"فرصة ذهبية".. لهذه الأسباب كورونا لن يصل مرحلة الإنفلونزا الإسبانية

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة تركية عن ضرورة الاستعداد لأسوأ السيناريوهات فيما يخص مواجهة جائحة كورونا، مؤكدة أن هذه الفيروسات لم يعد لها كأوبئة وأمراض فحسب، بل أصبحت أسلحة لا تضاهى.

وقال الكاتب في صحيفة "يني شفق" إبراهيم كارغول: إن البشر أصبحوا ينتجون فيروسا ويقضون على آخر، ينشرون واحدا ويدخرون ثان للمستقبل، ينتجون من الفيروس الواحد أكثر من نسخة ويدمجون اثنين ليصبحان فيروسا واحدا.

الإنفلونزا الإسبانية

وحين النظر من هذه الزاوية، يتابع الكاتب: "نجد أنه من الممكن إنتاج أدوية أو لقاحات يمكنها القضاء على فيروس كورونا بسرعة وسهولة. ولذا فإن العالم لن يشهد إنفلونزا إسبانية ثانية، أو على الأقل هذا هو المأمول والمتوقع". 

وتابع: "لقد قتل نحو 500 مليون شخص بما يعرف بوباء الإنفلونزا الإسبانية التي انتشرت عام 1918 بدءا من الولايات المتحدة لتنتشر لاحقا في ربوع المعمورة".

وكما هو الحال في كورونا، تكرر الأمر سابقا، إذ كان ينظر إليها كنزلة برد اعتيادية سرعان ما تزول، حتى وصل الأمر لإهمال في التدابير الضرورية كالحجر الصحي والبحث عن علاج ناجع وفعال. 

وربما قارنت الدول وقتها بين أهوال الحرب العالمية الأولى التي لم يلبث غبارها أن زال وبين ذلك المرض، لترجح الكفة بالقطع للحرب وليكون هذا المرض لا شيء أمام حرب استمرت سنوات وحصدت الملايين. 

أول من تحدث عن المرض كان صحفيون إسبان، ولذا سمي باسمهم رغم أنه وفي مطلع الأمر كان قد خرج من الجنود الإنجليز في وقت كان يحظر فيه على الصحافة الأوروبية الخوض في هذه المسألة.

وذكر الكاتب أن هذا الوباء جاء عبر ثلاث موجات، حاصدا أرواح الملايين، وكلما ينتهي الوباء ويظن الناس أنه انتهى يعود بشدة وبشكل أقوى، وتكرر هذا الأمر ثلاث مرات بالفعل. 

هذه الموجات الثلاثة حصدت نحو 50 مليون شخص (الأرقام ليست مثبتة تماما) وهذا يعني أن الوباء حصد أكثر مما حصدته الحرب العالمية من كافة الدول والأطراف سواء من العسكر أو المدنيين. 

ويوضح الكاتب: "قد لا يمكن المقارنة بين كورونا والإنفلونزا الإسبانية، خاصة وأن 100 عام قد مرت وهذا يعني أن تطورا لا يمكن مقارنته اليوم بالوضع في السابق سواء من الناحية الطبية أو الاقتصادية والإمكانيات المتوفرة والتي تتمتع بها الدول، فضلا عن أن الأدوية التي نستخدمها اليوم كانت لم تكتشف بعد في ذلك الوقت".

وتابع الكاتب في مقاله: "لم تكن الدول ولا الشعوب ولا حتى الأفراد على ذلك المستوى من سهولة وصول المعلومة، أو ضروريات الوعي الصحي وكان وقتها العثور على مجهر بحكم المستحيل فيما اليوم بات بالإمكان إنتاج فيروس والقضاء على آخر". 

النظام العالمي

وفي كل الأحوال، يضيف: "سواء كان الفيروس بفعل فاعل، أو إذا لم يكن قد تم إنتاجه، فإن التغلب والقضاء عليه أمر ممكن".

وأكد الكاتب: "يجمع الكل على أن العالم قبل كورونا ليس كما بعده، والجميع الآن يتحدث عن الدول التي ستنهار جراء هذه الأزمة، والدول التي ستنهض، وعن شكل النظام العالمي القادم، وعن التغيرات التي ستشهدها الاقتصاديات الثروات وعوامل القوى في العالم". 

وبحسب الكاتب: "بدأت مراكز القوى العالمية تتنافس اليوم، وعنوانها الأول فيروس كورونا، من يقضي عليه ومن ينجح بالسيطرة عليه؟، وسط مخاوف من مخاطر الانفجار الاجتماعي، ومخاطر أمنية أخرى".

أضف إلى ذلك، الركود الاقتصادي المحتمل واحتمالات اندلاع حروب هنا أو هناك، فضلا عن صراع الطاقة "الذي سيتعزز في الفترة المقبلة، وأخيرا تسلط الحكومات المستبدة، وانهيار كثير من القيم الديمقراطية والحكم المدني".  

وذكر الكاتب أن "المشهد الحالي يشير إلى أن انهيار الشراكات على مستوى النظام العالمي، على حساب تصدر المركزية على مستوى الدول والمناطق، والهياكل متعددة الجنسيات كالاتحاد الأوروبي، ستشهد تفككا، على حساب انتعاش الدول التي كانت مركزية طيلة التاريخ البشري".

ورأى الكاتب أنه وبالإضافة إلى بعض البلدان التي ستنهار أو تتقهقر، ثمة دول ستتقدم وتشهد نهوضا ومنها تركيا، إضافة إلى انهيار معظم التحالفات التي دشنت بعيد الحرب العالمية الثانية، وسيكون هناك ميول للمركزية ولكل دولة قراراتها الخاصة وسلطتها التي ستعمد إلى تعزيزها.

ولكن في المقابل، فإنه بحسب الكاتب "إذا استمر هذا الوباء لوقت طويل، وتواصلت معه الخسائر بشكل أعنف، فمن الممكن أن تصل الدول المركزية إلى حالة من العجز. في ذلك الوقت، ستظهر تكتلات جديدة لكنها لن تشبه على الإطلاق الشراكات العالمية الموجودة اليوم". 

وعليه يرى أنه "لن تستطيع العديد من القوى الكبرى أن يكون لها موطئ قدم في قلب هذه التكتلات الجديدة". 

ودعا الكاتب إلى التغلب على مشاعر الخوف والذعر، و"أن نحافظ على حالتنا النفسية بشكل جيد، حتى نتمكن من خوض مواجهة شاقة وطويلة الأمد، وعلينا أن نفكر بأسوأ السيناريوهات، سيما وأن الخبراء لم يضعوا بعد تاريخا محددا للقضاء على الفيروس أو التقليل من شأنه أو إيجاد طريقة ناجحة للتعامل معه، فكل ما سيحدث من أمور سيئة إذا لم نكن مستعدين لها ستكون أشد سوءا بكثير".  

سيناريو قاتم

ومن هذه السيناريوهات الأشد قتامة تلك التي تضعها الولايات المتحدة، حيث تأخذ تدابيرها وفق احتمالية وفاة مئات الآلاف من الناس إثر الوباء، أو وفق سيناريو أسوأ يتوقع وفاة مليون إنسان.

 وفي الأثناء يقول الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته: إنه "إذا لم نقم بإجراءات لمنع تفشي الفيروس، فإن أكثر من مليوني شخص على الأقل سيموتون، إلا أننا لو خرجنا من هذه الأزمة بموت ما بين 100 إلى 200 ألف إنسان، فإن ذلك يعد أمرا مقبولا". 

أيضا من السيناريوهات السيئة، ما تحدث عنه رئيس الوكالة الصحية الوطنية الأميركية، حين تطرق لإمكانيات إصابة الملايين وفقدان نفس العدد الذي تحدث عنه ترامب.

كذلك ثمة من يتحدث عن أن الوباء يمكن أن يستمر لأشهر عديدة قد تصل لسنة وستة أشهر بل وقد يصل الأمر لأن يكون الوباء على شكل موجات ما إن تنتهي موجة حتى يعود الفيروس أقوى مما كان عليه كما هو الحال في الإنفلونزا الإسبانية. 

ولا يمكن التطرق إلى السيناريوهات السيئة دون الحديث عن الوضع الاقتصادي المحتمل، فالدنيا بشكل أساسي واجهت أزمتين اقتصاديتين الأولى عام 1930 والثانية عام 2008 والثالثة قد تحدث في 2020 أو بعدها بقليل.

وتعتقد بعض الدول أن الاقتصادات ستنهار خلال عامين، وستجتاح العالم مجاعة واسعة كما أن الاقتصادات العملاقة كالصين والولايات المتحدة وأوروبا، قد دخلت في موت سريري أو في العناية المركزة كأحسن تقدير فيما المستثمرون الأجانب يفرون من الدول وأبرزها الهند وهي التي كانت تشهد صعودا راسخا قبل أزمة كورونا. 

العديد من الدول تعيد ترتيب تحركاتها العسكرية، ينسحبون من البر ويتجهون نحو البحر، يحاولون الاستعداد والتأهب لمواجهة نوع جديد من التهديدات الأمنية الكبيرة؛ "وعليه فإن على الكل أن يعود من حيث أتى وعلى القوى الأجنبية أن تنسحب من منطقتنا".

ويؤكد الكاتب أنه "كما هو ملاحظ، الصراعات حول العالم؛ باستثناء هجمات بي كا كا (حزب العمال الكردستاني) الإرهابية؛ توقفت، منذ انتشار الوباء. وإننا ندعو كلا من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا وغيرها من دول الغرب، أن تسحب قواتها من منطقة الشرق الأوسط". 

الكاتب شدد على أن كورونا فرصة للمنطقة وسكانها بعدم السماح لجنود أميركا أو أوروبا بالعودة مرة أخرى فضلا على أنه لا يوجد لديهم قوة للعودة، "وحتى إن فعلوا فلن يرحب بهم أحد في الغالب ولا ينبغي لأحد أن يفعل، وهذه واحدة من التغيرات الكبرى التي سوف تشهدها المنطقة لتكن خالصة لنا نحن المسلمون".