معين عبدالملك.. رئيس حكومة يراه اليمنيون "مندوبا" لأبوظبي والحوثي

12

طباعة

مشاركة

حالة عدم الرضا عن أداء رئيس الحكومة الشرعية معين عبدالملك تسود بين اليمنيين، إثر غيابه شبه الكامل عن الأحداث والتطورات الحاصلة في البلاد.

في 25 مارس/آذار 2021، أعلن طارق صالح (نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح) عن كيان جديد أطلق عليه "المجلس السياسي للقوات المشتركة" التي يقودها في الساحل الغربي، ما اعتبره مراقبون للشأن اليمني النسخة الشمالية من "المجلس الانتقالي الجنوبي".

و"القوات المشتركة" عبارة عن تشكيلات عسكرية مكونة من "ألوية العمالقة" و"المقاومة التهامية" و"قوات حراس الجمهورية" التابعة لطارق صالح والمدعومة إمارتيا.

وفي الوقت الذي انتظر كثيرون من رئيس الحكومة التعليق على الأمر من واقع منصبه السياسي المهم، فقد غاب كالعادة، في تصرف أثار غضب معظم اليمنيين.

وعلاوة على اتهامه بالتقصير في مهامه، فقد طالته اتهامات كثيرة بقضايا فساد منذ تعيينه رئيسا للوزراء في أكتوبر/تشرين الأول 2020.

تاجر كبير

آخر الاتهامات التي طالت عبدالملك، تلك التي وجهها رجل الأعمال اليمني أحمد العيسي، للأول بتسخير دعم الدولة لشركات تجارية هو شريك فيها.

وقال العيسي، الذي يتبوأ منصب نائب مدير مكتب رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية في حواره مع مركز صنعاء للدراسات في 16 مارس/آذار 2021 إن عبدالملك مرتبط بشكل رسمي مع شركة مقاولات تابعة لأولاد الصغير، ومرتبط أيضا بمجموعة هائل سعيد (إحدى كبريات الشركات التجارية في اليمن)، وشركة شهاب للاستيراد.

وأضاف العيسي أن عبد الملك شريك معهم في مشروع استثماري بإثيوبيا وفي أعمال أخرى، مشيرا إلى أن هذه الشركات تدفع ضرائبها لجماعة الحوثي، مضيفا أن عبدالملك يخدع الناس، حيث أتى بتجار حوثيين وتعاون معهم، من بينهم زيد الشرفي ومجموعة السنيدار والمقبلي، وهم تجار يتمركز نشاطهم في مدينة الحديدة (غرب).

وحمل العيسي، رئيس الحكومة مسؤولية عدم تنفيذ اتفاق الرياض، قائلا: "عبدالملك هو المخول بمناقشة تنفيذ اتفاق الرياض، وأنه لم يتحدث حول الشقين الأمني والعسكري، كما لم يسع لحل المشاكل التي تواجه ميناء عدن ومطارها، مع أن الناس والتجار يعانون الأمرين في ميناء عدن".

واتهم العيسي رئيس الحكومة بإعاقة وصول قضية فساد مالية إلى القضاء: "عبدالملك منع وصول قضية البنك المركزي (الوديعة السعودية) إلى القضاء، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كشف مخالفات في بنك التضامن التابع لمجموعة هائل سعيد أنعم، وبنك الكريمي، ومعين أوقف القضية التي كانت قد رفعت للقضاء".

وفي حواره مع مركز صنعاء، اتهم العيسي رئيس الحكومة بعزل وزير الداخلية السابق أحمد الميسري ووزير النقل صالح الجبواني، من أجل تمرير قراراته، مضيفا أن عبدالملك يدعم مصالحه التجارية ويتجاهل المصلحة العامة.

وكان كل من الميسري والجبواني قد وجها اتهامات لتحالف الرياض أبوظبي، بتنفيذ أجندة خاصة بها، بعيدة عن الأهداف المعلنة والتي تتمثل بإنهاء الانقلاب واستعادة الشرعية، وقد توترت علاقة الرجلين بالسعودية والإمارات، ما تسبب في إقالتهما.

اقتصادي لا سياسي

حالة عدم الرضا عن أداء عبدالملك تسود في الشارع اليمني منذ توليه رئاسة الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وتصريحه بأنه لن يتدخل في الشأن السياسي، وسيكون منشغلا بأحوال الناس والقضايا الاقتصادية.

أثار ذلك التصريح استهجان الكثيرين الذين رأوا أن المهمة الأولى المنوطة بمهام رئيس الحكومة، هي مهمة سياسية في المقام الأول، وهو ما عده البعض تملصا من قبل معين من أداء واجباته، في حين رأى آخرون أن ذلك التصريح أريد به تبرير عدم اعتراضه على تدخلات التحالف في الأزمة السياسية باليمن.

وغم إعلان عبدالملك اهتمامه وتركيزه على المعالجات الاقتصادية، فقد تضاعف تدهور الوضع الاقتصادي منذ تعيينه، حيث تجاوز سعر الدولار 800 ريال في مناطق الحكومة، و600 ريال في مناطق الحوثيين، ما تسبب بارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية، بالتزامن مع استمرار تدهور الخدمات والأوضاع المعيشية.

إقالة واستقالة

وبسبب انتقاد عبدالملك وعدم الرضا عند أدائه، فقد تعرض عدد من أعضاء الحكومة للإقالة، خصوصا أولئك الذين عبروا عن احتجاجهم بتخاذل عبدالملك عن أداء واجبه تجاه سعي التحالف بتنفيذ أجندته ومشاريعه الخاصة في اليمن.

فبالإضافة إلى إقالة وزير الداخلية أحمد الميسري ووزير النقل صالح الجبواني، استقال وزير الخدمة المدنية والتأمينات نبيل الفقيه، بعد أن قدم عريضة احتجاج في خطاب وجهه لرئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، انتقد فيها ما وصفه بالسياسة العقيمة التي تنتهجها حكومة عبدالملك، وتحييد القانون في ممارسات رئيس الحكومة.

كما استقال وزير المياه والبيئة العزي هبة الله شريم، الذي بررها بمخالفة رئيس الوزراء للدستور والقانون، وإيقافه له عن العمل في وقت سابق، وتجاوزه لصلاحيات مؤسسة الرئاسة.

وتلتها استقالة رابعة في 22 مايو/أيار 2020، لوزير الصناعة والتجارة محمد الميتمي، عقب سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا على أرخبيل سقطرى، احتجاجا على ما سماه موقف الحكومة المتخاذل من سعي دول التحالف لتمزيق اليمن.

غياب عن المشهد

ورغم كونه رئيسا للوزراء، وهو المنصب المسؤول عن مهام وزارة الدفاع إلا أن عبدالملك غاب بشكل تام عن المعارك التي تشهدها الشرعية مؤخرا في مأرب (وسط) وتعز (جنوب غرب) وحجة (شمال غرب).

علاوة على ذلك، لم يتخذ أي مواقف جادة ضد التحالف، و لم يحمل التحالف بصفته طرفا ضامنا مسؤولية عدم تنفيذ المجلس الانتقالي للشق العسكري من اتفاق الرياض.

نتيجة لذلك، قامت مجاميع تحمل شعارات المجلس الانتقالي في 17 مارس/آذار 2021، بالهجوم على قصر المعاشيق بعدن، واقتحمته أثناء وجود عبدالملك وعدد من الوزراء، وحاصروهم، قبل أن ينسحبوا في وقت لاحق.

الجبواني علق وقتها على اقتحام قصر معاشيق متهما عبدالملك بالتواطؤ مع المجلس الانتقالي، وقال في تغريدة: "تواطؤ معين عبدالملك مع المليشيا الإماراتية ومجلسها الانتقالي في عدم تنفيذ الشق العسكري والأمني أدى اليوم لهذه النتيجة المخزية باقتحام قصر المعاشيق وطرد الحكومة.

مضيفا: "يجب طي صفحة اتفاق الرياض وتشكيل حكومة جديدة تقوم بواجباتها تجاه كل بقعة في اليمن بما في ذلك إعادة عدن لحضن الشرعية".

ضوء أخضر

وفي وقت سابق، اتهم الجبواني في سلسلة تغريدات، عبدالملك بأنه أعطى الضوء الأخضر للإمارات بقصف الجيش اليمني في أغسطس/آب 2019، تحت مزاعم كاذبة بأن الجيش الوطني "إخوان"، طالبا أن يمثل هو وعبدالملك للمحاكمة.

واتهم الجبواني، عبدالملك بأنه غطى على انقلاب عدن الذي رعته الإمارات، قائلا: كنا في اجتماع مجلس الوزراء في السفارة اليمنية بالرياض، ورفض معين إدانة الإمارات، قائلا: نطلب في البيان تصحيح العلاقة مع التحالف، ولم نكن نعرف حينها أن مشترك في هذا الأمر (انقلاب عدن).

ويتحكم المجلس الانتقالي بزمام الأمور في عدن، منذ أغسطس/ آب 2019، عقب قتال شرس مع القوات الحكومية انتهى بطرد الحكومة التي اتهمت الإمارات بتدبير انقلاب ثان عليها بعد انقلاب جماعة الحوثي في سبتمبر/ أيلول 2014، وهو ما تنفيه أبو ظبي.

واتهم الجبواني معين عبدالملك بأنه مفروض من قبل الإمارات كرئيس للوزراء، مضيفا أن اتفاق الرياض اشترط عدم وجود وزير من الحكومة السابقة، وهو الأمر الذي يعني إقصاء وزراء الحكومة الذين وقفوا ضد الانقلاب وتنصيب الانقلابيين كوزراء، حد قوله.

ولم تشهد فترته اتخاذ أي إجراء رادع، جراء دعم التحالف للانقلاب العسكري في عدن، ثم إعلان الإدارة الذاتية في الجنوب، ومؤخرا السيطرة على محافظة أرخبيل سقطرى.

ويتهم كثيرون عبدالملك بولائه للإمارات، وعدم مواجهتها بمشاريعها التخريبية في عدن وجزيرة سقطرى وبقية المدن الجنوبية، وقد دشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في وقت سابق هاشتاج تحت عنوان  #إقالة_معين_مطلب_وطني.

كما يتهم العديد الإمارات بالدفع بعبدالملك كرئيس للوزراء في حكومة ديسمبر/كانون الأول 2020، والتي انبثقت عن اتفاقية الرياض، وهي رغبة مشتركة مع السعودية.

وصرحت مصادر رئاسية لقناة بلقيس اليمنية في 5 يوليو/تموز 2020، أن السعودية أبلغت الرئيس هادي أنها لا يمكن أن تتعامل مع رئيس وزراء غير عبد الملك، وأضافت المصادر التي لم تكشف بلقيس عن هويتها، أن هادي طرح اسم رشاد العليمي، كمرشح بديل لرئاسة الحكومة.

ذات الأمر أشار إليه مستشار رئيس الجمهورية ونائب رئيس مجلس النواب عبدالعزيز جباري في تغريدة قال فيها: "المصلحة الوطنية تقتضي تكليف شخصية وطنية من إقليم حضرموت لتشكيل حكومة جديدة. فرض شخصية من قبل جهة غير يمنية يعني أن الشرعية بكل مكوناتها أصبح لا حول لها ولا قوة وعلى الشعب اليمني أن يدرك هذه الحقيقة".

العمارة والتخطيط

ولد عبدالملك عام 1976 في محافظة تعز جنوب غربي اليمن وهو متزوج وله 3 أطفال، حصل على البكالوريوس في الهندسة المعمارية والتخطيط في يوليو/تموز 1998 من كلية الهندسة بجامعة القاهرة.

وحصل على الماجستير في نظريات العمارة والتصميم في فبراير/شباط 2002، والدكتوراة في مارس/آذار 2010 من نفس الجامعة التي حصل منها على البكالوريوس.

بدأ حياته العملية عام 1998 في المجموعة الاستشارية بالقاهرة في مجال التخطيط والعمران، وساهم ضمن فرق من المختصين في تصميم عدد من المشروعات في سيناء وجنوب البحر الأحمر بما في ذلك إعداد دراسات الجدوى والكلف الاقتصادية.

وانضم لهيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة ذمار جنوب صنعاء بدءاً من عام 2003 كأستاذ مساعد، وقدم مع عدد من الأكاديميين المختصين في مجال العمارة والتخطيط استشارات لمشاريع متنوعة في القطاعين العام والخاص بما في ذلك إعداد دراسات الجدوى والكلف الاقتصادية.

ومن عام 2004 - 2005 عمل في هيئة تنمية الجزر اليمنية للإشراف والصياغة والتخطيط لأكثر من 9 قطاعات في البحر الأحمر وبحر العرب، وتبنى رئيس الوزراء هذه الخطط عام 2005، وتم تنفيذها لتطوير الجزر اليمنية وقطاعات المدن الجديدة.

حصل على درجة أستاذ مساعد في قسم العمارة والتخطيط بجامعة ذمار في أكتوبر/تشرين الأول 2010 كمحاضر في نظريات العمارة إضافة إلى مناهج التصميم والتخطيط الإقليمي.

وقدم مع مجموعة من الاستشاريين عدداً من الدراسات المتخصصة في التخطيط والعمران، قام بالدراسة والإشراف على عدد من المشاريع في عدة مدن يمنية في قطاعات عدة ومنها قطاع الإسكان والتطوير الحضري في مدينتي صنعاء وعدن.

تولى رئاسة فريق استقلالية الهيئات والقضايا الخاصة في الحوار الوطني إضافة إلى عضوية لجنة التوفيق بمؤتمر الحوار الوطني من 2013 حتى 2014.

كما تولى مهام مقرر لجنة صياغة الدستور اليمني بعد انتخابه من قبل أعضاء لجنة صياغة الدستور في مارس/آذار 2014، وكان عضوا بالوفد الحكومي للمشاورات السياسية في جنيف1 و2، ومباحثات الكويت.

شغل بقرار جمهوري منصب نائب رئيس لجنة التنسيق والمتابعة من جانب الحكومة اليمنية لمتابعة برنامج الدعم السعودي في مجال دعم البنك المركزي بالوديعة ومنحة المشتقات النفطية لقطاع الكهرباء وتنسيق مشاريع التعافي وإعادة الإعمار في عدد من المحافظات.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015 أصبح نائبا لوزير الأشغال العامة والطرق حتى مايو/آيار 2017، ثم وزيرا للأشغال العامة والطرق من مايو/آيار 2017 وحتى 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018.