موقع إيراني: وادي السيليكون يثري اقتصاد أميركا أكثر من قاذفات القنابل

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع إيراني عن إمكانية تغيير الولايات المتحدة الأميركية إستراتيجيتها المتبعة من بيع السلاح إلى المتاجرة بالإنترنت، في ظل الإدارة الجديدة بقيادة جو بايدن.

وتطرق موقع "إيران ديبلوماسي" في مقال للأستاذ الجامعي والمدير العام والرئيس السابق لمؤسسة الصناعة والتعدين في محافظة لرستان "غلامرضا مصدق"، إلى ما فعله بايدن منذ اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض، والقرارات التي اتخذها، والفرق بينها وبين قرارات سابقه دونالد ترامب.

قارن مصدق بين دخل أميركا من السلاح سنويا، وكذلك دخلها إذا قامت بعمل شبكة إنترنت عالمية، متسائلا: هل ستأخذ واشنطن هذا الاتجاه؟ وإذا تم ذلك كيف ستتعامل إيران معها؟

وقال الكاتب: "من محتوى كلام جو بايدن وطريقة اختيار معاونيه يتضح أن طريقة تعامله مع العالم الخارجي معاكسة تماما للخطة التي كان يضعها ويسير عليها دونالد ترامب".

ويعد إلغاء 15 قرارا من قرارات ترامب في الساعة الأولى من دخوله البيت الأبيض بمثابة تأكيد تام على تعاونه مع الدول الأخرى لحل المشاكل العالمية.

كما يعد الإلغاء المؤقت لبيع السلاح للسعودية والإمارات، وكذلك العودة إلى المعاهدات والمؤسسات التي كان ترامب قد خرج منها كذلك بمثابة تأكيد على حقوق الإنسان وغيرها من خطط عمل الحكومة الأميركية الجديدة في التعامل مع العالم الخارجي.

وتابع مصدق: هذا التغيير في الخطط ليس من باب الاقتناع التام بحقوق الإنسان ضمن سلوك تعامل أميركا مع الناس، ربما تكون واشنطن مجبرة على تغيير خطتها في الالتزام بالأوضاع الجديدة من أجل الحفاظ على هيمنتها.

فعلى سبيل المثال: على عكس تخيلنا عن التجارة الخاصة ببيع الأسلحة الأميركية، فإن كل الصادرات خاصتها قُدرت بنحو 55 مليار دولار فقط خلال عام 2019.

الإنترنت هو السبيل؟

 ومن أجل إدراك هذا الرقم جيدا يجب أن نعلم أن إنتاج الأسلحة بأكمله في 25 شركة كبرى لصناعة الأسلحة في العالم قُدر بحوالي 360 مليار دولار خلال العام نفسه.

وهنا يجب ألا نغفل عن هذا الأمر حيث أكبر المنتجين للسلاح هم أنفسهم أكبر عملاء للسلاح المنتج من قبلهم، وبناء على هذا هناك اختلاف كبير بين الإنتاج وبين تصدير الأسلحة، يقول الكاتب.

وأضاف: في المقابل، فإن الصادرات التي تُقدر بـ55 مليار دولار من الأسلحة سنويا تتسبب في سوء السمعة والنظرة السلبية لواشنطن.

وهناك شركات مثل: أبل، أمازون، غوغل، مايكروسوفت، تويتر، وغيرها؛ بحيث أن كل منها منفردة يمكنها أن تخلق قيمة مرتفعة للاقتصاد القومي الأميركي بقيم مضاعفة لتجارة السلاح بأكملها. ففي الوقت الراهن لديها 7 شركات من أصل 10 مشهورة عالميا كأبل وفيسبوك.

على سبيل المثال، تطرق الكاتب إلى مشروع الإنترنت الفضائي العالمي الخاص برائد الأعمال الأميركي العظيم إيلون ماسك، المعروف باسم "ستارلينك".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، صرح ماسك، الرئيس التنفيذى لشركة SpaceX، أن مشروع الإنترنت الفضائى الخاص به جاهز للاستخدام العام بعد الإطلاق الأخير لأقمار ستارلينك الصناعية، إذ أرسلت الشركة 60 قمرا صناعيا آخر إلى مدار أرضي منخفض في نفس الشهر، وبذلك يصل العدد الإجمالى إلى 800.

ووفقا لموقع "إندبندنت" البريطانى، تأمل شركة الفضاء الخاصة فى إطلاق عشرات الآلاف من أقمار ستارلينك الصناعية فى نهاية المطاف لإنشاء كوكبة قادرة على إرسال انترنت النطاق العريض عالي السرعة إلى 99 في المئة من العالم.

ويقول الكاتب: " إذا فرضنا فرضا تشاؤميا بأن مليارا واحدا من سكان العالم الثمانية اشتركوا في هذا الشبكة، ويدفع كل منهم سنويا 300 دولار ثمن الاشتراك، فستحقق هذه الشركة بمفردها دخلا حوالي 300 مليار دولار من أجل الاقتصاد القومي، ما يعادل ستة أضعاف الدخل السنوي لصادرات السلاح الأميركية". 

الهيمنة الأميركية

وأردف مصدق: تستطيع واشنطن بسلطتها السياسية، الحضارية، والفنية أن تبيع للعالم هذه الخدمات والسلع باعتبارها تمهيد للديمقراطية ورعاية حقوق الإنسان، وبذلك تكون قد ضربت كل العصافير بحجر واحد.

أولا: باستثمار صغير في هذه التكنولوجيا التي سيكون لها باع طويل فيها، بإمكانها أن تربح أرقام خيالية.

ثانيا: عن طريق شركات مثل: غوغل، فيسبوك، تويتر، وغيرها لا تحتاج مؤسسات ضخمة، لتحسين صورة الاستخبارات، حيث تجذب ميول الناس، وتستغل كل هذا لمصلحتها والحفاظ على هيمنتها.

ثالثا: توسيع هذا النوع من الأنشطة على خلاف بيع الأسلحة وخلق قاعدة في العالم لا تبعد السمعة السيئة والنظرة السلبية لواشنطن فقط، بل تربح كذلك القبول والشرعية.

رابعا: على خلاف الحرب الباردة حيث كان التنافس بين واشنطن ومنافسها ذلك الوقت الاتحاد السوفيتي، فإن المنافس الحقيقي الآن هو الصين، التي تعتمد على بيع العناصر مثل: الفولاذ، الوسائل الإلكترونية والسيارات، هذه الآلة ليست في متناول يد المنافس كي يستفيد منها.

وذكر الكاتب: تعيد أميركا هيمنتها على العالم عن طريق هذه الإستراتيجية من مشروعية، قبول، دخل مرتفع، ومن هنا تسيطر على الصين باعتبارها حكومة متسلطة حيث أن امتيازها الوحيد هو السلطة الاقتصادية.

 الصين على عكس الاتحاد السوفيتي لن تكتسح العالم بالتنافس في التسلح فقط، بل بالمنافسة الاقتصادية.

وتابع مصدق: وادي السيليكون المنطقة الجنوبية من خليج سان ‌فرانسیسکو بولاية كاليفورنيا، المشهورة بوجود عدد كبير من المطورين والتي تضم حاليا جميع أعمال التقنية العالية في المنطقة، تجذب النخبة في العالم، وتعيد الهيمنة الأميركية، وتحافظ على قيمة الدولار في المعاملات العالمية في منزلة أفضل من قاذفة القنابل بي 52".

في هذه الحالة سيعود قبول واشنطن كجزء مهم من العالم مرة أخرى كما كانت قبيل الحروب العالمية الأولى والثانية. واختتم الكاتب مقالته وهو يتساءل: إذا اتخذت فعلا هذه الإستراتيجية، كيف ستكون طريقة مواجهة إيران لأميركا الجديدة؟