تحايل روسيا على العقوبات الغربية.. كيف يفيد الصين؟
إمكانية تنفيذ "عمل" عسكري ضد تايوان تبدو أكثر تعقيدا بسبب العقبات الجغرافية
تمكنت روسيا من التحايل على العقوبات الغربية بفضل مساعدة ودعم بعض الدول مثل الصين والبرازيل والهند والإمارات، إذ تواصل جميعها التجارة مع موسكو.
وفي هذا الإطار، يطرح موقع "أتلانتيكو" عددا من الأسئلة؛ أهمها "كيف تتمكن روسيا من التغلب على العقوبات الدولية من خلال هذه التبادلات مع قوى معينة معادية للولايات المتحدة؟"
ويفند الموقع الفرنسي التدابير الاقتصادية الرئيسة التي تمكن دول عدم الانحياز من مد يد الغوث عبرها إلى الاقتصاد الروسي.
وتضم حركة عدم الانحياز، التي أسستها عام 1961 دول لم ترغب في التحالف مع الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، 120 عضوا حاليا، إلى جانب 17 دولة بصفة مراقب.
كما يحلل الموقع دور الصين في سياق العقوبات المطبقة على روسيا، موضحا كيف يمكن لبكين استغلال هذا الوضع لتشكيل تحالفات تجارية جديدة.
العقوبات الغربية
ويوضح الموقع الفرنسي أن "استخدام العملة الصينية في بعض التبادلات دفع البعض إلى توقع حدوث توترات دولية".
وبالفعل شهد العالم هذه التوترات منذ أن بدأت اتفاقيات "المبادلة" الأولى، خاصة مع البرازيل وجنوب إفريقيا، قبل أكثر من عشر سنوات.
وتابع: "والآن، أصبحت بعض العقود، مثل جزء من عقد الغاز مع روسيا، الموقع قبل ثلاث سنوات بعد ما يقرب من عشرين عاما من المفاوضات، مقومة مباشرة بالعملة الصينية".
وهو ما يتيح فرصة تجنب أي عقوبات أميركية تستند على "تجاوز الحدود الإقليمية" للدولار، والتي تسمح بالمقاضاة والعقوبات ضد الدول التي تستخدم العملة في معاملات تعدها الولايات المتحدة غير قانونية أو تعارض مصالحها.
وأما بالنسبة للتدابير الاقتصادية الرئيسة التي تمكنت دول عدم الانحياز، مثل الهند والبرازيل والإمارات، من التحايل عليها، يؤكد الموقع الفرنسي على أن "هذا التحايل ينتهي في نهاية المطاف بإفادة الاقتصاد الروسي في سياق تجارة روسيا مع هذه البلدان".
وفي المقابل، يتساءل: "هل يُعد الحظر على استيراد المواد الأولية من بين الإجراءات التي تتجاهلها دول عدم الانحياز؟ هل استوردت الصين والهند وسنغافورة وتركيا والإمارات المزيد من النفط من روسيا في عام 2022 مقارنة بعام 2021؟".
وفي هذا الصدد، يقول الموقع: "فيما يخص الصين، فقد زادت وارداتها للنفط الروسي بشكل كبير. وفي المجمل، زادت الواردات الصينية من روسيا بأكثر من الضعف -زيادة بنسبة 124 بالمئة- بين ديسمبر/كانون الأول 2020 ونفس الشهر من عام 2023".
جدير بالإشارة إلى أن هذه الزيادة تتعلق بمعظم المنتجات من روسيا، والتي تمثل المواد الخام الجزء الأكبر منها.
قضية تايوان
وبناء على ما ذُكر سابقا، يحلل موقع "أتلانتيكو" الفرنسي دور الصين في سياق العقوبات المطبقة على روسيا، متسائلا: "هل تستطيع بكين استغلال هذا الوضع لتشكيل تحالفات تجارية جديدة؟"
وهنا، يجد أنه "من المناسب التفريق بين الاتفاقيات التجارية التي انخرطت فيها الصين قبل الصراع -لا سيما الشراكة الاقتصادية للتعاون الإقليمي- والاتفاقيات المحددة التي قد تنجم عن الصراع الأوكراني".
وبشأن الشراكة الاقتصادية للتعاون الإقليمي، التي تضم 11 دولة، يوضح الموقع أنها "تسمح للصين، كعضو بكامل الصلاحيات ولكن ليس بصفة مهيمنة، بتخفيض التعريفات الجمركية تدريجيا".
وبالنسبة للاتفاقيات بعد الصراع، يقول الموقع الفرنسي إنه "حتى لو كانت حالة التجارة العالمية تتطور نتيجة للنزاع، فإن الصين تظل حذرة للغاية في استثمارها لهذا النزاع، وكذلك في استغلال العقوبات لتوقيع اتفاقيات مع الدول الواقعة عليها".
"وهي بذلك تسعى للظهور كعامل محتمل للتهدئة، مظهرة حيادا واضحا يمكن أن يتناقض مع الفرص الزائدة"، بحسب رأي الموقع.
وفي هذا السياق، ومع ضعف تأثير العقوبات الاقتصادية بسبب الالتفاف عبر دول أخرى، يحذر "أتلانتيكو" من أن "الصين تتشجع على المضي قدما في مشاريعها تجاه تايوان، متجاهلة شبح العقاب".
ومن المؤكد أنه "في السيناريوهات المحتملة بشأن المشاريع الصينية في تايوان، تُؤخذ في الحسبان المخاطر التي قد يتعرض لها الاقتصاد الصيني إذا ما اتخذت إجراءات تُدان من قبل حلفائها الرئيسين".
"ولكن العوامل الحقيقية التي تعيق نوايا الصين في تايوان هي ببساطة إستراتيجية ولوجستية وتقنية"، بحسب ما ذكره الموقع.
وفي هذا الصدد، يقول: "أولا وقبل كل شيء، فإن أي تأثير على وضع اقتصاد تايوان، نتيجة لأي عمل، سيكون له تأثير فوري على الاقتصاد الصيني الذي يرتبط بشكل كبير مع اقتصاد الجزيرة بما في ذلك في مجال التكنولوجيا".
علاوة على ذلك، يظهر الموقع أن إمكانية تنفيذ "عمل" عسكري ضد تايوان، بأي شكل من الأشكال، تبدو أكثر تعقيدا بسبب العقبات الجغرافية.
وفي هذا السياق، يُسلَّط الضوء على "مدى اختلاف معايير النزاع عبر مضيق تايوان، بغض النظر عن حسابات التدخل من قبل دول أخرى، عن تلك التي سادت في حالة الغزو الروسي في فبراير/ شباط 2022، أو حتى في التحركات الأولى ضد شبه جزيرة القرم أو دونباس".