تصاعد حظوظ ترامب في الانتخابات.. لماذا تثير الذعر والهلع بين الأميركيين؟

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

من المقرر إجراء انتخابات الرئاسة الأميركية 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وبينما صرح الرئيس الحالي جو بايدن أنه ينوي الترشح لولاية ثانية، يبدو أن أبرز منافسيه في الطرف الجمهوري هو الرئيس السابق دونالد ترامب.

وسلطت صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية الضوء على احتمالية فوز ترامب في الانتخابات الأميركية، مؤكدة أن "هذا الاحتمال يعرض الديمقراطية في الولايات المتحدة للخطر".

إرث "المهرج"

وقالت الصحيفة إن احتمال فوز ترامب، قبيل انتخابات سنة 2016، كان يثير موجة من السخرية. "كيف سيفوز هذا المهرج؟"؛ هكذا أجاب الكثيرون قبل دخول السباق الأساسي.

وحتى خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لتلك السنة، ظهر ترامب في أغلفة الصحف بأنف مهرج. 

وفي اللافتات الانتخابية الخاصة به، خاصة في مدينته نيويورك، بدا الرجل الذي حكم الولايات المتحدة لاحقا على أنه رجل فظ يفتقر إلى الكاريزما، يرفضه الأثرياء مثله. 

باختصار، كان خلال تلك الفترة غير قابل للتصور. وحتى في دائرته الانتخابية، كان من المعروف أنه، كما هو الحال في مناسبات أخرى عندما أعرب عن اهتماماته الرئاسية، كان يسعى فقط إلى الترويج لنفسه عبر الدعاية خلال هذه المناسبة الانتخابية.

وأشارت الصحيفة إلى أن فوز ترامب مثّل منعرجا على العديد من المستويات؛ حيث كانت له عواقب على عدة جبهات. 

في الحقيقة، لم يفز ترامب فقط بترشيح الحزب الجمهوري، ثم البيت الأبيض فحسب، بل كان فوزه بمثابة تغيير جذري في الاتجاه وكانت له تداعيات عالمية.

ونقلت الصحيفة أن إرث ترامب حاضر بقوة حول العالم: من جايير بولسونارو في البرازيل، وفيكتور أوربان في المجر، وخافيير مايلي في الأرجنتين، وخيرت فيلدرز في هولندا، وجيورجيا ميلوني في إيطاليا، وصولا إلى سانتياغو أباسكال في إسبانيا. 

في الحقيقة، هي بعض الأسماء التي ظهرت في أعقاب فوز ترامب والتي تفسر تأثيره على المشهد اليميني المتطرف الدولي.

لم يعد يثير الضحك

ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم الكارثة الانتخابية في نوفمبر 2020 ومحاولة الانقلاب في السادس من يناير/ كانون الثاني 2021، فإن الإجابة اليوم عن ذلك السؤال المطروح منذ سنة 2015، قُبيل أقل من سنة على انتخابات 2016، لم تعد تثير الضحك.

في الحقيقة، تثير هذه الأطروحة استياء الليبراليين، خاصة الناخبين المستقلين وعدد غير قليل من الجمهوريين المعتدلين، بسبب الدهشة من أن مرشحا بسلسلة من التهم الجنائية ولا يخفي أنه يريد أن يكون "ديكتاتورا"  قد أصبح المفضل بين الناخبين. 

وخلال هذه المناسبة الانتخابية، يملك ترامب فرصا قوية للفوز. وباستثناء وقوع حادث قضائي، وهو أمر غير مرجح على نحو متزايد بسبب التأخير المحتمل لمحاكماته، فإن لدى ترامب حظوظا للفوز في سنة 2024.

في الحقيقة، يتمثل خير دليل على ذلك في التفوق الكبير الذي يتمتع به على منافسيه الجمهوريين الرئيسين، نيكي هيلي ورون ديسانتيس، بحوالي خمسين نقطة قبل نصف شهر فقط من بدء مجالس أيوا الانتخابية. 

وتظهره أيضا استطلاعات الرأي في ولايات رئيسة على غرار ميشيغان أو أريزونا أو جورجيا أو ويسكونسن، أو نيفادا أو كارولاينا الشمالية أو بنسلفانيا، حيث يتفوق أمام الرئيس جو بايدن. 

وفي المواجهة المباشرة بين الاثنين على المستوى الوطني، يتفوق ترامب أو يتساوى مع خليفته. 

من ناحية أخرى، لدى بايدن أيضا العديد من الخيارات. يتحسن الاقتصاد أكثر فأكثر، كما تعد قضية الإجهاض جانبا يحتسب له، ويتوحد الخوف من المستبد ترامب.

وربما تكون استطلاعات الرأي سابقة لأوانها مثل تلك التي جرت في الفترة 2015-2016، حيث افتقر ترامب إلى الحظوظ في هذه المرحلة من الاستعداد الانتخابي وبعدها، أو في 2020 ضد الرئيس الحالي.

ذعر بالمجتمع

وأشارت إلى أن ظاهرة ترامب فاجأت العالم حينها، ولا تزال تفاجئ. فإلى جانب التشبث بأكذوبته الكبرى بأن الانتخابات سُرقت منه، فإنه لا يخفي حيله ويستخدم بشكل متزايد صور اليمين المتطرف الأوروبي في ثلاثينيات القرن العشرين.

وصرح في أحد خطاباته: "أعد بأننا سنقضي على الشيوعيين والماركسيين والفاشيين وبلطجية اليسار الراديكالي الذين يعيشون كالحشرات داخل حدود بلادنا". وقد أثارت هذه العبارات نوعا من الذعر لأنها أخذت من أدولف هتلر.

ومثلما يشير الباحثون، فإن الجانب الأكثر شيطانية في قدراته الاستبدادية يتمثل في طريقته في إظهار أحلك نواياه فجأة. 

وحاول صديقه شون هانيتي، نجم قناة فوكس، في إحدى المقابلات إقناع ترامب بالتراجع والانفصال عن صورته "البوتينية". لكنه جعله يخرج بوعده بأن يكون ديكتاتورا لفترة من الوقت. لقد شعر بالرضا الشديد لأنه كان يستخدم هذا التعبير في الأحداث السياسية.

أما الأمر الأكثر إثارة للقلق فيتمثل في ولاء ناخبيه أو المشرعين المحافظين، الذين يقللون من شأن غرائز ترامب الديكتاتورية. كما أن له القدرة على السيطرة على اللعبة بقبضة من حديد. ومن ليس معه، يصبح محكوما عليه بالنبذ.

وأشارت الصحيفة إلى أن امتلاك ترامب فرصا حقيقة للفوز بالانتخابات القادمة أمر أصبح يعيه الرأي العام الأميركي. كما أن الوعي بأن البلاد تتجه نحو الديكتاتورية مع ترامب أصبح حقيقة يقرّ بها العديد من الجهات التي لها وزنها في البلاد. 

وعلى رأسها، تبرز الجمهورية ليز تشيني، التي أعربت في كتابها الأخير، القسم والشرف، عن أسفها لأن "البلاد تسير نائمة نحو الدكتاتورية"؛ وترى أن المخدر اسمه ترامب. 

من جانبها، أكدت صحيفة الأتلانتيك في العديد من تقاريرها أن ولاية ثانية لترامب ستكون أسوأ من سابقتها. 

من جهته، أعرب المؤرخ روبرت كاجان عن دعوة صارمة أخرى للاهتمام والحاجة الملحة إلى التحرك في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست. 

وقال: "دعونا نتوقف عن رفع آمالنا ونواجه الواقع القاسي. هناك طريق واضح للديكتاتورية في الولايات المتحدة، وقد أصبح أقصر على نحو متزايد".

ونظرا للتشاؤم، فكّر كاجان مرة أخرى لوقف ترامب. واقترح نيكي هيلي كمرشحة لحزب ثالث. وهذا سيسمح للجمهوريين بالاعتماد على واحد منهم، وإضعاف ترامب.