غادة نجيب.. ناشطة مصرية انتقدت ضابطا بـ"مخابرات السيسي" فخسرت جنسيتها

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لم يدر بخلد كثير من المعارضين المصريين في الخارج، أن نظام "عبد الفتاح السيسي" قد يسقط الجنسية عن المواطنين، خاصة وأنها سابقة لم تتكرر في تاريخ المحروسة إلا نادرا.

آخر قرار بإسقاط الجنسية لدواع سياسية اتخذه مجلس قيادة ثورة يوليو في 23 سبتمبر/أيلول 1954، عندما أسقط الجنسية عن 6 مصريين، هم محمود أبو الفتوح، عبد الحكيم عابدين، سعيد رمضان، سعد الدين الوليلي، محمد جويفيل وكامل شريف، بذريعة خيانة الوطن، كتهمة دارجة آنذاك، كثيرا ما اتهم بها الرئيس جمال عبد الناصر معارضيه.

وبعد قرابة 66 عاما، أعاد نظام "السيسي" الكرة، وأسقط الجنسية عن المواطنة المصرية "غادة نجيب" زوجة الممثل والإعلامي هشام عبدالله، حسبما نشرت الجريدة الرسمية المصرية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2020. قرار رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، بذريعة أنها تحمل الجنسية السورية.

"غادة" استقبلت الحكم بصدمة شديدة، وكتبت عبر صفحتها بفيسبوك، قائلة: "تقريبا أنا لِسَّه (لم) مفوقتش من الصدمة، ومش قادرة أستوعب مين في العالم كله يقدر ينزع عنى مصريتي، مين أداهم الحق، أنا مصرية أكتر منكم ومحدش يقدر ينفي عنى مصريتي".

"غادة" قالت: "إن الحكومة المصرية، لا تمتلك وثائق رسمية تؤكد أنها سورية الجنسية، وشددت أنها لا تحمل سوى الجنسية المصرية، ولديها ما يثبت كونها مصرية الأصل والنشأة".

وفي ذات الوقت، استنكرت الناشطة المصرية، أن يصبح ضابط برتبة مقدم في المخابرات العامة (أحمد شعبان) هو من يدير الدولة، ويصدر القرارات ويتحكم في مصائر البشر ويسقط عنهم الجنسية.

مواطنة مصرية 

ولدت "غادة محمد نجيب"، في 3 فبراير/شباط 1972، بالعاصمة المصرية القاهرة، وتلقت تعليمها في مدرسة مصر الجديدة الثانوية بنات، بعدها التحقت بكلية الحقوق جامعة عين شمس، وحصلت على درجة الليسانس في القانون، وفي 1995، تزوجت من الفنان هشام عبد الله.

برزت "غادة" على الساحة السياسية إبان مشاركتها في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، والتي أطاحت بالرئيس الراحل حسني مبارك، ومنذ تلك اللحظة استمرت "غادة" في التفاعل والمشاركة بالمظاهرات المتعاقبة.

كانت "غادة أحد" رموز الثورة في ميدان التحرير، وشاركت في أحداث محمد محمود، ومجلس الوزراء، وكانت في طليعة الرافضين لسحل جنود الجيش لفتاة بميدان التحرير، وطالبت بالقصاص لشهداء الثورة.

أعلنت "غادة" عن معارضتها للمجلس العسكري الذي تولى إدارة المرحلة الانتقالية، بقيادة المشير "محمد حسين طنطاوي"، كما عارضت حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، وكانت ضمن قيادات حركة تمرد المعارضة، التي دعت لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

مراجعة موقف

نزلت "غادة" في مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، لكنها عارضت انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، الذي أطاح بحكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، على يد وزير الدفاع (آنذاك) "عبد الفتاح السيسي"، في انقلاب عسكري متكامل الأركان.

استشعرت "غادة" أن هناك مؤامرة تحاك على يد الدولة العميقة، وتحديدا أجهزة المخابرات، بتحريك خيوط داخل حركة تمرد، التي كانت واحدة من مؤسسيها، فآثرت الانسحاب واتخاذ موقف وطني، ودخلت بناء على قرارها في خلافات عميقة مع شخصيات داخل تمرد، وعمِل إعلام النظام على تشويه صورتها.

وقفت "غادة نجيب" ضد فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس/آب 2013، وأعلنت موقفها بوضوح في أيام فض الاعتصام الدموية، ووصفت الحادث بأنه أكبر مذبحة في تاريخ مصر.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، طالبت "غادة" بمحاكمة حركة تمرد بتهمة "الخيانة العظمى"، وأدلت بتصريحات لقناة الشرق المعارضة، قالت فيها: "هذه ليست حركة شعبية أطاحت بالرئيس مرسي، لكنها حركة مخابراتية".

وأضافت، أن "التسريبات التي أذاعتها قناة "مكملين" (الخاصة بتلقي تمرد تمويلات خارجية من الإمارات)، هي براءة لي من اتهامي أني خلية نائمة للإخوان، وقد أعلنت انسحابي من الحركة قبل أسبوع من أحداث 30 يونيو".

وأعلنت "أنها تلقت تأكيدا من القيادي بالحركة "حسن شاهين"، بأن هناك تنسيقا على أعلى مستوى بين تمرد والمخابرات، يتوسطه صحفي شهير جدا (ضياء رشوان)، بذريعة أن الإخوان سوف ينزلون الشارع ومعهم سلاح".

وشددت على أن "هذه خيانة عظمى، ودليل براءة الرئيس محمد مرسي من تهمة التخابر مع قطر، أو قيادات الإخوان مع دول أجنبية، ويجب محاكمة قادة تمرد بتهمة تلقي تمويل من الخارج (الإمارات)". 

وبعد خروجها من مصر، جراء تهديدها وعائلتها بالملاحقات الأمنية والاحتجاز، استقرت في تركيا رفقة زوجها الفنان هشام عبدالله، وشاركت في كثير من الفعاليات المناهضة لحكم السيسي، بالإضافة إلى لقاءاتها الإعلامية، وكشفها لكثير من كواليس تعاون بعض الحركات والنشطاء مع أجهزة المخابرات.

تنكيل متعدد

مواقف "غادة نجيب"، جعلتها عرضة لبطش السلطة، وهو ما بدأ عام 2016، عندما أصدر النائب العام قرارا بالموافقة على وضع كل من الفنان "هشام عبدالله" وزوجته "غادة نجيب" على قوائم ترقب الوصول.

وفى 31 يناير/كانون الثاني 2019، صدر حكم بالسجن 5 سنوات على كل من "غادة وهشام"، في القضية المقيدة تحت رقم (1102) لسنة 2017. حصر أمن الدولة العليا، والمعروفة إعلاميا بقضية "إعلام الإخوان".

لم يكتف "نظام السيسي" بالأحكام والمطلوبين في غير قبضته، ففي أغسطس/آب 2018، مارست السلطة سياسة من نوع آخر، عندما اعتقلت شقيق المعارضة المصرية الأصغر، وهو طالب في المرحلة الثانوية، ولم يكن يبلغ من العمر حينها 17 عاما.

وقررت "نيابة أمن الدولة" حبسه على ذمة القضية رقم (441) لسنة 2018. حصر أمن دولة، التي عرفت إعلاميا بـ"الثقب الأسود"، بسبب ضمها العديد من الصحفيين والسياسيين والمدونين.

وفي 25 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلن الفنان "هشام عبدالله" أن السلطات اعتقلت 5 من أبناء أشقائه قبل أن يتم إخفاؤهم قسريا. وقال "عبدالله"، في تغريدة بتويتر: "تم اعتقال أبناء أخوتي الخمسة، ولَم أعرف الخبر إلا الآن، وهم مختفون قسريا، وبذلك ينضمون لأخي الأكبر وإخوة زوجتي المعتقلين منذ عامين".

كلمة السر

كلمة السر في إسقاط الجنسية عن الناشطة المصرية "غادة نجيب"، تكمن في ضابط جهاز المخابرات العامة العقيد "أحمد شعبان"، المقرب من رئيس الجهاز اللواء "عباس كامل".

"غادة" قالت في مقطع مصور إن "شعبان" أرسل إليها وسيطا، يطلب منها إيقاف هجومها ضده، وحذف كل التدوينات التي كتبتها على صفحتها بشأن ممارساته، إلا أنها طلبت من الوسيط حذف جميع الأخبار التي نشرتها عنها وسائل إعلام النظام، والتي قالت إنها أساءت إليها وإلى سمعتها، قبل الدخول في تلك المفاوضات.

وقالت غادة: "حملة الهجوم والتهديدات التي أتعرض لها، بسبب التسريبات التي بثها زوجي، عبر برنامجه التلفزيوني على قناة الشرق"، وتضمنت تلك التسريبات اعترافات للناشطة السابقة بحركة تمرد "دعاء خليفة"، التي جرى اعتقالها مطلع سبتمبر/أيلول 2020، على خلفية اتهامات وجهتها إلى ضابط المخابرات "أحمد شعبان" الذي وصفته بأنه "المدير التنفيذي لمصر". 

بعد تلك التجاذبات، بدأ العقيد "أحمد شعبان"، يحرك أذرعه الإعلامية تمهيدا لقرار إسقاط الجنسية عن "غادة"، وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، تناول الإعلامي "محمد الباز"، عبر برنامجه على "قناة النهار"، حلقة بعنوان "آخر النهار يكشف مفاجأة بالمستندات حول "غادة نجيب" سورية حصلت على الجنسية المصرية من هشام عبد الله" لتبدأ حملة ممنهجة تشكك في الهوية المصرية لغادة.

وصل الصدام بين "غادة وشعبان" إلى ذروته في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما كشفت الناشطة المصرية عن محاولة العقيد "شعبان"، حظر حسابها الشخصي على موقع "فيسبوك"، من خلال تواصله مع شبكة "MBC" التلفزيونية.

وكتبت "نجيب" عبر حسابها قائلة: "أخيرا، الأكونت رجع بعد بلاغات من "mbc" تدعي حقوق ملكية على البث المباشر بتاعي وعلى منشورات كتبتها قبل وبعد البث المباشر، طبعا كلها تخص أمير الأحزان أحمد شعبان".

 

مضيفة: "المهم بعد رسايل كتير بيني وبين إدارة الفيس بوك، رجعوا البث المباشر تانى وكل المنشورات، لأنهم اتأكدوا إنها بلاغات كيدية ومش حقيقية.. لجان، وبلاغات كيدية، واستخدام نفوذ عشان يخلي قناة زى (mbc) تعمل بلاغ على صفحة شخصية، جااامد أووى صقر المخابرات المصرية".