"وصمة عار".. هكذا وصف ناشطون ملاحقة قيس سعيد للرئيس التونسي الأسبق

12

طباعة

مشاركة

في استمرار للمرحلة "الاستثنائية" التي تعيشها تونس منذ انقلاب الرئيس قيس سعيد على الدستور في 25 يوليو/تموز 2021 أصدر القضاء التونسي مذكرة إيقاف دولية بحق الرئيس الأسبق محمد منصف المرزوقي المقيم حاليا في فرنسا.

وأوقف سعيد في التاريخ المذكور عمل البرلمان ونوابه، وأقال حكومة هشام المشيشي، وبدأ بملاحقة المدونين والناشطين وأصحاب الرأي، وإقرار المحاكمات العسكرية بحق المعارضين.

وبعد إصدار مذكرة ملاحقة المرزوقي في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 كتب منشور على صفحته في فيسبوك، ذكر فيه بإنجازاته خلال فترة رئاسته.

وقال المرزوقي: "خرجت يوما من قصر قرطاج إلى بيتي معززا مكرما بعد أن رفعت اسم تونس وثورتها في كل المحافل الدولية، بعد أن حميت الحقوق والحريات وحافظت على المال العام، وحاولت ما استطعت جمع التونسيين، وفتحت القصر لعامة الناس ولعشرين ألف طفل".

وأضاف: "أعددت لتونس برامج لمواجهة تحولات المناخ التي ستهدد الأجيال القادمة، وسلحت الجيش، وأمرت الأمن الرئاسي بحماية خصومي، واسترجعت قسما من الأموال المنهوبة، وحاربت الفساد قولا وفعلا فأسقطني الفساد، وكان لي شرف إمهار أول دستور ديمقراطي في تاريخ تونس".

وتابع المرزوقي: "هذا الديكتاتور الثالث الذي ابتليت به تونس يتجاسر على اتهامي بالخيانة! لا خائن إلا من حنث بقسمه وانقلب على الدستور الذي أوصله للحكم وورط البلاد في أزمة غير مسبوقة وجعل من بلادنا مرتعا لبلدان محور الشر".

واستطرد: "لذلك لن يخرج من قرطاج، طال الزمان أو قصر، لا للإقامة الجبرية في بيته مثل بورقيبة، ولا فرارا للمنفى مثل بن علي، الأرجح للسجن أو مستشفى الأمراض العقلية، ولا بد لليل أن ينجلي".

الناشطون والسياسيون عبروا  على تويتر عبر مشاركتهم في وسم #المنصف_المرزوقي، عن تضامنهم مع الرئيس التونسي الأسبق، وتداولوا كلماته التي دونها على حسابه بالفيسبوك.

واستنكروا تورط القضاء التونسي في تطبيق سياسات سعيد، مؤكدين أن الإجراءات التي أفضت إلى إصدار بطاقة الجلب الدولية "غير قانونية وينقصها السند القانوني الدولي".

وبدروها، تقدمت لمياء الخميري محامية المرزوقي، بشكوى باسمه ضد قاضي التحقيق وكل من سيكشف البحث عن تورطه في "إصدار بطاقة الجلب اللا قانونية".

تضامن واسع

ناشطون أكدوا أن المرزوقي رمز من رموز الحرية والثورة ومواجهة الاستبداد، واعتقاله يمثل انقلابا على ربيع تونس وكل ثورات الربيع العربي التي ناصرها المرزوقي، وتماهيا مع سياسات الديكتاتوريين وداعميهم من دول "محور الشر". 

ورأوا أن إصدار مذكرة بالقبض على المرزوقي، قمة المسخرة والسقوط، مشيرين إلى أن الرئيس التونسي الأسبق معروف عالميا بمناهضته للاستبداد  ودفاعه الشرس عن الحقوق و الحريات.

كما أعلنوا تضامنهم مع المرزوقي، وتهكموا على ما وصلت إليه تونس وتبعات انقلاب سعيد.

عضو حزب التجمع الوطني السعودي المعارض علي عسيري أعلن تضامنه ودعمه مع القيم التي يمثلها المنصف المرزوقي في مقاومته الاستبداد السياسي المتمثل بالرئيس التونسي قيس سعيد.

واستشهد أستاذ الإعلام السياسي أحمد بن راشد بن سعيد بقول رسول الله ﷺ: "سيأتي على الناس سنوات خداعات، يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن، ويُخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة".

أستاذ الأخلاق السياسية في قطر محمد المختار الشنقيطي قال إن اتهام سعيد للرئيس الشهم المنصف المرزوقي بالخيانة ذكره بقول أبي العلاء المعري: "إذا عير الطائي بالبخل مادر، وعير قسا بالفهاهة باقل، وقال السهى للشمس أنت كسيفة، وقال الدجى للبدر وجهك حائل، فيا موت زر إن الحياة ذميمة، ويانفس جدي إن دهرك هازل".

رئيس مركز الشهود الحضاري للدراسات الشرعية والمستقبلية وصفي عاشور أبو زيد، قال: في بلاد العرب فقط نجد هذا التخلف والسقوط والكلام الهازل.

وأشار إلى أن قامة كبيرة وقيمة عظيمة مثل المنصف المرزوقي الذي عاش يدافع عن الحريات واحترام الإنسان، يصدر بحقه اليوم مذكرة اعتقال دولية لا لشيء إلا أنه رفض الانتكاسة التي أحدثها قيس سعيد بانقلابه المتهافت!.

سعيد بلا شرعية

وصب ناشطون غضبهم على رئيس الانقلاب التونسي، مؤكدين أنه فاقد للشرعية، إذ قال له السياسي المصري أيمن نور: "قيس سعيد قف واعرف أن ما تفعل هزل في موضع الجد".

وأضاف أن من العار أن نسمع مثل هذا الهزل ونبتسم بسخرية أو نصمت عن قلة حيلة، مؤكدا أن المنصف المرزوقي ليس رمزا لثورة تونس فحسب، بل رمز ناصع للربيع العربي كله، وقيمة إنسانية وأخلاقية لن نسامح أنفسنا إذا فرطنا يوما في حقها، وهو من لم يفرط يوما في حقوقنا.

الكاتب والصحفي محمد الهاشمي الحامدي، أكد أن قيس سعيد فقد شرعيته من يوم 25 يوليو/تموز، وكل ما صدر عنه بعد ذلك باطل. وفي مظاهرة 14 نوفمبر/تشرين الثاني إن شاء الله ينتصر الشعب لشرعية البرلمان، ثم كل أجهزة الدولة.

ووصف بدر إيلانو ما فعله سعيد بحق المرزوقي بأنه "مهزلة وفضيحة وعار"، مؤكدا أن هذا أقل ما يقال.

السياسي والمعارض السوري محمد ياسين نجار، اعتبر إصدار مذكرة الاعتقال بحق الرمز الحقوقي المرزوقي فضيحة من العيار الثقيل، وستبقى وصمة عار باسم قيس سعيد، قائلا: إن الديكتاتورية لا تستطيع أن تخبئ نفسها مهما صدر عنها من ادعاءات بدعم الحريات والديموقراطية.

وأضاف: "أوطاننا تواقة لأنظمة داعمة للشعوب وتطلعاتها بالازدهار والتنمية".

واستنكر ناشطون تسييس القضاء التونسي واتباعه لسياسات الرئيس سعيد، واستخدامه كأداة للانتقام من الخصوم وعدم استقلاليته، ساخرين من التهم التي تم بموجبها إصدار مذكرة اعتقال بحق المرزوقي. 

محمد الدفراوي، أكد أن فساد القضاء وصل مداه في تونس بالأمر بتوقيف الرئيس الأسبق لتونس، تونس تعود لظلمات زين العابدين بن علي.

الحسن الصحراوي، رأى أن اتهام المرزوقي ووضعه على لائحة المطلوبين لقيس سعيد شرف له ووسام من الألماس لرجل يشهد له من اختلف معه قبل من يتفق معه أنه حارب الدكتاتورية وسجن وذاق الويلات.

وسخر فؤاد تقى من قرار سعيد، قائلا: "مذكرة اعتقال، من أهم التهم فيها: تسليم السلطة بطريقة سلمية، حب الوطن والشعب التونسي، رفض التواطؤ مع الإمارات وإسرائيل وقوى الثوراث المضادة". 

إشادة بالمرزوقي

في المقابل أثنى ناشطون على المرزوقي، وتحدثوا عن نضاله ومناهضته للاستبداد، وفضحه لمؤامرات الدول الخارجية ضد الثورات العربية.

سبق أن قال المرزوقي، في أحد تصريحاته إن  "أعداء الربيع العربي وكل أنصار الدكتاتورية في العالم" أصبحوا يتحكمون في تونس؛ جراء "انقلاب" سعيد.

مدير مركز لندن لإستراتيجيات الإعلام أحمد رمضان، أكد أن المنصف المرزوقي مناضل مرموق من أجل الحريات وحقوق الإنسان، موضحا أنه عندما زاره في قصر قرطاج في العاصمة تونس بعد انتخابه رئيسا مع وفد من الثورة السورية لم يشعر أن المنصب نزع عنه صفة المناضل الحقوقي.

وأعرب عن أسفه على ما يتعرض له المرزوقي الآن، قائلا أن الأولى أن يسمع صوته وتحذيراته من خطر الاستبداد.

ونشر شريف التونسي صورة لمنصف المرزوقي، قائلا: "في غفلة من عقولنا خسرناك، كنت أشرف رئيس ".

وكتب عبدالقادر الشرقاوي: "كم أنت عظيم أيها المنصف المرزوقي، اتضح أن اللعبة التي دارت في تونس وكان بطلها قيس كانت لأجلك، لقد أوجعت بلدانا غرتها أموالها ونفوذها لدرجة أن تسعى لخراب نظام دولة من أجل وضع أراجوز تملي عليه ما تشاء وترسله على من تشاء".

الإعلامي محمد جمال هلال وصف المرزوقي بأنه رجل المواقف ورمز من رموز الربيع العربي.

الأكاديمي رياض عزيز، أشار إلى أن الرئيس الأسبق المناضل المنصف المرزوقي الحر قدر أن يواجه كل أشكال الدكتاتورية السلطوية السمولية والببغائية في تونس.