توتر العلاقات.. خبراء أمميون يحذرون من "حرب جديدة" في جنوب السودان

12

طباعة

مشاركة

أكدت قناة أميريكية أن خبراء أمميين حذروا من انزلاق جنوب السودان إلى الحرب مجددا، بسبب فشل الفصائل المتنازعة في تطبيق اتفاق السلام وتنامي الاستياء الشعبي في البلاد.

وحذر خبراء الأمم المتحدة، بحسب قناة "ABC"، من أن الانقسامات السياسية والعسكرية والعرقية في جنوب السودان "آخذة في الاتساع"، مما قد يؤدي إلى حوادث عنف متعددة بين الموقعين الأساسيين على وقف إطلاق النار عام 2020، واحتمال تجدد الحرب، في وقت يعاني فيه ما يقرب من 100 ألف شخص من ظروف "شبيهة بالمجاعة".

وقال الخبراء في تقرير من 81 صفحة إن "بطء وتيرة الإصلاحات من قبل حكومة الرئيس سلفا كير، وأكثر من عام من الخلافات السياسية وتباين الرؤى حول كيفية تنفيذ وقف إطلاق النار الذي وقع في فبراير/شباط 2020 واتفاقية السلام لعام 2018 أدت إلى توتر العلاقات بين كير ونائبه الأول رياك مشار".

توترات داخلية

وأوضحت لجنة الخبراء في التقرير المقدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن "الاستياء داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان التي يتزعمها كير وقاعدة نفوذه في جماعة الدينكا العرقية بشأن تعامله مع فترة الانتقال، أدى إلى دعوات لصعود قيادة جديدة".

ونقلت اللجنة عن مصادر سرية متعددة في معسكر كير قولها: إن "الانقسامات تشكلت بسبب توزيع المناصب الحكومية وأن محاولات الرئيس إدارة التوترات الداخلية بين أنصاره باءت بالفشل وأسفرت عن حوادث أمنية خارج العاصمة".

أما مشار، فقالت اللجنة إن عدم قدرته على التأثير في صنع القرار الحكومي أو تحفيز تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، دفع الحركة الشعبية لتحرير السودان -الجيش المعارض، الذي يرأسه نائب الرئيس- إلى الانقسام. 

وقال الخبراء: إن "بعض القادة السياسيين والعسكريين في معسكر مشار يتحدون قيادته، فيما بعض ضباط الجيش انشقوا عن الحكومة".

وكانت هناك آمال كبيرة في السلام والاستقرار بمجرد أن نال جنوب السودان الغني بالنفط استقلاله عن السودان، لكن البلاد انزلقت في أعمال عنف عرقية في ديسمبر/كانون الأول 2013 عندما بدأت القوات الموالية لكير في قتال الموالين لمشار، نائبه السابق الذي ينتمي إلى جماعة النوير العرقية.

وفشلت محاولات عديدة لإحلال السلام، بما في ذلك الاتفاق الذي شهد عودة مشار لمنصب نائب الرئيس عام 2016، ليهرب بعد أشهر وسط قتال جديد، وتسببت الحرب الأهلية في مقتل ما يقرب من 400 ألف شخص وتشريد الملايين.

وأثمرت الضغوط الدولية المكثفة إلى اتفاق السلام الأخير وتشكيل حكومة ائتلافية بقيادة كير، وتعيين مشار نائبا له، لكن الحكومة فشلت في تحقيق العديد من الإصلاحات بما في ذلك استكمال توحيد قيادة الجيش، وإعادة تشكيل المجلس التشريعي الوطني الانتقالي.

استقرار في خطر

وبالإضافة إلى الأزمة الإنسانية المتصاعدة التي تهدد حاليا حياة 8.5 ملايين شخص -أي أكثر من ثلثي سكان البلاد- قالت اللجنة: إن "قوات الأمن الحكومية قد سيطرت على الموارد العامة والطبيعية من خلال إنشاء شركات مستقلة مدرة للدخل".

وأضافت نقلا عن مراجعة لوثائق وزارة المالية والتخطيط وسجلات الشركات والمقابلات أن الأرباح التي حققتها كل قوة أمنية "لم يتم تتبعها أو تدقيقها أو منع استخدامها من قبل الحكومة".

وحذر الخبراء من أنه نتيجة عدم الالتزام بالمواعيد النهائية والجمود السياسي بشأن القضايا الرئيسة في اتفاق حكومة الوحدة الوطنية، "ظل استقرار جنوب السودان في خطر".

و"نظرا لمخاوف المجتمع المدني والقادة السياسيين والمسؤولين العسكريين فيما يتعلق بقدرة الاتفاقية على إحلال سلام دائم في جنوب السودان ودعواتهم الناشئة لكير ومشار للتنحي، هناك حاجة إلى مشاركة عاجلة لتجنب العودة إلى صراع واسع النطاق"، وفق اللجنة.

واستشهد الخبراء بمصادر متعددة في الحكومة والجماعات المسلحة التي أكدت في الغالب على أن "الزخم تضاءل" بعد عامين ونصف من توقيع اتفاقية السلام، وقالوا إن المسؤولين من حزبي كير ومشار اتفقوا بشكل أساسي على أن "بطء وتيرة التنفيذ وتغير المواقف السياسية لبعض الموقعين قد جعل الاتفاقية من غير المحتمل تنفيذها".

وأكدت اللجنة أن مجلس حكماء "جينج"، وهو هيئة ذات نفوذ لزعماء الدينكا التقليديين، انتقد قيادة كير عبر بيان صدر في يناير/كانون الثاني الماضي.

وفي بيان ثان بتاريخ 19 فبراير/شباط الماضي، قال مجلس جينج: إن "الفساد في جنوب السودان هو محرك المنافسة السياسية"، وحذر من أن البلاد ستعود إلى الحرب لأن الاتفاقية "ركزت على تقاسم السلطة وتجاهلت بناء السلام على المستوى المحلي".

كما أكدت اللجنة أن حكومة الوحدة فشلت في تحسين حماية حقوق المدنيين "الذين واجهوا تهديدات مستمرة من قوات الأمن الحكومية والجماعات المسلحة".

وفي سياق متصل، أفاد "نظام التحذير الدولي من المجاعة" أن ما يقل قليلا عن نصف سكان جنوب السودان يواجهون "مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد"، وأن أكثر من 92 ألف شخص يعيشون في عدة مناطق، بما في ذلك منطقة بيبور الإدارية الكبرى وشمال بحر الغزال وواراب "يواجهون خطر المجاعة".