محنة المسلمين فى الصين وموقف الدول الإسلامية

12

طباعة

مشاركة

قضية مسلمي الصين تعود إلى استيلاء الصين الشعبية على جمهورية تركستان الشعبية عام 1949، وهو عام الثورة الشيوعية في الصين وعندما حلت الصين الشعبية محل الصين الوطنية في الأمم المتحدة عام 1971 بعد تفاهم صيني وأمريكي تكرس هذا الضم والاستيلاء. ببساطة لأنه إقليم وجمهورية إسلامية؛ فإن سكان الجمهورية من المسلمين قد عانوا صفوف الاضطهاد الديني في ظل نظام شيوعي قاس لا يتسامح مع الهويات الدينية والعرقية ولا يسمح إلا بالرباط الشيوعي الذي ينتظم كل السكان.

والسياسة الصينية بما فيها الحدود الجديدة وهو الاسم الصيني لإقليم تركستان، وبما فيها أقاليم الصين الوطنية وهونج كونج مع بعض التساهل مع هذين الإقليمين لأسباب تتعلق بالعلاقات الصينية-البريطانية والصينية-الأمريكية، ولا تزال ورقة الإقليمين تستغل من جانب الدولتين ضد بكين. وقد دخلت الصين الشعبية إفريقيا من القاهرة ولم تحرك القاهرة ساكنا حول محنة إقليم تركستان.

والعلاقات الصينية مع واشنطن لا تثار فيها المشكلة، وإنما أثارت واشنطن مع بكين ورقة حقوق الإنسان في نيانا ثمن عام 1989 عندما قمعت بكين مظاهرات في الميدان السماوي في قلب بكين لأن المظاهرات والحريات محظورة في النظم الشيوعية. أما موسكو فهي لا تعترف بالإسلام والمسيحية كأديان وإنما تراعي الأقلية اليهودية لديها إكراما لواشنطن وإسرائيل.

وقد ذكرنا في مناسبة سابقة أن واشنطن استخدمت الورقة الإسلامية والجماعات الإسلامية في حروبها ضد موسكو ولذلك دافعت واشنطن عن مسلمي الشيشان ضد قهر المسلمين على العيش تحت إدارة موسكو في عهد بوتين بعد أن استقلت الشيشان بمساعدة حلفاء واشنطن ومقدمتها السعودية عام 1991 في إطار تحلل الاتحاد السويتى، والغريب أن واشنطن لم تعتبر مسلمي الصين ورقة للضغط على بكين.

وعندما كنت المستشار القانوني لمنظمة المؤتمر الإسلامي في أواخر الثمانينات، وعندما وقعت ثورات الشعوب العربية وتقدمها التيار الإسلامي بعث ذلك برسالة إلى مسلمي الصين فطالبوا بالحكم الذاتي أو الانفصال وبالحريات الدينية، فتجد القمع الصيني للمسلمين هناك وبسبب تخلي الدول الإسلامية عن مسلمي الصين، حافظت هذه الدول على علاقاتها الصينية دون أن تثير المشكلة معها. بل إن الاستثمارات العربية تجاوزت 3 ترليون دولار وهي ورقة ضغط مهمة، إلا أن الورقة لم تستخدم ضد بكين وقنع المستثمرون العرب بعدم الاستثمار في الصين، لغياب السياسة الإسلامية الرسمية في هذا الملف.

وكانت تركيا قبل أردوغان تتخذ نفس الموقف الإسلامي غير المكترث بالقضية ولكن أردوغان فاتح الصين في هذا الموضوع وأرسل إعانات إنسانية لهم، وتم تفسير الموقف على أن مسلمي الصين ينحدرون من سلالة تركية أي استُبعد التفسير الديني للموقف التركي.

والغريب أيضا أن تقارير منظمات حقوق الإنسان العالمية لم تجد صدى لها في الدول الإسلامية، وكانت السعودية قد اهتمت بمأساة المسلمين في بورما، كما اهتمت بها الأمم المتحدة، ولكن لم يعقب هذا الاهتمام أي إجراء ضد بورما (نيانمار) ولم تتحرك الجهات التي تندد بالإسلام وتتهمه بالإرهاب وهي تشهد مشاهد الإرهاب البوذي، تماما كما سكتت على الإرهاب اليهودي فى فلسطين، والإرهاب المسيحي فى نيوزيلاندا وغيرها.

وفي المساحة السورية دروس وعبر في هذا الباب، حيث تدعم موسكو وبكين الجيش السوري لأنه يدافع عن وحدة الأراضي السورية، ولكن يحارب جماعات إسلامية جلبتها دول عربية وإسلامية مع إسرائيل والولايات المتحدة. ولا شك أن موقف الرأي العام في مصر مثلا متأثر بمأساة مسلمي الصين، ولكنه متأثر أيضا بعداء النظام للتيارات الإسلامية وعلاقته مع الصين، فكان الانقسام في الرأى العام بنفس درجة انقسامه من النظام الجديد منذ ست سنوات. ورغم أن واشنطن تستغل التيارات الإسلامية في سوريا إلا أن موقفها متأثر بشكل لافت بالموقف الإسرائيلي.

واللافت أن السياسة الإسلامية القاسية عند كل من موسكو وبكين يمكن أن يفسر موقفهما من الثورات العربية ودعمها القوى المناوئة للثورات ماعدا سوريا. بل إن موسكو وبكين تؤيدان حفتر فى ليبيا ضد الحكومة الشرعية لأنه يحارب التيار الإسلامى ضمن معسكر طرابلس، كما تقف موقفا معاديا من ثورتي الجزائر والسودان، إذا كانت الحكومات الإسلامية تحكمها اعتبارات سياسية في علاقتها بالصين، فإن الشعوب يجب أن تدرس كيفية مساندة المسلمين المضطهدين في الصين مثل مقاطعة السلع الصينية خاصة وأن السلع والمنتجات الصينية أصبحت تجتاح الأسواق العربية بأسعار تنافسية لأن الصين تقلد الابتكارات العالمية دون مقابل كما تواجه الصين حربا تجارية قاسية مع واشنطن.

لابد من تشكيل لجنة أهلية لبحث حماية المسلمين المضطهدين وتوعية الشباب المسلم؛ حتى لا يستمر في الانخراط في الجماعات الإرهابية.