زاهر جبارين.. أستاذ يحيى عياش ووزير مالية حماس على قائمة الاغتيال الصهيونية
زاهر جبارين صاغ البيان الأول لحركة حماس في الضفة الغربية
أصبح القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس “زاهر جبارين” في دائرة الضوء أكثر من أي وقت مضى، بعد اغتيال إسرائيل عددا من زملائه وتقلده العديد من المهام الرئيسة.
وسلطت وسائل إعلام عبرية وأجنبية الضوء بشكل متزايد على جبارين أخيرا، ووصفته بـ"القوة الصاعدة"؛ لقيادته ملفات مهمة داخل الحركة.
وتحرض أوساط الاحتلال العبرية على اغتيال جبارين في خضم العدوان الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
من هو؟
جبارين من مواليد عام 1968 في قرية سلفيت شمال الضفة الغربية، درس الشريعة الإسلامية في جامعة النجاح بنابلس.
ومع تأسيس حماس عام 1987، انضم جبارين إلى الحركة ويعد من مؤسسي جناحها العسكري كتائب القسام.
وقالت صحيفة يسرائيل هيوم خلال تقرير في أغسطس/آب 2024، إن جبارين صاغ البيان الأول لحركة حماس بالضفة الغربية وأشرف على نشره وتوزيعه.
أثناء الانتفاضة الأولى في نفس العام وخلال دراسته الجامعية، جند عددا من الطلاب في صفوف حماس ضمن “فرق الرماية” وكان مسؤولاً عن توزيع المنشورات الخاصة بالحركة في الضفة الغربية.
وقال في مقابلة سابقة مع صحيفة فلسطين المحلية إن أحد أعمال المقاومة الأولى التي نفذها كانت رش كتابات مناهضة للاحتلال على الجدران.
وبعدما لوحظ نشاطه المقاوم، اعتقلته قوات الاحتلال إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 وما بعدها لكن أفرج عنه لاحقا.
وخلال الانتفاضة الأولى أصيب في ساقه اليسرى برصاصة خلال تبادل إطلاق النار مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد الإفراج، عاد جبارين إلى نشاطه لتتهمه أجهزة الأمن الإسرائيلية بالمسؤولية عن عدة عمليات عسكرية ضد تل أبيب في تسعينيات القرن الماضي.
وكان أبرزها اتهامه بأنه كان عضوا في مجموعة أسرت وقتلت ضابط الشرطة نيسيم تولدانو في ديسمبر/كانون الأول 1992. وعلى إثر ذلك، عاودت إسرائيل اعتقاله في 1993، وحُكم عليه بالسجن المؤبد (مدى الحياة) و35 عاما.
ويقول مسؤولون أمنيون إنه حتى عندما كان في السجن، حاول جبارين الشروع في هجمات. وخرج القيادي لاحقا في صفقة تبادل الأسرى مقابل إطلاق الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011، وأُبعد إلى خارج فلسطين.
وأوضح جبارين في المقابلة مع صحيفة فلسطين أنه من أجل شراء الأسلحة، باع أحد الشبان في مجموعته سيارته وباع آخر مجوهرات زوجته.
وكان أعظم إسهام لجبارين لحماس خلال هذه السنوات هو تجنيد يحيى عياش مهندس المتفجرات وأيقونة المقاومة خلال الانتفاضة الأولى الذي تعلم كيفية صنع العبوات الناسفة.
وقد عمل برفقة عياش على محاربة العملاء بالضفة الغربية، مثلما فعل رئيس المكتب السياسي الحالي لحركة حماس يحيى السنوار في غزة.
وفي السجن، درس جبارين اللغة العبرية وحصل على شهادة جامعية في العلوم السياسية وكان أحد أعضاء حماس المسؤولين عن رعاية الأسرى.
ترجم جبارين عددا من الكتب من العبرية إلى العربية كما بدأ بتأليف كتاب في السجن بعنوان “حكاية الدم في شرايين القسام” وصدر بعد عام من إطلاق سراحه في صفقة شاليط.
مناصب ومهام
بعد الإفراج عنه، استقر جبارين في تركيا، وسرعان ما عاد إلى النشاط المكثف في صفوف حماس ضمن أدوار قيادية متقدمة حيث يقسم وقته بينها وبين لبنان.
ومنذ ذلك الحين بدأ العمل برفقة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري الذي اغتالته إسرائيل مساء 2 يناير/ كانون الثاني 2023، في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.
وبمرور الوقت، أصبح جبارين قريبا من العاروري، حتى حصل أخيرا على لقب نائب زعيم حماس في الضفة الغربية عام 2021 وحتى 2025، حيث تجري الحركة انتخاباتها كل 4 سنوات.
لكن بعد اغتيال العاروري الذي كان مسؤولا عن إقليم الضفة الغربية في الحركة، خلف جبارين زميله الراحل في هذا المنصب.
وإلى جانب هذه المهمة، يعد القيادي زاهر جبارين أيضا مسؤولا عن ملف الأسرى داخل الحركة وهو عضو مكتب سياسي فيها.
وينظر إليه على أنه أحد كبار المسؤولين بحماس، حيث تتهمه سلطات الاحتلال بالقرب من إيران وأنه أحد جهات الاتصال الرئيسة مع فيلق القدس.
وتقول وسائل إعلام عبرية إن جبارين عزز خلال السنوات الأخيرة علاقات حماس مع إيران والتقى كبار أعضاء الحرس الثوري.
وبالتعاون مع العاروري، عمل على تشغيل عدد كبير من الخلايا المسلحة في جميع أنحاء الضفة الغربية، وفق الإعلام العبري.
وفي كلمة ألقاها جبارين، عقب اغتيال العاروري، قال: "ندعو أهلنا كافة في الضفة الغربية، من الفصائل كافة، إلى مواصلة الثورة".
وأكد مرارا خلال العدوان أنه “لن يكون هناك تبادل للأسرى، ما دامت الحرب مستمرة في غزة”.
ويعد جبارين من ضمن القيادات المشاركة في المفاوضات للتوصل إلى صفقة لإنهاء العدوان على غزة وتبادل الأسرى.
وفي إحدى خطاباته الأخيرة، وصف "الأسرى الفلسطينيين" في السجون الإسرائيلية بـ "أشعة الضوء"، وتعهد بالعمل من أجل إطلاق سراحهم.
وقال العاروري عن رفيقه جبارين سابقا إن "الأيام لم تضعف عزيمته، وهو مستمر إن شاء الله في استكمال رحلة الجهاد".
وتساءلت صحيفة يسرائيل هيوم بعد اغتيال إسرائيل صالح العاروري بالقول: هل يكون زاهر جبارين الهدف التالي؟
“وزير الخزانة”
وإلى جانب كل المهام السابقة، وصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية جبارين بـ"الممول الرئيس لعمليات حماس ضد إسرائيل".
وقالت الصحيفة في تقرير مطول نشرته في 4 يناير/كانون الثاني 2024 إن جبارين “يشرف على إمبراطورية مالية تقدر الولايات المتحدة الأميركية قيمتها بمئات الملايين من الدولارات”.
وتابعت: “عندما أدار جبارين خلية تابعة لحماس في الثمانينيات، اقترض أموالاً من والدته لشراء أسلحة، والآن هو الرئيس التنفيذي للحركة ويدير بحسب ما يقول مسؤولون أميركيون وإسرائيليون العلاقة المالية لحماس مع إيران، ويتعامل مع كيفية إيصال طهران الأموال إلى قطاع غزة”.
كما يدير مجموعة من الشركات التي توفر دخلاً سنوياً لحماس، إضافة إلى إدارته شبكة من المانحين من القطاع الخاص ورجال الأعمال الذين يستثمرون لصالح الحركة الإسلامية، وفق زعم الصحيفة.
وزعمت أن “تأثير الناشط البالغ من العمر 55 عاماً، على الشؤون المالية لحماس كبير للغاية، لدرجة أن المسؤولين الأمنيين الأميركيين والإسرائيليين الحاليين والسابقين يعتقدون أنه مكّن الحركة من دفع ثمن الأسلحة وأجور المسلحين لشن هجمات 7 أكتوبر”.
وبحسب ما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين أميركيين وإسرائيليين ومسؤولين ماليين فلسطينيين حاليين وسابقين، تحدى جبارين لسنوات العقوبات الغربية لاستخدام الأنظمة المالية في السعودية ولبنان والإمارات والسودان، وأخيرا تركيا لإنشاء شركات ونقل الأموال إلى غزة.
وتزعم أنه “تحت قيادة جبارين، يقع المكتب المالي لحماس في إسطنبول، حيث يمتلك حصصاً بشركات عدة، بما في ذلك أسهم في شركة عقارية مدرجة في البورصة التركية”.
ووفقا لمسؤولين أميركيين تابعوا التدفقات المالية، حافظ جبارين على علاقة حماس مع حزب الله اللبناني، من خلال العمل مع الصرافين هناك.
وبحسب تحقيق أجرته أجهزة الأمن الداخلي الإسرائيلية عام 2018 بعد اعتقال فلسطيني من الأراضي المحتلة عام 1948، فإن جبارين قدم مئات الآلاف من اليورو نقدًا لصالح ناشطي كتائب القسام في الضفة الغربية.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على جبارين عام 2019، وقالت لاحقاً إنه أصبح العقل المدبر وراء "شبكة مالية سمحت لحماس بجمع واستثمار وغسل مبالغ ضخمة من الأموال" من تركيا.
بدورها، وصفت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية جبارين بأنه “وزير خزانة ومالية حماس” و"مهندس إمبراطوريتها الاقتصادية".
وقالت في تقرير لها في 15 أغسطس 2024 نقلا عن مصادر استخباراتية إسرائيلية وأميركية إن جبارين هو الرجل المسؤول أكثر من غيره عن بناء القوة الاقتصادية لحماس مع عائدات سنوية تقدر بـ 750 مليون دولار، وهو ما سمح للحركة بتعزيز نفسها عسكريا، وبناء جيش ضخم.