بعد توالي الانقلابات العسكرية في غرب إفريقيا.. ما مصير الرؤساء المخلوعين؟
يدور الحديث شعبيا في القارة السمراء وخارجها عن مصير بعض القادة الأفارقة المخلوعين عبر انقلابات عسكرية خلال الفترة السابقة.
فمن النيجر إلى مالي، مرورا بغينيا وبوركينا فاسو، اتضح أن مصير رؤساء دول غرب إفريقيا -الذين أُطيح بهم من السلطة عبر انقلابات عسكرية- "لا يتبع قاعدة واحدة".
محمد بازوم
وقال موقع "tv5monde" الفرنسي إنه "بعد أقل من مرور الانقلاب العسكري الذي وقع في 26 يوليو/ تموز 2023 في نيامي، لا يزال وضع الرئيس المخلوع في نيجيريا، محمد بازوم حساسا ومربكا بشكل خاص".
وبحسب الموقع، أعلنت السلطات النيجيرية، في 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أن "بازوم حاول الهروب من مكان احتجازه برفقة عائلته وطباخيه وعنصري أمن".
في المقابل، ينفي هذا الادعاء محامو الرئيس المخلوع، مستنكرين أنه "من الآن فصاعدا، أصبح بازوم وزوجته وابنه محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي، دون الاتصال بمحامين أو العالم الخارجي".
وجدير بالذكر أن بازوم مازال محتجزا في مقر إقامته الرئاسي في نيامي.
وذكر الموقع الفرنسي أن الانقلاب في النيجر قاده قائد الحرس الرئاسي الجنرال عمر تشياني، على رأس المجلس الوطني لحماية الوطن.
ففي 13 أغسطس/ آب 2023، ادعى النظام العسكري أنه جمع "أدلة لمحاكمة بازوم أمام السلطات الوطنية والدولية بتهمتي "الخيانة العظمى" و"تعريض أمن البلاد للخطر".
من ناحية أخرى، أشارت الصحيفة إلى أنه "منذ البداية، كان الانقلاب في النيجر موضع إدانة شديدة من جانب المجتمع الدولي، والسلطات الإقليمية بشكل خاص".
وفرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" عقوبات صارمة على البلاد وهددت بالتدخل العسكري.
إضافة إلى ذلك، أبدت مالي وبوركينا فاسو المجاورتان، اللتان تقودهما أيضا أنظمة نتجت عن الانقلابات العسكرية، تضامنهما مع السلطات الانقلابية في نيامي ووقعتا معها ميثاقا لإنشاء تحالف دفاعي، وفق الموقع الفرنسي.
وذكر أن دول الساحل الثلاث انفصلت على التوالي عن باريس وطالبت برحيل الجنود الفرنسيين الموجودين على أراضيها.
ولفت الموقع إلى أن فرنسا لا تعترف بالسلطات الانقلابية الجديدة في نيجيريا، وتطالب، مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، بالإفراج عن بازوم.
إبراهيم أبو بكر كيتا
أما بخصوص الرئيس المالي السابق إبراهيم أبو بكر كيتا، فبعد عام ونصف من الإطاحة به من السلطة، وتحديدا في 16 يناير/ كانون الثاني 2022، أعلنت وفاته في منزله في باماكو عن عمر يناهز 76 عاما.
وبعد ما يقرب من سبع سنوات كرئيس، في 18 أغسطس 2020، أطاح به انقلاب قاده مجموعة من كبار ضباط الجيش برئاسة العقيد عاصمي غويتا، القائد السابق للقوات الخاصة المالية.
وبحسب التقرير، ندد الانقلابيون، الذين شُكلوا في اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب، بالوضع الأمني في مالي.
وأوضح الموقع الفرنسي أن الوضع الأمني كان يواجه منذ عام 2012 متمردي الطوارق في الشمال، ثم الجماعات الإرهابية المسلحة التي تنتشر يوما بعد يوم في ظل الفوضى وانعدام الأمن.
وبشأن تفاصيل إطاحته من السلطة، قال الموقع: "اعتقل جنود ماليون من معسكر كاتي، أبو بكر كيتا ثم نُقل تماما مثل رئيس وزرائه بوبو سيسي وغيره من الشخصيات السياسية والعسكرية، إلى الحامية قرب باماكو التي كانت مسرحا للتمرد ومركزا للسلطة الجديدة".
وبعد ساعات قليلة، أعلن الرئيس كيتا في خطاب بثه التلفزيون استقالته وحل الحكومة والجمعية الوطنية.
وذكر الموقع أن الرئيس السابق ظل قيد الإقامة الجبرية، رغم إعلان النظام العسكري إطلاق سراحه.
في المقابل، أدان المجتمع الدولي الانقلاب ضد الرئيس كيتا، إضافة إلى أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مارست ضغوطا على الانقلابيين الذين شكلوا حكومة انتقالية عسكرية.
ألفا كوندي
وقال الموقع الفرنسي: "مثل الرئيس النيجيري المخلوع بازوم، لم يستقِل الرئيس الغيني السابق ألفا كوندي".
وأوضح أنه "بعد مرور أكثر من عامين على انقلاب 5 سبتمبر/ أيلول 2021 في كوناكري، يعيش كوندي في المنفى بإسطنبول التركية منذ مايو/ أيار 2022"، بحسب مجلة "جون أفريك" الفرنسية.
وكان كوندي قد أُعيد انتخابه في أكتوبر 2020 لولاية ثالثة مثيرة للجدل بعد تعديل الدستور.
ثم سقط كوندي من السلطة "بشكل دموي" بعد تبادل كثيف لإطلاق النار في العاصمة خلف العديد من القتلى، خاصة في صفوف الحرس الرئاسي، وفق الموقع.
ويُذكر أن مرتكبي الانقلاب هم من وحدة "القبعات الحمر" التابعة لمجموعة القوات الخاصة، وهي وحدة النخبة المدربة والمسلحة تسليحا جيدا، والتي يرأسها المقدم مامادي دومبويا.
وأشار الموقع إلى أن "الانقلابيين كانوا قد أعلنوا أن كوندي سيبقى في غينيا ما دامت صحته تسمح بذلك، وستُحترم نزاهته وكرامته دائما وفقا لرتبته ومكانته"، حسبما أكد المجلس الوطني للديمقراطية، وذلك قبل السماح بنقله إلى تركيا لتلقي العلاج.
ونظرا للاستقطاب الشديد في البلاد والاعتقالات العديدة للمعارضين، لفت الموقع إلى أن الانقلاب ضد كوندي حظي بشعبية كبيرة.
وذكر أن مستقبله "لايزال معلقا على المستوى القانوني".
وفي مايو/ أيار 2022، أعلن القضاء الغيني، اتخاذ إجراءات ضده وضد نحو 30 من كبار المسؤولين السابقين تحت رئاسته، بتهم "اغتيالات وأعمال تعذيب واختطاف".
وعلى إثر هذا الانقلاب، قام الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بتعليق عضوية غينيا.
روك كابوري
على النقيض من كوندي الذي يعيش حاليا في المنفى بتركيا، فمن الواضح أن رئيس بوركينا فاسو السابق روك مارك كريستيان كابوري "لا ينوي العيش في الخارج".
وذكر الموقع الفرنسي أنه "سافر إلى دبي لأسباب طبية في 11 أغسطس/ آب 2022، لكنه عاد في 6 سبتمبر/ أيلول من نفس العام".
وفي 24 يناير/ كانون الثاني 2022، أعلنت مجموعة من العسكريين استيلاءهم على السلطة، ومن ثم طردوا الرئيس كابوري.
وبحسب الانقلابيين، كما أفاد الموقع، فإن الأولوية المُعلنة هي الأمن، في بلد وجد نفسه عاجزا في مواجهة العنف المسلح منذ عام 2015.
وبعد إلقاء القبض عليه، وُضع كريستيان كابوري تحت الإقامة الجبرية، ثم كتب خطاب الاستقالة الذي نشره التلفزيون الوطني.
ورغم شروط هذه الإقامة الجبرية، اعتقد مبعوثو دول غرب إفريقيا، الذين تمكنوا من التحدث معه في مارس/ آذار 2022، أن كابوري لديه "معنويات جيدة".
من ناحية أخرى، ينوه التقرير على أن سقوط الرئيس البوركينابي السابق استقبل بمشاهد الفرح من مئات الأشخاص في شوارع العاصمة واغادوغو.
ورغم ذلك، رجح الموقع أن "سلطة الرجل القوي الجديد، المقدم بول هنري سانداوجو داميبا، ستنتهي بوحشية بفعل انقلاب ثان، كما حدث في مالي".