انكماش 12.7 بالمئة.. لماذا تتراجع صناعة السيارات في المغرب؟

منذ ٧ أيام

12

طباعة

مشاركة

في عام 2024 سجلت المملكة المغربية ما يقارب 400 مليار درهم (نحو 44 مليار دولار) من الصادرات الصناعية، وهو ما يمثل حوالي 88 بالمئة من إجمالي صادرات البلاد.

كان هذا البيان جزءا من تصريحات أدلت بها وزارة الصناعة والتجارة المغربية لمجلة "جون أفريك" الفرنسية.

"مقلق للغاية"

ورغم تأكيد المجلة على أن الصناعة المغربية تبدو في حالة جيدة بشكل عام، إلا أنها استدركت بالقول: إن "الصورة يشوبها بعض الغموض".

موضحة أن قطاع السيارات يشهد تراجعا ملحوظا. حيث سجلت صادرات قطاع تصنيع السيارات خسارة قدرها 5.1 مليارات درهم (480 مليون يورو) بنهاية يوليو/ تموز 2025، بانخفاض قدره 12.7 بالمئة.

ووصف التقرير هذا الانخفاض بأنه “مقلق للغاية”؛ وذلك لأنه مستمر على مدار أشهر، كما يتضح من انخفاض صادرات القطاع في نهاية مارس/ آذار 2025 بنسبة 3.6 بالمئة. مشيرا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الانخفاض منذ الأزمة التي أعقبت جائحة كورونا.

ولفت التقرير الفرنسي إلى أن هذا التراجع يثير قلق صانعي القرار والمهنيين ورجال الأعمال؛ حيث إن قطاع السيارات -شأنه شأن قطاع الطيران- يمثل واجهة للصناعة في المملكة، إذ يقدر حجم صادرات القطاع 15 مليار يورو في عام 2024، كما أنه يوفر للبلاد نحو 200 ألف وظيفة.

وخص التقرير بالذكر سيارة "داسيا سانديرو"، العلامة التجارية الأكثر مبيعا في أوروبا، والتي تصنع بالكامل من قبل العملاق الفرنسي "رينو" في مصانعه المقامة في طنجة والدار البيضاء. قائلا: إن هذه السيارة "خير دليل على ريادة هذه الصناعة في المغرب".

لكن يبدو أن القطاع الرائد يواجه حاليا "عقبة كبيرة"، حسب وصف التقرير. 

وتابع موضحا: "ففي الوقت الذي وصلت فيه البلاد إلى طاقة إنتاجية تبلغ مليون سيارة سنويا (مقارنة بـ 700 ألف سيارة عام 2022)، اعتمد الاتحاد الأوروبي لوائح جديدة تهدف إلى إنهاء بيع السيارات الجديدة ذات محركات الاحتراق الداخلي بحلول عام 2035".

وتكمن أهمية هذا القرار في أن الاتحاد الأوروبي هو السوق الرئيسة الذي تبيع فيه المملكة منتجاتها.

لكن يقول التقرير: إن بعض المصادر الرسمية المغربية لا ترجح أن يهدد هذا التغيير نشاط صناعة السيارات في المغرب.

معتبرين أنه سيكون بمثابة "محفز للتحول في قطاع السيارات المغربي". 

وفي هذا الصدد، أوضحت وزارة الصناعة والتجارة المغربية أن "المملكة المغربية تسرع بشكل متزايد انتقالها إلى المركبات الكهربائية، وذلك من خلال توسيع محفظة منتجاتها وتعزيز مكانتها في إنتاج البطاريات الكهربائية. 

وفي هذا السياق، نطبق تدابير لدعم القدرة التنافسية وتشجيع التوسع لتلبية المتطلبات الجديدة للسوق العالمية بشكل أفضل".

أسواق محتملة جديدة

وبالرغم من ذلك، يرى العديد من المتخصصين أن "على المملكة الآن الانفتاح على أسواق أخرى للحد من اعتمادها على أوروبا". 

وفي هذا السياق، يقترح العربي الجعيدي، الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لرئيس الوزراء عبد الرحمن اليوسفي، الانفتاح على السوق الإفريقية؛ حيث يقول: إنها "تتمتع بإمكانيات هائلة، لكنها تتطلب الجرأة والتكامل الاقتصادي الإفريقي (في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية)".

وحسب تقرير حديث صادر عن مجلس المنافسة، صنفت منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية قطاع السيارات كأحد القطاعات ذات الإمكانات العالية للنمو. 

ويشير التقرير إلى أنه "بحلول عام 2027، ستقدر إمكانات نمو صناعة السيارات في ظل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بنسبة 40 بالمئة، وستمثل سوقا إفريقية بينية بقيمة 42.06 مليار دولار، مما يجعل إفريقيا وجهة مثالية للاستثمار في هذا القطاع".

وحسب تصريحات وزارة الصناعة والتجارة المغربية للمجلة الفرنسية، تريد الحكومة الآن تنويع منافذ صناعة السيارات من خلال الاستفادة من الارتباطات الدولية للبلاد بفضل اتفاقيات التجارة الحرة مع أكثر من 100 دولة تسمح لها بالوصول إلى أسواق أكثر من 3 مليارات مستهلك، وذلك للتخفيف مما وصفته بـ "الاعتماد الهيكلي على أوروبا".

كما أوضحت أن "المملكة تواصل تعزيز شراكاتها مع الأسواق ذات الإمكانات العالية مثل إفريقيا والشرق الأوسط وأميركا الشمالية".

وبسبب الاعتماد على الأسواق الخارجية؛ المتمثلة في الشركات الأوروبية الموجودة على التراب المغربي، أو السوق الأوروبية، يؤكد العديد من الاقتصاديين على ضرورة إعطاء الأولوية للسيادة الصناعية.

حيث أكد العربي الجعيدي على ضرورة عدم بقاء دول الجنوب معتمدة على اللاعبين الأجانب، وعلى وجوب إدراك المشهد العالمي والتصرف بناء عليه، مشددا على ضرورة "التخفيف من التبعية الهيكلية وتعزيز القطاعات الصناعية من خلال لاعبين محليين وإقليميين".