البرلمان يوجه صفعة للحكومة.. هل تتجه السنغال إلى انتخابات تشريعية مبكرة؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

تعرض الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي لانتكاسة في البرلمان، بعد رفض تعديلاته الدستورية، فيما تلوح انتخابات تشريعية مبكرة، لضمان أغلبية موالية للحكومة.

ورفضت الجمعية الوطنية السنغالية، في 2 سبتمبر/أيلول 2024، مشروع قانون تقدمت به حكومة الرئيس ديوماي فاي، والذي يهدف إلى تعديل دستوري لإلغاء مؤسستين دستوريتين.

ويتعلق الأمر بإلغاء "المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي" وكذا "المجلس الأعلى للجماعات المحلية"، حيث لم يحصل المشروع إلا على تأييد 80 صوتا، مقابل رفض 83، فيما يحتاج تمرير هذا التعديل الدستوري إلى 99 صوتا.

وبعد هذا التصويت، وجد رئيس الجمهورية المنتخب في مارس/آذار 2024، ورئيس وزرائه عثمان سونكو، نفسيهما دون أغلبية في الجمعية الوطنية، لتنفيذ سياساتهما ووعودهما الانتخابية.

ووفقا للحكومة، كان من الممكن توفير 15 مليار فرنك إفريقي، أي ما يزيد قليلا عن 25 مليون دولار، في حال تم إلغاء المؤسستين.

وتوجد السنغال في وضع غير مسبوق، حيث تتوفر المعارضة على الأغلبية بالجمعية الوطنية (البرلمان)، وذلك على حساب الرئيس والحكومة، مما يؤشر على تطورات سياسية مقبلة في البلاد للتعامل مع هذا الوضع.

رفض رئاسي

تفاعل الرئاسة السنغالية مع تصويت البرلمان لم يتأخر؛ حيث أصدرت بيانا قالت فيه إن "رفض البرلمان مشروع القانون القاضي بمراجعة الدستور يؤشر على قطيعة نواب الأغلبية العميقة مع التطلعات الشعبية التي تم التعبير عنها على نطاق واسع خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة".

وأضافت الرئاسة عبر صفحتها على "فيسبوك" في 3 سبتمبر 2024، أن "مشروع القانون المتعلق بتنقيح الدستور، تضمن توجيهات رئاسية تتعلق بترشيد الإنفاق العمومي، وتعتزم الحكومة تنفيذها في إطار مبدأ تحويل الحوكمة العمومية الوارد في المشروع".

وأكد البيان التزام الرئيس ديوماي فاي بالعمل من أجل "التعبير عن المواقف السياسية التعددية الضرورية لتوازن السلطات".

ويحتفظ ائتلاف بينو بوك ياكار، الذي تشكل حول الرئيس السابق ماكي سال، بأغلبية نسبية في الجمعية الوطنية المنتخبة عام 2022، رغم فقدان السلطة التنفيذية.

فيما خلق المشروع انقسامات ونقاشا بالبرلمان وكذا بين المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أشار البعض إلى أن المؤسستين اللتين يراد حلهما يرأسهما قريبان للرئيس السابق ماكي سال، فيما أشار البعض إلى أن السعي لحلهما هو أحد وعود الرئيس الانتخابية.

وتفاعلا مع هذه التطورات، وعد النائب المعارض عبده مبو بتقديم اقتراح بحجب الثقة لإسقاط حكومة عثمان سونكو.

فيما رد رئيس الحكومة سونكو، بقوله إنه يتعين على السلطة الجديدة حل البرلمان في الأيام المقبلة، ومحاسبة "العشرات" من الأشخاص باسم مكافحة الفساد.

وأضاف سونكو "أستطيع أن أؤكد لكم أنه لن يكون هناك أي اقتراح لحجب الثقة عن الحكومة، سيكون لدى هؤلاء الأشخاص أشياء أخرى ليفعلوها غير أن يكونوا نوابا"، وفق موقع "فوا أفريك" في 4 سبتمبر.

وأردف "النقاش حول المساءلة (...) سيبدأ الآن، هذا الأسبوع بالذات".

وأشار إلى أن حكومته تعتزم تقديم "السياسة العامة الجديدة" في سبتمبر، والتي تحمل رؤية عامة للسنوات الخمس والعشر القادمة، أي في أفق 2050، مشددا على عمل الحكومة على الترشيد والنزاهة كمبادئ أساسية لاستخدام المال العام. 

وقال سونكو: “لن نتسامح إطلاقا مع الفساد”.

وفي النظام السنغالي، يحتاج الرئيس ديوماي فاي ورئيس الوزراء سونكو إلى أغلبية برلمانية لتنفيذ السياسات الإصلاحية التي وعدوا بها، لكن الخلاف بين السلطة والمعارضة تعيق عمل الحكومة.

وبموجب الدستور، يمكن للرئيس حل المجلس، ولكن ليس قبل عامين تشريعيين. 

وذكرت الصحافة نقلا عن رأي المجلس الدستوري الذي استشاره من هم في السلطة أن الرئيس ديوماي فاي سيكون قادرا على اتخاذ إجراء بدءا من 12 سبتمبر 2024.

ولم يقم رئيس الوزراء السنغالي بعد بإلقاء خطاب السياسة العامة (البرنامج الحكومي) أمام الجمعية. 

من جانبه، أعلن ماكي سال حل ائتلاف بنو بوك ياكار الذي تولى السلطة منذ 12 عاما. 

وبرر الرئيس السنغالي السابق، في تصريح صحفي، هذا القرار بضرورة تعلم "دروس حكم صناديق الاقتراع"، في إشارة إلى الفشل المرير الذي مني به خلال الانتخابات الرئاسية.

وبحسب موقع "أفريكا نيوز"، في 3 سبتمبر 2024، أشار رئيس الدولة السابق إلى ضرورة التنظيم بشكل أفضل في مواجهة "تحديات اللحظة"، مما يعني الاستعداد للانتخابات التشريعية المرتقبة والتي يبدو أنها في أذهان الجميع.

وتوقعت الأحزاب الأعضاء في هذا الائتلاف، الاشتراكيون وجبهة التحرير الشعبية، هذا الحل، لأن حزب ماكي سال (حزب APR)، قد اتصل بالفعل بالليبراليين من أجل تحالف جديد، ولكن أيضا لأن سال يعيش حاليا في المغرب ولا يبدو مستعدا للعودة إلى السنغال.

تقييم الوضع

ويرى المحلل السياسي حميدو آن، أن "حل البرلمان السنغالي أصبح في الوقت الراهن مؤكدا بعد الانتكاسة التي تعرض لها الرئيس ديوماي فاي بالبرلمان".

وقال آن لـ"الاستقلال"، إن "معركة الحل ستصل إلى نهايتها، لأن الجميع على قناعة بأن رئيس الجمهورية سيحل البرلمان عندما يكون عمره عامين، أي في 12 سبتمبر".

في المقابل، يردف المتحدث ذاته، "ليس من المؤكد أن يفوز الحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية المبكرة التي ستعقبها قريبا".

ورأى أن المعارضة "تدفع ثمن إستراتيجيتها المتمثلة في عدم إقالة رئيس الحكومة لأنه رفض الإدلاء بإعلان سياسته العامة أمام مجلس النواب".

واسترسل: "لقد شعرت المعارضة وجزء كبير من السكان والمجتمع المدني أن هذا كان عدم احترام للبرلمان ونوابه.. وردا على ذلك، رفضت المعارضة التصويت على مشروع القانون، واتخذت قراراها بتحدي الحكومة".

وأضاف المحلل السياسي أنه "بعد أن تم إلقاء النرد حاليا، فمن الطبيعي أن يصدر مرسوم رئاسي في 13 سبتمبر بحل الجمعية الوطنية واستدعاء الناخبين إلى انتخابات تشريعية مبكرة. وأمام الحكومة ما بين 60 و90 يوما لتنظيمها، أي من منتصف نوفمبر/تشرين الثاني إلى منتصف ديسمبر/ كانون الأول".

ونبه آن إلى أن "لهذا الحل عواقب على التصويت على الميزانية وعلى نظام اختيار المرشحين"، مستدركا، "لكن تأثيره لن يكون كبيرا جدا من الناحية السياسية، بالنظر إلى أن الديمقراطية السنغالية أثبتت صلابة جذورها في 24 مارس الأخير (الانتخابات الرئاسية)".

وبالنسبة لتوازن القوى داخل البرلمان القادم، فإن حميدو آن يؤكد أنه ليس من السهل معرفة من سيفوز بالانتخابات، لكن عموما ستكون المعركة الانتخابية قوية بين جميع الأطراف، وسيقول الشعب كلمته الختامية، لأنه هو "الحكم الوحيد".

أما الخبير في التواصل والإعلام، حمادو تيديان سي، فيرى أن "الخلاف بين الطرفين ليس حول تعديل شامل للدستور، بل عن تعديل جزئي".

وأضاف تيديان سي لموقع "دويتشه فيله" في 3 سبتمبر 2024، أن الحكومة تدفع بأن هذه الهيئات ذات ميزانية كبيرة، وأنه يمكن استخدام تلك الموارد لغايات أخرى.

وأشار إلى أن "المعارضة رفضت التعديل لسببين، أولهما أنها تنتظر بيان السياسة العامة من رئيس الوزراء والذي لم يصدر بعد، وثانيهما، أن هذا الإصلاح يجب أن يتزامن مع وعود انتخابية أخرى لترشيد النفقات أو الميزانية".

واسترسل: "وقد أشارت المعارضة إلى صناديق معينة، لا سيما الصناديق السياسية لرئيسي الجمهورية والوزراء، مما يعني بحسبها أن خلفيات الدفع بحل المؤسستين هي خلفيات سياسية بالأساس".

وشدد تيديان سي، على أن "تقديم رئيس الجمهورية لمشروع قانون وأن يتم رفضه برلمانيا، يعني أن الديمقراطية تعمل، وأن هناك فصلا بين السلطات، وفي جميع الأحوال يمكن أن نقول إن هناك مؤسسات مختلفة، ولكل منها صلاحياتها الخاصة".