بعد سجن عمران خان.. هذه أبرز الأحزاب المتنافسة في انتخابات باكستان المقبلة

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

يتوجه ما يقرب من 130 مليون باكستاني في 8 فبراير/شباط 2024 إلى مكاتب الاقتراع لاختيار أعضاء جدد في البرلمان وتحديد الأغلبية التي ستحكم البلاد خلال السنوات القليلة المقبلة، وسط مناخ من التوتر على أصعدة مختلفة.

وبحسب معهد تحليل العلاقات الدولية الإيطالي تستعد البلاد "لواحدة من أصعب الانتخابات في العقود الأخيرة، نتيجة الاضطرابات السياسية وحالة عدم الاستقرار الاقتصادي، هذا إلى جانب الاحتكاكات المتواصلة مع الدول المجاورة".

عمران خان

أبرز الأحزاب الرئيسة التي ستتنافس للحصول على الأغلبية في البرلمان المقبل هي حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية بزعامة رئيس الوزراء السابق نواز شريف، وحزب الشعب الباكستاني بزعامة بيلاوال بوتو زرداري.

 بالإضافة إلى حركة "إنصاف" التي يبدو أنها في وضع غامض إلى حد ما، بحسب تعبير المعهد الإيطالي، خاصة بعد قرار منع زعيمها رئيس الوزراء السابق عمران خان من خوض الانتخابات بسبب إدانته بالفساد.

وقضت محكمة باكستانية، في 31 يناير/كانون الثاني 2024، بالسجن 14 عاما على عمران خان، وعقيلته بشرى بيبي لإدانتهما بـ"الفساد"، وذلك بعد يوم من الحكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة "إفشاء أسرار الدولة".


 

وجاءت إدانتهما بعد رفض خان الإفصاح عن تفاصيل الهدايا التي تلقاها خلال فترة توليه رئاسة الوزراء وتبرير ذلك بأنه باعها، بحسب الإعلام الباكستاني.

كما قضت المحكمة بمنع خان من ممارسة السياسة لمدة 10 أعوام، وذلك قبيل الانتخابات العامة المزمع إجراؤها في 8 فبراير 2024.

وخان، الذي أقيل عام 2022 بعد تصويت بحجب الثقة في البرلمان وسجن منذ أغسطس/آب 2023 بتهم فساد، حكم عليه وقتها بالمنع من الترشح لأي منصب سياسي مدة خمس سنوات.

كما تواجه حركة إنصاف، الحزب الذي ينتمي إليه خان، صعوبات أخرى "لا تقتصر على القمع الشديد الذي تعرضت له منذ إقالته واعتقال العديد من الأعضاء والناشطين".

 وإنما جردتها أيضا اللجنة الانتخابية من رمزها الانتخابي بسبب مزاعم انتهاكها القانون في الانتخابات الداخلية للحزب. 

وهذا يعني أن كل مرشحي الحركة سيجرى وصفهم بأنهم مستقلون ولكل منهم رمزه الخاص مما يجعل من الصعب على الناخبين التعرف عليهم ومنحهم أصواتهم. 

الرابطة والشعب

في الأثناء، عاد رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف إلى باكستان في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد حوالي أربع سنوات قضاها في المنفى بلندن. 

اعتقل الأخير في يوليو/تموز 2018 بعد أن أُطيح به من الحكم في عام 2017 وحكم عليه بالسجن 10 سنوات مع ابنته مريم نواز قبل أن يطلق سراحه بعد شهرين عندما علقت المحكمة الأحكام بانتظار حكم نهائي من المحكمة العليا فيما يتعلق بتهم فساد.

وفي ديسمبر/كانون الأول من نفس العام نفسه، أُعيد اعتقاله وحكم عليه بالسجن في قضايا فساد، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، سمح له بمغادرة البلاد لتلقي العلاج في لندن.

وقد شكلت عودته أخيرا مؤشرا على نيته الترشح للانتخابات والعودة إلى السلطة إلا أن هذا لم يكن ممكنا بسبب تهم الفساد المعلقة ضده.

 وصدر حكم من المحكمة الدستورية أبطل حكماً آخر وقضى بأنه لا يمكن استبعاد الساسة المدانين بجرائم أخلاقية من الحياة السياسية مدى الحياة.

وقد أثار هذا الحكم جدلا عميقا وشكوكا حول توقيت صدوره، أي قبل وقت قصير من الانتخابات، واحتمال أن يكون الهدف من ورائه إزالة العقبات أمام شريف للترشح.

ويقود حزب الشعب الباكستاني في هذا الموعد الانتخابي، بيلاوال بوتو زرداري، وزير الخارجية السابق والمنتمي إلى إحدى العائلات الأكثر نفوذا في السياسة الباكستانية. 

شغل جده ذو الفقار علي بوتو منصب الرئيس ثم رئيسا للوزراء حتى عام 1977 عندما أطيح به في الانقلاب العسكري للجنرال محمد ضياء الحق وأُعدم.

 وفي عام 2007 اغتيلت والدته بينظير بوتو، التي تولت رئاسة الوزراء مرتين بين الثمانينيات والتسعينيات، في حين شغل والده آصف علي زرداري منصب رئيس من عام 2008 إلى عام 2013.

يبلغ عمره 35 عاما وهو أصغر المرشحين ما جعله يروج لشخصه بكونه علامة على التغيير والتجديد مقارنة بالماضي وبأنه يشكل البديل الوحيد "للسياسة القديمة" التي هيمنت على باكستان في العقود الماضية. 

 وعلى وجه الخصوص، أكد نيته التركيز بشكل خاص على الشباب والأمن الاجتماعي ومكافحة تغير المناخ، فضلا عن الانتعاش الاقتصادي.

الوضع الاقتصادي

شكل الوضع الاقتصادي أحد المواضيع المحورية في الحملة الانتخابية لا سيما أن الحكومة المقبلة مطالبة بإخراج البلاد من حالة عدم الاستقرار الاقتصادي في ظل تراجع النمو إلى الصفر في عام 2023 مقارنة بـ 6 بالمئة في 2022. 

ويرجع ذلك إلى حد كبير لإخفاق الحكومة المؤقتة لأنور الحق كاكار، التي تولت السلطة خلفا لشهباز شريف (شقيق نواز) بعد حل البرلمان عام 2023، في خلق استقرار كافٍ لاقتصاد البلاد.

وقد انعكس التباطؤ الاقتصادي الملحوظ في ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 8 بالمئة مقارنة بما يزيد قليلا على 6 بالمئة في العام 2023.  


 

كما توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مبدئي مع باكستان للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار لتجنب التخلف عن سداد ديونها. 

وسيكون على الحكومة المقبلة التعامل مع اختلال ميزان المدفوعات وعائدات الضرائب، ومحاولة خفض الدين الوطني وكذلك معدلات البطالة والتضخم. 

وعليها أيضا إيلاء اهتمام كبير للسياسات الرامية إلى التخفيف من آثار تغير المناخ لا سيما أن البلاد واحدة من أكثر البلدان عرضة للخطر في العالم.

 كما أنها لا تزال تعاني من عواقب الفيضانات الكارثية التي وقعت عام 2022 وتسببت في أضرار تجاوزت 15 مليار دولار.

توترات مع الجيران

يرى المعهد الإيطالي أن الاحتكاكات المعتادة إلى حد ما مع الجيران لا تساعد على خلق مناخ مريح في باكستان. 

يذكر في هذا الإطار ما حدث قبل أسابيع قليلة بشن إيران هجمات على الأراضي الباكستانية ضد جماعة "جيش العدل" السنية، المتهمة بتنفيذ هجمات ضد طهران. 

وبعد أقل من يومين، ردت إسلام أباد بشن هجوم على الأراضي الإيرانية استهدف الحركات الانفصالية في إقليم بلوشستان.

وقد أثار هذا الرد القوي مخاوف من تصعيد التوترات بشكل خارج عن السيطرة ما قد يؤدي إلى اندلاع صراع بين البلدين. 

في الأيام التالية، هدفت سلسلة من المحادثات الثنائية إلى تهدئة التوترات لكنها تركت مسألة أمن الحدود دون حل.

أرجع المعهد الإيطالي رد الفعل الباكستاني إلى رغبة حكومة إسلام أباد في الظهور في موقع قوة، سواء في نظر إيران أو في أعين الدول المجاورة الأخرى مثل الهند وأفغانستان، وبأنها مستعدة للدفاع عن سيادتها الإقليمية. 

في  السياق نفسه، يشير إلى التوترات مع نيودلهي على طول الحدود بشأن مسألة إقليم كشمير المتنازع عليه أو مع كابول بسبب وجود جماعات مسلحة مثل حركة طالبان الباكستانية.

يأمل المعهد الإيطالي أن تشكل الانتخابات المقبلة خطوة أولى في طريق الديمقراطية رغم وجود عديد من العقبات التي سبق ذكرها، يضاف إليه تدخل الجيش المتواصل في شؤون الدولة. 

وأكد أن تحقيق ديمقراطية حقيقية من شأنه "إطلاق الإصلاحات السياسية الهيكلية الضرورية لتحقيق الاستقرار المؤسسي، وزرع الثقة في المواطنين والدائنين الدوليين من أجل التعافي الاقتصادي وحسن إدارة العلاقات مع البلدان المجاورة للحفاظ على السلام والأمن".