"فخامة اصطناعية".. هكذا تسعى السعودية لجذب السياح
.jpg)
تقود المملكة العربية السعودية مشروع التنقيب على حضارة غير معروفة حتى الآن، هذا بالإضافة إلى الفن المعاصر في وسط الصحراء ومشروعين عملاقين لتحقيق حلم تركيز قوة سياحية الأكثر تميزا في المنطقة.
وقالت صحيفة إلموندو الإسبانية في تقرير لها: إن منطقة العلا السعودية تضم بين أراضيها آثار مملكة غير معروفة حتى الآن. وقد ظهرت حضارة لحيان الغامضة في شبه الجزيرة العربية منذ أكثر من 2700 عام.
وفي دادان- وهو مفترق طرق سافر عبره تجار التوابل من آسيا وأصبح مهجورا اليوم - جرى بناء حضارة مزدهرة قبل ظهور الأنباط في شبه الجزيرة العربية وقبل وقت طويل من غزو الرومان حدود هذه المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن جيروم رومر، عالم الآثار الفرنسي الذي قاد بعثة علمية للبحث عن البقايا الأصلية لمملكة دادان، قوله: "حلمي هو كشف النقاب عن هذه الحضارة، التي لا نعرف عنها إلا القليل. نحن في العاصمة الرئيسية التي كانت موجودة في المنطقة خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، لقد كانت حقا مركز المملكة العربية الأولى".
عملية شاقة
وحول نتائج عملية التنقيب على الحضارة المدفونة، أورد رومر أن "الجدران المبنية بدأت في الظهور، كما أنها في حالة جيدة".
وواصل: "نعتقد أن هذه الجدران ليست إلا قمم المباني متعددة الطوابق، مثل تلك الموجودة في اليمن". ويرى أن "تحديد حدود أفق وحدود المدينة عملية شاقة".
ويقول الخبير: "من المؤكد أنها كانت مدينة ذات كثافة سكانية عالية جدا، لا يمكننا تقدير هذه النسبة بدقة حتى الآن، ولكن بحسب ما قمنا بحفره؛ يمكن أن يكون موطنا لأكثر من 10 آلاف شخص".
ويضيف: "اكتشفنا ما يصل إلى 10 أمتار من المستويات الأثرية، وهناك رواسب تؤكد أنها كانت مأهولة بالسكان منذ ألف عام ولكننا لا نعرف تاريخ إنشائها ومنذ متى هجرت".
ونقلت الصحيفة أن عديد الأسئلة تحوم حول هذه الحضارة المنسية، التي ظلت في منأى عن عمليات التنقيب الدولية عن الآثار، ومعزولة في شمال غرب المملكة العربية السعودية المحافظة التي ظلت لعقود منغلقة عن العالم الخارجي.
أدى الانفتاح المفاجئ -الذي قاده ولي العهد، محمد بن سلمان، في العلن والخفاء- إلى جعل مدينة دادان المدفونة متاحة للبحوث العلمية، خاصة وأنها واحدة من مراكز طريق البخور القديمة.
وبينت الصحيفة أنه كان للمجتمع الذي سكن هذه الحضارة المدفونة لغته وأبجديته الخاصة به، ولسبب غير معروف، انتهى الأمر بمملكة الدادان إلى الاختفاء مثل الملح في الماء.
ويعترف رومر قائلا: "إن الحملة تسير بشكل جيد للغاية، لقد اكتشفنا طاحونة تسمح لنا باستنتاج وظيفة كل مكان، ومن خلال التحليلات يمكننا معرفة ما الذي ينتجه سكان هذه الحضارة وعلى ماذا كانوا يقتاتون".
وذكرت الصحيفة أن جغرافيا الهياكل الأثرية المنحوتة في الصخر، بواجهاتها الفخمة تعكس تأثيرات اليونان أو مصر أو بلاد ما بين النهرين. كما وضعت اليونسكو في عام 2008 شبكة الإمدادات المبتكرة المحفورة في الحجارة في قائمة التراث العالمي، لتصبح أول موقع سعودي مدرج في موقعها.
وقال عمرو المدني، المدير التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا، في تصريح للصحيفة الإسبانية: "ستكون العلا متحفا في الهواء الطلق ومكانا يتيح لزوارها الاحتفال وتقدير الطبيعة والفن والإبداع والتراث في مكان خلاب ورائع".
ويضيف: "لقد تم التنقيب في جزء صغير فقط من مواقع العلا، أقل من واحد في المئة، وهناك دراسة لا تزال جارية تكشف عن آلاف المواقع الأخرى".
متاحة للجمهور
وتستعد الهيئة التي يرأسها المدني، والتي تأسست عام 2017، لجعل عجائب مدائن صالح متاحة للجمهور في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، إذا سمحت الأزمة الصحية العالمية (فيروس كورونا) بذلك.
في هذا السياق، قال أحمد حسن، أحد المرشدين المدربين على استقبال الحجاج: "نحن على استعداد لاستقبال السائحين والعودة إلى ما كنا عليه. لقد كانت العلا منذ قرون مركزا تمر عبره جميع القوافل".
وأشارت الصحيفة إلى أن قاعة مرايا الموسيقية- التي تعكس جدرانها المناظر الطبيعية الصحراوية- قد استقبلت حفلات موسيقية دولية وقدم فيها الطهاة الأجانب أطباق مختارة تحت النجوم، كما وجد معرض للفن المعاصر، مأوى بين ثناياهها.
في هذا الصدد، قالت نورة الدبل، المديرة الثقافية للهيئة الملكية في محافظة العلا: "نريد تحويل هذه المساحة إلى مركز يأوي الفنانين ويمكنهم من الحوار مع الطبيعة المحيطة بهم ومع الفن الصخري".
وذكرت الصحيفة أن السعودي مهند شونو هو واحد من 14 فنانا من المملكة أو خارجها تم اختيارهم لإنشاء تركيبات خارجية للقاعة الموسيقية. وبعد سنوات قضاها في المنفى، ينفي الفنان السعودي الشائعات التي تفيد بأنه جزء من آلة دعائية سعودية.
وأشار مهند شونو إلى أن "أشياء كثيرة بدأت تتغير في المملكة. من الممكن الآن الجلوس في مقهى مع فتاة، كما يمكن فتح الأعمال الخاصة. ما زلنا قلة من الفنانين المحليين ولكن عقلية الناس بدأت تتغير بشكل أسرع مما كنا نتخيله، كأنهم كانوا ينتظرون لوقت طويل أن يحدث هذا التغيير".
وغرب محافظة العلا، وعلى ضفاف البحر الأحمر، تشيد السعودية وجهاتها السياحية المستقبلية.
ويتنافس مشروع أمالا ومشروع البحر الأحمر على لقب المدينة السياحية الأكثر فخامة في المملكة، بهدف أن يستبدل خلفاء الملك فهد وحاشيته ليالي كوستا ديل سول الإسبانية التي لا نهاية لها بـ"الفخامة الفائقة" الاصطناعية التي يبيعها كلا المشروعين دون مغادرة البلاد، التي يكون فيها متوسط درجة الحرارة في حدود 32 درجة مئوية.
وأضافت الصحيفة أن أمالا، التي وعدت بفتح أبوابها في عام 2023، يتم الترويج لها باسم ريفييرا البحر الأحمر، مع مجموعة من المتاحف والمراسي والحدائق النباتية والمعارض الفنية.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن مشروع المدينتين السعوديتين العملاقتين لاقى انتقادات من قبل المهندسين المعماريين الحساسين لتغير المناخ وتأثير المشاريع العملاقة على المناخ، على غرار نورمان فوستر.