الخلاف المتصاعد بين فنزويلا وغويانا.. هل يتعلق الأمر بالموارد الطبيعية المكتشفة؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

في أزمة دولية جديدة، يواجه سكان العالم صراعا جيوسياسيا آخر، حيث يتجه رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو لضم جزء كبير من دولة غويانا المجاورة.

والخلاف بين الدولتين يتعلق بمنطقة إيسيكويبو التابعة لغويانا والتي تبلغ مساحتها 160 ألف كيلومتر مربع، وهي أكبر من مساحة إنجلترا.

كما أن المنطقة ذات كثافة سكانية منخفضة وتتميز بمساحات خضراء لا نهاية لها، وتتكون 85 بالمئة من مساحة غويانا من الغابات المطيرة.

كما يمكن العثور هناك على بعض من أكبر وأعلى الشلالات في العالم بأكمله.

مثيرة للاهتمام

وقالت صحيفة "تيليوبوليس" الألمانية إن "ما يجعل منطقة إيسيكويبو مثيرة للاهتمام للغاية هي الاكتشافات النفطية التي تمت في السنوات الأخيرة".

وكذلك أحدث اكتشاف نفطي الذي أحدث ضجة كبيرة، حيث عثرت شركة "إكسون موبيل" الأميركية، على احتياطيات كبيرة من النفط والغاز قبالة ساحل إيسيكويبو. 

ويُقدر إجمالي ما حصلت عليه الشركة 11 مليار برميل من النفط، بالإضافة إلى مواد خام أخرى ذات قيمة مثل الذهب والنحاس والماس والحديد والبوكسايت. 

وهذا يعني -في رأي الصحيفة- أن "الدولة الصغيرة في أميركا الجنوبية سيكون لديها احتياطيات أكبر من الدول النفطية المهمة، مثل الكويت أو الإمارات".

وبحسب ما ورد عن "تيليبوليس"، يؤدي اكتشاف الموارد هذا إلى تحويل غويانا إلى واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم.

وفي عام 2022، شهدت البلاد نموا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60 بالمئة تقريبا، ومن المتوقع أن يصل النمو إلى حوالي 25 بالمئة عام 2023.

وأكدت الصحيفة أن مطالبات الرئيس الفنزويلي "لا تشكل تطورا مفاجئا وغير متوقع، حيث تعود جذور الخلاف بين البلدين المتجاورين إلى التاريخ الاستعماري".

ولطالما عدت فنزويلا منطقة إيسيكويبو منطقة خاصة بها، علاوة على ذلك، يتعلم أطفال المدارس وفقا للخرائط التي تحدد مكان منطقة إيسيكويبو في فنزويلا، وليس في غويانا.

جدير بالذكر أن مساحة الإقليم تمثل ثلثي ولاية غويانا بأكملها.

وقالت الصحيفة إن  "مادورو يريد اتخاذ إجراء على الفور".

وأردفت: "فبعد استفتاء، وبعد يوم واحد فقط، أمر بمنح تراخيص التشغيل في المنطقة المتنازع عليها على الفور لشركة النفط الحكومية (PdVSA)".

تصويت فنزويلا

وقالت "تيليبوليس" إن "الدولة الصغيرة الواقعة في شمال أميركا الجنوبية معروفة لدى معظم الناس في الغرب من خلال مذبحة جونستاون عام 1978".

ففي ذلك الوقت، أمر زعيم الطائفة الكاريزمية جيم جونز بالانتحار الجماعي لأكثر من 900 من أتباعه.

ويُذكر أن عدد سكان غويانا أقل من 800 ألف نسمة، كما تُعد منطقة إيسيكويبو موطنا لحوالي 125 ألفا منهم.

وفي 10 ديسمبر/ كانون الأول 2023، دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى إجراء استفتاء، ليحدد ما إن كان الفنزويليون يشاركونه وجهة نظره تجاه إيسيكويبو.

لكن الصحيفة الألمانية لفتت إلى أن "مادورو ليس مهتما فقط بأن يكون على حق"، زاعمة أنه "يخطط لدمج إيسيكويبو في فنزويلا بوصفها دولة فيدرالية خاصة به، تحت اسم (غويانا-إسكويبا)".

وبشأن الاستفتاء، ذكرت الصحيفة أن المجلس الانتخابي الوطني أحصى حوالي 10.4 ملايين صوت.

كما أوضحت أن الاستفتاء تضمن خمسة أسئلة مختلفة، تم التصويت على كل منها على حدة. 

لكن الصحيفة لفتت إلى أن التصويت ليس ملزما قانونا وليس له أي تأثير على القانون الدولي. 

ونتيجة له، أفاد المركز الوطني الانتخابي أن نسبة الموافقة على خطط الرئيس مادورو بلغت حوالي 96 بالمئة، بالإضافة إلى نسبة مشاركة تزيد على 50 بالمئة من الناخبين. 

وعلقت الصحيفة على هذا المشهد قائلة إنه "من الضروري دائما النظر إلى نتائج الانتخابات في فنزويلا بحذر نظرا للتاريخ الحديث للبلاد".

في المقابل، صرح رئيس غويانا، عرفان علي، بأن تصرفات مادورو تمثل "تهديدا مباشرا" لبلاده.

وأشارت "تيليبوليس" إلى أنه قبل أيام قليلة من التصويت، حذرت محكمة العدل الدولية فنزويلا، وطالبتها بـ"الامتناع عن أي إجراء من شأنه أن يغير الوضع الحالي في الأراضي المتنازع عليها".

لكن نظام مادورو "لا يعترف بسلطة اتخاذ القرار في محكمة العدل الدولية"، وفقا للصحيفة الألمانية.

خلفيات استعمارية

وبالعودة إلى بدايات القرن التاسع عشر، قالت "تيليبوليس" إنه في عام 1811، عندما حررت فنزويلا نفسها من التاج الإسباني، كانت منطقة إيسيكويبو لا تزال تابعة لفنزويلا. 

ولكن بعد ثلاث سنوات، اشترت إنجلترا أراضي من هولندا، وهذا يثبت لاحقا -من وجهة نظر الصحيفة- وجود مشكلة لعدم وضوح الحدود الغربية بين أمستردام ولندن.

لذلك، في عام 1835، أرسلت الجمعية الجغرافية الملكية لبريطانيا العظمى المستكشف الألماني، روبرت شومبورجك، لرسم الحدود مع فنزويلا بوضوح.

وبحسب الصحيفة، اعترضت فنزويلا المستقلة على ترسيم الحدود، التي امتدت إلى الغرب أكثر فأكثر.

وتعتقد الصحيفة الألمانية أن "هذا ربما بسبب اكتشاف رواسب كبيرة من الذهب في ذلك الوقت".

وفي ذلك الوقت، تدخلت الولايات المتحدة ورفعت الأمر -بالتعاون مع إنجلترا- إلى محكمة تحكيم دولية في باريس عام 1899.

واتُّخذ القرار لصالح غويانا، التي كان من المقرر أن تظل تحت الحكم البريطاني حتى عام 1966.

وبعد عقود تبين أن قرار التحكيم "كان عبارة عن صفقة بين القضاة والحكومة الإنجليزية"، بحسب "تيليبوليس".

ولذلك، استأنفت الدولة الفنزويلية مطالبتها بالمطالبات الإقليمية ولم تعد تعترف بقرار 1899.

وقبل أشهر قليلة من استقلال غويانا، اعترفت بريطانيا رسميا بحق فنزويلا في المنطقة في اتفاقية جنيف لعام 1966.

ومنذ ذلك الحين كان من المفترض التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع، وهو ما لم يحدث بعد، وفق الصحيفة الألمانية.