولى 3 عسكريين وزارة الطيران المدني، بداية من الفريق يونس حامد المصري، وصولا إلى الوزير الحالي الفريق محمد عباس حلمي.