الشيخ مشعل الأحمد.. تحديات عدة على طاولة أمير الكويت الجديد

مع تولي الشيخ مشعل الأحمد الصباح، مقاليد الحكم في الكويت خلفا لأمير البلاد الراحل، نواف الأحمد الصباح، برز الحديث عن أبرز التحديات التي تواجه الحاكم الجديد وكيفية تعامله معها، وفيما إذا كان سيسير بنهج أسلافه في السياسة الخارجية أم لا؟
وفي 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت الكويت وفاة أميرها نواف الأحمد الصباح، وتولي مشعل الأحمد الصباح (82 عاما)، مقاليد الحكم، بعدما أمضى معظم حياته العملية في بناء أجهزة الأمن والدفاع في الكويت، قبل أن يصبح قبل ثلاث سنوات وليا للعهد.
تحديات عدة
يواجه أمير الكويت الجديد، العديد من التحديات، لا سيما تحقيق التوافق داخل الأسرة الحاكمة واختيار ولي عهد له، وتقليل الفجوة بين مجلس الأمة (البرلمان) والحكومة الحالية، إضافة إلى الواقع الاقتصادي، والفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وغيرها من الملفات.
وفي هذا الصدد، قال رئيس "المنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني" الباحث الكويتي أنور الرشيد، إن "هناك آلية دستورية تخص تسمية ولي العهد في البلاد، تقضي بترشيح من أمير البلاد، أحد الأسماء إلى البرلمان ثم يحصل على موافقته، وفي حال لم يحصل ذلك من الأخير يجرى لاحقا ترشيح ثلاثة أسماء ليختار البرلمان واحدا منهم".
وأضاف الرشيد خلال تصريحه لإذاعة "مونت كالو" الفرنسية في 16 ديسمبر، أن "من الأسماء المطروحة لتولي منصب ولي العهد في البلاد وتتردد كثيرا حتى في وسائل التواصل الاجتماعي، هم: رئيس مجلس الوزراء الحالي، أحمد نواف الأحمد نجل أمير الكويت الراحل.
وكذلك وزير الخارجية الأسبق، محمد سالم الصباح، و"ربما هناك اسم آخر (لم يذكره)، لكن أعتقد أن الاسمين الأولين هما الأقرب"، وفق تقديره.
وتنص المادة الرابعة من دستور البلاد، على أن "الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح (مؤسس الدولة 1896)، ويعين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من تولية الأمير".
ويكون تعيينه بأمر أميري بناء على تزكية الأمير ومبايعة من مجلس الأمة تجرى في جلسة خاصة، بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
"وفي حالة عدم التعيين على النحو السابق يزكي الأمير لولاية العهد ثلاثة على الأقل من الذرية المذكورة فيبايع المجلس أحدهم وليا للعهد.
ويشترط في ولي العهد أن يكون رشيدا عاقلا وابنا شرعيا لأبوين مسلمين، وفقا للدستور الكويتي.
وبخصوص الفجوات مع الحكومة، قال الرشيد إن "البرلمان لديه طموحات كبيرة وفق ما جرى التعهد به من أعضاء المجلس أثناء مرحلة الانتخابات في 6 يونيو/حزيران 2023، ومنها استكمال ملف العفو، الذي مايزال هناك بعض الكويتيين في الخارج ينتظرونه".
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وافق مجلس الوزراء الكويتي برئاسة أحمد نواف الأحمد الصباح خلال اجتماعه الأسبوعي، على مشروع مرسوم بالعفو عن مواطنين كويتيين صدرت بحقهما أحكام بالسجن.
وقالت وكالة الأنباء الكويتية، إن المجلس أحيط علما "بتوجيهات أمير البلاد (نواف الأحمد) بشأن العفو عن بعض المواطنين ممن صدرت في حقهم أحكام، وذلك على النحو الذي تقدره الإرادة الأميرية السامية، وافق مجلس الوزراء على مشروع مرسوم بالعفو عن العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها على بعض الأشخاص، ورفعه للأمير".
وتابع الرشيد: "أيضا هناك قانون رد الاعتبار إلى بعض النواب السابقين وغيرهم ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية، حتى يعودوا إلى ممارسة العمل السياسي، فضلا عن ملفات أخرى، مثل: محاربة الفساد، والبطالة بين الكويتيين، وتحسين الوضع الاقتصادي، وكذلك الإصلاحات بشكل عام".
ودعا الباحث الكويتي إلى "أهمية حل أزمة الحريات في الكويت، مع مطالبات سواء من البرلمانيين أو الشارع العام بتعديل القوانين المقيدة للحريات والتي نتج عن تطبيقها، هجرة عدد من الكويتيين إلى الخارج، ومنهم أصحاب الرأي ومغردون وسياسيون، مازالت ملفاتهم في المحاكم".
نهج الدولة
وفيما يتعلق بنهج الدولة، رأى الرشيد أن "أهم نقطة خلال المرحلة المقبلة، هي تغييره، حتى يصبح قائما على أسس ديمقراطية دستورية صحيحة، مما ينقلنا إلى مرحلة تاريخية أخرى، وهو ما سبق أن تحدث به ولي العهد (أمير البلاد الحالي) في افتتاح البرلمان بعد انتخابات عام 2022".
وشهد العامان الأولان من حكم أمير الكويت الراحل نواف الأحمد الصباح، اضطرابات سياسية عصفت بعدة حكومات.
فخلال فترة حكمه التي زادت على ثلاث سنوات (29 سبتمبر 2020 إلى 16 ديسمبر 2023)، جرى تشكيل ثماني حكومات وإجراء 3 انتخابات برلمانية.
وتدخل الشيخ مشعل (الأمير الحالي) عام 2022 في خلاف طويل بين الحكومة والبرلمان، وحل الأخيرة وأصدر مرسوما بإجراء انتخابات جديدة وعين رئيسا جديدا للوزراء، هو الشيخ أحمد نواف الصباح نجل أمير الكويت الراحل.
كما أعلن في الوقت نفسه أنه لا ينوي التدخل في الانتخابات أو اختيار رئيس البرلمان. ولقي هذا الإعلان ترحيبا واسعا من المعارضة.
كما تعهد بالالتزام بالدستور وعدم تعديله أو تنقيحه أو تعليقه، وذلك في خطاب ألقاه نيابة عن الأمير الراحل في يونيو/حزيران 2022.
وأوضح الرشيد أن "الكويت معروف عنها أنها واحة الديمقراطية وسط هذا التصحّر القائم في منطقتها الجغرافية، والتي أصبحت عبئا على الآخرين (لم يكشف هويتهم)، وليست على الداخل الكويتي".
لذلك يحاول الآخرون دائما إظهار الديمقراطية في بلادنا بأنها هي من أخّرت التنمية في البلاد، وهذا الكلام مغلوط ولا يمت إلى الواقع بصلة، وفق الرشيد.
ولفت إلى أن "السياسات والقرارات والمنهجية الحكومية هي من تسببت في تأخر التنمية، ومن الواضح أن هؤلاء الآخرين لا يريدون ذلك.
وبالتالي فإن المشكلات الاقتصادية والتنموية هي عقاب لهذا الشعب المتمسك بدستوره وديمقراطيته وحريته، رغم أن الكويت كانت سباقة في كل شيء خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، كما قال.
من جهته، أوضح الكاتب اللبناني سمير عطاالله، أن "التحديات كثيرة وكبيرة. أمام الشيخ مشعل، فقد أصبح عدد سكان الكويت أربعة ملايين نسمة، وهي دولة ذات ضمان اجتماعي مطلق. وإضافة إلى صحافتها وبرلمانها، فهي تتميّز بساحة نقاش أخرى، تدعى الديوانيات، لا يقابلها أو يماثلها شيء في العالم".
وأوضح عطاالله خلال مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية في 17 ديسمبر أن "أمام الدولة مرحلة دقيقة بطبيعتها، أي كيف سوف تُشكل إدارة الشيخ مشعل، وهل فيها تغيير واسع أم يترك ذلك إلى مرحلة تالية، ريثما يهدأ غبار المنطقة قليلا".
وأشار الكاتب اللبناني إلى أن "البعض يشعر أن الأمير الجديد من النوع الذي لا يتباطأ، ولن يترك أي شيء معلقا مهما كانت الظروف المحيطة وبالتالي لن يرهن قضايا الداخل بشؤون الخارج".
"أولوية قصوى"
وعلى صعيد العلاقات الخارجية، توقعت وكالة "رويترز" البريطانية أن "يُبقي الشيخ مشعل على السياسات الخارجية الكويتية الرئيسة ومنها دعم وحدة دول الخليج العربية والتحالفات الغربية والعلاقات الجيدة مع الرياض، وهي علاقة ينظر إليها على أنها ذات أولوية قصوى بالنسبة له".
وأضافت الوكالة في 16 ديسمبر، أنه "ربما يتطلع الشيخ مشعل أيضا إلى توسيع العلاقات مع الصين التي تسعى للعب دور أكبر في المنطقة، خصوصا بعد أن رعت بكين اتفاقا لتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية في مارس/آذار 2023".
وكان الشيخ مشعل الأحمد الصباح، قد وقع اتفاقات اقتصادية عدة خلال زيارته للصين في سبتمبر 2023، عندما حضر حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الآسيوية.
ونقلت "رويترز" عن مصدر كويتي (لم تكشف هويته) أن "الشيخ مشعل يرغب في الاستقرار ويؤكد أهمية علاقة بلاده مع السعودية بشكل خاص". ورأت الوكالة أن "أمير الكويت الجديد قلق إزاء الوضع في المنطقة واندلاع الحروب فيها".
وأوضحت أن "الشيخ مشعل يستيقظ مبكرا وله أسلوب عمل منهجي ويهتم بالتفاصيل وأحيانا الصغيرة جدا منها".
وبينما كان الشيخ صباح (أمير الكويت الأسبق) أقرب إلى العمل الدبلوماسي، فإن الشيخ مشعل أقرب إلى الجيش، بحسب قولها.
ونوهت إلى أن "الشيخ مشعل قد يتحرك نحو مزيد من المواءمة بين الكويت والرياض، إذ كانت اتصالاته الأولى بعد توليه مهامه مع العاهل السعودي الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان".
وكان الشيخ مشعل نائبا لرئيس الحرس الوطني من عام 2004 إلى 2020 ورئيسا لجهاز أمن الدولة لمدة 13 عاما بعد انضمامه إلى وزارة الداخلية في الستينيات من القرن العشرين.
درس في كلية هندن للشرطة في بريطانيا وتخرَّج فيها عام 1960، ثم التحق بوزارة الداخلية وتدرَّج في المناصب حتى أصبح رئيسا للمباحث العامة- التي تحولت في عهده إلى "أمن الدولة"- برتبة عقيد منذ 1967 حتى عام 1980.
والشيخ مشعل هو الابن السابع للحاكم السابق أحمد الجابر وأخ لثلاثة حكام سابقين هم جابر وصباح ونواف الأحمد. وهو متزوج وله خمسة أبناء وسبع بنات.