ترامب وماسك.. تحالف مصيري يرسم ملامح السباق نحو البيت الأبيض
هناك بعد أعمق من مجرد المصالح بين ماسك وترامب
تتجاوز العلاقات بين المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية دونالد ترامب ومواطنه الملياردير إيلون ماسك الدعم المجرد لتجاوز مرحلة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
فقد تبادل الرجلان في 12 أغسطس/آب 2024، مجموعة من نظريات المؤامرة والأفكار اليمينية المتطرفة التي عرفا بها على مدار سنوات.
وعقد لقاء خاص على منصة "إكس"، تابعه نحو مليون شخص ودام قرابة ساعتين، بين ترامب وداعمه الثري الملياردير الأميركي إيلون ماسك.
وجدد ترامب وعده بتنفيذ “أكبر عملية ترحيل للمهاجرين في تاريخ الولايات المتحدة” حال انتخابه رئيسا.
وقد توقفا طويلا عند قضايا الهجرة بعدما شبه ترامب وماسك، المهاجرين غير النظاميين بـ "الزومبي".
كما نددا بما أطلقا عليه "الانقلاب" على الرئيس الأميركي جو بايدن بعد ترشيح نائبته كامالا هاريس عن الحزب الديمقراطي للوصول إلى البيت الأبيض.
بداية الدعم
وخلال المقابلة، تطرق ترامب لمحاولة اغتياله، وقال: "لو لم أحرك رأسي، لما كنت أتحدث إليك الآن يا ماسك".
فيما أسهب ماسك في الثناء على ترامب وشجاعته ورد فعله، وقال: "هناك بعض الشخصيات القوية.. وإذا لم يعتقدوا أن الرئيس الأميركي قوي، فسوف يفعلون ما يريدون فعله".
وكان الملياردير الأميركي قد أعلن دعمه لترامب، عقب محاولة اغتياله في 13 يوليو/ تموز 2024، أثناء إلقائه خطابا في تجمع انتخابي بـ “بنسلفانيا”.
وغرد ماسك وقتها: "أنا أؤيد الرئيس ترامب بالكامل وأتمنى له الشفاء العاجل". كما رأى بعد الحادث أنه يجب إقالة قائد جهاز الخدمة السرية على الفور.
وفوق ذلك تعهد بتخصيص حوالي 45 مليون دولار شهريا للجنة العمل السياسي العليا الجديدة، دعما منه لحملة ترشح ترامب.
وخلف إعلان ماسك تأييد الرئيس الأميركي السابق، تفاعلا واسعا بوصفه أمرا غير متوقع، نظرا لخلافات سابقة بينهما.
كما وصفت حملة "كامالا" هاريس"، ترامب وماسك عقب بث المحادثة بينهما بأنهما "رجلان ثريان مهووسان بذاتهما سيبيعان الطبقة المتوسطة".
وهو ما أثار تساؤلات عن أسباب التقارب والدعم الأخير بين الرجلين، وإلى أي مدى سيؤثر في نتيجة الانتخابات الأميركية؟
الأغنى والأقوى
وكان موقع "أكسيوس" الأميركي، قد كشف في 16 يوليو أن تأييد ماسك لترامب، سيكون له "تأثير حاسم" على إمبراطورية رئيس تسلا وسبيس إكس وإكس.
وذكر أن ماسك بصفته أغنى شخص في العالم، يتقرب من شخص قد يصبح أقوى شخص في العالم للمرة الثانية.
وعن أسباب الدعم المطلق الذي منحه إياه، أوضح "أكسيوس" أن مملكة ماسك بنيت في الأساس بدعم حكومي، ولديه مصلحة راسخة في الحفاظ على ذلك.
واستشهد بشركة تسلا التي حصلت على قرض فيدرالي حاسم في بداياتها للبقاء، وحتى تستطيع أن تسوق سياراتها الكهربائية، ووضعها على قائمة أكبر الشركات المؤهلة للحصول على إعفاءات ضريبية أميركية.
كما تستفيد منصة إكس من درع قانوني في شكل المادة 230 من قانون آداب الاتصالات التي تحمي شركات وسائل التواصل الاجتماعي من المسؤولية عن محتوى المستخدم.
كذلك أشار الموقع إلى أن دعم ماسك للرئيس السابق، يأتي مدفوعا برغبته في تخفيف الضغط الذي تفرضه عليه هيئة الأوراق المالية والبورصات بسبب تصريحاته المثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما قد يتحقق إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض.
تحولات العلاقة
وطرأت على العلاقة بين ماسك وترامب متغيرات متعددة على مر السنوات الماضية، وكانا قد تبادلا الانتقادات اللاذعة عبر الإنترنت خلال ولاية الأخير.
لكن المصالح المشتركة وضعت حدا للمناوشات القديمة، حيث أشاد ترامب- الذي كان متشككا في السيارات الكهربائية وتعهد سابقا بإلغاء الدعم الفيدرالي لها- بشركة تيسلا، التي يمتلكها ماسك.
وقال قبل فترة من المحادثة الأخيرة بينهما إنه ليس لديه خيار سوى دعم السيارات الكهربائية، وذلك من أجل الحصول على تأييد ماسك، وزاد على ذلك أنه وصف منتج تيسلا بـ "الرائع".
وعاد ترامب إلى إكس عام 2022 بعد أن اشتراه ماسك، حيث كانت صفحته قد أزيلت بعد وقت قصير من أعمال الشغب في مبنى الكابيتول يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021.
وهو ما حقق فائدة ضخمة للمرشح الرئاسي الجمهوري، بعد أن بدأ موجة من الإعلانات الانتخابية الضخمة على حسابه.
أفكار يمينية
لكن هناك بعدا أعمق من مجرد المصالح بين ماسك وترامب، يتعلق بأفكار وأيديولوجية يمينية يتبناها الملياردير الأميركي، ويرى فيها أن الرئيس السابق هو الرجل الأنسب لتحقيقها.
ففي 10 مارس/ آذار 2024، نشرت وكالة الأنباء الفرنسية أن توجهات ماسك ظلت لفترة طويلة غير قابلة للتعريف وفق القاموس السياسي التقليدي لكنها أصبحت حاليا يمينية متطرفة بشكل لا لبس فيه.
إذ يستخدم منصته "إكس" لإثارة قضايا تحتل الأولوية لدى شبكة "فوكس نيوز" المحافظة والحركات اليمينية المتطرفة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة ودول الغرب، مثل معاداة المهاجرين، وتبني نظرية تفوق العرق الأبيض.
وقالت الوكالة: إن أحدث مثال على ذلك، وتكرارا لنظرية مؤامرة تردد صداها في غرف الدردشة اليمينية المتطرفة، كتب ماسك أن الرئيس الأميركي جو بايدن يستقدم المهاجرين للحصول على أصواتهم، مما يؤسس "لأمر أسوأ بكثير من (هجمات) 11 سبتمبر" عام 2001.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أوردت في 12 أغسطس 2024، أنه منذ استحواذ ماسك على تويتر الذي أصبح “إكس” فيما بعد، انعطف سياسيا بشكل واضح نحو اليمين.
وذلك ليكسر الفكرة السائدة بأن سيليكون فالي (وادي السيليكون)، معقل صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة، هو حصن لليبراليين الأثرياء المدينين بالفضل للديمقراطيين.
وأضافت أنه خلال عام 2020، كانت حصة ترامب من الأصوات في سيليكون فالي أقل من 25 بالمئة، أما اليوم فيبدو أنها ارتفعت قليلا، خاصة مع الدعم القوي المقدم له من ماسك ومن "مافيا باي بال".
حجم التأثير
والتلاقي القوي بين ماسك وترامب، جعل كثيرا من المحللين السياسيين الأميركيين، يطرحون تساؤلات عن مدى تأثير هذه العلاقة على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
خاصة أن المستشارة السياسية الأميركية رينيه كار، قالت "إن إكس أصبحت منصة متحيزة للغاية تحمل رسالة منحازة للغاية، منذ استحواذ ماسك عليها".
وعلقت أن المقابلة بين ماسك وترامب اجتذبت الناخبين المناصرين له الذين أرادوا إظهار الدعم له عبر المتابعة والتبرعات في الوقت نفسه، والوفاء بوعود الحملة، التي شهدت أكبر ليلة لجمع التبرعات.
فبعد المقابلة، تمكنت حملة ترامب من جمع أكثر من 35 مليون دولار في تلك الليلة فقط.
وهو ما شدد عليه مدير برنامج الشؤون التشريعية في جامعة جورج واشنطن، "كيسي بورغات" الذي قال: "إن منصة إكس أصبحت فعالة بشكل لا يصدق، في دعم ترامب نحو الرئاسة".
وعلل ذلك بأنها “تصل مباشرة إلى نحو مليار شخص، يريدون الاستماع إلى هذا النوع المباشر من الرسائل”.
ويترجم ذلك بعدد كبير من المشاهدات والتبرعات، "لأن هؤلاء هم بالضبط نوع الأشخاص الذين أرادت حملة ترامب الوصول إليهم".
وقال بورغات إن نفوذ ماسك بين داعمي المرشحين، هو "الأكبر والأكثر تأثيرا"، لأنه "المالك الفعلي لمنصة ذات خوارزميات خاصة".
وأتبع: "لدينا حاليا شخص يؤيد بشكل كامل مرشحا رئاسيا، ويمكنه حرفيا من تغيير أدوات الرسالة الانتخابية التي تسمعها".
وأضاف: "ماسك لديه ملايين المتابعين، ويمكنه نشر المعلومات المضللة، كما يميل إلى فعل ذلك، ولا يمكن محاسبته، نظرا لغياب أي قيود تشريعية على وسائل التواصل".
المصادر
- How Elon Musk's empire changes with a second Trump term
- مقابلة بين دونالد ترامب وإيلون ماسك عبر منصة إكس سبقها هجوم إلكتروني وتابعها أكثر من مليون شخص
- كيف كانت محادثة دونالد ترامب وإيلون ماسك التي حضرها مليون متابع على إكس؟
- ماسك يتعهد بـ 45 مليون دولار شهريا لدعم ترامب
- هل يُؤثّر نفوذ ماسك على السباق الرئاسي الأميركي؟
- حصن الليبراليين.. هل يقود ماسك سيليكون فالي نحو اليمين؟