حسين دهقان.. قائد عسكري مقرب من خامنئي يطمح لرئاسة إيران 

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

قرار البرلمان الإيراني بمنح العسكريين حق الترشح لانتخابات الرئاسة، أعطى دفعة قوية لمستشار "المرشد" للشؤون العسكرية، وزير الدفاع السابق، اللواء حسين دهقان، الذي أعلن في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، خوضه سباق الرئاسيات في 18 يونيو/حزيران 2021.

وفي 20 ديسمبر/كانون الأول 2020، صوت البرلمان على تعديلات في قانون الانتخابات تسمح لأعضاء "مجمع تشخيص مصلحة النظام"، وكل أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي بالترشح، وفتح الباب أمام كبار مسؤولي الجيش للمنافسة على تولي رئاسة البلاد.

"عنصر ثوري"

مع احتدام الصراع بين الأوساط السياسية والعسكرية وجناحي المحافظين والإصلاحيين، حول مرشحي الرئاسة الإيرانية، فإن "دهقان" أول المرشحين للانتخابات، ويبعد نفسه عن الانتماء إلى التيارين السياسيين التقليديين بالبلاد.

وضمن مقطع فيديو تداولته وسائل إعلام إيرانية في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قال دهقان: "أعلن استعدادي لخوض انتخابات الرئاسة لعام 2021، وسأقوم بتنفيذ مسار النمو والتنمية بأقل تكلفة"، واصفا نفسه بأنه "عنصر وطني وثوري ولدي كل الإمكانات الفكرية والعقلية والتنفيذية لدفع أهداف ومصالح النظام والثورة".

وأكد مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي أنه "لا ينتمي إلى التيارين السياسيين التقليديين في البلاد، الإصلاحي والمحافظ"، متعهدا بالسعي إلى "إيجاد جو من التفاهم والإجماع، والتفاهم الوطني وأجواء للحوار مع العالم من منطلق القوة والعزة".

وشدد دهقان على أنه في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنه "سيوفر نظاما إداريا صحيا وفعالا يخدم التنمية، ويحشد جميع المرافق والترتيبات الصحيحة للاستجابة للاحتياجات الفورية والمتوسطة والطويلة الأجل".

وقبل أيام من إعلان ترشحه، أجرى دهقان، المدرج على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مقابلة حصرية مع وكالة "أسوشيتد برس" أكد فيها أن "موسم الخلافات السياسية في هذا البلد قد انتهى، وأعتقد أن التيارات السياسية اليوم قد وصلت إلى العقلانية".

وتطال دهقان اتهامات باستهداف ثكنتي "المارينز" الأميركية والقوات الفرنسية في العاصمة اللبنانية بيروت بشاحنة مفخخة في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1983، حيث قالت تحقيقات أميركية: إن مسؤول الحرس الثوري الإيراني آنذاك في لبنان دهقان، وسفير طهران لدى دمشق، علي أكبر محتشمي، وراء التخطيط والتدريب لتنفيذ العملية.

وقالت التحقيقات: إن "دهقان قد أرسل إلى لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وكان في البداية مسؤولا عن التدريب مما جعله مسؤولا عن إنشاء القوة العسكرية لحزب الله".

لكن دهقان يرفض هذه الاتهامات، وقد رفضها مجددا في مقابلته الأخيرة مع وكالة "أسوشيتد برس"، متسائلا: "الولايات المتحدة تحاول ربط أي شيء يحدث في العالم بشخص في إيران. هل لديهم حقا دليل؟ لماذا يربطون هذا التفجير بي؟".

مسيرة حافلة

ولد دهقان عام 1957 في قرية بودة قرب مدينة شهرضا في مقاطعة دهقان بمحافظة أصفهان، وحصل علی شهادة الماجستير في الهندسة المعدنية من جامعة طهران، التي حصل منها لاحقا على الدكتوراه في الإدارة العامة.

لمع اسمه بداية في السلك العسكري، فقد لعب دهقان كقائد للحرس الثوري في طهران بداية الثورة التي أطاحت بحكم الشاه عام 1979، دورا في الأحداث التي تلت الثورة، وذلك بمواجهة التحركات المعارضة آنذاك.

وخلال الحرب مع العراق 1980-1988، عُيّن دهقان قائدا أعلى للوحدات القتالية في محافظة طهران، وفي عام 1990، جرى تعيينه قائدا للقوات الجوية في الحرس الثوري، ومعه دخلت صواريخ "أرض-أرض" إلى الخدمة.

كذلك ساعد دهقان في التغيير الذي حدث بين 1997 و2005، في تصميم وإنتاج المعدات والمواد الدفاعية في مجال الصواريخ والبحرية والفضائية والجوية والاستخباراتية للأنظمة العسكرية المختلفة في وزارة الدفاع.

تولى دهقان، وزارة الدفاع في بلاده بين عامي 2013-2017 خلال ولاية الرئيس حسن روحاني، ومساعدا للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد لشؤون منظمة "الشهداء"، ووكيلا لوزير الدفاع لفترة 8 سنوات، حين ترأس فيها الإصلاحي محمد خاتمي البلاد (1997-2005).

وكانت المحطة الأخيرة له في دوائر الحكم هو اختياره، قبل 3 أعوام، مستشارا للمرشد للشؤون الدفاعية، لينفذ إلى المرشد الإيراني مباشرة، ويحظى بثقة الأخير الذي يتمتع بـ"سلطة فوقية"، وله الكلمة الفصل في المؤسسة الحاكمة بإيران، بعدما صار مهندسا لسياسته تجاه أزمات بلاده الكبرى خلال هذه الفترة. 

كما شغل دهقان قبل ذللك، عددا من المناصب الأكاديمية في إيران، حيث قام بالتدريس في عدد من الجامعات أبرزها: جامعة إمام حسین، جامعة العلامة الطباطبائي، جامعة مالك أشتر الصناعية، الجامعة العالية للدفاع الوطني، جامعة حر الإسلامية.

وكانت له نشاطات بحثية عديدة، إذ تولى مسؤولية توجيه واستشارة ومراقبة عشرات الأطروحات لطلاب الجامعات المختلفة في مراحل الماجستير والدكتوراه، وكذلك تعريف المشاريع المتنوعة البحثية في مختلف المراکز البحثية والأمانة العامة لـ"مجمع تشخيص مصلحة النظام".

مواقف حادة

لم يبتعد دهقان عن وجهات نظر خامنئي في رفض المفاوضات مع الغرب، بالقول: إن "أي مفاوضات تُجرى مع الغرب لا يمكن أن تشتمل على الصواريخ الباليستية" التي وصفها بأنها "القوة الرادعة لأعداء إيران وخصومها".

وفي مقابلته مع "أسوشيتد برس"، قال مستشار خامنئي: "لن تتفاوض الحكومة الإيرانية أبدا حول قوتها الدفاعية، مع أي جهة، وتحت أي ظروف، إن صواريخنا الباليستية هي رمز الإمكانات الهائلة التي نملكها من خبرائنا وشبابنا ومراكزنا الصناعية الكبرى".

وحذر دهقان، من أي تصعيد عسكري من جانب الولايات المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة من إدارة الرئيس دونالد ترامب. موضحا: "من شأن الصراع التكتيكي المحدود أن يتحول إلى حالة حرب شاملة، وبكل تأكيد، لا يمكن لأميركا، أو المنطقة، أو العالم بأسره أن يتحمل مثل هذا النوع من الأزمات الشاملة".

ومنذ انسحاب ترامب من "الاتفاق النووي" الإيراني عام 2018، تجاوزت طهران كل قيود الاتفاق المعلنة، مع استمرار السماح للمفتشين الدوليين بمواصلة العمل في البلاد.

وقال دهقان: إن "عمليات التفتيش التي تباشرها منظمة الأمم المتحدة في إيران ينبغي أن تستمر طالما أن المفتش ليس جاسوسا أجنبيا".

وعن ترشح  مقرب من خامنئي لانتخابات الرئاسة، رأى الخبير الإيراني صالح كامراني أن "الحرس يهدف من وراء ترشيح شخصية قيادية لمنصب الرئاسة إلى المحافظة على مراكز القوة والنفوذ التي اكتسبها منذ عام 2009 عبر مجيء رئيس عسكري تابع للحرس لحكم البلاد".

وأضاف خلال تصريح نشر في 23 ديسمبر/كانون الأول 2020: أن "الحرس يريد أن تُدار مفاوضات البرنامج النووي والملفات الإقليمية بصورة مباشرة من قبل الحرس، وبذلك ستصبح يده مفتوحة بشكل أكبر في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في العراق ولبنان واليمن سوريا".

وأكد كامراني أنه "بعد مجيء الديموقراطيين في الولايات المتحدة وفوز جو بايدن بالانتخابات، قد تعود المفاوضات بين طهران وواشنطن مجددا، ويريد المرشد أن يكون هناك تنسيق وتناغم تام بين موقف الرئاسة وموقفه وموقف الحرس في المفاوضات الإيرانية-الأميركية القادمة".

وأفادت تقارير صحفية بأن "التيار الإصلاحي في إيران يحذر من ترشح قيادات الحرس للرئاسة، ومن أن مجيء جنرال من الحرس لرئاسة البلاد قد يدفع الإدارة الأميركية الجديدة التي تفضل المفاوضات على العقوبات إلى أن تتراجع في خياراتها بشأن ما يتعلق بملف برنامج إيران النووي".

وذكرت أن "مجيء شخصية عسكرية لرئاسة إيران قد يدفع الحرس إلى أن يتهور في سياساته وتدخلاته الخارجية".

واعتبرت التقارير أن "الاستفزازات الإيرانية في ظل وجود رئيس عسكري لن تبقي العقوبات على إيران فحسب، بل قد تقرب إيران من المواجهة العسكرية المباشرة مع الولايات المتحدة وحلفائها، في ظل تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من دول المنطقة".