حماية مغتصبين وأرحام للشواذ.. فضائح أخلاقية تؤكد زيف مزاعم التدين بإسرائيل

12

طباعة

مشاركة

تكشف بيانات حديثة عن حجم مروع من الجرائم الأخلاقية المتعلقة بالتحرش الجنسي والاغتصاب والاعتداءات المخلة للآداب داخل المجتمع الإسرائيلي والجيش.

تزامنا مع ذلك، سمح الكيان للشواذ بإنجاب أطفال عبر أمهات بديلات منذ 10 يناير/ كانون الثاني 2022.

وفي أحدث البيانات؛ كشف الكنيست (البرلمان) عن 1542 شكوى بالجيش عام 2020، بينها 26 اغتصابا و391 فعلا مخلا بالآداب، و92 لترويج صور وفيديوهات.

كما شكل الجنود النظاميون نصف المتورطين، و31 بالمئة احتياط، فيما جاءت 92 شكوى ضد مجندات.

الجنس وتأجير الأرحام

تقرير بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، نشر في 5 يناير/ كانون الثاني 2022، أكد أنه برغم العدد الكبير من الجرائم، فإنه جرى توجيه 31 لائحة اتهام فقط ضد 51 جنديا، وتقديمهم لمحاكمة تأديبية بالجيش.

وتحدث التقرير عن قصور الإجراءات القانونية، وإمكانية وجود تستر على المتهمين.

رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست ونائب رئيس جهاز الاستخبارات "الموساد" السابق رام بن باراك، وصف ما يجري بالجيش الإسرائيلي بـ"الظاهرة الخطيرة".

وبحسب البيانات، حدثت زيادة حادة بعدد الشكاوى حول الجرائم الجنسية بالسنوات التسع الماضية: من 511 عام 2012، إلى 802 في 2016، ثم 1239 عام 2019 و 1542 في 2020.

تقرير الصحيفة العبرية أكد أن عدد الجرائم الجنسية في الجيش الإسرائيلي أضعاف ذلك، وأن المعتدى عليهن يخشين تقديم الشكاوى.

وتفجرت العديد من القضايا الجنسية في الشارع الإسرائيلي، كان آخرها قضية الاعتداء الجنسي من مذيع راديو متشدد على ثلاث إسرائيليات من معجباته.

"يديعوت أحرونوت"، نقلت في 4 يناير/كانون الثاني 2022، ثلاث شهادات من نساء لا يعرفن بعضهن البعض عن اغتصاب واعتداء جنسي على قاصر وتحرش جنسي من مذيع حريدي (طائفة متدينة) مشهور، كانت إحداهن 15 عاما وتعمل جليسة لأطفاله.

وفي قضية أخرى، فضح المدون الأرثوذكسي هاني مالول، بعض أطباء أمراض النساء المشتبه في ارتكابهم اعتداءات جنسية، مفجرا قضيتين مثيرتين للقلق في إسرائيل عن اعتداء البروفيسور مناحم الكالاي والدكتور جاي روفا جنسيا على عشرات النساء.

وأكد أنه أجرى استطلاعا في "إنستغرام" بعنوان: هل تعرضت لاعتداء جنسي خلال حياتك؟ موضحا أن النسب تراوحت بين تعرض 50 إلى 80 بالمئة من المشاركات بالاستطلاع لجريمة جنسية.

ووفق ما نقلته "يديعوت أحرونوت" عن المدون في الثاني من يناير/ كانون الثاني 2022، فإن الرسائل تدفقت عليه وخلال ساعات حصل على أسماء 200 مغتصب لهن.

وفي كارثة أشد وقعا وتأثيرا على المجتمع الإسرائيلي من الاعتداءات الجنسية، قال وزير الصحة وزعيم حزب "ميرتس"، الشاذ جنسيا، نيتسان هورويتز، في 3 يناير/كانون الثاني 2022، إن "الأزواج المثليين (الشواذ) يمكنهم إنجاب أطفال عبر أمهات بديلات بإسرائيل".

الشواذ الإسرائيليون كانوا يلجؤون لتأجير الأرحام بمبالغ كبيرة من نساء في أميركا والهند ونيبال وتايلاند، ونفذوا العديد من المظاهرات أمام الكنيست حتى جرى تغيير القانون.

وألغت المحكمة العليا يوليو/تموز 2021، أجزاء من قانون تأجير الأرحام الذي يمنع الأزواج الشواذ من إنجاب الأطفال عبر أم بديلة، في توجه أقرته حكومة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

ويأتي تعديل القانون بعد أن قضت المحكمة عام 2020 بالسماح للفتيات العازبات بتأجير أرحامهن في توجه يؤكد أن المجتمع الإسرائيلي يهوي بشدة نحو التفكك الأسري والتفسخ الاجتماعي واختلاط الأنساب.

وسمحت إسرائيل لأول مرة للأزواج من جنسين مختلفين بتأجير الأرحام في العام 1996، ومن ثم سمحت بذلك للنساء العازبات، ثم للشواذ.

وتحتل إسرائيل موقعا متقدما على صعيد حقوق أفراد مجتمع الشواذ، وتضم أعضاء بالبرلمان يجاهرون بميولهم الشاذ، وفقا لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية في يوليو/تموز 2021.

قضية الانهيار الأخلاقي في المجتمع الإسرائيلي ظلت لسنوات مثار اهتمام مراكز البحث والاستطلاعات، وتفاقمت بشكل لافت بين فئات الشباب.

إذ أكدت إحصائية ترجع لعام 2014، أن 50 بالمئة من الإسرائيليات تعرضن للاغتصاب، وأن أكثر من نصف الفتيات والشباب يشاهدون الأفلام الإباحية.

كما بينت أن هناك انتشارا لحالات الزنا الجماعي بسبب ظاهرة العزوبية.

ووفقا لنتائج إحصائية تابعة لمراكز مساعدة ضحايا الاعتداء الجنسي بإسرائيل، نشرت في يناير/كانون الثاني 2014، فإن 86 بالمئة من الشباب و69 بالمئة من الإناث يشاهدون الأفلام الإباحية ويتصفحون مواقعها، ونصف الشابات أكدن أنهن يعرفن شابة تعرضت لاعتداء جنسي.

انهيار مدعي "التدين"

كثير من المحللين والباحثين تحدثوا عن مؤشرات انهيار مجتمع الدولة العبرية، أهمها السقوط الأخلاقي والقيمي.

أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية ليلى نقولا، قالت في مقال بموقع "الميادين"، 4 يوليو/تموز 2021، إن "مقومات صمود المجتمع الإسرائيلي لا تنبع من الداخل بل من الخارج، فهو مدعوم، ماليا وعسكريا وسياسيا، من أميركا والغرب".

نقولا، أوضحت أنه "لذلك، فإن انهياره من الداخل يحتاج إلى تخلي أميركا عنه، إما بسبب انشغالها الداخلي بذاتها، وإما بسبب تمرد الإسرائيليين عليها، وإما لسبب من الأسباب الأخرى، التي قد لا تكون منظورة للعيان اليوم".

وتحت عنوان "الانهيار الأخلاقي للصهيونية"، تحدث لورانس ديفيدسون أستاذ التاريخ السابق بجامعة "ويست تشيستر" بنسلفانيا عن احتمالات انهيار أخلاقي في إسرائيل.

وقال بموقع "كونسورتيوم نيوز" 18 نوفمبر/تشرين الأول 2021: "اليوم، أصبحت اليهودية على أعتاب الانهيار الأخلاقي، ووسيلة هذا الانهيار هي التحويل الهادف للدين إلى ذراع أيديولوجية للدولة الصهيونية الإسرائيلية".

وأضاف: "نواجه وضعا ينطوي على مفارقة، إن بقاء الشعب اليهودي كمجموعة حضارية ذات إحساس جماعي بالمعايير الأخلاقية ليس في أيدي دولة إسرائيل، وإنما هو في أيدي أولئك اليهود الذين يعارضون تلك الدولة ويدعمون إنسانية الفلسطينيين وحقوقهم".

وعن دلالات فقدان الكيان المحتل لأهم عوامل نجاحه طوال عقود كدولة دينية، قال الباحث المصري بمقارنة الأديان، محمد عزب: "خدعوك فقالوا إن الكيان المسخ الصهيوني دولة دينية".

عزب، أوضح لـ"الاستقلال"، أن "اليهودية جنس وعنصر مزعوم قبل أن تكون دينا، وهذا الكيان غير المتجانس كالفسيفساء يحمل كل موبقات الحضارة الغربية باعتبارها دولة وظيفية تقوم بدور شرطي المنطقة للغرب الاستعماري".

وأكد أن "هذا الكيان لا تتعدى فيه نسبة المتدينين والمتعاطفين 20 بالمئة؛ وهذا الخمس أيضا متشرذم وبينه ما صنع مع جماعات باطنية متصوفة وأخرى متشرعة ومنهم الصهيوني وغير الصهيوني".

وأضاف: "ومنهم التكفيري للدولة اليهودية يسميها (رجسة الخراب) ويصلي ليل نهار لدمار إسرائيل، وعيدهم القومي يوم حداد كجماعة (ناطوري كارتا)، ومنهم الصهيوني المتعصب كالحزب الديني القومي (مفدال)، ومنهم الشرقي سفارديم ومنهم الغربي أشكناز".

ولفت الباحث المصري أن "المتدينين يفضلون سكن مدينة القدس ويتركزون بحي ميئا شعاريم وبني باراك، حرصا على النقاء الديني والعزلة عن موبقات المجتمع العلماني الملحد، بينما يفضل العلمانيون تل أبيب".

وأشار إلى أن "الشرطة الإسرائيلية تستنفر كل سبت بسبب حوادث المشاجرات بين المتدين والعلماني لانتهاك حرمة هذا اليوم ووصاياه الـ39 المحظور انتهاكها".

وقال عزب: "لا تستغرب بالكيان تخصيص كنيس يهودي للشواذ يؤمهم للصلاة حاخام من الشواذ ومن النساء، فهذا نتاج اجتهادات ما يسمى اليهودية الإصلاحية، تماما كالذي حصل بالإصلاح الكنسي البروتستاني، وما يحصل الآن للإسلام تحت دعوى الإصلاح".

وذكر بتصريح مشهور لأول رئيس وزراء إسرائيلي ديفيد بن غوريون قال فيه: "تركت في أوروبا وطني وأهلي وإلهي، في إعلان واضح لإلحاده وعلمانيته الشاملة".

ويعتقد الباحث المصري أن "هوية الكيان: (دينية أو لا دينية) تنازعها المعسكران المتدين والعلماني ببداية التأسيس والتفكير لوضع دستور، وكان الوضع على حافة حرب أهلية لولا التوصل لاتفاقية الوضع الراهن أن يبقى الكيان الإسرائيلي بلا دستور حتى الآن".

وتساءل: "إذا كان هذا الكيان يحمل كل هذا الكم من التناقضات، فلماذا لا ينفجر من داخله؟".

وأجاب بقوله إن "العقيدة اليهودية الحلولية المستمدة من كتب القبالة الباطنية تدعي أن (الله كان كلا ثم تفرق على هيئة شرارات نورانية حلت في شعبه المقدس)، فالبتالي كل يهودي مقدس ولو كان علمانيا ملحدا".

ولكن، لماذا لا يرفض المتطرفون الدينيون في إسرائيل توجهات الشذوذ وجرائم الجنس ولا يعارضون التفسخ الأخلاقي؟

يرى الباحث المصري أن "المتدينين أنفسهم غارقون في التفسخ الأخلاقي، كالحسيديم المتصوفة وهم يشكلون نصف المعسكر المتدين، ومن معتقداتهم أن الله لا يعبد إلا باللذة والمرح والسكر، ويقول أحدهم إن أفضل صلاة هي التي تكون أمام أنثى عارية".

وأضاف: "أيضا يوكلون مهمة رد اليهود لدينهم للمسيح المخلص فيما يشبه عقيدة المرجئة".

ويعتقد أن "تلك مؤشرات على انهيار المجتمع الإسرائيلي، بل إنه منهار بالفعل كما يحدث عندما نسمع عن سرقة آلاف قطع السلاح والذخيرة من معسكرات الجيش".

وأشار إلى أن "المتدينين قطاع منهم يرى حرمة الخدمة في الجيش الإسرائيلي، بزعم الدراسات الدينية وأجاز لهم بعض الحاخامات الخدمة في الخدمات الطبية، وهناك ألوية نخبة خاصة بالمتدينين الصهاينة".

وختم حديثه ملمحا إلى أن "مجندات الجيش الإسرائيلي يقول عنهم أحد زعماء المتدينين اليهود منتقدا ضمهم للخدمة أنهن يحملن صواني الطعام أكثر من حملهن رشاش (سلاح) العوزي أي أنهن للخدمة وعاهرات للترفيه".

أسس غير أخلاقية

الباحث في الشأن اﻹسرائيلي بمركز "رؤية للتنمية السياسية" في إسطنبول، صلاح الدين العواودة، قال إنه "لا جديد على مستوى الأخلاق بالكيان؛ فهو مجتمع متحرر منذ تصنيعه على أسس غير أخلاقية".

وأوضح لـ"الاستقلال"، أن "مؤسسي الكيان اعتمدوا أسلوب (الكيبوتسات) اجتماعيا، والذي يعني الإباحية بحيث كانت الاشتراكية الصهيونية تقتضي الاشتراكية حتى في النسل، والتحرر يعني أن الإنسان بدون قيود على غرائزه كالحيوان بل أضل سبيلا".

وأشار إلى أن "من شكل المجتمع الصهيوني هم صهاينة أوروبا الذين لم يكن لهم ضابط أخلاقي ولا ديني، فأسسوا كيانا إباحيا منحلا رغم قوته العسكرية والاقتصادية والعلمية نظرا للدعم الغربي اللامحدود".

"ولم تظهر فيه حركات دينية إلا بفترة متأخرة بعد قدوم مئات آلاف المهاجرين من بلاد عربية وإسلامية ممن تأثروا بالمجتمعات الإسلامية"، وفق العواودة.

وأكد أن "الوثائق الصهيونية تتحدث عن الانحلال الأخلاقي كسمة للمجتمع الصهيوني بفترة (اليشوف) قبل قيام الدولة وبعد ذلك ما طرأ من جديد هو تطورات قضائية وإعلامية".

وألمح إلى أنه على صعيد القضاء والذي ما زال يساريا علمانيا في توجهاته ويعتبر آخر قلاع اليسار الذي بنى الدولة، وآخر قلاع العلمانية؛ هو من يقرر تشريع الفندقة كما يسمونها وهي استئجار أرحام للشواذ.

وأوضح الباحث الفلسطيني، أن الشواذ من النساء مثل أي أنثى غير متزوجة كان متاحا لها وما زال أن تشتري حيوانات منوية من بنك مخصص لها بالكيان، الذي يتبرع له الذكور بنطفهم أو يبيعونها حسب الطلب".

ولفت إلى أنه "تستطيع كل أنثى أن تشتري منه وتختار من يكون والد ابنها من نجوم الفن والرياضة والمشاهير وغيرهم"، مبينا أن "ما حصل اليوم هو فقط إنجاز قضائي حقوقي للشواذ قبل أن يسيطر المتدينون على المحكمة العليا".

وأكد أن "الجرائم الجنسية في إسرائيل هي تطور إعلامي بعدما جرى نفس الأمر على الصعيد القضائي والقانوني".

إذ إن تطور القضاء سمح للكثير من المجندات وغير المجندات ممن كان يتم الاعتداء عليهن بشكل مستمر منذ عقود أن يتظلمن ووجدن طريقا للشكوى، وفق قوله.

وتابع: "تطور الإعلام أيضا ساعد في ذلك، فالأمور التي لا تجد أذنا صاغية من القضاء والأجهزة الأمنية وجدت لها بالإعلام حلا".

"وبالتالي فالكيان لم يكن للدين أي دور باستثناء الاستخدام السياسي لخدمة المشروع الاستعماري، فاعتبروا كل يهودي أيا كانت جنسيته مواطنا تلقائيا، بل إن قادة الكيان المؤسسين كانوا أعداء للدين".

العواودة، يرى أنه "ربما المهدد للكيان الآن من الداخل ليس الانحلال الأخلاقي فهو لم يكن أكثر أخلاقا في يوم من الأيام؛ لكن حدة الاستقطاب بين المتدينين والعلمانيين كما بين اليمين واليسار".

وأوضح أن "الأحزاب الدينية واليمين اليوم حلفاء وهم الأكثرية، ولم يبق في وجههم إلا بقايا اليسار ولكنها بقايا قوية وممثلة بالقضاء والمحكمة العليا، والإعلام والفضائيات الرئيسة، فما زال اليسار والعلمانيون يسيطرون على هاتين السلطتين".

ويعتقد أنه "ولأن المتدينين واليمين يسيطرون على الكنيست ويحصلون على أغلبية بالانتخابات منذ بداية القرن 21 يعتبرون أنفسهم ممثلي الشعب ديمقراطيا؛ وبالتالي يرون أن ما يفعله القضاء والإعلام مخالف للديمقراطية، ولهذا يهاجمونهما مرارا وتكرارا".

وتابع: "بعضهم يعتدي جسديا على اليسار والقضاة وعلى الإعلاميين والشواذ حتى قتل عدد منهم أثناء مسيرة لهم في القدس المحتلة".

"وكما يمارس اليمين الديني المتطرف بمستوطنات الضفة الغربية العربدة على الفلسطينيين يمارسها ضد الجيش والشرطة والإعلام والناشطين اليساريين من أنصار المنظمات الحقوقية فيضربهم كما يضرب الفلسطيني"، بحسب العواودة.

وأكد أنه "معلوم أن نفتالي بينيت أول رئيس وزراء متدين، وهو من مدرسة الصهيونية الدينية الاستيطانية والوجه (الجميل) للحقيقة القبيحة من المستوطنين".

ويختم الباحث الفلسطيني: "لأسباب سياسية داخلية اضطر للتحالف مع اليساريين والعرب لإسقاط نتنياهو وهو مضطر لإرضاء اليسار في حكومته للبقاء في السلطة".