فراس الجهام.. سوري يقود مليشيا تساهم بمراكمة ثروة نظام الأسد

مصعب المجبل | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

لا يزال قائد مليشيا "الدفاع الوطني" في دير الزور، فراس ذياب الجهام الملقب بـ"فراس العراقية"، يستغل نفوذه العسكري والأمني بالمحافظة لتوسيع استثماراته ومراكمة ثروته على حساب المدنيين.

واشتهر "العراقية" في بداية الثورة السورية عام 2011 بعمله لصالح الأجهزة الأمنية، وساعد في قمع واعتقال العشرات من المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام السوري بقيادة بشار الأسد.

والجهام من مواليد مدينة دير الزور عام 1976، وتعود أصوله إلى بلدة البحرة الواقعة على الضفة اليسرى من نهر الفرات والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

مجرم حرب

وتتهم مواقع سورية معارضة "الجهام" بارتكاب جرائم حرب في دير الزور، كما تحمله شبكات محلية مسؤولية قتل عشرات المعارضين وتصفيتهم ممن انخرطوا مبكرا في العمل الثوري في المدينة.

لجأت مخابرات النظام السوري إلى "الجهام" وطلبت منه تنظيم مجموعات مليشيا "الدفاع الوطني" التي كانت غير منظمة إبان حصار تنظيم الدولة لأحياء واقعة تحت سيطرة الأسد داخل مدينة دير الزور عام 2015.

وبدأ الجهام بتشكيل المليشيا مرة أخرى من مدنيين متطوعين وعسكريين أنهوا خدمتهم الإلزامية وأصبح قائدا لها في محافظة دير الزور منذ عام 2016.

وساعد اللواء محمد خضور وهو المسؤول العام عن العمليات العسكرية في المنطقة الشرقية آنذاك، الجهام في تشكيل المليشيا، التي بدأت تتمركز داخل الأبنية السكنية والمؤسسات العامة في مدينة دير الزور وحولتها لمقرات لها.

وأصبح الجهام اليد اليمنى لـ "خضور" لتنفيذ عمليات جباية الإتاوات من أصحاب المحال التجارية وجلب المطلوبين وإجراء جولات أمنية داخل الأحياء.

ومليشيا الدفاع الوطني هي قوات رديفة لقوات النظام السوري، شكلت من عناصر مدنيين وعسكرين غير منضبطين لمساندة الأخير خلال عملياته العسكرية.

وجدت مليشيا "الدفاع الوطني" في البداية، بأمر إيراني وأسسها العميد في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني حسين همداني، والذي قتل في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 في محافظة حلب.

ولاحقا انقسم ولاء تلك المليشيا بين إيران وروسيا، حيث تبنت الأخيرة كثيرا منها ودعمتهم لوجستيا وعسكريا وأصبحوا تابعين لها بشكل مباشر.

تجنيد الشباب

ويدير "الجهام" شخصيا مشروع تجنيد الشباب من أبناء العشائر العربية في دير الزور ويجري دورات تدريبة لهم، قبل أن ينخرطوا في مليشيا "الدفاع الوطني" بشكل رسمي ويحصلون على بطاقات شخصية؛ وذلك لزجهم في معارك البادية السورية ضد تنظيم الدولة.

كما يعهد إلى هؤلاء بحماية طريق دير الزور- دمشق الدولي، مقابل راتب شهري يبلغ مئة دولار أميركي.

ويبلغ عدد عناصر مليشيا "الدفاع الوطني"، الذين يتبعون لـ "العراقية" في دير الزور أقل من 1500 عنصر يتراوحون بين مدنيين ومتخلفين عن الخدمة الإلزامية أو ممن أنهوا خدماتهم العسكرية.

ووفقا لموقع "مع العدالة"، فإن "فراس العراقية" جند عددا من عناصره بمهمة نشر وترويج المواد المخدرة في صفوف مراهقي وأطفال دير الزور، وعمد إلى تخفيض أسعار المواد المخدرة لضمان الانتشار بشكل أكبر.

وفي مايو/أيار 2021 كشفت شبكة "عين الفرات" المحلية، كيف أقدم "العراقية" على تزوير أسماء منتسبين جدد إلى مليشيا "الدفاع الوطني" بدير الزور وأجرى لهم دورة تخرج عسكرية؛ بهدف الحصول على رواتب ومستحقات هؤلاء المقدمة من روسيا والنظام السوري والتفرد بها لنفسه.

كما اتهم "العراقية" بتزوير وكالات بأسماء أشخاص مطلوبين للنظام السوري لنقل أملاكهم في دير الزور إلى اسمه.

والجهام لا يحمل أي مؤهل دراسي، لذلك جرى اكتشاف أكثر من مرة عملية تزوير متمثلة بحضور عناصر من مليشيا "الدفاع الوطني"، إلى امتحان الثانوية العامة للتقدم باسم الرجل، مما دفع مديرية التربية لإصدار قرار بحرمانه من ذلك الاختبار.

كان "العراقية" قبل اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، أحد أكبر مروجي تجارة المخدرات والحشيش في محافظة دير الزور، وجرى توقيفه من قبل فرع الأمن الجنائي لتنفيذه عمليات سرقة ونصب واحتيال ضد مدنيين.

ووفقا لـ "تلفزيون سوريا" المعارض، فإن الجهام سجن أكثر من مرة قبل اندلاع الثورة بسبب تجاوزاته السلوكية ومنها "الترويج للدعارة".

ورغم أن القوات الروسية أوقفته أكثر من مرة للتحقيق معه بقضايا فساد وإهدار ذخيرة، فإن المندوب الأول لقاعدة حميميم الروسية بسوريا (اسمه غير معلن) منح "الجهام" في يونيو/حزيران 2021 "وسام البطولة"، الممهور بختم الدفاع الروسية "تقديرا لجهود الدفاع الوطني في دحر الإرهاب"، على حد تعبير المليشيا.

واعتمدت روسيا بشكل أساسي على عناصر مليشيا "الدفاع الوطني" في دير الزور، في عمليات تطهير البادية السورية من خلايا تنظيم الدولة، وشن عمليات على مواقع محتملة توجد فيها.

وهو ما كلف المليشيا خسائر بشرية كبيرة في عناصرها من أبناء العشائر الذين تجندهم لهذا الغرض.

ويسهل القائد المليشياوي للنظام السوري تنظيم احتفالات داخل محافظة دير الزور بأوامر مباشرة من مخابرات نظام الأسد في مناسبات محددة بهدف إظهار الولاء المطلق للأخير، فضلا عن استخدامه كقوة ترهب المدنيين، ومن هنا يكتسب "الجهام" نفوذه.

تهريب البشر

تؤكد شبكة "الشرقية 24" التي تغطي أخبار المحافظات الثلاث (دير الزور، الرقة، الحسكة) أن كل من "دخل من الشباب في سن الخدمة الإلزامية في مناطق نفوذ النظام أو من المجندين في مليشيات الدفاع الوطني ممن ساءهم البقاء في تلك المناطق، باتوا يريدون الفرار لمناطق الشمال المحرر بقصد العبور إلى أوروبا بسبب سوء الوضع المعيشي هناك".

وأشارت الشبكة لـ"الاستقلال" إلى أن "مليشيا الدفاع الوطني تعمل على تهريب هؤلاء من مناطق نفوذ النظام بدمشق وحمص وتأمين خروجهم دون أي تعرض لهم من قبل الحواجز الأمنية المنتشرة على طول الطرق الرئيسة، لقاء مبالغ مالية ضخمة تصل إلى 1600 دولار أميركي حتى وصولهم إلى النقطة الأولى وهي محافظة دير الزور".

ويتوجه هؤلاء من دير الزور إلى مناطق قوات قسد ثم إلى الشمال المحرر الواقع على الحدود السورية التركية.

وألمحت "الشرقية 24" إلى أن "فراس العراقية هو المسؤول المباشر عن عمليات التهريب هذه عبر سماسرة يتبعون له وهم مرتبطون بأشخاص آخرين يوجدون في مناطق قوات سوريا الديمقراطية، حيث تتم عمليات التهريب عن طريق المعابر النهرية بين ضفتي الفرات (اليمنى تابعة للنظام) و(اليسرى تابعة لقسد)".

ونوهت الشبكة إلى أن عملية التهريب "يشترط فيها أن يكون الشخص مسجلا بعنوان من خارج محافظة دير الزور كي لا يتم التدقيق عليه أثناء تنقله بمناطق قسد لكون الأخيرة تشترط حصول الشخص من أبناء تلك المنطقة على موافقة أمنية منها إذا أراد الخروج إلى مكان آخر".

ويحمل أهالي مدينة دير الزور عناصر مليشيا "الدفاع الوطني" المسؤولية عن نهب بيوتهم عقب انسحاب تنظيم الدولة عام 2017 من أحياء في المدينة وتسلمها النظام السوري.

وتمكن "العراقية" بحكم نفوذه العسكري والمالي المتنامي من الحصول على عقود استثمارات وتعهدات داخل مدينة دير الزور عبر أشخاص وشركات تعد واجهة له، وخاصة في مجال مشاريع الصرف الصحي.

ويجري ذلك بتسهيل مباشر من محافظ دير الزور السابق عبد المجيد الكواكبي، واللواء في جيش النظام السوري محمد خضور.