مطالب بتشغيل "سامير" لحل أزمة الوقود في المغرب.. أخنوش عاجز أم ممتنع؟

12

طباعة

مشاركة

من جديد عاد النقاش بشأن مصفاة "سامير" المغربية، وتزايدت المطالب بإعادة تشغيلها بعد إغلاق دام 7 سنوات، في ظل استمرار ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب.

جاءت هذه الخطوة لمواجهة الارتفاع الكبير الذي يشهده سوق المحروقات والذي أثر على أغلب دول العالم منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022.

وأكد نقابيون وحقوقيون أن المغاربة شعروا بعمق الأزمة بسبب إغلاق المصفاة ورفع الدعم عن المحروقات منذ عام 2015. 

ولزيادة قدرات التكرير والتخزين للمحروقات بالمملكة، أوصى مرصد العمل الحكومي التابع لمركز "الحياة" لتنمية المجتمع المدني، الحكومة، في تقرير حديث بالعمل على حل مشكلة مصفاة "سامير" الواقعة في مدينة المحمدية غربي البلاد (تتبع إداريا للدار البيضاء).

مصفاة سامير

ولطالما عول المغرب على "سامير" في توفير أكثر من 80 بالمئة من احتياجاته البترولية، وكان يدعم هذه المنتجات حتى عام 2015.

وتخلت حكومة عبد الإله بنكيران وقتها عن الدعم بسبب التكلفة الكبيرة التي كانت تتكبدها الموازنة العامة. وحاليا تدرس وزارة الطاقة المغربية سيناريوهات وإمكانية تشغيل المصفاة. 

ويقول رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش إن الدولة لم توقف سامير، بل لديها إشكال قانوني مع المالك السابق للشركة، رجل الأعمال السعودي محمد حسين العمودي، إذ يعرض الأمر على المحاكم الدولية. 

وكان العمودي قد رفع دعوى قضائية بواشنطن ضد المملكة المغربية، بسبب وضع مصفاة سامير تحت التصفية القضائية.

ووضع الملياردير السعودي تلك الدعوى، لدى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار الذي يعد فرعا للبنك الدولي ويطالب فيها الدولة المغربية بدفع مليار ونصف المليار دولار.

ووضعت الشكوى من قبل "كورال المغرب" التابعة لكورال بتروليوم التي يوجد مقرها الرئيس بالسويد.

ويستند العامودي في دعواه تلك إلى اتفاقية الحماية المتبادلة للاستثمارات بين المغرب والسويد الموقعة قبل 28 عاما.

وحسب الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة "سامير" فإن الديون المؤكدة العالقة بذمة الشركة بلغت 95 مليار درهم (أكثر من 9 مليارات دولار).

تأسست المصفاة بعد استقلال المغرب عام 1955، بهدف ضمان التحكم في احتياجات المملكة من المنتجات الطاقية. وبصفته بلدا غير منتج للنفط، قرر استيراد الخام وإنشاء صناعة وطنية للتكرير تابعة للقطاع العام.

وفي سنة 1996 أصبحت الشركة خاصة، وكان الهدف من ذلك تطويرها وتنمية النشاط الصناعي، إلا أن ما وقع كان عكس ذلك. 

وفتحت الدولة رأسمال الشركة وشرعت في أضخم عملية لطرح الأسهم بتاريخ بورصة الدار البيضاء.

بالإضافة إلى إدراج الشركة وفتح رأسمالها للعموم والمستثمرين المؤسساتيين عن طريق اكتتاب في مارس/آذار 1996، والذي كان يرمي إلى توسيع ملكية أسهمها ودخول مجموعة من حملة الأسهم.

لتدخل سنة 1997 مجموعة كورال والتي يملكها الملياردير السعودي محمد حسين العمودي لاقتناء أغلب أسهم الشركة.

واتضح بعد سنوات أن مجموعة العمودي لم تحترم أيا من التزاماتها التعاقدية وأدخلت المصفاة في دوامات من الأزمات المالية والأخطاء التدبيرية انتهت بسقوطها وتوقيف الإنتاج عام 2015.

مطالب بالإحياء

وفي خضم أزمة اليوم، تزايدت المطالب من طرف نقابيين بإعادة تشغيل شركة تكرير النفط الوحيدة بالمغرب، لمواجهة الارتفاع الكبير والمستمر بأسعار المحروقات.

فقد كان المغرب يعول على مصفاة سامير في توفير أكثر من 80 بالمئة من احتياجاته البترولية، وكان يدعم هذه المنتجات حتى عام 2015.

كما أن الشركة تتوفر على كل المقومات التي يمكن أن تعيدها للعمل مرة أخرى.

وقال الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ومنسق جبهة إنقاذ مصفاة سامير إنه يشجع إعادة تشغيلها "في ظل الارتفاع المهول للمحروقات بالمغرب نتيجة لارتفاع النفط الخام وكذلك الهوامش والمضاربات على تكرير البترول وتصفيته".

وأردف في حديثه لـ"الاستقلال": "أصبح من المفيد جدا العمل بكل المخارج الممكنة لإحياء مصفاة شركة سامير أو المصفاة المغربية للبترول".

ويرى أن كل المقومات المالية والاقتصادية والاجتماعية والفنية متوفرة لكي يعود هذا المعلم الصناعي إلى العمل والمساهمة في المزايا التي توفرها لصالح الاقتصاد المغربي.

ومن جهة أخرى، طالب نائب برلماني من حزب التقدم والاشتراكية المعارض "ببناء مصفاة جديدة لتكرير النفط بالموازاة مع ضرورة تسوية وضعية سامير".

وقال النائب رشيد حموني في رسالة إلى رئيس الحكومة: "لمواكبة حاجيات اقتصادنا الوطني من الطاقة، يتعين على بلادنا، بالإضافة إلى مجهودات تنويع مصادر الطاقة وإعطاء دفعة قوية للطاقات المتجددة، توفير الشروط اللازمة فيما يتعلق بالتكرير والتخزين".

وأضاف اليماني أن "كل ما ينقصنا اليوم قرار سياسي أو إرادة من الحكومة الحالية لأخذ قرار عودة الإنتاج واستئناف الشركة لنشاطها بشكل طبيعي".

وبين أنه من المفترض أن يحدث ذلك، لا سيما أن "على رأس الحكومة (رجل الأعمال عزيز أخنوش) يوجد رجل يفهم في البترول والغاز بشكل جيد".

 وبين أن المسؤولية مطروحة أمامه لاستصدار القرار السياسي والدفع في اتجاه حلحلة هذا الملف.

وفي حال عدم فعل ذلك، ستبقى تهمة تضارب المصالح وتناقضها تلاحق هذه الحكومة ورئيسها، وفق تقدير اليماني.

هل تحل المشكلة؟

ومع استمرار المطالبات بإعادة إحياء هذه الشركة، قال رئيس الوزراء عزيز أخنوش، في جلسة سابقة أمام البرلمان، إن "الدولة لم توقف سامير، بل لديها إشكال قانوني مع المالك السابق لها".

من جانبها، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية ليلى بن علي في كلمة أمام مجلس النواب في أبريل/نيسان 2022 أن إعادة تشغيل "سامير" لن يخفض أسعار المحروقات لأن تشغيلها يرتبط بالتخزين فقط وليس بالأسعار.

وفي تصريحات للقناة الثانية المغربية (دوزيم) في يونيو/حزيران 2022، قالت بن علي إن "المغرب ليس بحاجة إلى مصفاة سامير، لأن تكرير البترول تغير، ولم يعد كما كان في سبعينيات القرن الماضي".

ولكي يتوفر المغرب على مصفاة لتكرير البترول وتخزينه بمواصفات تنافسية لا بد أن تكون هذه المنشأة النفطية تعادل أربع مرات حجم مصفاة سامير حاليا".

ليلى بن علي كانت قد أكدت في 18 يوليو بمجلس النواب، أن الوزارة تدرس السيناريوهات التقنية والاقتصادية لإيجاد الحلول المناسبة لملف شركة تكرير النفط "سامير".

وبينت أن الأمر يتعلق بملف "استثماري ينبغي التعاطي معه بشكل عقلاني مع ضرورة بلورة تصور واضح في تدبير ومراعاة مصالح الدولة المغربية كمستثمر محتمل وكذا مصالح اليد العاملة للشركة ومصالح ساكنة مدينة المحمدية" (مكان تواجد المصفاة).

وحسب وكالة الأنباء المغربية، أضافت الوزيرة أن ملف شركة "سامير" يتسم بتعقيد غير مسبوق نتيجة تراكم المشاكل لأكثر من 20 سنة مما نتج عنه توقف الشركة، وإحالة الملف على القضاء والنطق بالتصفية. 

وأشارت إلى أن المنظومة الطاقية الوطنية لم تسجل أي خلل في التزويد بالطاقة، وجرت تلبية حاجيات السوق الوطنية بالكامل، معتبرة أن المادة الوحيدة التي حصل فيها خلل هذه السنة هي مادة الغاز الطبيعي.

وفي عرض سابق قدمته أمام البرلمان المغربي، قالت إن "الاستهلاك الوطني من المواد البترولية ارتفع في 2021 بنسبة 23 بالمئة مقارنة مع 2009". 

كما أشارت إلى أن استهلاك المواد البترولية شهد ارتفاعا في أول شهرين من 2022 مقارنة مع نفس الفترة من العام 2021، باستثناء وقود الطائرات الذي انخفض نظرا لأزمة كورونا.